2. كيفية إدارة العلاقات (١٣)
رغم أن قلبي كان مضطربًا للغاية، إلا أنني على الأقل لم أظهر شيئًا من ذلك على وجهي، على ما يبدو.
المحتال لم يلاحظ شيئًا، وكان منهمكًا في التركيز على الحصة.
ربما لأنه مهووس بلعبة الرواية الأصلية، كان المحتال دائمًا ما يغرق في الحماس أثناء الدروس النظرية.
أما أنا، فلم أكن في مزاج يسمح لي بتفقّد نظام الميتا مجددًا، فحاولت عبثًا التركيز على الدرس.
بينما كان الأستاذ يكتب شيئًا على السبورة، توقّف فجأة وطرق السبورة قائلاً:
“هكذا توقفت عملية استكشاف برج الرغبة، وانقطع التواصل معه. ثم بعد عدة عقود، ظهرت أول بوابة بارزة عند مدخل البرج.”
كان هذا درس “تاريخ الصيّادين” الذي يتناول سبب تحوّل العالم إلى حاله الراهن.
وهو أوّل ما يتعلّمه الجميع في مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي، باعتباره مادة إجبارية.
ربما لهذا السبب كان باقي الطلاب يغطّون في النوم. فقد سمعوه مئات المرات.
لكنّك، أيها المحتال، لا تزال تحدق بعينيك اللامعتين رغم معرفتك بكل شيء مسبقًا. لا عجب أنك البطل.
على أي حال، إليكم ملخص القصة:
منذ زمن بعيد، ظهرت أبراج غريبة فجأة في عواصم جميع دول العالم.
وفي الوقت نفسه، بدأ أشخاص يمتلكون قوى غريبة يُعرفون باسم “المستيقظين” في الظهور.
واعتقدت الدول أن لظهور الأبراج علاقة بظهور المستيقظين.
وبما أنه لم يكن بالإمكان السماح لبناء غامض بالبقاء وسط العاصمة، حاولت الجيوش دخول البرج،
لكن الأبواب كانت مغلقة بإحكام.
ورغم كل المحاولات، لم يُفلح أحد في كسرها.
إلى أن تمكّن أحد المستيقظين، وكان ضمن الجيش آنذاك، من فتح الباب بيده.
عندها أدركت كوريا أن الباب لا يُفتح إلا بواسطة المستيقظين، فأرسلت وحدة خاصة مكوّنة منهم إلى داخل البرج.
وسرعان ما اتخذت الدول الأخرى نفس الخطوة.
ثم ظهرت الحقيقة الصادمة:
رغم أن الأبراج ظهرت في كل دولة، فإنها في الواقع برج واحد متصل، بطريقة غير مفهومة.
عندها، اقترحت شركات التجارة العالمية الكبرى تحويل الطابق الأول إلى مركز توزيع عالمي للبضائع، ووافقت الحكومات تحت ضغط جماعات الضغط.
ومع سير الخطة بسلاسة، تحوّل الطابق الأول إلى مدينة تجارية مستقرة.
ثم تم اكتشاف طريقة للصعود إلى الطوابق العليا.
وكانت كوريا أول من تجرّأ على استكشاف الطابق الثاني،
وحصلت على مكافآت ضخمة من الموارد،
فدخلت بذلك ما يُعرف بـ”العصر الذهبي الثاني”.
لكن عندما رأت الدول الأخرى تلك المكافآت، جُن جنونها.
ونشبت صراعات على النفوذ، ثم أُسّست فرقة الاستكشاف الدولية “المنقذ”.
قائد “المنقذ” المغامر الأسطوري “بارك شي يون”،
وخلّد العديد من البطولات خلال صعوده في البرج.
كلما صعدوا أكثر، زادت الكنوز التي يُسفر عنها البرج.
كانت هناك وحوش، نعم، لكن لم تكن عائقًا حقيقيًا.
فالمهووسون بالجشع صعدوا الطابق تلو الآخر دون توقف.
بل إن الوحوش اختفت تمامًا في الطوابق حتى الطابق 111،
فبدأ البعض في التوطّن هناك.
ثم جاء الطابق 333.
وهناك، واجه البشر “الأجناس الأخرى” للمرة الأولى.
عند اللقاء الأول، وصفهم البشر بأنهم “وحوش ناطقة”.
