“حقاً، لم يكن الأمر بذلك السوء… حينها، فقط ما كتمته في صدري انفجر فجأة.”
“انفجر؟ ألا يكفي ذلك ليكون أمرًا جللًا؟”
“أترين ذلك كذلك؟”
“أمم… فقط أسأل، هل هو موضوع حساس؟”
“قليلاً، ربما؟”
حين رأى ملامحي الجادة عند سماعه، انفجر ضاحكًا مجددًا، ثم أردف.
“لكن، رغم ذلك… ليس بالأمر الذي لا يمكنني الحديث عنه. لذا، سأخبركِ.”
“أوه، أشكرك.”
ابتسم بهدوء، ثم عدّل نبرة صوته وبدأ بالكلام ببطء..
“أنا، كنت من أولئك الذين يعتمدون على الجهد.”
***
شخص مجتهد… بذل أقصى ما بوسعه.
رغم أن وصف نفسه بذلك جعله يشعر بشيء من الحرج، إلا أن الواقع أنه كان حقًا كذلك.
شين هايون، بصفته من أبناء الأعراق المختلطة، كان عليه أن يبذل جهودًا مضاعفة ليواجه ما تفرضه تلك المخاطرة، وقد فعل.
“هايون سينباي!”
“هايون!”
لقد تجاوز كونه عاديًا، وأصبح استثنائيًا، حتى جذب أنظار الكثيرين.
بالنسبة للبعض، كان هذا مزعجًا، خاصة أولئك الذين يفضلون البقاء في منطقة الراحة والاعتياد.
أما هو، فقد كان يطمح إلى التميز، وكان جشعًا في سعيه إليه، لذا احتفى بذلك الاهتمام.
كان صادقًا.
في البداية، رفضه طلاب الأكاديمية، ونظروا إليه بازدراء، لكنه اكتسب ودّهم بفضل قدراته اللافتة.
ورغم تغير الجو العام، بقي بعض من أبدوا تمييزًا ضده، ومع ذلك… حاول شين هايون أن يتعامل معهم بلطف أيضًا.
ومع الوقت، ومع هذه المعاملة، حتى أولئك الذين لم يرغبوا بأن يُنعتوا بالسيئين، بدأوا يفتحون قلوبهم له.
“… مع ذلك، لا أرتاح لذلك السينباي.”
“كيف تقول شيئًا كهذا؟!”
كان الجو العام ودودًا.
زميل أكبر طيب، زميل أصغر طيب، وزميل دراسة طيب.
في حضن الأكاديمية الدافئ، استطاع شين هايون، بصفته نصف إلف، أن يكون استثنائيًا.
“لمن صوّتَّ؟”
“هايون سينباي، طبعًا!”
“أليس من الطبيعي أن يكون هايون-سينباي الرئيس القادم لمجلس الطلبة؟”
شعر بالغربة حين خسر في انتخابات مجلس الطلبة.
الجميع كان يظن أن شين هايون سيصبح أول رئيس لمجلس الطلبة من الأعراق المختلطة. الجميع أكد أنهم صوّتوا له.
لكن الأصوات لم تعكس ذلك.
لقد كانت معركة متقاربة.
المرشح البشري، الذي اعتمد فقط على نسبه العائلي، كاد أن يتعادل مع هايون الذي كان متفوقًا في كل شيء.
وفي النهاية، فاز الإنسان بفارق ضئيل.
“كيف يمكن لشيء كهذا أن يحدث؟!”
“لا يُعقل!”
حينها، انفجرت شين بارِن بالبكاء، وكانت أكثر غضبًا من شين هايون نفسه.
كانت صريحة، تؤمن بالكفاءة قبل كل شيء.
لذلك، عاملته بإنصاف.
بل واحترمته بصدق لكونه مجتهدًا ومتفوقًا.
لكن، هل كان الجميع مثل شين بارِن؟
شين هايون بدأ يشك في وجود شيء خلف الستار… شيء خفي تحت غطاء من “الأخلاق” و”اللباقة”.
ومع ذلك، الطفل الذي نشأ في حضن الأكاديمية ظل يبتسم.
“لا بأس.”
واسى زميلته الصغيرة.
لن يُكشف هذا الستار إلا بمثل هذه المواقف.
لذا، لا بأس.
كانت تلك أيام ساذجة… أيام الجهل الطفولي.
لكن بعد تخرجه من الأكاديمية، بدأ شين هايون يواجه أولئك الذين نزعوا الأقنعة.
في ساحات المعارك التي تفصل الحياة عن الموت، كان الناس يخلعون قناع “اللباقة” بسهولة أكثر مما ظن.
“كيف نثق في هجين! ألن يخذلنا ويهرب إذا اشتدّ الخطر؟!”
