3. كيفيّة الاستعداد للإمتحان (٣)
“أظن أن تلك الجهة ستكون الأنسب، أليس كذلك~؟”
“نعم، ارفعي كانغ ناهيون إلى الأعلى من فضلكم.”
“تمّ ذلك~!”
امتطيتُ تيار الرياح الذي أرسله تشوي سوجونغ وتموضعتُ في مكانٍ مرتفع مناسب، بحيث أستطيع قنص اليتي من مسافة آمنة.
كان يمكنني رؤية اليتي بالكامل. ستّة نوى في جسده. وكان عليّ أن أصيبها جميعًا.
على عكس المرات السابقة التي كنت أضغط فيها على الزناد من خلف الخطوط الآمنة، كانت هذه المرّة قتالًا حقيقيًّا تحيطه رهبة الموت.
من دون سبب محدد، مررتُ يدي على هيكل البندقية البيضاء التي منحني إيّاها المحتال، ثمّ ثبتُّ عيني في منظار التصويب.
لوّح المحتال بهدوء بالراية.
كانت تلك إشارة بدء التنفيذ.
اندلعت نيران نا يوري في باطن قدم الوحش النائم.
وفي اللحظة نفسها، انغرست شفرة دمدم عميقًا في القدم الأخرى.
ثمّ انحلّت هالة المانا التي كانت تحيط بالمهاجمين من قوة لي هانا.
“كواااااااه—!”
استفاق اليتي من نومه وصرخ متألمًا.
“تراجعوا!”
انسحب المهاجمون بسرعة، مبتعدين عنه.
كان الوحش يحاول الوقوف مترنّحًا من شدّة الألم، لكنه تعثّر بسبب إصابة قدميه وسقط إلى الأمام.
ظهر ظهره، وانكشفت النوى.
هل أطلق النار الآن؟
… لا، ليس بعد.
لو أطلقتُ الآن، قد يجد فرصة لردّ الفعل أو حماية ظهره.
ابقِ هادئة، لا تتعجّلي. نفّذي الخطة كما رُسمت.
في المعركة، لا بدّ من الثقة بقائد الفريق.
شعرتُ بطاقة لي هانا الباردة تحيط بي، وحبستُ أنفاسي.
وفي اللحظة التي رفع فيها اليتي يده ليهوي بها على البشر الذين أيقظوه…
“لي هانا!”
اخترق رمح من الجليد، أطلقته لي هانا، إحدى عيني الوحش بسرعة البرق.
“كوااااااااه—!”
غرز الوحش يديه في وجهه محاولًا تغطية عينه المصابة، لكن لي هانا لم تفوّت تلك الفرصة.
أطلقت رمحًا آخر، اخترق يدي اليتي ليصل إلى عينه الثانية.
وبفقدان بصره في كلتا عينيه، أصبح من المستحيل عليه الحركة بحرّية.
الآن!
أطلقتُ رصاصات مانا نحو نوى الوحش.
تحطّمت واحدة منها بصوتٍ حاد.
شعر الوحش بخطرٍ حقيقي، وبدأ يحاول انتزاع يديه من الرماح المغروسة فيه.
ثم بدأ يتلوّى ليقلب جسده دفاعًا عن نفسه—
“لي هانا، مرة أخرى! بقية المهاجمين، نفّذوا الهجوم!”
رمح جليدي جديد اخترق يد اليتي من جديد. وانقضّ كلّ من دمدم ونا يوري على ذراعيه.
ومع ازدياد حدّة الألم، أخذ الوحش يصرخ مستميتًا وهو يضرب الأرض بجسده.
وفي الأثناء، كنت قد حطّمت نواتين إضافيتين.
لم يتبقّ سوى ثلاث نوى.
وحين بدا أنّه أدرك أن حياته على المحك، تجاهل هجماتنا وحاول قلب جسده بكلّ قوته.
لكن هل المحتال من النوع الذي يراقب بهدوء في لحظات كهذه؟
“تشوي سوجونغ، اقلبه!”
ضحكت تشوي سوجونغ بثقة وهي تجمع طاقة الرياح في يديها.
أطلقت الريح، ومعها انقلب جسد اليتي العملاق.
“كانغ ناهيون!”
بانغ! بانغ! بانغ!
أطلقتُ ثلاث رصاصات متتالية نحو النوى المتبقية.
فتحطّمت كلّها دفعة واحدة، وسقط جثمان اليتي ميتًا داخل الغرفة الواسعة.
ساد الصمت لعدّة دقائق، ثمّ لوّح المحتال بالراية مجددًا.
إشارة انتهاء العملية.
