17. كيفية التعامل مع الخيانة (١٠)
***
“هل هذا حقًا كل شيء؟”
“نعم، كل شيء فعلًا.”
بدا على الثعلب بعض الاستغراب للحظة، لكنه ما لبث أن اقتادني إلى المخزن دون اعتراض.
وأثناء الطريق، بدأت أشرح لتشوي غارام عن نظام الميتا.
“أوه، تملكين شيئًا كهذا؟ طاقة روحية؟ مذهل حقًا.”
“نظام تبديل النقاط… يمكنني شراء أي شيء باستخدام النقاط.”
كذلك شرحت لميخائيل عن نظام “تحويل النقاط” الخاص بي.
بدت تشوي غارام شديدة الاهتمام بمفهوم “الطاقة الروحية” الجديد بالنسبة لها، وميخائيل أيضًا بدا متفهمًا سبب طلبي لاصطحابي إلى المخزن.
في طريقنا، صادفنا بعض أتباع طائفة البرج الذين أظهروا حماسًا مفرطًا لدى رؤيتي، وهو أمر لا زلت أجده مرهقًا.
“المنقذة!”
“…نعم، أهلاً…”
حين تجنبت نظراتهم المتألقة، سمعت ضحكة مكتومة تصدر من تشوي غارام بجانبي.
…أنا أعلم جيدًا كم أبدو مضحكة الآن، لذا لا حاجة لتأكيد ذلك بتلك الضحكة!
حدّقت بها بشدة في محاولة لإسكاتها، لكنها لم تُعرني أي اهتمام.
أما ميخائيل، فقد ظل يمشي بهدوء وثبات، حتى بلغنا باب مخزن ضخم.
“افتحه.”
قام ميخائيل ببعض التعديلات على جهاز ما، وبدأ باب المخزن يفتح ببطء محدثًا صوت صرير خافت.
بدا المخزن من الداخل هائلًا بحق. كان مليئًا بجميع أنواع الأدوات والمعدات، مصنّفة ومرتبة بعناية على رفوف لا يُرى لها نهاية.
“يا له من حجم…”
تمتمت تشوي غارام بإعجاب.
وقد وافقتها تمامًا، فهذا المكان يشبه مخازن مراكز الشحن العملاقة، كأن لا شيء يعجز عن التواجد فيه.
“إذًا… أعطني أغلى ما عندك أولًا.”
“حسنًا.”
بالنسبة لي، ما يهم هو إن كانت هذه الأدوات ستتحول إلى نقاط أم لا.
ابتسم ميخائيل باختصار أمام طلبي الوقح، ثم بدأ يقودنا إلى القسم الداخلي من المخزن.
كلما تعمقنا أكثر، بدت الأدوات والمعروضات أكثر فخامة.
تحوّلت الرفوف العادية إلى صناديق عرض شفافة مزودة بأنظمة حماية خاصة، أو قواعد مرتفعة.
“أوه…”
بدأ التوتر يتسلل إليّ.
لكنني حاولت ألا أُظهره.
…على كل حال، يجب أن أجمع النقاط أولًا!
قررت أن أكون وقحة بلا خجل.
فالنجاح في القضاء على سلحفاة الميثرل أمر لا بد منه لحماية أصدقائنا!
لذا، تجاهلت تأنيب ضميري، وسرت واثقة الخطى.
“سأستثمر كل ما يلزم، لكن بالمقابل، أريد أن تكون عوائد تلك الزنزانة من نصيبنا.”
“موافقة.”
شعرت بثقل في قلبي، ولكن شرط الثعلب أراحني قليلًا من ثقل الضمير.
وصلنا إلى عمق المخزن، حيث بدأ ميخائيل باستخدام خيوطه لفتح الزجاج الواقي لبعض المعروضات الخاصة.
أحضر أمامي مجموعة من الأسلحة والأدوات البراقة.
“هل هذا كافٍ؟”
“هممم… سأحتاج لتجربتها أولًا.”
وبدأتُ في تغذية نظام تحويل النقاط بالأدوات واحدة تلو الأخرى.
“أوه! أليست هذه الخيمة المتنقلة التي استخدمها فريق المنقذ؟ مصنوعة بتقنية نادرة من الأقزام… تُعتبر أثرًا نادرًا!”
“أعطني إياها. سأستخدمها.”
“انتظري!!”
ثم.
“هـ، هذا…!”
