3. كيفية الاستعداد للامتحان (١)
مرّ بعض الوقت بهدوء وسلام.
تراكمت نقاط الميتا دون أن أشعر، حتى بلغت الآن 700 نقطة.
عندما وصلتُ إلى المدرسة صباحًا، كان الصفّ في غاية الصخب.
كان الزملاء يتبادلون الحديث بحماس حول النوادي التي يودون الانضمام إليها.
وبينما كانت ضجّتهم تمرّ بجانبي كأنها ضباب، كنت أحدّق بشرود من نافذة الفصل.
لقد اقترب أخيرًا أحد الحلقات التي كنت أنتظرها بشدة: حلقة اختيار النوادي.
وكانت حلقة مهمة بشكل خاص، لأن إحدى البطلات الرئيسيات في الرواية ستظهر فيها.
قصة حلقة النادي بسيطة.
المحتال يؤسس ناديًا جديدًا ليجمع حوله بعض الحلفاء. ثم تقع البطلة الجديدة في فخه وتنضم إلى النادي.
ومن أجل استمالتها، يستغل الأنشطة “الرسمية” للنادي للذهاب معها إلى زنزانة “الكنز المخفي”. وهناك، يعثران على كنز. النهاية.
بغض النظر عن كل شيء، هذا يعني أن حريتي في اختيار النادي… تحطّمت تمامًا.
“ستؤسس ناديًا جديدًا؟”
“نعم. نادي استكشاف كنوز البوابات. سندخل إلى داخل البوابات ونبحث عن الكنوز المفيدة. ما رأيكِ؟”
“يبدو ممتعًا! هل يمكنني الانضمام؟”
“بالطبع.”
تلك الابتسامة التي بدت وكأنه كان يتوقع مني قول ذلك… تثير غيظي.
للمعلومية، الحد الأدنى لعدد الأعضاء المطلوب لتأسيس نادٍ هو خمسة.
وإن استوفيت هذا العدد، يمكنك تسجيل النادي كنادٍ “غير رسمي”. ومن ثم، إن حققت نتائج معيّنة خلال فترة زمنية مريحة نسبيًا، تتم ترقيته إلى نادٍ رسمي.
لذا، الأهم الآن هو استكمال عدد الأعضاء.
لكن بسبب السمعة السيئة للمحتال، لم يكن هناك الكثير ممن يرغبون بالانضمام إليه بسهولة.
لذلك، في الرواية الأصلية، لجأ إلى “التسويق” — أو بلغة أقل تلطّفًا: الحِيَل التجارية — لتجنيد الأعضاء. روّج لفكرة أن مجرد الانضمام للنادي يخوٌلك الحصول على هدايا.
لكن، المفاجأة أن العضو الثالث انضم بسهولة غير متوقعة.
“نادي؟”
“نعم! لقد قررتُ الانضمام إلى النادي الذي سيؤسسه يوهان!”
في الرواية الأصلية، كانت نا يوري تنضم إلى نادي مناقشة الكتب — نادٍ يتجمّع فيه الأعضاء لتبادل الآراء حول الكتب.
وإن فكّرتِ بالأمر… أليست قد انضمّت إليه فقط لتكوين صداقات؟
“هممم…”
سعلت نا يوري سعالًا مصطنعًا بلا داعٍ، وقالت وقد احمرّت وجنتاها قليلًا:
“في هذه الحالة، لا خيار أمامي سوى الانضمام أيضًا. عليّ مراقبة نا يوهان عن كثب!”
“هل هو للمراقبة فعلًا؟ أم أن هناك دوافع شخصية خفية؟”
“اصمتْ.”
المحتال لم يسكت، فتلقّى ضربة على الفور. ورغم أنه لم يتفادَ أيًا من ضرباتها حتى الآن، إلا أنني أعتقد أنه مؤخرًا صار يتلقّى عددًا أقل.
لا أدري كيف أصف الأمر بالضبط… لكن يبدو أن العلاقة بينهما بدأت تتقرّب قليلًا، كما أراد المحتال من البداية، عبر المناوشات الصغيرة.
