3. كيفية الاستعداد للامتحان (١٣)
بدأت لي هانا في التراجع خطوة إلى الوراء، وهي تطلق رماح الجليد في كل الاتجاهات، قبل أن تبدأ في تجميع طاقتها السحرية.
الطاقة الباردة واللاذعة التي كانت تتجمع حولها حوّلت صالة الألعاب إلى ساحة متجمدة.
وأثناء تجميعها للطاقة، لم يكن بإمكانها الهجوم بنشاط، لذا تولّيت أنا مهمة قنص نوى الوحوش التي كانت تندفع نحو لي هانا.
“ووووووووو—!”
“كييييييك—!”
لكن مع تدفّق الوحوش بشكل متزايد، بدأ الخط الدفاعي يهتزّ بشكل خطير.
هذا خطير.
بانغ!
أطلقت النار على الوحش الذي كان يستهدف دمدم من ثغرة في دفاعه.
ومع تزايد الخدوش الصغيرة على جسد دمدم، قالت لي هانا أخيرًا:
“التحضير اكتمل.”
توهّجت شظية الشتاء المعلقة على عنقها.
“تفعيل المهارة: البرودة المطلقة.”
وانكشفت أمامنا حينها، عالمٌ جميل وبارد من الجليد.
تجمّدت جميع الوحوش في مكانها.
تحوّلت صالة الألعاب إلى ما يشبه متحفًا مليئًا بتماثيل الوحوش المجمدة بشكل مذهل.
وكان تجمّدهم بهذه الدرجة دليلًا على مدى قوة طاقة لي هانا السحرية.
حتى الكائنات الأقوى، التي كانت لا تزال ترتجف قليلًا، لم تستطع تحطيم الجليد المتنامي الذي أحاط بها وانتهى بها الأمر بالتجمّد الكامل.
وسرعان ما تحوّلت كل الوحوش إلى كتل من الجليد.
صرخ نا يوهان قائلًا:
“أحسنتِ! التالي!”
“نياهها!”
تبع ذلك هبوب شفرات الرياح الحادة الخاصة بـتشوي سوجونغ، مكتسحة الوحوش جميعًا.
وفي كل مرة تمر فيها شفرات الرياح، كانت تماثيل الجليد تتحطم وتتناثر، فاقدة هيئتها الأصلية.
“أحسنتِ…!”
الموجة الأولى: انتهت.
أنزل المحتال العلم الذي كان يرفعه عاليًا، وكأنه يتنفس الصعداء بعد التوتر. كان يُحرّك كتفيه كما لو أنه يحاول تخفيف توتر جسده.
لكن لسوء الحظ، لم يكن حدث “الهجوم المفاجئ” قد انتهى بعد.
فبينما يعرف المحتال مسار اللعبة، أنا أعرف مسار عالم الرواية الذي يكون فيه المحتال هو البطل.
وفي الرواية، على عكس اللعبة، كانت كارثة أكبر تقترب من هذا المكان.
وما زاد الطين بلّة، أني قمتُ بتحوير القصة قليلًا، مما دفع الوحوش للتركيز أكثر على صالة الألعاب.
وبينما كنتُ أعرف هذا، استخدمت ما تبقى لي من النقاط بسرعة لترقية الإحصاءات والمهارات.
“جميعكم، يمكنكم أخذ استراحة الآن—”
كان المحتال على وشك إلغاء تفعيل مهارة العلم،
لكن…
“وووووووووو—-!”
غطّى صوت نحيب ضخم الصالة، التي هدأت للحظات.
وصاحبه كان واضحًا وقريبًا. لقد اندفع من تحت الأرض مباشرة.
“…! درع الحماية! توسيع!”
أطلق المحتال المهارة بسرعة، لكنه تأخر قليلًا.
فجأة، انبثق وحشٌ ضخم من تحت الأرض، دون أن يمنحنا وقتًا لرد الفعل.
وتناثر أعضاء النادي في كل اتجاه، وقد ارتطمت أجسادهم بجدران الصالة من شدّة الضربة.