“أعطني إياه.”
“ألا تفكرين في قيمة ما تدخلينه في النظام؟!”
“المهم أنه شيء غالٍ.”
“…آه، لقد ربيت شخصًا فاسدًا…”
“من ربتني هي المعلمة.”
رغم اعتراضات تشوي غارام على تجاهلي لقيمة هذه التحف، لم أعر الأمر أهمية.
وبعد مرور ساعة تقريبًا…
“…هل هذا حقيقي؟”
“…على ما يبدو، نعم.”
لقد قضيت على نحو 30% من محتويات المخزن.
ولا شيء إلا من الأغلى والأندر.
مع كل أداة يبتلعها النظام كانت لمعة المخزن تخفت تدريجيًا… ومعها ضميري يئن.
“…هذا النظام، تحويل النقاط… كفاءته سيئة للغاية…”
نظرت إلى نافذة نقاطي، بوجه متبلد.
[نقاط الميتا: 100130]
حتى أني بالكاد وصلت إلى المئة ألف نقطة.
النقاط باهظة… بشكل عبثي.
على كل حال، انتهت الأمور في المخزن إلى حد ما.
وبدأنا نتجه للخارج.
“آه، نونا. خذي هذه.”
ناولني ميخائيل ثلاث عملات ذهبية.
أقراص ذهبية لامعة محفور عليها نفس النقش الذي رأيته سابقًا.
“…ما هذه؟”
تذكرت.
النقش ذاته على العملة التي أخذها نا يوهان من “زنزانة الذكريات”.
“إنها عملات الحقيقة.”
“هذه … لكن لماذا تعطيني إياها؟”
“لأنكِ ستحتاجينها أكثر مني. أنا لم أعد بحاجتها.”
“حقًا؟”
“وإن لم تكن ذات فائدة، فحوّليها إلى نقاط.”
“شكرًا.”
ما دام بإمكاننا إنهاء “زنزانة كفة الميزان اليمنى”، فسيمكننا استخدام ميزان الحقيقة كما نشاء.
تلك العملات ستكون مفيدة بالتأكيد.
لم أرفض لطف ميخائيل.
رغم أن ضميري كان يهمس لي بأنني استغل الفرصة، إلا أن حماية عائلتي كانت أولويتي المطلقة.
…بصدق.
“إن احتجتِ لأي شيء، لا تترددي بإخباري.”
“سأفعل.”
وفي داخلي، عقدتُ العزم على أن أقدّم له أي شيء يحتاجه مستقبلًا، إن طلبه.
لا، ليس تأنيب ضمير…
العائلة يجب أن تتكاتف، دائمًا!
ضحك ميخائيل وقال.
“إذًا، انتهت التحضيرات للهجوم تقريبًا؟”
“نعم. فقط أحتاج إلى التمرن على استخدام ‘ميستيلين’، ويكفيني ثلاثة أيام على الأغلب.”
“سأنقل هذا إلى الميزان السوداء.”
بعد ثلاثة أيام سنبدأ.
كنت أتمتم بتلك الكلمات في داخلي بينما تبعتُ الثعلب عائدين إلى مقر الوايلد هانترز.
ما إن عدتُ إلى السكن وبدأت أفكر بترتيب مجريات اليوم، حتى أدركتُ أن ما مررتُ به اليوم كان كثيرًا حقًا…
من المواجهة مع تشوي سوجونغ، إلى ما حصل مع الميزان الأسود.
لكن، ما يستحق فعلاً أن أنشغل به الآن هو.
“ميستيلين…”
المعركة الحاسمة تقترب.
دخلت على الفور إلى نافذة المتجر، وقمت بشراء بندقية السحر ميستيلين.
[بندقية السحر ميستيلين – 100000 نقطة]
ما إن ضغطت على زر الشراء المرتبط بالصورة بيدين مرتجفتين، حتى بدأت نقاطي تنخفض بسرعة جنونية.
نقاطي… آه، نقاطي!
شعرت برغبة في البكاء من الأسى، لكني تماسكت.
تزامن اختفاء النقاط مع ظهور سلاح فاخر بجسده الأسود اللامع أمامي.
“لقد حصلت عليها فعلًا…”
نظرتُ إلى شكلها مأخوذةً بجمالها المطابق لتلك الصورة التي رأيتها في الكتب.