رغم أن نظراتها الباردة ما زالت تقول “أريد قتلك”، إلا أنني أشعر أنها لم تعد تنوي قتله فعلًا.
صحيح أنها ضربته بسبب أنه جرّني معه في إحدى المرات، لكن اجتيازنا للبوابة معًا، وحرصه المستمر على مشاركة التدريبات… كل ذلك لا بد أنه ساهم في تغيير نظرتها إليه، ولو قليلًا.
“على كل حال، سأشارك أيضًا.”
“لن أقدّم لكِ استمارة انضمام.”
“هل ترغب في الموت؟”
على أي حال، من الأفضل تجنّب المشاجرات، لذا، هذا تطوّر جيد. فالحوار يعني التفاعل، وهذا يقرّب المسافات.
دمدم على الأرجح سينضم إلى نادي المبارزة، فهل أحاول إقناع تشوي سوجونغ؟ إن وافقت، سيكتمل العدد تمامًا.
“لكن، هل هناك أحد آخر يمكنه الانضمام؟ نحن بحاجة لتلبية الحد الأدنى من عدد الأعضاء، أليس كذلك؟”
قررتُ أن أؤدي دوري كـ “شخصية داعمة” لدفع الأحداث إلى الأمام، بكل لطف.
“بالطبع لديّ خطة.”
ابتسم المحتال بثقة، ابتسامة تثير في نفسي رغبة في لكمه كلما رأيتها.
***
بعد انتهاء الدوام، خرجت مع المحتال من مبنى المدرسة، ونصبنا كشكًا صغيرا في شارع يعجّ بالطلاب.
وأكاد أراهن بشعري الثمين على أن السبب في اختياره هذا المكان بالضبط، هو أن “الفتاة” التي يستهدفها تمرّ من هنا يوميًا.
آه، بالمناسبة، شعري ذاك أطيله بعناية لبيعه وقت الحاجة.
“نا يوهان؟”
“ما الذي يفعله؟”
“لا أعرف، بالتأكيد يخطط لشيء ما.”
نعم. هذا صحيح. إنه يُعدّ خطة شريرة للإيقاع بشخصٍ ما.
صفّقتُ في داخلي لذلك الطالب الذي أبدى بصيرته الحادّة.
أما المحتال، فلم يكترث لهمسات من حوله، وبدأ يرتّب العناصر التي أحضرها على البسطة. كلها كانت عناصر ذات خاصية جليدية.
واضح جدًا، واضح للغاية.
رغم ذلك، رتّبتُ العناصر بطريقة مرتّبة وجذّابة، كي تظهر بشكلٍ أفضل.
من يرى هذه البسطة المليئة بالعناصر الجليدية النادرة، لن يتمكن من مقاومة إلقاء نظرة واحدة، على الأقل.
أرسلت في داخلي تحية عزاء مسبقة للفتاة التي ستقع ضحية خداعه.
وما إن عرضنا العناصر — التي بدت نادرة وثمينة للناظر — حتى بدأ بعض الطلاب المارّين يتجمهرون ويتساءلون بفضول:
“ما هذا؟ هل يبيعونها؟”
“إن كانت للبيع، فأنا حقًا أريد شراء واحدة…”
عندها، تَنحنح المحتال قليلًا، ثم أمسك بالميكروفون.
ظهر فجأة بصورة التاجر الجشع المثالي.
“بالانضمام إلى نادي استكشاف كنوز البوابات، ستحصل على كل هذه العناصر بسهولة!”
كان الإعلان مستفزًا جدًا، حتى أن وجوه الحاضرين بدت مرتبكة وغريبة.
“نادي استكشاف كنوز البوابات؟ ما هذا؟”
“لقد أنشأ فصلنا ناديًا جديدًا! نادٍ يستكشف البوابات مباشرة! “
“بمجرد انضمامك، ستحصل على عنصر من هذه العناصر. فرصة لا تعوّض للحصول على أدوات باهظة الثمن، مجانًا!”
“وووااااه!”
وبينما خيّم الصمت الغريب على الطلاب المتجمعين، كنت أنا الوحيدة التي تصفّق وتُظهر الحماسة.
