3. كيفية الاستعداد للامتحان (١١)
طوال الوقت الذي كنت أرتاح فيه وحدي في غرفة السكن، ظللتُ أحسب بدقة كم عدد النقاط التي أحتاجها لتغيير القصة.
أمسكتُ بالمسدس الأبيض، الذي اعتدت عليه الآن، بإحكام. منحني ملمس السلاح الناعم شعورًا غريبًا بالطمأنينة.
<التالي، المجموعة F. تفضلوا بالدخول!>
لقد حان دور فريقنا.
تنفستُ بعمق، ثم صرختُ عاليًا:
“هيا بنا!”
دخلنا الصالة الرياضية بخطى قوية.
وما إن تجاوزنا عتبتها حتى باغتتنا رؤية وحش ضخم من الوحل الشفّاف، ضغط على مجال رؤيتنا. داخل جسده، كانت هناك نوى مضيئة متناثرة، تشبه حشود النجوم.
بدا أن وحش “الوحل النجمي” قد رآنا، إذ أدار ببطء نظره نحونا، ثم أطلق زئيرًا هائلًا.
هكذا، بدأت المعركة.
كما خططنا قبل أيام، بدّلنا إلى تشكيلتنا الخاصة بمطاردة الوحوش.
“نياهها! هيا بنا!”
صرخت تشوي سوجونغ وهي تطلق عاصفة من الرياح من راحة يدها، سرعان ما تشكل منها حاجز ريحي يطوّق الوحش.
لم يكن حاجزًا بالمعنى التقليدي، بل أقرب إلى سياج من الأشواك، مصنوعة من تيارات هوائية حادة، التفّ حول الوحل بالكامل.
“—؟”
ارتبك الوحش وحاول الإفلات، لكن جدار الرياح لم يتحرك قيد أنملة.
“تم شلّ حركته! فرقة الهجوم!”
“حسنًا!”
ردّت لي هانا بإيجاز، ثم أطلقت حرابًا جليدية نحو الوحش، واندفعت نحوه دون تردد، وتبعها بارك سي وو راكضًا.
وحش الوحل النجمي هو مخلوق ضخم يحتوي في داخله على عدد لا يحصى من النوى الصغيرة التي تتوهج مثل النجوم.
ولذلك، فإن الطريقة المعتادة لمهاجمته تتمثل في شل حركته، ثم تفتيت جسده تدريجيًا.
لكن، إن توفر القدر الكافي من القوة النارية، فمن الأفضل القضاء عليه دفعة واحدة.
كما هو حالنا الآن.
ثبتت حراب الجليد التي أطلقتها لي هانا في أنحاء متعددة من جسد الوحش.
“—-!”
“كانغ ناهيون!”
ناداني المحتال باسمي. ركّزت على الوحش وهو يتلوى من الألم، ثم صوبتُ نحو الحراب إصابة مباشرة.
عندها، انفجرت طاقة التجميد التي تراكمت داخل الحراب وانتشرت في جسد الوحل من الداخل.
“——-!”
بدأ الوحش يتجمد على الفور.
ربما شعر باقتراب نهايته، فبدأ يرتجف بعنف أكبر، لكن في النهاية، تحوّل إلى تمثال جليدي.
“الضربة الأخيرة، بارك سي وو!”
ثم هوى “دمدم” بسيفه على تمثال الجليد، فشطره إلى قطع صغيرة.
تحطّم الوحش إلى عدد لا يُحصى من الشظايا.
عادةً، تتفاعل نوى الوحش مع بعضها وتُسرّع عملية شفائه، لكن بعدما تفتّت بهذا الشكل، لم يعد هناك أمل في تعافيه.
أنهينا الصيد بسرعة، فبدا المعلمون مدهوشين للغاية. قالوا إننا حطمنا رقمًا قياسيًا أو شيئًا من هذا القبيل.
إن كان هذا يعني أن درجاتنا سترتفع، فليكن. أومأت برأسي وأعدت تعديل وضعية المسدس في يدي.
لكن المهم ليس الامتحان التافه، بل “حدث الهجوم” الذي سيبدأ من الآن.
إنه الحدث الذي يظهر فيه “أولئك”، أشرار اللعبة في الرواية، ويحدث فيه اختراق للبوابة داخل قاعة التدريب.
إنه الحدث الذي تظهر فيه أول بوابة مفاجئة داخل الأكاديمية التي كانت تُعتبر منطقة آمنة حتى الآن.
“لا تنزعوا أسلحتكم.”
قال المحتال بوجه متجهم، وكأنه يعلم بالمصيبة التي ستقع، وأمر الجميع بأن يكونوا على أهبة الاستعداد.