لقد فعلناها.
شعرتُ بقوّتي تنهار فجأة.
اندفع شعور الإنجاز والارتياح في أنحاء جسدي. لم أدرك إلا متأخرة أنني كنت أشدّ قبضتي بقوة.
وحين أنزلتني تشوي سوجونغ من المرتفع، هرعت إلى بقيّة الفريق.
“هل الجميع بخير؟ هل أصيب أحد؟”
“لا تقلقي. لم يُصب أحد.”
“أنا بخير!”
“……لا بأس.”
“نياهاها~ ولا خدش واحد!”
“ومن تظنين وضع الخطة؟”
هزّ المحتال كتفيه بغرور. كم هو مزعج.
لكن لا بأس، سأعترف بكَ هذه المرة يا محتال.
هكذا، أسقطنا اليتي دون أن يُصاب أحدٌ منّا بخدش.
رغم ضخامة الجثة، توقعتُ أن يأخذ جمع البقايا وقتًا طويلًا،
لكن لحسن الحظ، كان بحوزتنا مهارة التخزين السحرية.
وبمجرد أن اختفى الجسد العملاق، ظهرت فتحة كانت مخفيّة تحته.
الطريق المؤدي إلى غرفة الكنز.
“ما هذا…؟”
سألت المحتال متظاهرةً بعدم المعرفة.
“من يدري؟ غرفة مكافآت، على الأرجح؟ على أي حال، لا مزيد من الوحوش. استرخوا جميعًا.”
بعد أن تأكدنا من سلامة المكان، تبعنا المحتال الذي كان يخطو بفرح في الممرّ الجديد.
وفي نهاية الممرّ، الذي كان أكثر برودة من أي جزء سابق من الكهف، وجدنا منصةً حجرية صغيرة، وعليها صندوق أزرق محفور بدقة وعناية.
“هذا…”
“كنز.”
أي شخص يملك عينين يمكنه أن يعرف ذلك، يا هذا.
مدّ المحتال يده وفتح الصندوق دون تردّد.
وفي الداخل، وُجد عقد فضي مرصّع بجوهرة زرقاء.
كان يبعث برودة واضحة، مما يشير بوضوح إلى كونه معدًّا لعنصر الجليد.
قال المحتال وهو يعيد معداته إلى مخزن الجيب السحري:
“حسنًا، بهذا تنتهي مهمّة استكشاف بوابة اليوم! أحسنتم العمل!”
“شكرًا على جهودكم!”
صفقتُ له بحماس بينما كنت أردد كلماته. لكن فجأة، تكلّمت لي هانا بصوتٍ خافت:
“……هل سنقسّم الغنائم بعد العودة إلى المدرسة؟”
“نعم. سأبيع البقايا بشكل منفصل وأوزّع المال عليكم، أما العناصر السحرية والأحجار فستُقسّم مباشرة بيننا.”
“فهمت…”
ثم صمتت من جديد.
يبدو أن الأمر كان يقلقها بشدّة.
وهو أمر مفهوم، حتى لو حصلت على جزء صغير فقط من أحجار الجليد السحرية،
فقد يساعدها ذلك كثيرًا في حلّ مشاكلها العائلية.
***
عدنا من حيث أتينا.
بعكس طريق القدوم، كانت العودة سلسة وسريعة.
مررنا بالسوق لبيع بقايا الوحوش، ثم بلّغنا المؤسسة العامة بشأن البوابة، وأخيرًا، عدنا إلى المدرسة.
كان الوقت قد شارف على الغروب.
ما إن دخلنا غرفة النادي وجلسنا، حتى بدأ المحتال بالكلام:
“أتذكرون حين وعدتُ أعضاء النادي الذين ينضمون ويشاركون بالنشاطات، بأن أعطيهم عناصر سحرية؟ أودّ تنفيذ ذلك الآن.”
للتوضيح، ذلك الوعد يشملني ويشمل نا يوري أيضًا.
بما أنه أطلق الوعد بعد انضمامنا، كان بإمكانه استثناؤنا، لكنه في هذه الأمور ليس بخيلًا.
“لكن قبل ذلك، هناك مسألة علينا مناقشتها. في هذه البوابة، حصلنا على عنصر نادر، أليس كذلك؟”
العنصر النادر الذي حصلنا عليه هذه المرّة، كان يُدعى: “شظية الشتاء”.
العناصر النادرة، هي عناصر سحرية لا تظهر سوى نادرًا في الأبراج المحصّنة، ويُقال إنها لا تُقدّر بثمن.