في البداية، تعاملت فرقة الاستكشاف معهم بشكل مؤقت وشخصي فقط لإنهاء المهمات.
لكن مع الوقت، اكتشفوا أن لهذه الأجناس مجتمعات متقدمة ومنظمة.
وفي النهاية، طالبت “الأجناس الأخرى” بإقامة تعاون رسمي كجماعات لا كأفراد.
وبعد نقاشات طويلة، تم التوصل إلى نظام تعاوني مشترك.
وبدأ “الأجناس الأخرى” بالخروج من البرج والتفاعل مع البشر.
لكن، بسبب اختلافهم في المظهر، واجهوا تمييزًا شديدًا.
وصدرَت قوانين عديدة لكبح قدراتهم.
وازداد تذمّرهم، لكنهم لم يستطيعوا التخلي عن البشر،
إذ كان البشر لا يزالون ضروريين في قتال الوحوش.
وهكذا، وسط هذا التوازن الهش، وصلت عملية الاستكشاف إلى الطابق 666.
وهناك، كُشف بعض من أسرار عمل البرج على يد “الثعلب ذو الذيول الستة”.
وتبيّن أن البرج يعمل بطاقة رغبات البشر.
طالما توجد الرغبات، فإن البرج لن تكون له نهاية.
ومعنى ذلك أن الوحوش التي تنشأ داخل البرج، وتصل أحيانًا إلى مناطق سكن “الأجناس الأخرى”، ستستمر في الظهور بلا انقطاع.
رغم أن “الأجناس الأخرى” كانت أصلاً تُصنّف على أنها وحوش، فإنها تمتلك ذكاءً.
لكنها تعرّضت لعداء متكرر من الوحوش الأخرى لمجرد قابليتها للتحالف مع البشر.
وفي نهاية المطاف، طالبوا بذلك بوضوح:
“توقفوا عن استكشاف البرج!”
“توقفوا عن زيادة عدد الوحوش!”
الرغبة البشرية اصطدمت بمطالبهم.
واندلعت الحرب.
كان من بين البشر من وقف إلى جانب “الأجناس الأخرى”،
ومنهم من وقف ضدهم.
وبالمثل، انقسمت الأجناس الأخرى أيضًا.
لم تنتهِ المواجهة.
ومع قلة أعدادهم، لجأت الأجناس الأخرى إلى أساليب حرب العصابات،
بينما حاول البشر مواصلة استكشاف البرج.
لكنهم توصّلوا إلى نتيجة:
خسائرهم من الإرهاب الذي تنفّذه “الأجناس الأخرى” تفوق بكثير مكاسب الاستكشاف.
وفي النهاية، أغلق البشر البرج.
ثم، بعد أن عادت الحياة إلى هدوئها لعدة عقود،
بدأت “البوابات البارزة” تظهر مجددًا حول البرج.
وهذا هو الإعداد الأساسي للعبة التي تدور في هذه الرواية.
سابقًا، كانت كل دولة تطلق على البرج اسمًا مختلفًا:
برج بابل، برج الملوك… إلخ.
لكن بعد حادثة الطابق 666، توحّد الاسم عالميًا.
برج الرغبة. هذا هو الاسم الحالي للبرج.
والآن، نحن في زمن ندرّب فيه “الصيادين” فقط من أجل تنظيف الفوضى التي خلّفها الجيل السابق.
والمؤسف أن هذه “البوابات البارزة” بدأت تظهر تدريجيًا في مناطق أبعد عن البرج،
حتى توسّعت “المناطق الخطرة” الحالية بشكل ملحوظ.
تنقسم مناطق سكن البشر حاليًا إلى ثلاث مناطق تتمحور حول البرج.
المنطقة الخطرة، وهي التي ظهرت فيها بوابة بارزة في السابق.
المنطقة المتوسطة، وهي التي يُحتمل أن تظهر فيها بوابة بارزة.
وأخيرًا، المنطقة الآمنة، وهي التي يُعتقد أن احتمال ظهور بوابة بارزة فيها هو الأدنى.
أما البوابات الثابتة، فهي تظهر بشكل متفرق حسب المنطقة، لكنها لا تمثل مشكلة. فمهما كان، لا تخرج الوحوش منها.
أكاديمية الحماة مبنية في المنطقة الآمنة. لذا، عندما وقع الحادث أثناء الامتحانات النصفية، سادت الفوضى.