“لماذا أنتم متوترون؟ لقد انتهى الامتحان.”
“نعم، يمكنكم الاسترخاء الآن!”
لكن ما إن قال المعلمون ذلك وشرعوا في النهوض، حتى بدأت قاعة التدريب تهتز فجأة.
“ما هذا؟”
ظهر الارتباك على وجوه المعلمين، وهذا يعني أن هذه الهزة لم تكن جزءًا من الاختبار.
“وووووووووو—-!”
صدر عواء غريب من مكانٍ ما. بدا وكأنه يتصاعد من باطن الأرض، من تحت أرضية الصالة الرياضية، التي بدأت تتماوج ببطء.
أعدت الإمساك بمسدسي.
لقد بدأ “حدث الهجوم” أخيرًا.
وبينما تماوجت الأرضية كأنها سراب، بدأت تنساب ألوان زرقاء كما لو أن الحبر قد انتشر في الماء.
توسعت الدوامة الزرقاء شيئًا فشيئًا، حتى لم تعد الأرضية تُظهر القاعة بل مشهد حقل تحت ضوء القمر الكامل.
وأخذت حافة الدائرة التي تنقل هذا المشهد تتسع تدريجيًا.
شعرتُ في قرارة نفسي أن عليّ استخدام “تشويه القصة” الآن.
هناك أسباب عديدة للمأساة التي تقع خلال هذا الحدث.
إذ كانت البوابة التي تظهر حينها ضخمة إلى حد أنها تغطي ليس فقط القاعة السفلية، بل مبنى التدريب بأكمله في الأعلى.
والطلاب الذين كانوا لا يزالون في القاعة لم يكونوا مستعدين بعد لمواجهة قتال حقيقي.
الحل الوحيد هو: تقليص نطاق البوابة. حتى تتجه جميع الوحوش إلينا نحن فقط.
فتحتُ واجهة “تشويه القصة”، وكتبت:
‘البوابة لم تتجاوز نطاق القاعة الرياضية.’
> [المهاجمون قرروا التركيز على مهاجمة القاعة الرياضية. البوابة لم تتجاوز نطاق القاعة.]
[1000 نقطة]
[هل ترغب في الشراء؟]
بالطبع!
[تم خصم 1000 نقطة]
[النقاط المتبقية: 800 نقطة]
ما إن فعّلتُ “تشويه القصة”، حتى بدأ توسّع البوابة، الذي كان يوشك أن يلتهم القاعة بأكملها، يتباطأ تدريجيًا.
وكأن شيئًا ما يكبحه ويمنعه من التمدد، راحت حدود البوابة تتباطأ شيئًا فشيئًا، ثم توقفت أخيرًا عند حدود القاعة.
…إنه فعّال فعلًا.
لحسن الحظ، تمكّنا بهذا من منع وقوع أضرار جسيمة.
لكن بما أن الطريق إلى الخارج قد أُغلق، فكل الوحوش ستتدفق إلى هنا بلا شك. ومع ذلك، فإن من في هذا الفريق هم: لي هانا، وتشوي سوجونغ، ودمدم.
ولا أرغب بالاعتراف بذلك، لكن حتى المحتال يمكن الوثوق به في مواقف كهذه، لذا لا مشكلة.
“ما الذي يجري على وجه الأرض…؟!”
“التفكير لاحقًا! ركّزي الآن!”
“مفهوم!”
تشوي سوجونغ فتحت فمها بتوتر واضح، لكن إثر صراخ المحتال استعادت وضعيتها وأبقت على حذرها.
لم يمض وقت طويل حتى سُمع صوت عواء الذئاب من خلف الحقول.
“آووووو—!”
وحوش تشبه الذئاب اجتاحت الحقل واندفعت باتجاهنا.
وبينما كانت تقترب من البوابة الزرقاء، راحت تعوي بعنف أكبر.
وسرعان ما امتدت أجسادها متجاوزة البوابة إلى أرض الواقع.
دووم!
صوت ارتطام أجساد ثقيلة بالأرض دوّى من حولنا.
نظرت إلى بوابة الصالة الرياضية.
كانت البوابة معتمة بحيث لا يمكن رؤية الداخل من الخارج، ما يعني أن بقية الطلاب لم يدركوا بعد فداحة الوضع.
“لا يُعقل… بوابة متفجرة؟!”
وصلني صوت المدرسين وهم يصرخون بذهول.
“اتصلوا بسرعة ببقية الصيادين، لا، تواصلوا مع السيدة إيغدراسيل!”
“انتظروا، هناك لعنة—”
رغم أنهم بدا عليهم التصرف بسرعة كمحترفين، إلا أن الوقت لم يكن في صالحنا.
فالوحوش كانت قد حطّت بالفعل بالقرب منا.
