2. كيفية إدارة العلاقات (٥)
بينما كنتُ أمسك بيد نا يوري بإحكام ونخلق جوًا ودودًا، قاطعتنا تشوي سوجونغ.
“همم؟ ناهيون، هل هذه أول مرة لكِ في المحاكاة؟”
“أجل. أنا من المستيقظين المدعومين من الحكومة، لذا هذا النظام بأكمله غريب عليّ.”
“همم، همم، فهمتُ. ما موقعكِ في الفريق؟”
“قناصة. وأنتِ، سوجونغ؟”
“أنا ساحرة! ساحرة تتحكم بالرياح!”
ضحكت تشوي سوجونغ وهي تكشف عن نابها بابتسامة ماكرة.
“يا لهذه الصدفة، يبدو أنني أتناغم معكِ أكثر من يوري! القنص والرياح مزيج مثالي، أليس كذلك؟”
كادت نا يوري أن تردّ عليها، لكنّها أطبقت شفتيها في النهاية، لأن ما قالته تشوي سوجونغ صحيح من الناحية التقنية.
وكونها شخصًا مخلصًا، لم يكن من السهل على نا يوري أن تجادل في أمر تعلم أنه صحيح، حتى لو كانت تكره تشوي سو جونغ.
أما حين كانت تجادل المحتال في قاعة التدريب سابقًا، فذلك لأنها كانت تكرهه فعلًا. يا لك من مخلوق مكروه يا نا يوهان.
عبّرت نا يوري عن انزعاجها دون كلمات، ونفخت وجنتيها قليلًا وهي تشدّ على يدي أكثر.
“مع ذلك، ناهيون صديقتي. وليست صديقتكِ، سو جونغ.”
قالت ذلك بنبرة منتصرة وقد بدت على وجهها علامات الارتياح. يبدو أنها أخيرًا وجدت نقطة ترد بها.
مظهر الفتاة الجميلة ذات الشعر الأشقر والعيون الحمراء التي تبتسم بثقة ذكّرني بقطة تمشي متفاخرة.
بصراحة، بدت أكثر شبهاً بالقطط من تشوي سوجونغ نفسها، على الرغم من أن الأخيرة تنتمي فعليًا إلى سلالة شبه بشرية بخصائص قطط.
“أها، صحيح؟ ناهيون، إذًا ما رأيكِ أن نتدرب نحن الاثنتين—”
لكن قبل أن تفجّر تشوي سو جونغ اقتراحها، تدخل دمدم مقاطعًا قنبلة الكلمات في مهدها.
“قررنا تخفيض مستوى الصعوبة قليلًا، مع الإبقاء على كونه من النوع الطارئ. هل تمانعين؟”
اقترب المحتال من الخلف ليكمل.
“من الطبيعي أن أكون متوترة! بل أنا أخشى أن أقترف الأخطاء.”
بما أن هذه أول مرة لي في تدريب وهمي، فقد ارتسمت على وجهي نظرة متوترة تليق بالموقف.
أنا مبتدئة، ومن المؤكد أنني سأرتكب بعض الأخطاء. من الأفضل أن أزرع مبرراتي مبكرًا.
كنت على وشك إضافة تعليق آخر، حين تحدث دمدم وهو يرمقنا بنظره.
“أن تخطئي أمر طبيعي. فهذه مجرد تدريبات.”
قال ذلك محدقًا بي مباشرة.
“نحن نتدرّب كي لا نخطئ في القتال الحقيقي، فلا حاجة لأن تحملي عبئًا ثقيلًا. إذا توترتِ فلن تتمكني من إظهار مهاراتك. ما يهم حقًا هو الرغبة في الاجتهاد.”
هل يحاول أن يُشعرني بالراحة؟
بفضل كلامه الطيب، خفّ التوتر في الأجواء قليلًا.
بالفعل، ليس كأحدهم… لن أقول من، لكن شخصًا ما تنقصه الأخلاق.
“صحيح، لا أحد يلوم طفلًا بدأ بالمشي لأنه تعثر! الملامة تقع على من يتوقع منه المشي منذ اللحظة الأولى!”
قالت نا يوري وأكملت.
“إن كان هناك من يلومك، فسأغضب نيابةً عنكِ!”
شعرت وكأن بالونًا مشدودًا داخلي قد تسرب منه القليل من الهواء.
رغم أنني كنت مستعدة، إلا أنني خفت من أن أتأخر عن الركب. فهم جميعًا من عالم المستيقظين.
“…أجل!”
إن تخلفت عنهم، ربما سأكون عبئًا عليهم، وقد أترك انطباعًا سيئًا.
لكن بفضل ما قاله الاثنان، صار من الصعب أن يلومني أحدهم علنًا إن أخطأت.
إنهم أناس طيبون فعلًا.
أما أنا، التي تحاول استغلال هذه الطيبة، فشخص سيئ للأسف.
بعد قليل، بدأ تدريب المحاكاة أخيرًا.
