19. كيفية مواجهة الكارثة (٧)

 

 

 

ما إن شعرتُ بالخطر حتى حملتُ نا يوهان على ظهري وبدأتُ بالركض بأقصى سرعة.

 

كووونغ—!

 

لم تمضِ لحظات حتى تحوّل المكان الذي كنا فيه إلى خراب تام.

 

دوي—! دووونغ—! دوي—!

 

الضربات التي لا تتوقف، وكأنها تهدف إلى محو كل أثر، جعلتني أتنهد بامتعاض.

 

“ذلك الشيء…!”

 

“إنه في المنطقة التي يوجد فيها القادة!”

 

صرخ الطلبة القريبون بذهول.

“لا بأس! حافظوا قدر الإمكان على مواقعكم الأصلية!”

 

إذا أُصيب القائد، فإن المعسكر سينهار مباشرة في حالة من الفوضى.

 

سارع نا يوهان إلى فتح الاتصال اللاسلكي وتهدئة الطلاب المسؤول عنهم.

 

ثم نظر نحو ‘أذرع العشرة آلاف’.

 

وحين فعّلت بصيرتي بعيدة المدى، رأيت أن أوضاع الكتائب الأول والثاني في المقدمة كانت في فوضى عارمة كذلك.

 

بما أن الحال وصلت إلى هذا الحد، لم يتبقَ من أمل إلا تدمير نواة “أذرع العشرة آلاف”.

 

“هل ترى النواة؟”

 

“…ليس بوضوح. لرؤية شاملة، أحتاج إلى مراقبة من الجو.”

 

“ماذا عن استخدام مهارة مشاركة الرؤية؟ رؤية الأمور من خلال أعين أشخاص متعدّدين…”

 

لكن نا يوهان هز رأسه.

 

“لن يكون ذلك كافيًا. لو كانت النواة خارجية، لتم اكتشافها بالفعل.”

 

وبعد أن بدا وكأنه فكّر في شيء، قال.

 

“رغم أنه خطر… لا مفر. عليّ الاقتراب منها واستخدام بصيرتي.”

 

“…هل ستكون بخير؟”

 

ضحك نا يوهان رغم ارتجافه الواضح.

 

“لستُ بخير.”

 

كان خائفًا، بلا شك.

 

ومع ذلك،

 

“لكن لا خيار. يجب عليّ القيام بهذا.”

 

كان مستعدًا للمخاطرة بنفسه من أجل الجميع.

 

“ناهيون، أحضري تشوي سوجونغ الموجودة في القطاع D-10، وساعدي الفرق الأخرى أثناء عودتك.”

 

“…حسنًا.”

 

“حسنًا. سأقوم بتسليم القيادة مؤقتًا، ثم أحاول السيطرة على الوضع.”

 

ثبت نا يوهان رايته بقوة، وابتسم.

 

“سأكون بخير. لذا، اذهبي.”

 

تحت حاجز قد ينهار في أي لحظة، وبين حراسٍ لا يقارنون حتى بضعف قوته، كان هو لا يزال يبتسم.

 

“سأعود قريبًا.”

 

زممتُ شفتيّ وانطلقتُ جريًا.

 

أعدتُ بندقية القنص إلى مخزوني، وأخرجتُ المسدسين التوأمين.

 

كما قال، أطلقت النار على الوحوش المتساقطة من فوق الحاجز.

 

وبينما أركض وأطلق، لمحت تشوي سوجونغ من بعيد، وهي تكنس الوحوش دفعة واحدة.

 

“تشوي سوجونغ!”

 

“نعم، سمعت كل شيء. هيا بنا!”

 

وفقًا لتعليمات نا يوهان، توجهنا مباشرة لترميم الفجوة في القطاع الغربي من الكتيبة الثالثة.

 

ورغم القلق والاضطراب، إلا أنني كتمت مشاعري.

 

يبدو أن “أذرع العشرة آلاف” رأت أن القضاء على الفوج الأول أولوية، فتوقفت عن مهاجمة الفوج الثالث مؤقتًا.