الوحوش الذئبية راحت تزأر وهي تراقبنا بحذر.
“أين المعلمون!”
صرختُ باحثة عنهم، لكن كما توقعت، كانوا جميعًا قد سقطوا أرضًا.
اندهش رفاقي الآخرون من المنظر، أما المحتال فبقي هادئًا وهتف:
“تشوي سوجونغ! احمي الأساتذة بحاجز من الرياح!”
“على الفور!”
لكن في تلك اللحظة، انقض وحش علينا فجأة.
غير أن هجومه أُحبط بفعل شفرات ريح تشوي سوجونغ، التي مزّقته إلى أشلاء تبعثرت على الأرض.
وما إن رأت الوحوش الأخرى هذا المشهد حتى ترددت للحظة.
المحتال لم يفوّت الفرصة، وصرخ:
“لي هانا! الوحوش التي ظهرت الآن ضعيفة! جمّديها كلها!”
“حسنًا.”
فورًا، اجتاحت البرودة محيطنا وانتشرت على نطاق واسع.
ويبدو أن كلامه صحيح، فقد تجمّدت الوحوش الضعيفة في لحظة واحدة تحت هجوم لي هانا البسيط.
“أولًا… لنتفقد حالة الأساتذة.”
بكلمات المحتال تلك، هرعنا إلى الأساتذة الساقطين.
“…إنها لعنة.”
قالتها لي هانا وهي تتفقدهم، مجمّدة الوحوش الصغيرة التي حاولت الاقتراب منهم.
“كما ظننت… لقد استعدّوا جيدًا مسبقًا، أليس كذلك…؟”
المحتال تمتم وهو ينقر لسانه بضيق، ثم بدأ يشرح الموقف باختصار:
“هذه لعنة من المهاجم الذي أنشأ البوابة. خصمنا أعدّ كل شيء بدقة. لذا حاليًا، باب الصالة الرياضية مغلق، ولا يمكننا استخدام أجهزتنا.”
غرق الجميع في صمت ثقيل إثر كلماته.
“إلى أن ينتبه الناس في الخارج لما يحدث، لا يمكننا توقع وصول الدعم. لكن، هذه البوابة من نوع يمكننا اجتيازه.”
“أنت… كيف تعرف هذا يا فتى؟”
“لا يمكنني التوضيح الآن. وفوق ذلك، لسنا في وضع يسمح بالجدال، أليس كذلك؟”
“…أنت محيّر فعلًا، أيها الغامض~.”
قالتها تشوي سوجونغ بهدوء وهي ترمقه بنظرة ذات مغزى.
“لا وقت للدردشة. موجة الوحوش التالية ستبدأ قريبًا. فلنتحرك.”
بمجرّد أن استوعب الأعضاء الوضع، نظموا أنفسهم بسرعة بتشكيلة مخصصة لموجات الوحوش، كما فعلوا في التدريب.
الفرق الوحيد هذه المرة، هو أن الأساتذة المغشيّ عليهم يتوسطون التشكيلة الآن.
وما إن اتخذنا مواقعنا، حتى ظهرت من خلف البوابة وحوش ذئاب بحجم وعدد لا يُقارن بالتي واجهناها سابقًا، واندفعت نحونا.
“آووووووو—!”
زمجرت وهي تندفع نحونا بعدد لا يُصدّق… عددٌ لعين!
“جدار الحماية!”
المحتال حرّك رايته بسرعة مطلقًا مهارة دفاعية. وبمجرّد تفعيلها، أحاطت كرة من الطاقة السحرية مركز التشكيلة.
بذلك، تأمّن مركزنا.
ثبتُّ قدميّ موجّهة فوهة بندقيتي نحو الوحوش القادمة.
الوحوش تهاجمنا بلا هوادة من مركز الصالة، ونحن نتخذ موقعًا مسنودًا إلى جدارها.
كان دمدم يقف في الصف الأمامي، يقطع الوحوش المتدفقة بسلاحه أولًا.
بينما كنت أساعده وأراقب الوضع من جانبي.
“كييييييييـــاا!”
الوحوش هجمت على دمدم بجنون، لكنه راح يبدّل سلاحه بين السيوف والرماح والخناجر وكأنه يرقص، يقطعهم بمهارة قاتلة.
كل حركة منه كانت تنهي حياة وحش.
ورغم أنه سقط عددٌ لا يحصى من الوحوش تحت سيفه، إلا أن الكم كان هائلًا لدرجة أنه لم يستطع وحده التعامل معهم جميعًا.
“لي هانا، تشوي سوجونغ! استعدا لهجمات شاملة!”
صرخ المحتال.
التعليقات لهذا الفصل " 36"