كوني قناصة، وُضعتُ في المؤخرة مع القائد المحتال. أما تشوي سو جونغ، فمع أنها ساحرة وكان من المفترض أن تكون في الخلف، لكنها أصرت على حرية التموضع، فاستقرت في نقطة متوسطة.
دمدم ونا يوري تقدّما تلقائيًا إلى الجبهة.
“إنهم يأتون! استعدوا للتموضع!”
رفع المحتال رايته.
كانت راية جديدة متعددة الوظائف، تختلف عن تلك البالية التي وزعتها الأكادمية.
***
الجميع كان يحدّق بالبوابة بترقّب مشدود.
أُعلن بدء المعركة بإطلاق رصاصة واحدة.
بانغ!
أُسقط أحد الوحوش الطائرة بدقة حين استهدفت الرصاصة نواته.
كان سقوطه هادئًا كدمية مقطوعة الخيوط.
مهاراتها في القنص أفضل مما ظننت. أومأت برضى وأطلقت أوامري:
“إلى الأمام، استعدوا لوحوش الهجوم القريب!”
“أيتها الساحرة، استخدمي الرياح لإسقاط الوحوش الطائرة!”
“لا داعي لأن تخبرني!”
“حاضر~!”
أطلقت نا يوري قبضتها النارية وحطّمت درع الوحش الهائج الذي يشبه الفيل، وفي تلك الثغرة، قامت كانغ ناهيون بتصويب طلقة على النواة ففجّرتها.
أفضل مما توقعت. التنسيق بيننا جيد.
بل، لنقل إن التناغم ممتاز بيننا نحن الأربعة.
أنا أراقب سير المعركة وأوزّع الأوامر، تشوي سو جونغ تطيح بالوحوش الطائرة باستخدام الرياح، نا يوري تتكفل بالوحوش الساقطة أو المندفعة، وكانغ نا هيون تتولى القنص الدقيق للنواة.
إن كان الوحش ذو نواة بارزة، تطلق عليها مباشرة. وإن كان مدرّعًا، يفتح له الآخرون فجوة، فتقنص نواته من الداخل.
أما الوحوش التي تنجو من رياح تشوي سو جونغ، فقضي عليها بسرعة باستخدام رصاصات كانغ ناهيون السحرية.
الوضع أكثر مثالية مما تخيلت. قد نشكّل فريقًا دائمًا بهذا التشكيل.
أما بارك سي وو؟
فهو هناك، يندفع وحيدًا ويهوي بكل أنواع الأسلحة، محطّمًا الدروع والنوى بلا تمييز.
لذا أترك له مهمة تقليل ضغط الوحوش المتجمعة.
يا لهذا الوحش البشري… متى صار بهذه القوة مجددًا؟
لكن، هذا لا يعني أن الأمور لصالحنا كليًا.
عادة، يتم التعامل مع البوابات الطارئة بمشاركة عدة فرق في هجوم مشترك، إذ لا يمكن لفريق واحد تحمّل الكم الهائل من الوحوش.
وهكذا، بينما كانت المعركة الفوضوية مستمرة لبعض الوقت—
“آه!”
فرغت طاقة “كانغ ناهيون” السحرية.
“تبًا…!”
طاخ! أُطلقت الرصاصة لتصيب نواة الوحش بدقة، لكنها لم تكن مشبعة بالسحر، فلم تخلف إلا خدشًا.
كييإيييك!
انقضّ الوحش نحو “كانغ ناهيون”.
استخدمتُ إحدى مهارات الراية لتوليد حاجز دفاعي.
“كييإيييك!”
اصطدمت مخالب الوحش الطائر الحادة بالحاجز.
طن! طنين! اهتزّ الحاجز بشكل مقلق.
زمّت “كانغ ناهيون” حاجبيها محاولة أن تعصر ما تبقّى من طاقتها السحرية، لكنها كانت بالكاد تلهث وتواصل إطلاق النار.
يا للحرج. لم أضع في الحسبان مواصفاتها. ظننت أن بإمكانها الصمود أكثر بفضل معدّاتها، فتركتها وشأنها… لكن يبدو أنه كان قرارًا خاطئًا.
“تشوي سوجونغ! ’كانغ ناهيون‘ باتت عاجزة عن القتال! تولّي الدفاع من هنا!”
“أوكـي~!”
اندفعت رياح “تشوي سوجونغ” نحو الوحش الطائر، فقطّعته إلى أشلاء في لحظة واختفى.
“ما زلتُ قادرة على القتال!”
“طاقتكِ السحرية نفدتِ. الآن، لا فائدة منك. ارتاحي.”
المستيقظ الذي لا طاقة سحرية لديه لا يختلف عن عبء ثقيل وسط المعركة. ومع أنني أملك جرعة سحرية، إلا أن استخدامها في تدريب محاكاة مثل هذا يُعدّ ترفًا.
“تسك…!”
بعد اختفاء دعم كانغ ناهيون، بدأت نا يوري تتراجع شيئًا فشيئًا بفعل الضغط المتزايد على الجبهة.