“لأنها قطعة من العتاد ذات خاصية الجليد، ظننت أنها ستناسبكِ تمامًا، هانا سينباي. أردت إهداءها لكِ. لكن في المقابل، ماذا لو اتفقنا أنه في حال عثرنا على قطعة جيدة أخرى في احدى البوابات مستقبلاً، وكان هناك من يناسبه عنصرها، فسيأخذها الشخص الأنسب؟”
كالعادة، ألاعيبه لم تتوقف.
بمعنى آخر، كان المحتال يحاول أن يمنح هذه القطعة لـ لي هانا، التي كانت تتوق بشدة لعنصر الجليد، بهدف رفع رصيد مشاعره لديها.
“أنا لا أمانع! هانا سينباي عنصرها جليدي أيضًا، لذا يبدو أن العتاد سيكون مناسبًا لها تمامًا!”
لكن ما الذي يمكن أن تفعله الموظفة؟ لا بد أن تسير حسب هوى المدير. فدعمت قراره بخفة.
“وأنا أوافق~”
“أنا كذلك لا أمانع. أصلًا، عنصري متضاد معها…”
“نعم، أظن أن هذا الأفضل.”
رغم أن المحتال قال ببساطة “في البوابة القادمة”، إلا أن البوابات الثابتة ليست من السهل العثور عليها.
والمشكلة أنه يعرف مكانها بشكل مثير للريبة. لكن في الظروف العادية، الأمر ليس بتلك السهولة.
وهؤلاء الأطفال، الذين لا يعرفون الحقيقة، لم يكونوا يعتقدون أن دورهم سيأتي فعلاً، بل وافقوا فقط لأن ذلك سيساعد شخصًا ما بحاجة.
ويبدو أن لي هانا كانت مدركة لهذا أيضًا، إذ إن ملامحها المتجمدة التي كانت خالية من التعابير، ارتسمت عليها أخيرًا ابتسامة صغيرة. ابتسامة خجولة بعض الشيء.
“…شكرًا لكم، جميعًا.”
“أليسوا طيبين جدًا؟”
“…نعم، فعلًا.”
وهكذا، أصبحت القطعة <شظية الشتاء> في حوزة لي هانا.
حصلنا نحن أيضًا على بعض العتاد الذي عرضه المحتال.
أما أنا، فحصلت على قطعة تشبه السوار. كانت مهارتها ممتازة، وتصميمها جميل، لذا بدا أنها ذات قيمة عالية، فاحتفظت بها بعناية. سأقوم ببيعها إذا نفدت أموالي لاحقًا.
أما حجارة المانا التي استخرجناها، فقد تم توزيعها بالتساوي بين الجميع.
أنا بدوري لم أقم ببيعها مباشرة، بل وضعتها في حقيبتي بعناية. سمعت أن لها استخدامات متعددة، لذا من الأفضل الاحتفاظ بها مسبقًا.
أما عائد بيع المخلفات، فقد بلغ نحو 1.8 مليار وون، أي أننا حصلنا جميعًا على 300 مليون وون لكل فرد.
أنوي هذه المرة أن أتصرف وكأنني أشتري عتادًا جديدًا.
أما دار الأيتام، فقد تبرعت لها مسبقًا بكامل المبلغ الذي استلمته في أول تسوية، مليار كاملة، لذلك لن يواجهوا أي مشاكل مادية في الوقت القريب.
لمجرد التفكير في ذلك، شعرت بدفء يسري في قلبي.
أطفال دار الأيتام ينعمون حاليًا بوفرة في الموارد، ويستطيعون الدراسة كما يشاؤون.
تلقي صورهم المبتسمة كان سعادتي الكبرى. افعلوا كل ما تحبونه، إخوتي الصغار.
على أية حال، لن يكون هناك ما يشغلنا الآن سوى التحضير لإمتحانات منتصف الفصل، من خلال تشكيل مجموعة دراسة…
سيكون وقتًا هادئًا.
في ذلك الوقت، لم أكن أعلم بعدُ ما الذي يخطط له المحتال، وكنت أطمئن نفسي بهذه الأفكار بكل سذاجة.
***
ذلك المحتال الحقير!
“أعطني الجوهرة، أعطني الجوهرة، أعطني الجوهرة!”
شخص لا يتردد في استغلال الآخرين حتى آخر قطرة!
“إنها لي، إنها لي، إنها لي!”
ألا تكون الشرير الرئيسي في القصة بدلًا من البطل؟!
“جوهرة، جوهرة، جوهرة، جوهرة—!”
أنا الآن أركض بكل طاقتي.
وكل هذا بسبب ذلك المحتال الوغد.
التعليقات لهذا الفصل " 28"