أظن أن ما يسميه المحتال بـ”فيضان الكارثة” هو نسخة موسّعة من حادثة الامتحانات النصفية.
وإن كان فيضان الكارثة سيحدث بالفعل، فحتى لو نقلتُ الميتم إلى مكان أكثر أمانًا، فلا يوجد ضمان بأنه سيكون في مأمن.
لذا، لا بد من إيجاد طريقة لحماية من في الميتم حتى وقوع فيضان الكارثة.
وإن لزم الأمر، كنت مستعدة للتفاوض مجددًا مع “ميزان الظلام”. فما زال هناك بعض الأمور التي يمكنني التفاوض بشأنها معها.
وحتى لو لم يتبقَ ما يمكنني تقديمه، فسأدفع بحياتي على الأقل. فهي تبدو كمن يقيّمني بثمنٍ عالٍ.
على أي حال، سواء كان من أجل إيجاد خيار آخر، أو من أجل احتمال عقد صفقة معها، عليَّ أن أرفع من قيمتي أكثر.
فتحت الكتاب المدرسي، على الجانب بخفة رُحتُ أرسم المعلمة والأطفال وأنا أبتسم.
تشجعي.
في رواية قائد من الفئة F في الأكاديمية، تستمر الأحداث اليومية البسيطة مثل الانضمام للأندية والاستعداد للامتحانات حتى موعد الامتحانات النصفية.
ومن خلال هذه الحلقات اليومية، عليَّ أن أبني مواقف متبادلة بيني وبين المحتال (بشخصية أشعة الشمس) كي أكسب تعاطف القراء.
وبما أننا في نفس الصف، فأنا أقضي وقتًا طويلًا بجوار المحتال، لذا يمكنني جمع نقاط كافية.
لا بأس، ما زلت أستطيع التعويض.
قضيتُ بقية الوقت في محاولة إعادة مزاجي إلى حالته الطبيعية قدر الإمكان.
مرّ الوقت، وحلّ وقت ما بعد الدوام. تجمع أعضاء مجموعة التدريب المعتادة الذين أصبحتُ معتادة عليهم.
للأسف، لم تظهر تشوي سوجونغ. لا عجب، فقد تعرضت لكل ذلك من المحتال.
حاولتُ أن أبدو طبيعية قدر الإمكان وأنا أوقف الشجار بين المحتال ونا يوري، مبتسمة كالمعتاد.
أما دمدم، فكما هو معتاد، ظل يراقب الموقف بصمت دون تدخل.
كان يلتفت نحوي أحيانًا وكأنه يريد قول شيء ثم يتراجع، ولم أستطع معرفة السبب.
هل يريد أن يقول شيئًا مثل: “أنت تضيعين وقتكِ بين هذين الاثنين”؟
مرّ التدريب دون أي مشكلة.
ومع زيادة كمية المانا لدي، تمكنتُ من تنفيذ التعاون مع نا يوري لفترة أطول، ونتيجة لذلك استطعنا الصمود داخل البوابة أكثر مما كنا نقدر عليه حين كانت تشوي سوجونغ معنا.
فرحت نا يوري وقالت إنني إن واصلت النمو بهذا الشكل فسأصبح صائدة مشهورة.
وهذا ما يُفترض أن يحدث مستقبلًا، لكن في حالتي الحالية، كان ذلك تقييمًا مبالغًا فيه. نا يوري كانت دومًا كريمة جدًا معي.
بفضل ذلك، مضى التدريب بسلاسة. وعندما نفدت المانا من جميع الأعضاء، اتفقنا على أخذ استراحة قصيرة.
“سأذهب لأشتري مشروبات!”
قلتُ ذلك مغادرةً المكان لأشتري مشروبات للجميع.
لطالما حافظت على صورتي كفتاة مشرقة تحت شعار “شمس مشرقة”، لكن اليوم، لا أعلم لماذا أشعر بإرهاق أكبر من المعتاد.
وقفتُ أمام آلة البيع، أحاول اختيار مشروبات حسب أذواق الآخرين، شاردة الذهن.
وبينما كنت جاثية لألتقط مشروبات لأربعة أشخاص، ألقي ظلُّ أحدهم على جسدي.
“كانغ ناهيون.”
كان دمدم.
“هل يمكننا التحدث قليلًا؟”
التعليقات لهذا الفصل " 23"