4. كيفية التأقلم مع بيئة جديدة (١)
وضعتُ رأسي بين يديّ وأنا أفكر في التحول التام الذي طرأ على تصرفات المحتال.
ليته تركني أشتمه كما كنت أفعل من قبل! كان ذلك أكثر راحة! الوضع مزعج للغاية الآن!
ثم إن قضية بارك يورا قد تولت أمرها لي هانا، فلا تحاول التلميح إليها مجددًا.
توقف عن إزعاجي بأسئلتك المبطنة مثل
“ألم تشعري بالنعاس وأنت تساعدين في التجربة؟” أو “إن لاحظتِ شيئًا غريبًا فقولي لي”.
سأتجنن من كثرة الإزعاج. تركتني أتعامل مع الأمر رغم معرفتك بحدوث مشكلة، ثم تسأل “ماذا حدث؟” !
على أية حال…
الجانب المشرق هو أن الحالة الغريبة التي يمر بها المحتال قد تتيح لي كسب الكثير من النقاط ما دمت أتحمل الضغط جيدًا.
وإذا جمعت كمية كافية من نقاط الميتا، فسأتمكن من شراء ذلك المنتج الذي رأيته في متجر نظام الميتا… “الإكسير”.
… لأن أحد أطفال ميتمنا يعاني من مشكلة فطرية في القدرات، ويحتاج إلى علاج بشدة.
ذلك الطفل لم يُصنّف حتى على أنه في حالة غير طبيعية، لذلك لم تنجح معه حتى أدوات إزالة الحالات السلبية.
وكان عليه أن يعيش متحملًا الألم طوال الوقت.
لكن، إن كان “الإكسير” حقًا عنصر العلاج الأسطوري، فربما يتمكن من علاجه.
المشكلة أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تحطيم خطتي الأصلية التي كنت أهدف فيها إلى الخروج من القصة تدريجيًا في منتصف الأحداث.
ولا يمكنني التدخل بشكل مصطنع أيضًا. لا يمكنني التضحية بعضو من نادينا واستبداله بي لأتخلص من مركزي، فقط لأجعل المحتال ينشغل بغيري. لدي بعض الضمير على الأقل.
لا مفر من اصطحابه معي…
في الوقت الحالي، سأستمر بجمع النقاط قدر الإمكان مع المحافظة على الوضع القائم، ثم أنتظر حتى تقع إحدى البطلات الكثر اللاتي سيظهرن لاحقًا في غرام المحتال بشكل طبيعي.
بعد ذلك، أُوجّه القصة نحو كونها “البطلة المؤلمة التي تساعد في حب صديقتها بينما تتخلى عن حبها من طرف واحد”، بهذه الطريقة سأخرج بسلاسة.
حسنًا، هذه الخطة جيدة. … أليس كذلك؟
رغم أنني شعرت بنذير شؤم من أعماق قلبي، حاولت تهدئة نفسي بكل ما أملك من جهد.
آه، وبالمناسبة، بعد أن تم حل حدث الهجوم أثناء الامتحانات النصفية، سرعان ما انتشر الخبر، وعمّت الفوضى.
بوابة مفاجئة تظهر في أكاديمية تقع ضمن منطقة آمنة؟ من يصدق هذا الكلام؟
كان وقع الصدمة على الناس كافيًا تمامًا.
وبالفعل، انخفضت أسعار العقارات المحيطة بالأكاديمية فجأة، وظهرت آراء تطالب بنقل الأكاديمية إلى مكان أكثر أمانًا.
وحتى الآن، لم تتمكن الأكاديمية من تهدئة هذا الرأي العام. يبدو أن استعادة الثقة المهدومة ما زالت بعيدة المنال.
من المرجّح أن تلك الجماعة نفّذت الهجوم المفاجئ لخلق هذه الفوضى تحديدًا.
وهناك شيء آخر يثير قلقي…
ذلك الشخص الذي لفّ جسده بالكامل برداء وأخفى صوته.
ذلك الشخص لم يكن من الشخصيات الأصلية في الرواية.
ظهر فجأة، وتحدث عن “اللاعب” و”المرة الثانية”، وأبدى كراهية شديدة وغير مفهومة تجاه المحتال، بل حاول القضاء عليه دون تردد.
… بل وكان يعرف بوجود المحتال في هذه المرحلة من القصة؟
هل يعرف شيئًا؟
إذا افترضنا أن الأمر يتعلق بتكرار اللعب، فهل يمكن أن يكون المحتال يخوض الجولة الثانية من اللعبة؟
فكرت في الأمر مليًّا، ووصلت إلى ما يُعرف بالتطور “الميتا” — مثل تلك الشخصيات في الألعاب التي تتذكر أحداث الجولات السابقة.