اعتاد أن يسمع مثل هذه الكلمات في كل موقف خطر.
واعتاد أيضًا أن يرد بهدوء.
“أنا لست شخصًا همجيًا، كما تظن.”
“هاه، أنت حتى لست إنسانًا كاملًا!”
“……”
تأخر كثيرًا حتى أدرك أنه ثمّة أمور لا تتغير، مهما بذل من جهد.
لكن، رغم هذه الحقيقة، واصل السعي.
حتى حين يُعيّن زميل أقل منه كفاءة في منصب أعلى، فقط لأنه “بشري”، لم يكن يُظهر استياءه.
لكنه في بعض الأحيان…
“ما الذي تفعله؟!”
“آه… آسف.”
…يشعر وكأن مشاعره تتدفق، كما الماء في كوب ممتلئ.
حدث ذات مرة أنه كان يتحكم في كمية كبيرة من الماء، لكن خطأ ما جعله يُسقطها على أحدهم، فغرق بالكامل.
ذلك الشخص كان قائد الوحدة.
“هذا ما كنت أخشاه من أنصاف الأعراق…”
لم ينسَ تلك النظرات، ولا تلك الكلمات…
التي كثيرًا ما تلقاها من أمثاله ممن يلقبونه بـ”شبه الإنسان”.
لو كان في الأكاديمية، لما تردد شين هايون في الإشارة بصراحة إلى تصريحات قائده التمييزية.
لكن الآن، لم يكن الأمر ممكنًا بالنسبة له.
فهو مجرد فتى صغير ذو مهارة عالية، بلا أي خلفية أو دعم.
“الوافد الجديد سيصل اليوم! تعاملوا معه جيدًا!”
“نعم!”
كان يرغب في الترقّي، وهذه كانت الفرصة التي انتظرها طويلاً.
فلْيصبر.
لسنوات وهو يردّد العبارة نفسها وهو في المكان نفسه، وقد صبر كثيرًا.
بعد عدة أشهر، سمع بأن وحدته ستُضم رسميًا إلى الحصن.
لم يعد الأمر مجرّد عقد فرعي مع النقابة، بل توظيف مباشر ضمن إدارة حصن.
كان ذلك بمثابة انتقالٍ إلى وظيفة حكومية طالما حلم بها.
“أوه؟ شين هايون؟ أحسنت!”
لقد كان ذلك بفضل جهوده.
ولم يمر وقت طويل، حتى…
“هايون سينباي!”
انضمّت شين بارِن إلى وحدته.
رغم تخرجه من الأكاديمية قبلها، إلا أنهما بقيا على تواصل من حين إلى آخر.
ولأجل اللحاق بذلك السينباي الذي لطالما احترمته، اختارت بإرادتها الانضمام إلى هذه الوحدة غير البارزة.
كانت تحمل على صدرها ختمًا يُشير إلى أنها من إحدى الوحدات التابعة للحصن مباشرة.
“ماذا؟ أنت تعرف حتى فتاة من عائلة مرموقة كهذه؟”
“أجل… نوعًا ما.”
كانت هذه الوحدة تحديدًا أول وحدة تقدّم لها شين هايون بعد التخرج.
…لكن، بطريقة ما، رُفض طلبه في مرحلة التقديم الكتابي، رغم قبول جميع أصدقائه من البشر.
بسبب ذلك، اضطر إلى العودة، ورغم شعوره بالغبن، إلا أنه حاول أن يتفهم.
فالعالم غير عادل، وبه جوانب ملتوية.
لكنه أقنع نفسه: “بالمثابرة، يمكن التغلب على ذلك.”
أو، ربما…
“…أجل.”
هل أقنع نفسه فعلاً؟
كان صوت سائلٍ ثقيلٍ يتساقط في كوب ممتلئ يرنّ في داخله.
“يا رجل، هذا رائع! بما أننا معًا، فلنذهب في مهمة صيد!”
“…إلى الجبهة؟ لكن منطقتنا المحددة هي—”
“كثرة الكلام لا تفيد!”
أراد قائد الوحدة، لكسب ودّ شين بارِن، تلك الفتاة من العائلة المرموقة، أن يأخذها لمهمة صيد في منطقة خطرة.
فربما، بما أن عائلتها تدير نقابة مشهورة، ينال ترشيحًا للانضمام إليها.
ففي النهاية، وظيفة صياد من الصفوف العليا ضمن نقابة جيدة تدرّ مالًا أكثر من وظيفة حكومية في موقع غير واضح.
لكن…
شين هايون حرّك حاجبيه قليلًا.
“…فلتكن حذرًا.”
بحسب معرفته، لم يكن القائد يمتلك من المهارة ما يؤهله للانضمام إلى نقابة مرموقة.
ومع انقباض في صدره، مضى معهم نحو المنطقة الخطرة.