حقًا… كسب لقمة العيش أمرٌ مرهق… فكرت في ذلك بحسرة صامتة.
وسط الحشود الصامتة، ظهرت أخيرًا خصلات الشعر الفضي الناصع التي كنا ننتظرها.
ويبدو أن المحتال لاحظ بدوره الطالبة ذات الشعر الفضي، فراح يعلو صوته أكثر فأكثر.
“عناصر نادرة من نوع الجليد! انضمّوا إلى نادي استكشاف كنوز البوابات واحصلوا عليها مجانًا!”
إنه يثبت لي مرة أخرى أنه يستحق لقب المحتال بجدارة.
“سجّلوا الآن! الوقت محدود!”
بدأ الناس يترددون في الاقتراب، لكن يبدو أن العناصر أثارت طمعهم، فراحوا يصطفون في طابور التسجيل واحدًا تلو الآخر.
وكانت صاحبة الشعر الفضي في مقدّمة الطابور.
…أليست سهلة الانقياد أكثر من اللازم؟
نظرتُ إليها وهي تتفحّص العناصر بهدوء. حسنًا… بالنظر إلى قائمة العناصر، أتفهم الأمر.
“آه، بالمناسبة، نادينا لاستكشاف كنوز البوابات يهدف لأن يكون نادٍ نخبوي محدود الأعضاء. لذا إن زاد عدد المتقدّمين، فسنُجري مقابلات للقبول!”
لابد أن المحتال وضع هذا الشرط لتصفية الأشخاص غير المرغوب فيهم.
ومع ذلك، ورغم ما قاله، لم يتناقص عدد الراغبين في التسجيل، بل ظل الطابور يطول شيئًا فشيئًا. ضحايا بؤساء لطمعهم، في النهاية لن يستطيعوا لمس تلك العناصر أصلًا.
وحين حصل المحتال على استمارة التسجيل من الشخص الذي كان يستهدفه، بدا عليه الرضا وهو يأخذ رزمة الاستمارات المتراكمة ويضعها في غرفة النادي (المتوقعة).
ولأن أكاديمية الحُماة واسعة للغاية، لحسن الحظ، كانت هناك الكثير من الغرف الفارغة. لم يكن علينا تنظيف غرفة قديمة مليئة بالغبار أو التعامل مع التمييز ضد نادينا “الناشئ”.
“هوهو…”
ما بالكَ مبتهجًا إلى هذا الحد، أيها الوغد؟
حاولت جاهدةً ألّا أُظهر البرود في نظراتي.
***
وبعد عدة أيام، في يوم مقابلات الانضمام إلى النادي.
يبدو أن الدعاية الخاصة بالعناصر قد أثّرت فعلًا، فقد توافد الكثيرون. معظم من قدّموا استماراتهم كانوا حاضرين.
لكن لم يكن أحدهم يبدو جادًا أو متوترًا. كانت نظراتهم تقول: “إن حصلت على العنصر فهذا رائع، وإن لم أحصل عليه فلا بأس.”
لكن، مع هذا العدد من الناس… لا بد من الاعتراف أن الأمر مذهل.
“مرفوض!”
“ماذا؟ لم أقل حتى كلمة واحدة!”
“ملامحكَ سيئة!”
بدأ المحتال استعراض الرفض المجنون خاصته.
“ألم تشتمْني من قبل؟ مرفوض!”
يا لك من…
“نيّتك تجاه نا يوري مشبوهة! مرفوض!”
“اـ، انتظر لحظة فقط…!”
“اخرج، رجاءً.”
نوايا مريبة…
“عيناك تفيضان بالطمع! مرفوض!”
رفض ظالم…
“مرفوض فحسب!”
مقابلات غير منطقية على الإطلاق.
هل سئمت حتى من تبرير أسبابك، أيها الوغد؟
لكن الذي أوقف ذلك العرض المجنون من الرفض، لم يكن إلا ظهور شخص غير متوقّع.
“يـاهوو! مرحبـــا~!”
