“لا! الأمر مشابه لكنه مختلف! آه! لقد جاء في وقته! اجلس هنا!”
“مرحبًا.”
جلس في المقعد الفارغ رجل مألوف الوجه.
“بارك سي وو؟”
“مرحبًا. آسف لإزعاجكِ في فترة الراحة.”
عيناه الهادئتان كحجر كريم أزرق أظهرتا أسفًا وهو ينظر إلي.
“لا بأس… في هذه الفترة لا يوجد الكثير مما أفعله.”
صعود البرج يستغرق وقتًا أطول مقارنةً بغزو البوابات سابقا.
خصوصًا لمن يستمر مثلنا في تحدي الطوابق الجديدة.
لذلك نخصّص فترات راحة طويلة من أجل الاستعداد الجيد.
أما أنا، فالراحة عندي تعني البقاء مع العائلة أو لقاء الأصدقاء والزملاء أحيانًا فقط.
“لكن، ما الذي جاء بكَ أيضًا…؟”
“سمعتِ عن مشروع الأرشيف، أليس كذلك؟”
“نعم. أخبرتني به السيدة إغدراسيل للتو.”
“لقد عُيّنت سفيرًا لهذا المشروع.”
“سفيرًا؟”
“نعم. مع أنه شرف يفوق قدري.”
“لا، بل يليق بك تمامًا!”
كنتُ أعني ذلك بصدق. فهو من ورث مكانة البطل، وشاهد حيّ على التاريخ الممتد من البطلة السابقة.
بصفته رمزًا للتاريخ الحديث المتشابك مع البرج، لن يجدوا اختيارًا أنسب.
“وماذا عنكِ يا سيدة إغدراسيل؟”
“أما أنا، فسأتولى عملًا آخر. لديّ من المهام الكثير فلا أستطيع التفرغ!”
ضحكت إغدراسيل ضحكة عالية وهي تقول إن مجرد إعطاء النصائح يشغلها كثيرًا.
بالفعل، هي ليست شاهدًا حيًا فحسب، بل تاريخ حيّ، فلا بد أن الجميع يثقل عليها.
“لذلك يا ناهيون، أريدكِ أن تتولي أيضًا منصب السفيرة!”
“أ-أنا؟”
لم أتوقع أن يكون اقتراحها هذا بالذات.
“نعم! ألم تكوني أنت من أنقذ العالم مؤخرًا من خطر الفناء؟ قلّما يوجد شخص أنسب!”
“أنا…؟”
بدا الأمر غير واقعي حتى أني سألت نفسي. اقتراح لم يخطر ببالي قط، فأثار دهشتي.
كنتُ مندهشة، ومحرجة في الوقت نفسه، فلم أجد جوابًا مناسبًا.
“وأنا أرى ذلك أيضًا.”
“حقـًا؟”
“نعم. أنتِ يا ناهيون. يكفي أن تنظري إلى الألقاب التي أُطلقت عليكِ.”
أسند بارك سي وو ذقنه إلى يده وابتسم.
“البطلة التي واجهت الكارثة، صانعة المعجزات، رائدة البرج المغلق، وأيضًا—”
“توقف! توقف! فهمتُ!”
أسرعتُ إلى إطباق يدي على فمه حتى لا يتفوه بالمزيد من تلك الألقاب المخجلة.
“وبعض تلك الألقاب يشاركها معي الآخرون أيضًا.”
“لكنكِ أنتِ الشخصية الرئيسية فيها.”
“… يا له من احراج. ولماذا فقط في مثل هذه المواقف؟”
رغم تذمري الخفيف، ظل بارك سي وو محتفظًا بابتسامة رقيقة.
ينبغي التوقف عن النقاش حول مسألة الأهلية. لو واصلنا، قد يخرج كلام لا داعي له.
“ذلك السفير الترويجي، ما طبيعة عمله بالضبط؟”
على الأقل فلأستمع أولًا.
ابتسمت إغدراسيل وأجابت على سؤالي.
“باستثناء تصوير بعض الإعلانات أحيانًا أو المشاركة في بعض الفعاليات، لن يكون هناك الكثير. الأمر أشبه باستخدام اسم الشخصية للترويج أكثر من تشغيلها فعليًا. يكاد يكون منصبًا فخريًا.”
“انظري أيضًا في عقد الاتفاق.”
ناولني بارك سي وو الأوراق المتعلقة بالعقد.
وبعد أن قرأتها قراءة سريعة، لم تبدُ سيئة.
“لا بأس.”
إذن الأمر مجرد استعارة الاسم لأغراض دعائية؟ أما الإعلانات فيمكن تصويرها خلال فترات الراحة.
حتى المبلغ كان مناسبًا.
“لن يعيق تقدمنا في غزو البرج.”
“بالتأكيد. لو كان سيؤثر على فريق الغزو، لما وافقت من الأصل.”
“طبعًا. لن تكون هناك أي مشكلة.”
إن كان بيننا من يأخذ صعود البرج بأقصى جدية، فهو بارك سي وو.
ولهذا فلن تكون في هذا العقد مشكلة. وحتى لو لم يكن ذلك وحده…
“إذن جيد. سأفعل. هل أوقع هنا؟”
“نعم! بهذا نكون اثنين!”
بما أنني سأقوم بالأمر إلى جانبه، فلن يكون فيه ضرر. فهو لا يمكن أن يضع أمامي ما يسيء إلي.
“شكرًا.”
ابتسم ابتسامة صغيرة وهو يتسلم العقد الموقّع. ومع ذلك الوجه الطيب إلى أبعد حد، ابتسمتُ أنا الأخرى.
“أنا من يفعل ما يساعدك، فلماذا تشكرني؟”
“فقط… على كل شيء.”
“يا لك من… حقًا.”
إنه طيب أكثر من اللازم. شعرت بشيء دافئ ورخو يذوب داخلي.
“مجرد تأكيد، لا توجد لديك هذا الشهر مواعيد بالغة الأهمية، صحيح؟”
“نعم. نحن في فترة راحة… لا شيء مهم حاليًا.”
“إذن، عليكما الذهاب مباشرة إلى ذلك البيت! اذهبا!”
“…البيت؟”
وهكذا تحطّم الجو الدافئ بكلمة إغدراسيل.
“بالطبع! أول مهمة لكما كسفيرين! تصوير وثائقي! والاستعداد للتصوير!”
“وثائقي…؟”
سألتها مذهولة، فأجابت بكل ثقة.
“سيُعاد ترميم منزل البطلة السابقة وتحويله إلى متحف! وسنصوّر هذه العملية في وثائقي. اذهبا واظهرا وجهكما!”
“الآن فورًا؟”
“لا. ليس الآن.”
أوقف بارك سي وو اندفاع الحديث.
“بعد أسبوع ستدخل الكاميرات والطاقم. اليوم فقط سنُخرج بعض الأغراض المهمة، مثل الممتلكات الشخصية أو الأشياء التي لن تُتبرع.”
والآن وقد ذكرت ذلك…
“أليست ملكية المنزل تعود لك، سي وو؟”
كلما تحدّث بارك سي وو عن بيت جدته أو عن الأحداث التي جرت فيه، غرق في ذكرياته.
ويبدو أنه يكن لذلك المكان حنينا كبيرًا.
“وأنت من قررت التبرع به؟”
هل لا بأس بهذا؟
سألته بقلق، فأومأ مؤكدًا.
“أفضل من أن يُترك مهملًا.”
“إهمال…؟”
“لم يكن مُدارًا بشكل جيد.”
“وفيه مواد خطيرة، لذا يصعب على الآخرين إدارته. حقًا… ما الذي كان يخفيه كله بإحكام؟”
تمتمت إغدراسيل بمرارة، قائلة إن تلك المرأة كانت مولعة بالعبث.
وراحت ملامحها تتأمل الذكريات، فلم أجد ما أقوله للحظة.
“…إذن، هل سنُخرج الأشياء الخطرة فقط؟”
“لا. رغم كلام السيدة إغدراسيل، يكفي كسفيرين أن نظهر قليلًا خلال التصوير.”
هزّ بارك سي وو رأسه.
“أما الآن، فلا يتجاوز الأمر التعرف على هيكل البيت قبل التصوير. تنظيف الداخل عملي أنا. لستِ مضطرة للقدوم.”
“وماذا إن ذهبتُ لمساعدتك كصديقة؟”
“لمساعدتي؟”
“نعم. نحن صديقان.”
لا أعرف بالضبط أي علاقة جمعت بينه وبين البطلة السابقة، ولا ما الذكريات التي شاركها معها، لكن كان واضحًا أن التبرع بهذا البيت بمثابة وداع كبير له.
“وما العيب في أن يساعد الصديق صديقه في وداعه؟”
لا أستطيع أن أكون قاسية فأهمل الأمر وكأنه عبء.
“إذن لنفِ بالوعد القديم بزيارة بيت جدتك.”
وقفتُ وأنا أتذمر ساخرًة، مدعية أنه لم يدعُني قط.
فقالت إغدراسيل بدهشة.
“حقًا ستذهبان الآن؟”
“نعم. قلتِ إنه عمل، أليس كذلك؟”
“كنتُ أمزح. لكن إن ساعدتما قليلًا فلن يضر.”
“حتى لو لم يكن بصفتي سفيرة، سأفعل كصديقة. لنذهب.”
الحديد يُطرق وهو ساخن. يجب أن يتم الآن.
مددتُ يدي إليه، فابتسم بارك سي وو وأمسك بها.
“…نعم.”
ابتسامة تناسبه أكثر من أي شيء آخر.
كتمتُ خاطرة طائشة ظهرت فجأة.
…فلنركز على العمل. العمل فقط.
وأنا أشد على يده الكبيرة الدافئة، سرت معه إلى الخارج.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات