5. كيفية التعامل مع الحالات غير الطبيعية (٢)
عند استرجاع قصة يقظة مين جاي يون في الرواية، لا يسعني إلا القول إنّ الوضع خطر… لا، بل هو شديد الخطورة.
في الرواية، التقت مين جاي يون بذلك المحتال في منتصف الفصل الدراسي الأول.
أي بعد أن تم تحريرها من المراقبة والملاحظة المكثفة، حينما قررت اغدراسيل أن تتولى أمرها، فانتقلت إلى الصف A وهناك التقيا.
عندما نظر المحتال إلى إحصاءات مين جاي يون، اكتشف أن ضعف ثقتها بنفسها هو السبب الوحيد الذي يجعل أرقامها متدنية، بينما قوتها الحقيقية أعلى بكثير.
وعندما رأى موهبتها، اقترب منها بلطف، مما جعلها تقع في حبّه.
لاحقًا، ومع رؤيتها للمنافسات القوية من باقي المرشحات كحبيبات، أصبحت تخشى أن يتخلى عنها المحتال ما دامت لا تزال ضعيفة.
وهكذا، ومع استمرار شعورها بعدم الأمان، انفجرت في فترة الامتحانات النصفية للفصل الدراسي الثاني، عندما حاولت إحدى الطالبات التي كان قد رفضها سابقًا، الاقتراب من المحتال.
وفي اللحظة ذاتها، فقدت السيطرة على قواها وانطلقت بكل عنف… واستيقظت كليًا.
المفارقة هي أن مين جاي يون، التي كانت تسعى لكبح لعنتها، لم تتمكن من السيطرة عليها بالكامل إلا بعدما استخدمت تلك اللعنة بأقصى طاقتها.
وها أنا الآن، أصبحتُ صديقتها في وقتٍ باتت فيه حالتها النفسية أكثر اضطرابًا وارتباطها المرضي بالعلاقات قد تفاقم.
نظرتُ إلى يد مين جاي يون التي أمسكت بجهازي وكأنها ستحطّمه، ثم التقت عينانا.
كراك. تشقّق على شاشة الجهاز.
“كنت فقط أتصفح بعض المواقع!”
“أوه… فهمت… هذا يطمئنني…”
بمعنى آخر، هذا الذي نراه الآن… مجرد البداية.
في الأوساط العامة، هناك مصطلح يُدعى “يانْديري”.
وهو يُطلق على من يرتكبون أفعالًا إجرامية بدافع الرغبة المتطرّفة في امتلاك من يحبّون. ومين جاي يون تحمل في داخلها مقومات هذه الـ”يانْديري”.
وفي الرواية، عندما تتقن لعنتها تمامًا، تستيقظ كـ”يانْديري” بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
فإذا رأت من تحبّه يتبادل المودّة مع فتاة أخرى، تبدأ بالقول أشياء من قبيل: “إن متنا معًا، فسنظل معًا إلى الأبد، أليس كذلك؟”… ثم تُطلق مهاراتها المجنونة.
…مرعب فعلًا.
على أي حال، سواء كان ذلك لأن شخصيتها قسمت آراء القرّاء بشكل كبير، أو لأن المؤلف لم يستطع التعامل معها، فقد بدأ حضور مين جاي يون في الرواية يخف تدريجيًا.
فبعد حدث يقظتها، استُخدمت في بعض المرات لإضفاء جو من الغيرة، ثم اختفت تدريجيًا، ليُقال عنها لاحقًا فقط: “تم إرسال مين جاي يون في مهمة إلى مكان ما” أو شيء من هذا القبيل.
وذلك الظهور الباهت بالضبط هو ما أطمح إليه.
ربما تتساءلين: ألم تُظهر مسارًا قويًا للغاية ليكون ذلك ممكنًا؟
كلا. في هذه الرواية المليئة بالمرشحات المحتملات كحبيبات، ستُنسى هذه البداية سريعًا كإحدى الطُعُم التي تظهر في البدايات فحسب.
أليست حالة مين جاي يون جليّة؟ رغم قوتها البارزة، تضاءلت حصتها من القصة بسرعة! أستطيع أنا أيضًا!