لو كان كذلك، فإن ذلك الشخص يشكل متغيرًا خطيرًا للغاية.
خصوصًا وأنه يبدو منتميًا إلى تلك الجماعة التي سببت الهجوم أثناء الامتحانات النصفية…
لا، التفكير بهذا الشكل لن يغير شيئًا الآن. فلأتجاوز الأمر مؤقتًا.
تجاهلت تلك الأفكار المعقدة، واكتفيت بملامسة دفتر الحساب البنكي الذي طُبعت فيه مكافأة الثمانية مليارات وون بعد قتلي للوحوش في صالة الألعاب الرياضية.
تبرعت بنصف المبلغ لميتمنا. لا بد أن حالهم سيتحسن بهذا. شعرت بالسعادة.
وبعد بضعة أيام، ظهرت نتائج الامتحانات النصفية.
ووفقًا للنتائج، أُعيد توزيع الطلاب في فصول جديدة.
ومنذ أن أصبحت في فريق مختلف عن نا يوري، بدأ بريق عينيها يخفت تدريجيًا، حتى جاءت تمشي متعثرة نحونا.
بسبب أوامر والدتها، اضطرت نا يوري إلى الاستمرار في مرافقة أولئك الأشخاص حتى بعد الامتحان النصف.
لذا، قلّ وقتها معنا. لقد مر وقت طويل منذ أن التقينا.
عانقتني نا يوري بقوة، فربتّ على ظهرها بصمت. لقد عانت كثيرًا.
نا يوري أمسكت بيدي بإحكام، وكأنها لا تريد أن تتركني.
وحين لاحظت أن المحتال لا يتوقف عن التحديق في يدينا المتشابكتين، مددت يدي له أيضًا وأمسكت بها كمجاملة.
وبينما كنا نمشي نحن الثلاثة معًا، رأتنا تشوي سوجونغ، فأمسكت باليد الأخرى لنا يوري، ثم أتت لي هانا بدورها وأمسكت بيد تشوي سوجونغ الأخرى دون أن تنبس بكلمة.
وأخيرًا، ظهر دمدم، الذي أطلق علامة استفهام بصمت، ثم انضم إلينا وأمسك بيد لي هانا.
… لم تكن هناك حاجة لكل هذا.
وهكذا، كنا جميعًا نسير جنبًا إلى جنب وأيدينا متشابكة، متجهين نحو لوحة إعلان توزيع الفصول.
وبسبب هذا المنظر اللافت للنظر، انقسمت الجموع من حولنا. يا للحرج، يا رفاق.
لم أستطع إخفاء وجهي المحمّر، فأسرعت الخطى إلى اللوحة.
جميع أعضاء نادينا وُضعوا في الفصل A.
أما بالنسبة لفريقنا، فربما تم أخذ أدائنا في صالة الألعاب الرياضية بعين الاعتبار.
أشرقت ملامح نا يوري والمحتال بوضوح. وهما بهذا الشكل يبدوان متشابهين… لا عجب، فهما (أشقاء بيولوجيون) في النهاية.
وبعد أن تأكدنا من الفصل، تابعنا طريقنا ونحن لا نزال نمسك بأيدي بعضنا. كفى، حرروا أيديكم قليلًا.
بمجرد أن دخلنا الفصل، شعرت بنظرة حادة تلاحقني.
التفتُ نحو مصدرها، فإذا بفتاة ذات شعر وردي ملفوف كالكرواسون تحدّق بي بشراسة.
آه، إنها تلك الفتاة التي جندت نا يوري في الفريق الآخر.
وكانت تحدّق خاصةً في يد نا يوري المتشابكة مع يدي.
… لماذا تنظر هكذا؟
وما إن خطرت في بالي تلك التساؤلات، حتى اقتربت الفتاة ووجهت ضربة خفيفة على يدينا المتشابكتين.
فتفرّقت أيدينا.
نا يوري، لما ذلك الوجه المصدوم؟ إلى متى كنتِ تنوين الاستمرار بإمساكِ يدي؟
الفتاة ذات الشعر الملفوف كانت تغلي من الغيظ وهي تشير إليّ بأصبعها.
“شخص مثلكِ لا يليق به مرافقة الآنسة يوري! لن أعترف بكِ أبدًا!”
وعند سماع صراخها الهستيري، تمتم المحتال بصوت خافت كأنه يتحدث إلى نفسه:
“أنتِ كما كنتِ دائمًا… شين باران.”
حينها فقط تذكّرت من تكون. شين باران. كانت واحدة من البطلات.
في الرواية الأصلية، كانت شين باران فتاةً من عائلة ثرية تتبع نا يوري وتُعجب بها، لكنها تبدأ في الشعور بالغيرة من المحتال، الذي لا تتوقف نا يوري عن الاهتمام به، فتنشب بينهما الكثير من المشاحنات.