“سينباي؟”
“لماذا أنتِ هنا؟ ألم يكن من المفترض أن…”
فجأة، ظهرت تشوي سوجونغ بكل وقاحة.
حسب ما أذكر، لم تكن يومًا منتمية لأي نادٍ في الرواية الأصلية.
“أنا، طبعًا، سأُقبل فورًا! أليس كذلك؟ أعرف ذلك~.”
ثم تقدّمت بكل ثقة إلى طاولة المقابلة حيث يجلس المحتال، وختمت استمارتها بالختم بنفسها، بكل جرأة.
المحتال، الساعي لبناء العلاقات، لم يكن ليفوّت فرصة كهذه بالتأكيد، لكن مع ذلك… تصرّفها وكأن النادي بيتها من الأصل، كان لا يُصدَّق.
“… لماذا؟”
وبدا المحتال مصدومًا، كأنه علق في حالة من الذهول.
أفق يا هذا. لا تنسَ أن هناك آخرين ينتظرون دورهم.
ومع ازدياد عدد الأعضاء إلى أربعة، وبدء تناقص استمارات التسجيل بشكل واضح…
دخلت الفتاة ذات الشعر الفضي إلى غرفة النادي.
ببشرة شاحبة، وشعر فضي باهر، وعيون زرقاء باردة، وملامح هادئة.
“…لي هانا.”
أخيرًا، ظهرت من كنا ننتظرها، لي هانا.
“مقبولة!”
وهتف المحتال بقرار القبول بسرعة الضوء.
سرعة كانت لتجعل الراسبين يجهشون بالبكاء. لم تأخذ العملية ثلاث ثوانٍ حتى.
ومن شدّة فرحه بالحصول على ما أراده، لم يحاول حتى إخفاء ابتسامته المتفجرة.
لكن رغم هذا المنظر السخيف، اكتفت لي هانا بإيماءة خالية من التعبير، ثم أخذت كتيّب الانضمام وغادرت. كل ما تحتاجه مذكور فيه، لذا لا شك أنها ستأتي في الاجتماع الأول.
“يوهان، لماذا قبلتها مباشرة هكذا؟”
سألتُ المحتال بتظاهر تام بالجهل.
“لأنها قوية. بالإضافة إلى أنها مفيدة جدًا في استراتيجيات قطع الأحداث أو الحصول على الجوائز الخفية، لذا من الأفضل ضمّها مبكرًا…”
أجاب وهو يتمتم بصوت منخفض، كأنه غارق في عالمه الخاص.
“كلامكَ معقد جدًا، يوهان…”
“وأيضًا لأنها ستلتزم بجدية في أنشطة النادي. صحيح أنها أكبر سنًا ولديها ظروف شخصية خاصة، لكنها…”
“هل هي طيبة؟”
“نعم، نوعًا ما.”
وأنا أوافقه. لم أستطع سوى تذكّر صورة لي هانا من <قائد من الفئة F في الأكاديمية>، تلك الشخصية الدافئة والمستقيمة دائمًا.
شخص لطيف حقًا، لكن لطفها ذاك كلّفها الكثير، وأدى إلى نقطة ضعف مؤسفة في القصة.
على أي حال، بعد أن حصل المحتال على لي هانا، وبلغ عدد الأعضاء الحد الأدنى لتأسيس النادي، عاد ليصرخ مجددًا بكلمة “مرفوض!” بحماسة لبقية المتقدمين.
وعندما أوشكت عروض الرفض المجنونة على نهايتها، فوجئنا جميعًا بأمر آخر.
هل حقًا تقدّم دمدم بطلب الانضمام…؟ لنادي استكشاف الكنوز، وليس نادي المبارزة؟
“بارك سي وو.”
توقف المحتال للحظة، ثم قال بصوت مذهول:
“مقبول…”
وهكذا، أصبح عدد أعضاء نادي استكشاف كنوز البوابات ستة أشخاص.
وجميعهم (باستثنائي) كانوا من أبرز الشخصيات المشهورة في دفعتنا.
ما هذا على وجه الأرض؟
لا، أنا جادّةً، ما هذا الوضع؟
التعليقات لهذا الفصل " 26"