كنتُ أفكر في ذلك، حين شعرت بيدَي مين جاي يون تلامسان وجنتَيّ برفق.
“ناهيون؟”
آه… الآن ليس وقت التفكير بهذه الأشياء. ابتسمت لها.
“همم؟ ما الأمر؟”
ثم ربتُّ على رأسها برفق.
“لا شيء… فقط…”
نعم، أنا الآن…
أقدّم لها وسادة من فخذي.
وللتوضيح، هي من طلبت أن أربّت على رأسها.
تساءلت لبرهة كيف عليّ التعامل مع هذه الـ”يانْديري” الكامنة، التي تكتشف كل مرة أبدأ فيها بالتفكير في شيء آخر… ثم تخلّيت عن التفكير.
لا أدري…
ربما يجدر بي البحث لاحقًا عن أدوات حماية أكثر قوة يمكن شراؤها بنقاط “الميتا”.
مددتُ يدي لأربّت على مين جاي يون التي كانت تندسُّ في بطني. شعرها كان ناعمًا ولطيفًا الملمس فعلًا.
***
في تلك الليلة.
تصفّحت متجر نقاط الميتا.
سحر مين جاي يون يتأثر بشدة بمشاعرها.
والحقيقة أن طرف أصابعي بدأ يغمق لونه رغم ارتدائي لسوار الحماية، ما يعني أن لعنتها قد تجاوزت بالفعل المستوى E مع ازدياد تعلقها بي.
لذا، بات من الضروري أن أمتلك أداة أقوى للحماية.
ولكن بما أنني لا أملك مالًا كافيًا لشراء أدوات الحماية الأفضل، لم يكن أمامي سوى متجر نقاط الميتا.
مررت على مهارات الحماية المعروضة، لكنني تجاوزتها عمدًا.
ففي حال التقيت بالمحتال، سيكون ظهور أداة بشكل مفاجئ أكثر منطقية من اكتساب مهارة. على الأقل يمكنني التظاهر بأنني اشتريتها عن طريق الحظ بسعر زهيد.
لكن…
[خاتم مقدس – 3000 نقطة]
*يحمي من جميع الهجمات والمهارات ذات السمة المظلمة.
غالٍ. غالٍ بشكل فظيع.
…هل أتحمل الأمر بقوة الإرادة فقط؟
راودتني هذه الفكرة للحظة، لكنني اشتريته في النهاية من أجل الأمان.
[النقاط الحالية: 5520 نقطة]
أشعر وكأنني سأبكي. نقاطي…
على كل حال، بما أنني اشتريته، عليّ أن أستخدمه جيدًا. ارتديت الخاتم المقدس واستلقيت على السرير.
حسنًا… فماذا أفعل الآن بشأن مين جاي يون؟
أمامنا خياران.
الأول: ترك الأمور كما هي.
فبوجود الخاتم المقدس، تم حل مشكلة اللعنة. وإذا أردت، يمكنني فقط تحمل القليل من تعلقها بي، ثم أعود تدريجيًا إلى حياتي المعتادة.
لكن…
“شخص مثلي لا يستحق الحياة…”
أحد إخوتي في دار الأيتام، والذي كنتُ أعتز به كثيرًا، أظهر أعراضًا مشابهة.
وصورته لا تفارق مخيلتي، مما يمنعني من اتخاذ قرار قاطع بترك مين جاي يون.
…الخيار الثاني، هو مساعدتها على التحكم الكامل في قدراتها.
مين جاي يون تفتقر للثقة بالنفس، مما يمنعها من إظهار إمكاناتها الحقيقية. وهذا يعني أن علاج هذا الجانب وحده سيجعلها قوة لا يُستهان بها.
وقد انحرفت أحداث الرواية واللعبة الأصلية عن مسارها بالفعل، فلا أحد يستطيع الآن الاعتراض على تدخّلي.
والحصول على حليف قوي جديد دائمًا ما يكون موضع ترحيب.
