عندها بدأت الخيوط التي تربطني بذلك الدوامة تتلاشى تدريجياً،
شعرت كما لو أن شيئًا ما انقطع.
حينها فقط أدركت أنني تحررت حقًا.
كان شعورًا وكأن ما كان يقيدني بشدة قد انحل أخيرًا،
لكن في ذات الوقت، شعرت وكأن شيئًا ما كان يسندني قد اختفى أيضًا.
كان شعورًا غريبًا، أشبه بأن جزءًا مهمًا مما يشكّلني قد انتُزع.
ومع ذلك، سواء كان شعوري غريبًا أم لا، فقصتي ستُعرض عليهم بلا توقف.
راودتني هذه الفكرة، لكنني هززت رأسي نافية.
“هاه…”
وحتى إن استمرت قصتي في الظهور لهم، فما الذي يهم؟
ما دمت لم أعد أتأثر بهم.
هذا وحده كان كافيًا.
فقد حققت هدفي، وحان وقت مغادرة هذا المكان الغريب.
حين استحضرت إرادتي، بدأ المشهد من حولي يتغير،
كما لو أن الألوان تنسحب من الورق بالعكس.
عدت إلى العالم الحقيقي بابتسامة مشرقة على وجهي.
وكان تورنيتو يبتسم بخفة وهو يشاهدني أعود.
“لقد نجحتِ، إذن.”
“…بفضلك.”
شعرت ببعض الخجل، لكن لا يمكنني إنكار أن مساعدته كانت حاسمة.
رغم أنني تمتمت بالكاد، إلا أنه سمعني بطريقة ما، فضحك ضحكة قصيرة.
مع ضحكته المنخفضة، شعرت بأن وجهي يزداد احمرارًا.
…لنغيّر الموضوع.
“بالمناسبة، كيف تُجيد التحكم بالقوة الروحية إلى هذا الحد؟”
“تعلّمتُ ذلك من والدتي.”
“والدتك؟”
“نعم. ورثتُ منها القوة الروحية وتعلّمت كيفية التحكم بها.”
ارتسم على وجه تورنيتو تعبير حالم، وكأنه يستحضر ذكرى من الماضي.
شعرت أن عليّ ألا أقاطع تلك اللحظة، فبقيت صامتة.
“كانت أمي قوية. قوة تليق بعضوية في فيلق ‘المنقذ’.
هل سمعتِ من قبل بلقب ‘الثعلبة ذات الذيول الستة’؟”
“…بالطبع. إنها مشهورة. مَن كشفت أسرار البرج.”
“نعم. أمي كانت تؤمن أن كشفها لأسرار البرج هو ما تسبب بالحرب. ولهذا تبنتني، كوني كنت طفلًا يتيمًا بسبب الحرب.”
يتيم حرب؟
رمشت بعيني في دهشة.
لحظة… الحرب مع الأجناس الأخرى كانت منذ عقود، أليس كذلك؟
حتى لو كان طفلًا وقتها، فهذا يعني أن…
“…انتظر، كم عمرك؟”
“هم؟ للتو بلغتُ سن الرشد.”
“لا، لا… الحساب لا يتطابق!!”
إذا كان يتيم حرب، فهو أكبر حتى من تشوي غارام!!
نظرت إليه مليئة بالريبة، لكن تورنيتو مال برأسه قليلاً،
ثم كأنه تذكّر شيئًا، أومأ وقال.
“آه، صحيح. لم أذكر ذلك لك من قبل.”
“تذكر ماذا؟”
“لقد نشأتُ في مكان يكون فيه تدفق الزمن بطيئًا.”
“…بطيء؟”
“نعم.”
في اللحظة التي بدأتُ أفكر فيها، “أي نوع من الأماكن هذا؟”
قاطع تفكيري .
“داخل البرج، خصوصًا في منطقة تشونهو، توجد أماكن يتباطأ فيها الزمن.”
“انتظر، توقف.”
داخل البرج؟!
منطقة تشونهو؟!
نظرت إليه بدهشة، بينما هو يبدو غير مدرك لِما أُصبتُ به من صدمة.
أردت أن أصرخ: “لماذا لم تخبرني بذلك من البداية؟!”
لكنني كنت أعلم مسبقًا أنه سيقول: “لم تسألي.”
أنا أعلم، أنا أعلم…
“…من البداية. أخبرني بكل شيء. مكان نشأتك، أصلك، وأي شيء يجعلك مختلفًا عن الناس العاديين.”
“هم؟ حسنًا، فهمت.”
وهكذا، علمت أخيرًا الخلفية المجنونة لتورنيتو، التي لم أكن أعلم عنها شيئًا من قبل.
“أصبحت يتيمًا خلال الحرب، وتبنّتني والدتي… الثعلبة ذات الذيول الستة.”