“أغغ…”
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد اندفعت مجموعة من الوحوش الصغيرة الأخرى خلف الوحش الكبير، مهاجمةً من تحت الأرض.
لقد بدأت الموجة الثانية.
رفعت جسدي الذي كان يرتجف من الألم، وأعدت توجيه بندقيتي.
لم يكن الوقت مناسبًا للانشغال بالألم.
التفتُّ بسرعة لأتأكد من حال لي هانا وتشوي سوجونغ.
ولحسن الحظ، بفضل ردة فعل تشوي سوجونغ السريعة، لم يتعرضا لأي إصابات خطيرة.
وكانتا قد استوعبتا الموقف بالفعل، فبادرتا بشرب جرعات الطاقة السحرية.
لكن… لم يكن بالإمكان تكرار ذلك التعاون واسع النطاق الذي نفذوه قبل قليل بسهولة.
تابعتُ تدمير نوى الوحوش التي تقترب مني أثناء تحركي نحو درع المحتال.
ولحسن الحظ، وصلت لي هانا وتشوي سوجونغ بأمان إلى دمدم من الجهة المقابلة.
وفي اللحظة التي حاول فيها باقي أعضاء النادي إعادة تشكيل صفوفهم،
استنشق الوحش الضخم، الذي كان في منتصف الصالة، بعمق، ثم أطلق صرخة مدوّية:
“حرّروا… البرج…”
توقّف الجميع عن الحركة لحظةً، وقد اتّسعت أعينهم ذهولًا.
“…الوحش… تكلّم؟”
همست لي هانا بدهشة.
ففي هذا العالم، من غير المعقول أن يتحدث الوحش.
صرخ الذئب الضخم مرة أخرى وكأنه يئن من الألم:
“حرّرونا…!”
ثم اندفع ناحيتنا بجنون.
كاانغ!
صدّه الدرع السحري الذي نشره المحتال باستخدام العلم.
لكنّ قوته الهائلة بدأت تشقّ ذلك الحاجز شيئًا فشيئًا.
تشقّق، تشقّقق!
وحين بدا أن الحاجز على وشك التحطّم مع صوت غريب، صرخ المحتال:
“كانغ ناهيون، اجمعي كل طاقتك السحرية واطلقي النار على عينه اليسرى!”
كالعادة، بفضل بصره الثاقب، حدد موقع النواة الخفية فورًا.
“بارك سي وو، تكفّل بالدفاع ضد الوحوش!”
ثم أعاد استخدام مهارة العلم لتعزيز قواي، وهو يصرخ بالأوامر.
تشاك.
ركّزتُ كل طاقتي السحرية في البندقية، كما طلب.
لكن يبدو أن بندقيتي لم تحتمل قوة مهارة <الرصاصة السحرية> التي طوّرتها مؤخرًا إلى المستوى العاشر، فبدأت تظهر عليها التشققات.
لا بأس.
“وووووووووو—-!”
طلقة واحدة فقط، إن وصلت… طلقة واحدة تكفي!
بانغ!
وفي اللحظة التي همّ فيها الذئب بإنزال مخالبه علينا،
اخترقت طلقة ساطعة عينه اليسرى بدقة.
تحطّمت البندقية من شدّة الارتداد، وتطايرت شظاياها، مسببةً خدوشًا في يدي.
مؤلم… لكنني فعلتُها.
كووونغ!
رأيت الجسد الضخم للذئب يتهاوى إلى الوراء.
كووونغ!
اهتزّت الأرض تحت وقع سقوطه، ومعها بدأ الوحوش الآخرون بالأنين والهرب إلى داخل البوابة.
وفي الوقت نفسه، بدأت الدائرة الزرقاء التي كانت تضيء ميدان الليل، تتقلّص تدريجيًا.
تنفستُ الصعداء.
وهكذا، انتهى حدث الهجوم المفاجئ.
[النقاط الميتا الحالية: 30]
حسنًا… صحيح أن النقاط وصلت للحضيض،
لكن كنت أنوي استخدامها كلّها في هذا الحدث على أي حال.