لكن ليس هذا هو السبب الوحيد…
جلستُ على مكتبي، بعد أن نهضت من السرير.
‘أنا سعيدة جدًا!’
لا يزال صوتها المبتهج يرنّ في أذني.
ولهذا، رغم علمي بجوانبها الخطرة وتعلقها المفرط، فإن قلبي لا يكفّ عن الرغبة في البقاء إلى جوارها.
وما دام قلبي كذلك، فأنا لا أريد أن أندم.
ينبغي أن أساعدها على الاستيقاظ، وأن أعيد تعريف علاقتنا.
لا يمكن لعلاقة تقوم على اعتماد طرف واحد كليًا على الآخر أن تستمر إلى الأبد.
فأنا لا يمكنني أن أبقى مقيّدة بمين جاي يون وحدها. وسيأتي يوم تنهار فيه هذه العلاقة لا محالة.
لذلك، ما يمكنني تقديمه لها هو علاقة صداقة، نُسند فيها بعضنا البعض. يجب أن أُعلن ذلك بوضوح وأُعيد ترتيب الأمور.
لمستُ جهازي المتشقّق بسبب قبضتها القوية، ثم أخرجتُ إحدى الاستمارات.
طريقة إيقاظ مين جاي يون؟
[طلب مقابلة]
سأُفجّر غيرتها… تمامًا كما حدث في الرواية.
***
في صباح اليوم التالي.
بدت ملامح الارتباك واضحة تمامًا على وجه مين جاي يون.
“أ… أهه…”
“همم! ممتاز! لديكِ موهبة بالفعل!”
فمن الطبيعي أن تصاب بالدهشة، حين يظهر صائد أسطوري فجأة، ويمسك يدها ويكيل لها المديح.
وبينما كانت عيناها تدوران من الدهشة، توجهت أنظار اغدراسيل نحوي، وقد كنتُ محاطة بحراس المراقبة وأنا أدخل إلى المدرسة.
“لقد أتيتِ، إذن؟”
مدّت إغدراسيل جهازًا جديدًا نحوي. يبدو أنها جاءت لتسليمي الطلب الجديد الذي قدّمته، بما أنها جاءت لزيارتي.
“إن كنتِ مستعدة، فلنذهب إذًا!”
قالت ذلك وهي تمسك بذراعي وتبدأ بسحبي. لكن في تلك اللحظة، أمسكت مين جاي يون بذراعي الأخرى على الفور.
“ناهـيون، أ… إلى أين تذهبين…؟”
“عائلتي جاءت لرؤيتي، سأذهب لرؤيتهم للحظة فقط.”
بمجرد أن قلت ذلك، ارتسمت على وجه مين جاي يون علامات القلق.
وجهه البريء كالحمل بات على وشك البكاء، فشعرت بوخزة ضمير، لكن لا يمكنني الاستمرار إلى الأبد في تدليلها.
نزعت يدها برفق وقلت.
“سأعود سريعًا.”
“…..”
شعرت بحرارة نظراتها على ظهري.
وبعد قليل، وصلنا إلى غرفة اللقاءات.
قبل أن ندخل الغرفة، قامت إيغدراسيل بطرد كل الحراس الذين كانوا في الداخل، وتطوعت لتأدية دور الحراسة بنفسها.
وما إن خرجوا، حتى سُمع صوت اهتزاز الكرسي من الداخل.
“ناهـيون!”
هؤلاء الأوغاد… يتعاملون حتى مع طلاب الأكادمية وكأنهم مجرمون حقيقيون.
شعرت بذلك مجددًا وأنا أحدق في الزجاج الفاصل بيني وبين معلمتي.
“هل أُصبتِ؟”
“لا. أنا بخير. هل الأطفال بخير أيضًا؟”
“نعم. لقد ساعدتنا السيدة إيغدراسيل كثيرًا. حتى أنها أبطلت غسيل الدماغ…”
لحسن الحظ، يبدو أن إيغدراسيل أزالت كل آثار غسيل الدماغ الذي فرضه تورنيتو على أفراد دار الأيتام.