كانت محفوفةً بأحجار سحرية متلألئة بألوان مختلفة، تنعكس منها الأضواء في مشهد بديع.
وكل تلك الأحجار كانت محاطة بزخارف دائرية ، تتصل ببعضها بشكل عضوي وسلس، تُضفي على السلاح طابعًا ناعمًا رغم قوته.
لكن هذا السلاح… كان في الحقيقة سلاح معركة نهائية.
بل سلاح نهائي للاستخدام مرة واحدة فقط.
تقول السجلات إن “ميستيلين” كانت تطلق نيرانًا هائلة في لحظة واحدة، قادرة على تحطيم درع سلحفاة الميثرل، لكنها تتحطم مباشرةً بعدها.
فقد صُنعت لهذا الهدف بالضبط.
ولم يكن هذا كل شيء.
“دوائر سحرية…؟”
عندما دقّقت أكثر في الزخارف، أدركتُ أنها لم تكن زخرفة عادية، بل كانت دوائر سحرية دقيقة للغاية.
شعرتُ بدهشة كبيرة إزاء ثروة البشرية القديمة التي سخرت كل هذا لصناعة سلاح واحد فقط.
على أية حال، هذا السلاح الآن ملكٌ لي.
طريقته في الاستخدام تشبه سلاحي السابق إلى حد كبير، لذلك أظنني سأعتاد عليه بسرعة.
تأكدتُ مجددًا من حالته، ثم وضعتُه في مخزوني.
ما تبقى الآن هو المعركة الحاسمة.
***
مرت الأيام الثلاثة بسرعة.
وقد أصبحتُ أكثر ألفة مع بندقية ميستيلين.
صحيح أنني لم أقم بتجربة الحد الأقصى لقوتها ، لأنها ستتحطم فورًا، لكن قوتها الأساسية وحدها كانت بالفعل خارقة.
“من المؤسف أنها للاستخدام مرة واحدة فقط…”
بالفعل، سلاح بمئة ألف نقطة يستحق هذا السعر.
لو كنتُ أملك المزيد من النقاط، لجعلت منها سلاحي الرئيسي.
“ألا يمكنني أن أطلق بها ولو طلقة واحدة؟”
“ممنوع.”
يبدو أن تشوي غارام أيضًا لم تستطع مقاومة إغراء ميستيلين، إذ راحت تتطلع إليها بين الحين والآخر بعين طامعة.
لكنني رفضت ذلك تمامًا.
هل تدرك كم كلّفني هذا السلاح؟!
ورغم أنها تنهدت بحسرة، إلا أنها لم تُلح أكثر.
“هل أنتما مستعدان؟”
بينما كنا أنا وتشوي غارام نتبادل الحديث بنبرة مرحة، دخلت الميزان الأسود برفقة الثعلب، فعادت أجواء التوتر.
هناك شيء في الهالة التي تحيط بـالميزان الأسود يجعل الاسترخاء أمرًا صعبًا.
“نعم، إلى حد ما.”
أجبتها بذلك بينما كنتُ أضبط قبضتي على السلاح.
عندها ابتسمت الميزان الأسود وقالت بصوت يحمل شيئًا من المرح:
“إذن… لننطلق.”
تحركت خطواتها الصامتة نحو البوابة الثابتة.
فاتبعناها كما لو أن ذلك هو المسار الطبيعي الوحيد.
المشاركون في عملية اجتياز زنزانة الكفة اليمنى كانوا:
أنا، الثعلب، وتشوي غارام فقط.
لم نرد الاستعانة بأعضاء الوايلد هنتر حتى لا نتكبد لهم دَينًا آخر.
وبما أن لدينا السلاح اللازم لاختراق دفاعات سلحفاة الميثرل، فقد اكتفينا بتشكيل صغير.
“لولا سلحفاة الميثرل، لما كان الأمر صعبًا.”
“المشكلة كلها في الزعيم الطبقي.”
أومأت برأسي موافقة على كلام الثعب و الميزان الأسود.
ثم دخلنا جميعًا عبر البوابة.
وما إن خطونا داخلها حتى…
—!!!!
في البعيد، كان هناك شيءٌ ضخم يتحرك… ضخم إلى درجة أنه بدا وكأنه جبل يتحرك.
ومع كل حركة لذلك الجبل، كانت الأرض ترتجف بشكل خفيف.
“ذاك هو…”
“…سلحفاة الميثرل.”
التعليقات