“نعم.”
“وقتها، كانت تبحث عن مكان للاختباء، فأخذتني معها إلى منطقة تشونهو. ولم يكن الحصول على إذن صعبًا، فهي ابنة تشونهو.”
“…ابنة؟! أمم… لا بأس، تابع.”
“ثم نشأت داخل البرج، تحت رعايتها. إلى أن وصلنا إلى نقطة، لا أعلم كم مرّ من الزمن، وسمعنا أن العالم الخارجي تعرّض للدمار، أو ما يشبهه. وكان هذا في الجولة الأولى.”
“أفهم…”
“ثم، في وقت لاحق لا أذكره، جاء الأوراكل التي تقمّص جسد أحد أحفاد البطلة السابقة إلى البرج لينتزع من والدتي قوتها الروحية.”
قال ذلك بصوت هادئ.
“وبما أن والدتي لم تكن بارعة في القتال، فقد هُزمت.
وقبل أن تموت، وقبل أن تُسلب منها كامل قوتها، نقلت إليّ كل ما تبقى منها، وأرسلتني خارج البرج.”
“…آه…”
لم أعد قادرة على استيعاب المزيد من الصدمات.
لا عجب أن ابن الثعلبة ذات الذيول الستة كان نمرًا…
“…إذن، تلك الثعلبة…”
“جدتي. لكنها الآن مختومة، للأسف، ولا يمكنها مساعدتنا.”
“فهمت…”
وضعت يدي على رأسي من شدة التفكير.
بل أكثر من ذلك…
“إذا كانت والدتك قد ماتت قبل عودة الزمن، أفلا تُبعث من جديد مع رجوع الزمن؟”
“لا أظن ذلك.”
رفض فكرتي على الفور.
“قدرة أمي الخاصة تُدعى ‘النقطة الفارقة’. رغم أنها تتعامل مع الزمن، فإن ما يحدث لها شخصيًّا لا يمكن أن يُعاد، حتى مع رجوع الزمن.”
“…إذاً، هذا يعني…”
“نعم. هي قد ماتت بالفعل. ولهذا، في كل مرة يعود الزمن، أكون أنا بالفعل خارج البرج، لأن ما فعلته أمي – إخراجي – قد حصل فعلاً، ولا يمكن إلغاؤه.”
“يا إلهي… كم هو معقّد…”
وضعت يدي على رأسي مجددًا.
رغم ذلك، بدا تورنيتو أكثر هدوءًا مما توقعت.
“ما المعقد في الأمر؟”
“هاه؟”
“لقد حدث ما حدث في الماضي، ولو أنه جرى بطريقة أخرى، لربما كانت النتيجة مختلفة، وقد نشعر بالندم لذلك… لا داعي للتفكير في كل هذا. يكفي أن نحمل الماضي على أكتافنا ونفكر فيما ينبغي علينا فعله الآن.”
“…..”
حدّقت في عينيه الذهبيتين وهو يتحدث، كانت نظراته صلبة لا تشوبها شائبة، وكأنه يؤمن حقًا بما يقول.
ورغم أنني لم أقصد، إلا أنني ابتسمت بخفة.
“…ربما معك حق.”
“أليس كذلك؟”
“نعم. حسنًا… لنبدأ بتدريب القوة الروحية، فليس لدينا شيء آخر يمكننا فعله حاليًا.”
لا أعلم لماذا، لكن كلما كنت معه، شعرت وكأن كل ما كنت أفكر فيه من هموم وتعقيدات، ينجلي بسلاسة.
***
أنا وتورنيتو بدأنا نتمرن على التحكم في الروحانية بشكل أدق، وكنا نتبادل القتال أحيانًا في إطار التدريب.
ومن خلال ذلك، تعرّفت على قدرته.
“مهارة الفراغ؟”
“أجل. إنها الطريقة التي تتجلّى بها قوتي الروحية.”
“وما هي بالضبط؟”
“ثلاث بطاقات مهارية يمكنني من خلالها إحداث أي أمر.”
“أوه…. تبدو مذهلة.”
“ليست كذلك تمامًا. فهذه القدرة، أيضًا، تحددها كمية القوة الروحانية. لا يمكنني مثلًا استخدام معجزات مثل إعادة الزمن بعد الآن.”
…إن كانت تشمل إعادة الزمن، فستكون قدرة خارقة فعلًا.
هززت رأسي مبتسمة على مضض.
وبينما كنّا نتبادل هذه الأحاديث العابرة،
“كنتما هنا إذًا؟”
دخل الثعلب علينا فجأة إلى ساحة التدريب.
“ميخائيل؟”
“نعم، أنا.”
كان يبتسم ابتسامة مشرقة ويحمل في يده كيسًا من الوجبات الخفيفة وكأنه اشتراه من متجر صغير.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 168"