ومع الوقت، كانت تُهزم أمام لسان المحتال وبلاغته، فتغتاظ أكثر فأكثر، لكنها تبدأ في الوقوع في حبّه تدريجيًا.
كانت تُعدّ إحدى البطلات، لكنها لم تكن تحظى بشعبية كبيرة.
الكل كان يصفها بالمتغطرسة، ويطالب بإزاحتها من القصة سريعًا.
لكن، في نظري، كان ذلك مجرد تعبير بريء عن حماس المراهقة، يمكن تقبّله.
وربما بسبب ذلك الرأي العام، اختفت تدريجيًا من مركز القصة.
ولهذا لم أتمكن من تذكّرها فورًا.
لكن، الآن بعد أن فكرت بالأمر…
“آه! أليست تلك التي حضرت مقابلة نادينا سابقًا؟”
ألم تأتِ هذه الفتاة لإجراء مقابلة الانضمام للنادي؟
“أ-أنا لم أفعل! أنا في نادي مناقشة الكتب!”
أنكرت وهي تحمرّ خجلًا، رغم أنها أنكرت علاقتها بنادينا، إلا أن وجهها لم يستطع إخفاء الحقيقة.
واضح أنها صادقة، أو بالأحرى شفافة في مشاعرها.
يبدو أنها كانت تحاول الانضمام إلى نادينا لأنها سمعت أن نا يوري ستنضم إليه.
“ع-على أي حال! ابتعدي عن الآنسة يوري!”
لكن، لمَ كل هذا الغضب الموجّه نحوي؟
لم لا تذهب وتصبّ غضبها على المحتال بدلًا مني؟
…في الواقع، لستُ غافلة عن السبب. لقد قالتها بصراحة من قبل.
“حتى لولم تعترفي بي، أنا صديقة يوري.”
“أغغغ…! مزعجة جدًا!”
من الواضح أنها تغار.
نا يوري ترى إعجاب شين باران بها شيئًا يثقل كاهلها، وتحاول إبقاء مسافة بينهما.
أما شين باران، فهي مغرمة بها إلى حدّ أنها تحاول استخدام نفوذ عائلتها للتقرّب منها.
لو أن إعجابها ظل في حدود المعقول، لربما أصبحتا صديقتين حقيقيتين…
نظرتُ بخفة إلى نا يوري.
كانت عيناها قد استعادت بعضًا من بريقها عندما كانت تمسك بيدي، لكنها ما لبثت أن فترت مجددًا.
…لا، لا يمكن الاستمرار بهذا الشكل.
كل ما أشعر به حيال مشاعر شين باران من طرف واحد هو الأسى فقط.
ربما ارتسمت هذه المشاعر على وجهي دون أن أنتبه؟
“أنا… أنا لا يمكنني القبول بهذا—!”
صرخت شين باران بحرقة وهي تندفع خارجة من الفصل.
صوت خطواتها كان نابضًا بالحياة، وكأنها تفرغ غضبها على الأرض.
رغم كل شيء، هي فتاة مجتهدة، لذا لا شك أنها ستعود قبل بدء الحصة.
أما أنا، فقد أمسكت بيد المحتال، الذي لم يكن ينوي تركها، وسحبته معي نحو المقاعد الخلفية.
كان يتبعني كالفرخ الصغير، خطوة بخطوة.
وحتى بعدما جلسنا جنبًا إلى جنب، ظل ممسكًا بيدي بإحكام.
ما خطبك مؤخرًا يا هذا…؟
شعرت بالصداع يعود لي، فوضعت يدي الأخرى على رأسي.
عندها ناولتني لي هانا حبة مسكّن بصمت وبوجه قلق.
تلقيتها بامتنان، شكرًا جزيلاً.
بعد هذا الصباح الصاخب، بدأ وقت الطابور الصباحي.
وبالمناسبة، عادت شين باران إلى الصف وهي تجرّ خطواتها قبل الطابور بلحظات، وجلست في مقعدها، لا تزال تحدّق بي.
يا لها من طاقة!
وعندما بدأ الطابور أخيرًا، تركني المحتال أخيرًا، فضممتُ يدي وكأنني أستعيد شيئًا ثمينًا، وبدأت أتحدث معه قليلًا.
ثم فجأة—
دفع!
انفتح باب الصف بقوة، واقتحمته قدم صغيرة بحزم!
دخلت فتاة صغيرة، تمشي بخطى واثقة داخل الفصل وهي تقول بصوتٍ عالٍ:
“مرحبًا، أيُّها الصغار!”
التعليقات لهذا الفصل " 39"