وبدا على الجميع أنهم تنفّسوا الصعداء، بعد أن أدركوا أن هذه المحنة قد انتهت.
“نحن على قيد الحياة~.”
“نعم.”
كان السينباي يحتسون الجرعات ليستعيدوا طاقتهم، بينما جلس دمدم منهارًا على أرضية الصالة الرياضية.
“على الأقل انتهى الأمر بسلام.”
لكن المحتال بدا شارد الذهن، وفي ملامحه شيء من الارتباك، وكأنه فوجئ بانحراف مجريات الأمور عن توقعاته.
حسنًا، في النهاية كل شيء سُوِّي، وهذا ما يهم.
كنت قد بدأت بإزاحة شظايا البندقية المحطمة، مرتاحة قليلًا، حين دوّى صوت غريب، خافت وخشن، لم يكن مألوفًا:
“لا يُعقل… أن أفشل مجددًا، حتى بعد أن ضاعفت الكثافة في الموجة الثانية.”
تبعه صوت نقر خفيف للسان، ثم تجلّى صاحبه في الهواء.
كان الصوت أجشًّا، وخطير النبرة بما يكفي ليجعلني أبتلع ريقي.
رغم أن بنيته الجسدية الضخمة كانت مخفية تحت ثوب فضفاض يغطي جسده بالكامل، إلا أن ضخامته لم تخفَ عن العين.
من بين ثنيات الرداء المتمايلة، لمحتُ ذيلًا يتحرك، وأذنين بارزتين قليلاً فوق غطاء الرأس، مما دلّ على كونه من عرق الحيوانيين أو خليطًا منهم.
“من أنت؟”
صرخ المحتال بحذر شديد، وقد تهيّأ للمواجهة.
لكن الرجل تجاهل سؤاله، وتمتم لنفسه:
“حتى بلا ذاكرة، ما زلتَ تُدعى ‘اللاعب’، أليس كذلك؟”
ما هذا؟
هذا الشخص… لم يظهر قط في الرواية الأصلية. هل هو متغيّر؟
لا أعرف من يكون، لكن أمرًا واحدًا بدا واضحًا: نظراته كانت مشحونة بعداء صارخ، عداوة حادة لا لبس فيها.
فتحتُ قائمة الجرد بصمت، وأخرجت منها بندقية الأكاديمية الاحتياطية.
كانت الشظايا الحادة التي لم أُزلها بعد ما تزال مغروسة في راحة يدي، لكن لم يكن هناك وقت للانشغال بالألم.
“سأنهي هذا هنا.”
أخرج الرجل ذو الرداء مزمارًا صغيرًا من طيات ملابسه، ورفعه إلى فمه ليستعد للنفخ فيه.
كانت نظراته المصوّبة مليئة بالكراهية، موجهة مباشرة إلى المحتال.
نعم… إنه يستهدفه تحديدًا.
لا! إن تركته على حاله، سيموت المحتال. لقد شعرت بذلك بشدة، حدّ اليقين.
وفي لحظةٍ، ودون تفكير، صوبتُ رصاصتي إلى يد الرجل.
بانغ!
تحطم المزمار، وتناثرت شظاياه نحو وجهه.
“تبًا…!”
في الوقت ذاته، كانت لي هانا قد استشعرت الخطر، فاستدعت رمحًا جليديًّا بسرعة، وأطلقته باتجاهه.
لكن الرجل تفاداه بسهولة مذهلة. نقر لسانه مجددًا، ثم تنفّس بعمق، ليخلق على الفور رمحًا ضخمًا في يده.
رمح الصواعق.
كان الرمح يفيض بشررٍ كهربائي أصفر، يصدر طنينًا مزعجًا، فيما كان يتجه نحونا مهددًا.
“لا خيار… سأضطر لإنهاء الأمر بنفسي.”
ثم أطلق رمحه الهائل، مصوّبًا إياه إلى قلب المحتال، الذي كان لا يزال يحمل العلم المحطّم.
لا… لا يمكن!
اندفعتُ بجسدي دون وعي لأحميه.
التعليقات لهذا الفصل " 37"