تنهّد نا يوهان بدهشة من كلماتي، وكأنه لم يستوعب ما قلت.
“ما الذي تقصدينه…؟”
“كما سمعت تمامًا.”
قاطع تورنيتو حديث نا يوهان الذي كان على وشك المتابعة.
جالت عيناه الذهبيتان على الرفاق ببطء، كأنما يتفحّصهم جميعًا.
“كانغ ناهيون، من هذه اللحظة، باتت تابعة للوايلد هانترز.”
“…أهذا مزاح، زميلتي الصغيرة؟ لقد بالغتِ هذه المرة.”
تجنّبت النظر في عيني تشوي سوجونغ التي حدّقت إليّ بوجه خالٍ من أي لعب أو تهكم.
أمسك تورنيتو بيدي، وبدأت أجسادنا تزداد شفافية شيئًا فشيئًا. كانت هذه علامة واضحة على قرب تنفيذ الانتقال الآني.
عندها فقط، أدرك الجميع أن ما يحدث ليس مزاحًا بل حقيقة واقعة، فعمّت الفوضى مشاعرهم، بين الذهول والصراخ والاضطراب.
“كانغ ناهيون!”
اندفع نا يوهان دون تفكير، ودون أن يرتدي أي درع، ليخترق حجاب البرق الذي نسجه تورنيتو من حولنا، لكن لي هانا أوقفته فورًا.
كان وجهه مشوشًا، مليئًا بكل أنواع المشاعر التي لا يمكنني قراءتها.
“ناهيون…! ما الذي يحدث على وجه الأرض؟!”
“هل فقدتِ عقلك؟!”
“ناهيون…!”
“عُودي إلينا!”
نا يوري، شين باران، مين جاي يون، لي هانا، وكل الرفاق… كلهم صرخوا ينادونني.
كلهم نظروا إليّ، وقالوا لي أن أعود.
صحيح… كنت قد فكّرت سابقًا…
إن أفصحتُ عن الحقيقة لأصدقائي، فقد يتعرّضون للأذى من أوراكل.
“ناهيون!!!”
…لكن، بهذا الشكل، سيكون كل شيء على ما يرام.
ربما تسبّبتُ في جَرحهم، ولكن… لم يكن لدي خيار أفضل من هذا.
نظرت إلى تلك العينين الحمراوين المحدقتين بي من بعيد عبر الرؤية المتذبذبة، وابتسمت بابتسامة ملتوية.
“إلى اللقاء.”
***
وحين فتحت عينيّ مجددًا، كنت واقفة بجوار تورنيتو داخل مبنى ناصع البياض يشبه ذلك الذي رأيته سابقًا.
“آه! مرحبًا بعودتكما!”
رحّب بي بارك يولهان بابتسامة عريضة، وشعرت بطعم مرير في فمي.
وقفت بصمت أمام وجهه الوقح والمألوف، ثم صافحت يده الممدودة دون كلمة.
“واو، لم أتوقع أن تسير الأمور بهذا الشكل… مؤثر حقًا!”
قالها وهو يضحك بمكر، يضغط على أعصابي بابتسامته المزعجة.
حدّقت فيه طويلًا دون أن أنبس ببنت شفة، ثم تمتمت أخيرًا.
“جلبت المفاتيح، كما وعدت. لكنني… لن أُسلمها لكم. لا يمكنني الوثوق بكم كليًا بعد.”
“هممم، أتفهم ذلك تمامًا.”
رغم نبرتي الجافة واللاذعة، لم يتأثر بارك يولهان، بل هزّ كتفيه وكأن الأمر كان متوقعًا.
ثم قال مبتسمًا.
“لا بد أنكم أُرهقتم أثناء المهمة. خذوا قسطًا من الراحة أولًا، وسنشرح التفاصيل لاحقًا.”
“وأين؟”
“أعددنا غرفة لكِ. تورنيتو، هل يمكن أن تتولى الإرشاد؟”
“مفهوم. اتبعيني.”
لم أقل شيئًا، بل تبعت تورنيتو بصمت.