المعلمة هزّت رأسها بتعب، وكأنها تتذكر لحظة مرعبة، لكنها بدت مطمئنة إلى حد ما، مما يعني أن أحدًا من الأطفال لم يتعرض لأذى بالغ. وهذا أراحني.
تحدثت مع المعلمة عما حدث خلال فترة غيابنا عن بعض.
وفي خضم الحديث، طُرحت مسألة جراحة كانغ يو.
“أوه، صحيح، كانغ يو… سنُجري لها عملية لمنع التفعيل هذا الشتاء.”
توقفت للحظة.
كانغ يو، أختي الصغيرة في دار الأيتام، تعاني من مرض يُدعى “فرط التفعيل”.
في حالة الهجناء من الأعراق المختلفة، قد يولد الطفل وهو يملك قدرة مفعّلة بشكل فطري، لكن إذا كانت هذه القدرة قوية جدًا، قد لا يحتملها جسده، ويُعرف هذا بمرض “فرط التفعيل”.
“…إذا خضعت للعملية، فلن تتمكن من أن تصبح صيادة، أليس كذلك؟”
العلاج الشائع لفرط التفعيل هو زرع جهاز داخل الجسد يعيق عمل القدرة تلقائيًا.
وبما أن هذا يمنع التفعيل من الأساس، فمن البديهي ألا يتمكن صاحبه من أن يصبح صائدًا.
تذكرت كيف كانت كانغ يو تحدّق بالصائدين بعيون متألقة، بل وحتى حين كنت أرتدي زي الأكاديمية.
“صحيح. لكن أظن أن البقاء على قيد الحياة أولًا هو الأهم.”
ابتسمت المعلمة ابتسامة حزينة.
نظرتُ بصمت من خلال إحدى النوافذ.
الإكسير.
علاج أسطوري لا يُعرف سوى في القصص، يقال إنه يشفي كل شيء.
ثم…
[إكسير – 10000 نقطة]
علاج ربما لن يَسلب كانغ يو حلمها في أن تصبح صيادة، وهو في متناول يدي إن مددتُها فقط.
[إكسير – 10000 نقطة]
ربما يمكنني إنقاذ حلم كانغ يو، إن تمكنت من الحصول عليه.
تأملت ذلك السطر بصمت.
“معلمتي…”
“ما الأمر؟”
“لا، لا شيء.”
ليس الوقت مناسبًا للحديث عن هذا الآن. إن حصلتُ عليه، عندها سأخبرها.
“فقط… هل يمكن أن تعانقيني بشدة؟ لقد مضى وقت طويل.”
“ههه. بكل سرور.”
نظرت المعلمة إلى إيغدراسيل وكأنها تطلب الإذن، فلوّحت إيغدراسيل بإشارة موافقة حماسية…
ثم قالت.
“هووب!”
تحطّم!
وحطمت الزجاج الفاصل بكل بساطة!
…يا لها من حماسة فعلًا.
لكن المعلمة لم تبدُ مصدومة، بل ضحكت بخفة، ثم اقتربت مني من دون أي تردد، واحتضنتني بقوة.
كان حضن المعلمة دافئًا، ولم اشعر به منذ مدة طويلة، فشعرتُ أنني أهدأ داخليًا، ورددتُ العناق.
“شكرًا لكِ.”
“لا شكر على واجب.”
وبينما أنظر إلى ملامحها الهادئة، عزمتُ على أن أكون أقوى.
من أجلها، ومن أجل عائلتنا.
وبعد قليل، خرجت المعلمة من الباب الآخر بإرشاد من إيغدراسيل، وكان دوري في مغادرة غرفة اللقاءات قد حان.
لكن ما إن خرجت، أدركت فورًا أن هذا ليس الوقت المناسب لأي أفكار أخرى.
“نا… ناهيون… أنـتِ… تتركينني؟ هل… ستذهبين لعائلتك وتتركيني وحدي؟”
لأن مين جاي يون كان قد لحقت بي بصمت، وهي الآن تحدّق بي بعينين ميّتتين، ويسيل من جسدها سحر أسود بكثافة!
التعليقات لهذا الفصل " 53"