كان بارك سي وو يتكفل بالمزيد من الوحوش، وكانت تشوي سوجونغ تجمع الوحوش برياحها وتهاجم أحيانًا، لكن العبء الإضافي كان كبيرًا للغاية.
لا سيما بعدما اختفت كانغ ناهيون التي كانت تتولى التعامل مع بعض الوحوش التي تفلت من تشوي سوجونغ، فقد زاد العبء عليها أيضًا.
وحين غادرت كانغ ناهيون المشهد، بدأت المعركة تميل تدريجيًا لغير صالحنا، حتى انتهى الأمر عندما تمكنت عدة وحوش طائرة، كانت قد أفلتت من تشوي سوجونغ، من تحطيم الحاجز الخلفي.
كانت كانغ ناهيون تطلق النار بعزم، كأنها تحاول حمايتي، لكن الرصاص غير المشبع بالطاقة السحرية لم يكن ليحطم نواة الوحوش، بل يخدشها فقط.
ومع اعتبار أننا – من في المؤخرة – قُتلنا، انتهت المحاكاة.
“هُك… بسببي…”
قالتها كانغ ناهيون وقد بدت على وشك البكاء.
لكن على عكس وجهها الباهت، كنت أشعر برغبة في مدحها.
مهارة كانغ ناهيون السلبية، <الضربة القاتلة>، تعزز دقة التصويب.
لكن كلما زاد التعزيز، زادت الكمية المستهلكة من الطاقة السحرية. وبما أن كانغ ناهيون لا تزال في مستوى 1 وطاقتها السحرية من رتبة E، فإن كفاءة هذه المهارة تُعدّ في غاية السوء.
ومع ذلك، فقد تمكنت من الاستمرار في نفس الروتين فترة طويلة بما يكفي لأنسى حتى حساب استهلاكها السحري، ويعود ذلك جزئيًا إلى نوع البندقية، لكن الأهم هو دقتها العالية التي جعلت مهارة <الضربة القاتلة> لا تستنزف الكثير من الطاقة.
….لماذا لم تظهر شخصية كهذه في اللعبة؟ هل هي من الشخصيات التي تم التخلي عنها؟
لقد عثرت على جوهرة غير متوقعة. شعرت بشفتيّ ترتفعان بابتسامة لا إرادية.
“لا! بفضلكِ، استطعنا الصمود لفترة أطول!”
“صحيح. من الصعب تصديق أنكِ مبتدئة.”
كان كل من بارك سي وو و نا يوري يواسيان كانغ ناهيون التي كانت مكتئبة.
“نياهها! هذه الفتاة، لا تعرف حقًا كم هي موهوبة، أليس كذلك؟”
قالت تشوي سوجونغ وهي تبتسم نحوي بمكر.
“بيئة مثالية للاستغلال، وشخصية يسهل استغلالها. أليس كذلك؟”
كأنها تقول، “أنت تنوي استغلالها، أليس كذلك؟”
“من يدري.”
نعم، أنا أنوي استغلالها.
“بالمناسبة، سينباي، ألا ترغبين في خوض تجربة بوابة حقيقية؟ كنت أنوي زيارة مكان مميز فيما بعد.”
و أنتِ كذلك.
أطلقتُ طُعمًا من النوع الذي قد يثير اهتمام تشوي سوجونغ.
ها هو ذا، يفتعل أمورًا من جديد.
شتَمتُه بصمت بينما واصلت التمثيل على هيئة “الفتاة النقية المكتئبة”.
فـ “المحتال” يجب أن يُنهي اجتماعه السري مع تشوي سوجونغ بسلام!
“لو كان بإمكانكِ استخدام جرعة سحرية، لكنتِ واصلت القتال. لم يكن هناك خطب في مهاراتكِ.”
“صحيح! وما دام بإمكانكِ رفع مستواك، ستتحسن طاقتك السحرية بسرعة!”
“حقًا…؟”
ولأجل ذلك، كان عليّ أن أبذل جهدي لصرف انتباه “دمدم” و”نايوري” طوال الوقت.
أنهِ حديثك بسرعة، أيها الأحمق المتعجرف.
بعد مرور بعض الوقت، بدا أن المحتال أنهى صفقته مع تشوي سوجونغ، فأغلقتُ عرضي في دور الفتاة النقية.
بعدها استمرت التدريبات المشتركة لبضع ساعات أخرى.
قمنا بعدة محاكيات في بيئات مختلفة، لكن دائمًا ما كانت الطاقة السحرية المحدودة لديّ تشكّل عائقًا.
دمدم ونا يوري واصلا تشجيعي ومواساتي.
إنهما شخصان طيبان.
…وما دامت الخطة هي رفع مستواي بعد اجتياز البوابة مع المحتال هذا المساء ووضع كل النقاط في الطاقة السحرية، فلا بأس.
حقًا… لا بأس.
التعليقات لهذا الفصل " 15"