 

استغللنا تلك الثغرة، وأعدنا تشكيل الحاجز بسرعة، ثم توجهنا مباشرة إلى نا يوهان.

 

“لقد عدنا!”

 

“سمعتِ التعليمات، أليس كذلك؟”

 

ناول نا يوهان جهاز الاتصال إلى شين باران وقال.

 

“سوف أقترب الآن من ’أذرع العشرة آلاف‘، لذا أرجو أن تبعدوا أي عائق عن مجال رؤيتي حتى أتمكن من رؤيتها كاملة.”

 

“تم، اتركها لي!”

 

انضممت إلى نا يوهان مع تشوي سوجونغ.

 

رياح تشوي سوجونغ بدأت برفعنا إلى الأعلى تدريجيًا.

 

وما إن ارتفعنا بما يكفي لتجاوز نطاق الهجوم الجوي، حتى بدأ سيل من الأذرع ينهال علينا وكأنهم كانوا بانتظارنا.

 

“واااه! ما الذي يحدث؟!”

 

“لا أعلم، الساعة 11، ذراع غوريلا، نواة مرئية!”

 

كان نا يوهان يتصبب عرقًا، لكنه حافظ على هدوئه.

 

انطلقت تشوي سوجونغ بحركتها الماهرة، وفي كل مرة كانت تقترب، كنت أقوم بتدمير نواة كل ذراع أتمكن من رؤيتها.

 

لكن حتى بعد تحطيم الذراع، كانت ذراع جديدة تنمو من المركز مجددًا.

 

قطّب نا يوهان حاجبيه.

 

“يبدو أن علينا ضرب نواة الجسد الأساسي.”

“مفهوم.”

 

أشار بيده لـتشوي سوجونغ، فانطلقنا عبر مقاومة أذرع العشرة آلاف المتزايدة في عنفها، نحو البرج – أي، نحو الجسد الأساسي للوحش.

 

“اللعنة، حتى باستخدام بصيرتي لا أستطيع التمييز. كل ذراع تبدو كأنها منفصلة تمامًا!”

 

“لماذا؟”

 

“العدد كبير جدًا. الجسد المركزي يبدو وكأنه مجرد مادة لاصقة بين الأذرع، التي تتشابك لدرجة تمنعني من رؤية ما وراءها.”

 

عبس نا يوهان، وكنت أشاركه ذلك الشعور.

 

“إذًا لا مفر من العمل اليدوي!”

 

“…أكره هذا النوع من المهام، حقًا!”

 

“ستُكافأين على مجهودك، أعدكِ بذلك، سينباي.”

 

طااانغ—!

 

مرة أخرى، اخترقت رصاصتي نواة إحدى الأرجل التي كانت تهوي باتجاهنا.

 

ومن تلك اللحظة، بدأت الأرجل الواحدة تلو الأخرى تستهدفنا بجنون، وكأنها رأت فينا قتَلة والديها.

 

وإن كانت تلك الهجمات قد قللت من الضرر في الأسفل،

فنحن…

 

“يا إلهي، الوضع لا يُطاق!”

 

صرخت تشوي سوجونغ وهي تناور بجنون.

 

كنتُ أشعر بالغثيان من حركتها السريعة، ويبدو أن نا يوهان هو الآخر كان بالكاد يمسك نفسه من التقيؤ، ومع ذلك، واصلنا مراقبة “أذرع العشرة آلاف”، مرارًا وتكرارًا.

 

وفي تلك اللحظة، فتح نا يوهان عينيه على اتساعهما.

 

“وجدته!”

 

استجبنا على الفور.

 

“ماذا؟!”

 

“حقًا— آه! توقفوا عن الهجوم!”

 

“ذلك الاتجاه!”

 

لم تجد تشوي سوجونغ فرصة للفرح، بل تفادت هجمات الأذرع وبدأت تتحرك بنا باتجاه ما أشار إليه نا يوهان.

 

رغم دورانها السريع في الهواء، تحدث نا يوهان بجدية.

 

“لكن الأذرع العديدة تُغطي النواة بإحكام، لذا نحتاج إلى أن تستخرج ناهيون كل قوتها من الطلقة السحرية.”

 

“…مفهوم.”

 

“مهلاً، زميلتي… هذا يعني أنه يجب علينا أن نتحرك باتجاه محدد أو أن نبقى ثابتين على الأقل، أليس كذلك؟ آااه!”

 

قاطعتها تشوي سوجونغ وقد بدت عليها علامات الإنهاك من حمل اثنين في الجو باستمرار.

 

“نعم. لذا أرجو منكِ، سوجونغ سينباي، أن تُبقيَنا ثابتين في الهواء، أما الدفاع فأتولاه أنا عبر نشر حاجز باستخدام مهارتي.”

 

وافقت تشوي سوجونغ نا يوهان بهز رأسها.

 

“هل ستكونين بخير؟ كما ترين، كلما اقتربنا من المركز اشتدت الهجمات. لستُ واثقا إن كان الحاجز سيصمد…”

 

“…لكن لا خيار أمامنا إذا أردنا منع الأذرع من الاستمرار في التكاثر.”

 

استمعت إلى كلامهما بصمت، ثم أومأت برأسي.

 

“فلنحاول.”

 

“لا خيار آخر.”

 

تنهدت تشوي سوجونغ بعمق.

 

ومع كل ما تقوله، إلا أنها دومًا تتبع خطتنا.

 

هاجت الرياح من حولنا.

 

وكأن الأذرع أدركت نوايانا، فاندفعت تهاجمنا بوحشية.

تحركنا بصعوبة، متفادين السقوط بصعوبة بالغة.

 

وأخيرًا، بلغنا الموقع الذي أشار إليه نا يوهان.

 

“هل هذا هو المكان؟”

 

“نعم!”

 

أطلق نا يوهان مهارة الراية مباشرة.

 

“تفعيل المهارة: الجدار الأخير!”

 

رأيت رايته ترفرف تحت تأثير الرياح، ثم ثبتُّ بصري نحو الاتجاه الذي أشار إليه.

 

ثبتتنا تشوي سوجونغ بقوة، عالمةً بارتداد طلقة السحر.

 

“كيييينغ—”

 

شعرت كما لو أنني أسمع صوتًا يوحي بتجمع الطاقة السحرية.

 

أدركت الأذرع الخطر، فبدأت تضرب الحاجز.

 

بووم! كوااانغ! بووم!

 

كرااك!

 

صوت مرعب…

 

صوت تشقق الحاجز.

 

ورغم ذلك، كان تركيزي كله منصبًا على النقطة أمامي.

 

وسط التوتر، أخذت نَفَسًا عميقًا أخيرًا.

 

طااانغ!

 

أُطلقت الرصاصة السحرية، تشق طريقها عبر اللحم السميك.

 

“…أُصيب الهدف.”

كراااك!

 

كواددوكدوك—!

 

وتبع ذلك صوت تحطم شيء ما.

 

انهار الحاجز والنواة معًا، وتحطما في الوقت نفسه.

 

“اللعنة… لم يصمد الحاجز كما توقعت!”

 

اهتز جسدي بعنف.

 

وبدأنا في السقوط.

 

كأن الأذرع أرادت تنفيذ آخر محاولة، فاندفعت نحوي.

 

حاولت تشوي سوجونغ إحداث رياح جديدة على عجل، لكنها لم تتمكن سوى من الإمساك بنا يوهان.

 

أما أنا، فاندفعت بعيدًا أكثر مما توقعت بفعل الارتداد.

في طرف بصري، رأيت تشوي سوجونغ تنقل نا يوهان إلى مكان أكثر أمانًا.

 

اطمأننت.

 

لكنني أنا… كنت أسقط بلا حول.

 

وها هي أذرع حادة كالخناجر تتجه نحوي بسرعة لا تُمنحني وقتًا للرد.

 

أغمضت عيني بإحكام.

 

“—هروب طارئ!”

 

سمعت صوت نا يوهان يأتي من بعيد.

 

فووووووش—

 

ثم سُمِع صوت شيء يخترق جسدًا حيًّا…