“وقتها أنا من ظهر فجأة وأنقذ الجميع، أليس كذلك؟!”
“حقًا؟”
“كما ترى، علاقتنا متينة. نتكامل ونتعاون—”
كان شين هايون يتنهد داخليًا، وهو ينظر إلى القائد الذي يُثرثر بجانب شين بارِن.
في الحقيقة، أفراد وحدة القائد كانوا يفتقرون إلى الكفاءة، وكان يُعتمد على الموهوبين الذين جندهم من خلال علاقاته العائلية.
لكن أولئك الموهوبين انسحبوا جميعًا قائلين: “لا يمكننا العمل هنا.”
ولم يتبقَّ سوى شين هايون.
“يا رجل… ألا تُفتح بوابة أو شيء؟”
“انتقِ ألفاظك.”
“دعابة فحسب، دعابة!”
سواء علم بذلك أم لم يعلم، كان القائد يتفاخر وهو يستعرض عضلاته، وكأنه بحاجة إلى ساحة يثبت فيها بطولته، رغم أنهم يتعمدون التوجه نحو المناطق التي أُغلقت بواباتها بالفعل.
وفي كل مرة يظهر فيها وحش تائه، كان يهدر المهارات بلا طائل.
وبالطبع، شين بارِن، ذات العين الحادة، لاحظت أن ثمة أمراً غير طبيعي.
لكن كونها وافدة جديدة، لم تتمكن من الاعتراض.
سأشتري لها طعامًا لاحقًا، فكّر شين هايون.
“بو، بوابة—!”
“بوابة!!”
قبل أن تصيبهم الصدمة، ظهرت بوابة فجأة في تلك المنطقة الخطرة.
تلاقت أعين شين هايون وشين بارِن.
وبشكل غريزي، أخرجا أسلحتهما وقفزا لحماية من يفرّون من الأمام.
كانت المعركة من طرف واحد.
— كيييييع!!
— غغغغغ!!
لحسن الحظ، الوحوش التي خرجت من البوابة الأولى كانت من الدرجة المنخفضة.
وهكذا، انتهت المعركة الأولى بنجاح، رغم أنها أظهرت مدى ضعف القائد ومرافقيه.
لكن المشكلة جاءت مع ظهور البوابة الثانية.
“هل ننسحب؟”
“سنباي، لحظة. هناك بوابة أخرى تُفتح هناك.”
“…ماذا؟”
حتى الآن، لم يستطع شين هايون نسيان تلك العين السوداء ذات البؤبؤ الأصفر، التي رآها خلف البوابة.
***
“ن، نصفهم ماتوا! ماذا سنفعل الآن؟!”
“اصمت.”
خرج من البوابة وحش من النوع المخصص للمداهمات ذات التصنيف المرتفع يدعى تنين العظام.
عظامه المعدنية تحيط بنواته وتحميها، وهو كائن غير حي، لا يتوقف عن الهجوم إلا إذا تم تدمير نواته.
عادةً، يتطلب الأمر عدة صيادين محترفين لمواجهته، لكن هذا لم يكن ممكنًا الآن.
شين بارِن فقدت وعيها منذ مدة طويلة، بعد أن استخدمت طاقتها السحرية بشكل مفرط.
أما القائد، فكان يمتلك أداة حماية قوية، لكنها كانت على وشك الوصول إلى حدودها.
“ح، حسنًا!”
في تلك اللحظة…
أولئك الأشخاص الذين كان يظن أنهم كشفوا عن أقنعتهم منذ زمن، تخلوا عن آخر ما تبقّى من إنسانيتهم.
“شين بارِن فاقدة للوعي، صحيح؟ دع جسدها هناك كطُعم، وأنت افتح لنا الطريق! تنين العظام يركّز على هدف واحد فقط!”
“لكنك صياد! من المفترض أن تواجهه لا أن—”
“اصمت، أيها المتوحش! نفّذ الأوامر فقط! ما فائدة مخلوق مثلك إن لم يُستخدم كدرع بشري؟!”
“صحيح!! هيا—”
“…آه.”
كان ذلك في لحظة.
حين استعاد وعيه، كان شين هايون قد أنهى حياة الجميع باستثناء شين بارِن.
“آسف. كان الأمر مقززًا للغاية.”
نظر إلى مستواه الذي ارتفع، وهمس باعتذار لن يصل أبدًا.
لقد ارتكب الفعل الذي لطالما خشي من أن يُتّهم به ذات يوم… وها هو ارتكبه بنفسه.
ابتسم بسخرية.
بشكل غريب… لم يشعر بالذنب.
مستواه الجديد بعد الترقية كان كافيًا لمواجهة تنين العظام.
وهذا كل ما في الأمر.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 187"