كل شيء حولي كان أبيض. الجدران، الأبواب، الأثاث… كلّه أبيض نقي.
كأن المكان بأكمله يرفض وجود أي ظلال، أي دنس.
لم أشعر بأي ألفة تجاهه.
ليس فقط بسبب برودته الخالية من الطابع البشري، بل لأنني تذكّرت حين اختُطِفت سابقًا على يد الوايلد هانتر… كما أنني حتى الآن لا أثق بهم تمامًا، ولهذا بقيت متيقظة.
ومع ذلك، هذا النمر الواقعي الذي أمامي… قررت أن أضع فيه بعض الثقة، على الأقل.
“كانغ ناهيون.”
“…ماذا؟”
كنت على وشك التزام الصمت، لكنني استجبت في النهاية.
فقال تورنيتو بنبرة هادئة، ناظرًا إليّ:
“شكرًا… لأنك صدّقتِ كلامي.”
“…..”
صمتُّ، دون أن أعلم ما أقول.
ففي عينيه الذهبيتين الهادئتين، رأيت شيئًا صادقًا.
ثم لاحظت ابتسامته الطفيفة، المتناهية الدفء… ربما لهذا شعرت بشيء غريب، شيء دافئ وملمسه لطيف.
استدرت عنه سريعًا لأخفي انفعالي، وأجبت بحدة.
“….لأن أدلتك كانت تتأكد الواحدة تلو الأخرى، لذا… اضطررت للإيمان بك.”
“لكن العالم مليء بمن يُنكر الحقيقة حتى لو رأوها أمام أعينهم.”
“…..”
“كونك قررتِ تصديقي، فهذا وحده كافٍ لي. أنا ممتنّ لكِ.”
كلماته الصريحة جعلت وجهي يسخن دون سبب.
يالها من مشكلة… هذا النمر، لا يعرف كيف يصمت!
“كُفّ عن الكلام واصطحبني إلى الغرفة فقط!”
“حسنًا.”
ابتسامته السابقة اختفت، وارتسمت على شفتيه ابتسامة جانبية ساخرة وهو يسرع في خطواته.
سرنا بصمتٍ لبعض الوقت.
في ذلك الوقت، انطفأ الشعور الغريب الذي تسبّبت به كلماته، وحلّ مكانه وعيٌ كامل بالواقع.
الواقع الذي لا يمكن إنكاره.
أنا… خنتُ رفاقي.
في النهاية، حين نفذتُ فعل الخيانة، لم أستطع نسيان الوجوه التي اضطررت إلى رؤيتها.
الذهول، الصدمة، الإنكار، اليأس…
لن أنسى أبدًا تلك التعابير التي اختلطت فيها كل تلك المشاعر.
كان الأمر مؤلمًا.
اختلط الألم بمشاعر لا أستطيع حتى تسميتها، فغدت حالتي النفسية فوضى لا أفهمها أنا نفسي.
…هل سيكون الجميع بخير؟ أتمنى ألّا يكونوا قد تأذّوا…
الآن فقط أدركت.
أدركت أنني كنت شخصًا له مكانة كبيرة في حياتهم.
لذلك، رغم أنني كنت أعلم حجم الجرح الذي سببته لهم،
كنت في الوقت نفسه أتمنى من كل قلبي ألّا يتأذّوا بسببي.
“لقد وصلنا.”
بينما كنت غارقة في أفكاري الكئيبة، توقف تورنيتو عن السير فجأة.
كنت أمشي شاردة الذهن فاصطدمت بظهره دون قصد.
“آه…”
“من الأفضل أن تنتبهي لما حولكِ.”
“…سأفعل.”
أوه، يبدو أنني تهاونت مجددًا فقط لأنني برفقة هذا النمر اللعين.
شعرت بحرارة الخجل تغزو وجهي، فأجبت بعناد بينما أضغط على أسناني.
خشيت أن يظهر احمرار وجهي، فسارعت بتجاوز تورنيتو وفتحت باب الغرفة ودخلت بسرعة.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات