ولأننا بالفعل دبرنا الأمر من وراء ظهره، لم نجد ما نقوله.
نظرت بصمت إلى نا يوهان، فقال بصوت محرج.
“قلت له إننا ذاهبون لإغلاق بوابة، فأصرّ على مرافقتنا حتى النهاية…”
هل كان من الضروري أن تقول له ذلك…؟
كظمت تنهيدة وأنا ألتفت إلى كانغ يو. كان ينظر إلي بعينيه اللامعتين.
“كانغ يو، ألا تذكر أنك التحقت بالأكاديمية بشرط ألا تشارك في أي تدريب ميداني؟”
“لكن هذه ليست حصة تدريب، لذا لا بأس.”
“لا تحاول الالتفاف على الكلام. هذا أمر خطير، لذا لا يمكنك المجيء.”
رغم صرامة كلامي، تردد كانغ يو لحظة، لكن يبدو أنه لم ينوَ التراجع.
“إذا كان المكان الذي ستذهبين إليه خطيرًا، فمن الأفضل أن أساعدك! لقد جئت إلى الأكاديمية لهذا السبب! لم أعد عبئًا عليكِ بعد الآن!”
“لم أقصد ذلك، كانغ يو… لا أريدك أن تتأذى بسببي. هذه مهمتي أنا، وليس عليك أن تخاطر بنفسك من أجلي–”
“وأنا كذلك! أتظنين أنني لم أُعانِ؟ كنت أراكِ أنتِ والإخوة تتعبون بسببي دائمًا… وعندما اكتشفت أنني قوي، كم كنتُ سعيدًا حينها!”
“…..”
قبض كانغ يو يده بإحكام، وكأنه قد عقد عزمه.
“أنا أريد أن أساعدك. حتى لو كانت الطريق صعبة، فسأكون سعيدًا. لأني أخيرًا أستطيع رد الجميل الذي قدمتهِ لي!”
كانت كلماته مفاجئة، أثارت في داخلي مشاعر غريبة لم أكن مستعدة لها.
عندها، فتح بارك سي وو فمه قائلاً.
“ألم تقل إن هذه الزنزانة ليست خطيرة جدًا؟”
“آه؟ نعم… طالما كنا مستعدين جيدًا. وقد أعددنا الأدوات مسبقًا، لذا لن تكون خطرة كثيرًا.”
أومأ بارك سي وو برأسه وقال.
“في هذه الحالة، لمَ لا ندع كانغ يو ينضم إلينا أيضًا؟”
“سي وو؟!”
“هيونغ…!”
“إنها ليست زنزانة شديدة الخطورة، وبصراحة… لو تركناه، سيحاول على الأرجح أن يتبعنا بمفرده.”
نظرت إلى كانغ يو عند كلام بارك سي وو، فارتبك وخفض عينيه، وكأنه كُشف أمره.
“…صحيح. ربما من الأفضل إبقاءه بجانبنا لنحميه… ماذا عن البقية؟”
“أنا لا أمانع!”
“لا مشكلة عندي.”
“وأنا أيضاً! أظن أن ذلك أفضل!”
حقًا…
نظرت بعد ذلك إلى الطلاب الأكبر سنًا.
“أظن أن هذا سيجعل الأمر أكثر متعة~”
“نعم، لا بأس.”
كنت آمل أن يعارض أحدهم، لكن يبدو أن أحدًا لا ينوي منعه.
أطلقت تنهيدة عميقة.
“وأنت يا يوهان؟”
“أنا أيضًا لا أمانع. كانغ يو قوي بما يكفي.”
“أجل! أنا قوي!”
استسلمت أخيرًا وأنا أتنهد، وأذنت له بالمشاركة.
قفز كانغ يو فرحًا، يدور هنا وهناك.
كنت لا أزال قلقة من أن يتأذى، لكن من جهة أخرى، بدأت أشك إن كان منعي له هو في الحقيقة نوع من الحماية المفرطة.
وإن تركته دون مراقبة، فربما يدخل الزنزانة بمفرده دون استعداد كافٍ، ويتعرض للخطر الحقيقي.
توجهت مع كانغ يو إلى البوابة، بينما كنت أراقبه بقلق تتنازعه مشاعر متضاربة.
***
بعد وقت قصير، ظهرت البوابة أمامنا في المكان الذي كنا فيه.
الظلام المنتشر فيها بدا كما لو كان قد صُبّ بالحبر الأسود — تلك كانت وجهتنا.
زنزانة روح الظلام.
في الرواية، كان يشار إلى هذه الزنزانة بذلك الاسم.
“هل جلب الجميع الجرعات؟”
“نعم!”
شربنا الجرعات التي سلّمنا إياها نا يوهان.
فما إن ابتلعناها حتى بدأت هالة خفيفة تحيط بأجسادنا، وصرنا نرى بوضوح ما كان يخفيه الظلام.
الظلمة الحالكة أمامنا لم تكن سوى مدخل كهف.
كانت الأجواء كئيبة توحي وكأن شبحًا سيخرج في أية لحظة.
كان الذعر واضحًا على ملامح شين باران، لكنها سرعان ما أخذت نفسًا عميقًا، ثم بدأت بالمشي بعزم.
“هيا بنا!”
تقطر… تقطر…
كان صوت قطرات الماء يتردد في المكان.
وصوت أقدامنا وهي تلامس الصخور الصلبة يملأ الكهف.
سِرنا جميعًا بحذر شديد دون أن نسمح لأنفسنا بالاسترخاء.
وحين دخلنا أعمق نقطة في الكهف، وجدنا مفترق طرق.
وفي تلك اللحظة بالذات—
“شين باران! على اتجاه الساعة الثانية! صوبِي على العين!”
شووووو-!
اندفعت أيدٍ سوداء كأنها ظلال من داخل أحد الممرات نحونا.
تلك الأيدي، التي كانت تشبه المجسات، كانت تحتوي في وسط راحاتها على عيون حمراء.
“آآه…!”
ورغم فزعها، صوبت شين باران سهمًا ضوئيًا بدقة نحو العيون.
كياااااااااااه—!!
ما إن أصاب السهم عين أحدها حتى تفككت الأيدي إلى غبار، ولم يبقَ منها إلا العين الحمراء — نواتها.
شين باران، وقد اغرورقت عيناها بالدموع، عاودت التقاط أنفاسها…
“هي هاه فوه… هي هاه فوه…”
…مهلاً، أليست هذا تنفس لاماز الخاص بالولادة؟ لماذا تستعمله هنا؟
“من الآن فصاعدًا، ستخرج أيدي الظلال من الأماكن المظلمة. عليكِ أن تصوبي بدقة نحو أعينها كل مرة.”
“فهمت!”
ورغم الصراخ، كانت شين باران تستهدف أيدي الظلال بكل جرأة.
“آآااه! نعم، نعم، كنت أعلم ذلك مسبقًا!”
“نهاهاها~ أنتِ حقًا…!”
“توقفي.”
تدخلت لي هانا، وأمسكت بتشوي سوجونغ التي كانت تمازح شين باران، وسحبتها بعيدًا. يبدو أنها كانت ستنفجر بالبكاء قريبًا… أحسنتِ يا سِينباي.
على أية حال، تجاهلنا بصمت الصرخات المترددة التي كانت تطلقها شين باران، سواء أكانت رعبًا أم حماسًا.
وبعد هزيمة أيدي الظلال، واصلنا التقدم بسلاسة نسبيًا.
ورغم كثرة الممرات المتفرقة، بدا أن نا يوهان كان يعرف الطريق جيدًا، إذ لم يتردد لحظة في قيادتنا.
في بعض الأحيان، كانت أيادي الظل تخرج من الظلام فجأة، ولكن بفضل توتر شين باران الشديد (؟)، كانت يقضى عليها ما إن تظهر.
يبدو أن المصيبة قد تحولت إلى نعمة. ولم تُتح لأي شخصٍ آخر فرصة استخدام قواه السحرية.
“أنتِ مذهلة، باران.”
“هـ-هـه. هذا لا يُعد شيئًا يُذكر!”
لكن، باران، الدموع تتجمع في عينيكِ.
تظاهرت بأنني لم ألحظ شيئًا.
نعم، المكان فعلاً يُشعركِ بعدم الارتياح.
بعد أن مشينا عبر طرقات متفرعة لوقتٍ طويل، وصلنا إلى تجويف كبير.
وكان محاطًا بظلامٍ كثيف حتى إننا لم نكن نرى ما بداخله.
“لا أستطيع أن أرى شيئًا…”
“لقد أخبرتكم، صحيح؟ كيف سندخل.”
“نعم، قلتَ إن الأرض مليئة بالفخاخ.”
“صحيح. الأرض داخل التجويف مزيج من حجارة عادية وأرضٍ مفخخة. سنقوم أولًا بتغطية الأرض بقوة هانا سينباي السحرية… كانغ يو، هل يمكنك مساعدتنا؟”
“حتى لو لم تطلب، كنتُ سأفعل!”
الغريب أن كانغ يو كان يتصرف بخشونة غير معتادة تجاه نا يوهان.
بعد أن أكدنا خطتنا مجددًا، انطلقنا إلى الداخل.
وفور دخولنا، سمعنا صوت احتكاك غريب قادم من الداخل.
“هيا!”
كوووووررر…!
استدعى كانغ يو قوته السحرية دون تردد، وملأ الماء الأرض بسرعة مذهلة.
“كيييي؟!”
تلك الكتلة التي بدا أنها زعيم الوحوش بدت مصدومة.
“جمّدوه!”
“حاضرة.”
“ها أنا أبدأ!”
ما إن وجهت لي هانا سحرها البارد نحو الأرض، حتى تحولت فجأة إلى طبقة من الجليد.
في الوقت نفسه، انطلقت أسهم شين باران المزودة بالمصابيح الضوئية لتضيء أنحاء التجويف.
وتحت هذا الضوء، ظهر بوضوح شكل الزعيم.
كان يشبه كرة سوداء ضخمة، تحوي نواةً كبيرةً في منتصف جسدها، وتمتلك عشرات الأذرع الشبيهة بأيدي الظلال.
كييييييييي!!!
بدأ الزعيم بالصراخ وهو يغطي نواته — عينه الوحيدة.
وتقدم كل من بارك سي وو، نا يوري، ومين جاي يون للهجوم مباشرة.
“الهجوم! تفعيل المهارة: راية النصر!”
“هذه الأيادي مزعجة للغاية!”
“لهذا السبب أنا أستخدم جميع مهارات التعزيز!”
بينما كانت نا يوري تتذمر، رد عليها نا يوهان وهو يلوّح برايته، مضيفًا مزيدًا من التعزيزات.
كان الزعيم يستخدم نصف أيديه لحماية نواته، والنصف الآخر لمهاجمتنا بلا توقف.
قمتُ أنا وشين باران بحماية نا يوهان، وأطلقنا السهام أحيانًا لتقليل ضغط الأيادي الهائجة.
أما كانغ يو ولي هانا فعمدا إلى تقييد مجموعات من الأيادي باستخدام قواهما السحرية، ثم كانت تشوي سوجونغ تقطعها بعناية، ما قلل من قدرة الوحش الحركية تدريجيًا.
وبعد وقتٍ قصير، فقد الوحش جميع أيديه ولم يبقَ منه سوى جسمه الضخم يتلوى على الأرض.
“لنحطمه!”
“حسنًا!”
بينما كانت نا يوري تحرق الأيادي المتبقية، تقدم بارك سي وو ورفع سيفه ليشق نواة الوحش إلى نصفين.
كووووم!
انقسمت نواة الوحش، أو بالأحرى عينه، إلى قسمين مع جسده، وتفككت إلى غبار.
وظلّت نواةٌ كبيرة واحدة تتلألأ في التجويف المظلم بلون أحمر داكن ومخيف.
“سأقوم بجمعها.”
قال نا يوهان بهدوء وهو يلتقط النواة، ويتقدم أكثر داخل التجويف.
بتلك الخطى الواثقة، تبعناه جميعًا.
وبينما كنا نسير خلفه، ظهرت بوابة سوداء كانت مخفية خلف بعض الصخور.
ابتسم نا يوهان وقال.
“ما دمنا في زنزانة كنوز، فلا بد أن نحصل على الكنز. لا يمكننا رفع مستوياتنا الآن، على الأقل لنكسب شيئًا.”
وما إن فتح الباب، حتى وجدت نفسي أطلق شهقة دهشة دون إرادة.
في الداخل، وُضعت مجموعة من الزينة الفاخرة المكونة من جواهر حمراء على شكل إكليل .
حتى بدون النظر لقيمتها كأدوات سحرية، بدت باهظة جدًا.
“ما هذه الأدوات؟”
سألتُ متعمدة ليسهل عليه شرح الأمر، رغم أنني كنت أعرف الجواب مسبقًا.
“إنها أدوات تمتص طاقة الظلام، وتحمي مرتديها من اللعنات.”
كانت شبيهة بسوار أملكه، لكنها نسخة أضعف.
وبحسب الرواية الأصلية، فهذه الأدوات ستكون ضرورية لاحقًا في ‘زنزانة مصاصي الدماء’.
جمع نا يوهان الأدوات في مخزنه ثم قال.
“لنخرج. سأقوم بتوزيعها خارج الزنزانة لأنها ستكون مهمة لاحقًا.”
“لكن لماذا تأخذها كلها أنت؟”
“…أه، لأن مخزني أكبر.”
تجاهلنا سؤال كانغ يو البريء، وخرجنا من الزنزانة بسهولة بفضل هزيمتنا للزعيم.
وما إن خرجنا من البوابة، حتى نفّذ نا يوهان وعده وأخرج المجموعة بالكامل.
“احفظوها جيدًا. ستحتاجونها لاحقًا بالتأكيد، لا تضيعوها. أولئك الذين يستخدمون طاقة الضوء أو الظلام لا يحتاجونها، فليُستثنوا.”
بعد توزيع السوار، الأقراط، والعقود، تبقّى خاتمان، واحد صغير واخر كبير.
تشوي سوجونغ ولي هانا اقتسمتا زوج الأقراط، كل واحدة أخذت واحدة.
نا يوري أعطت أحد الأساور إلى كانغ يو بعد أن علّقت العقد في عنقها.
ثم أخذ نا يوهان الخاتم الأكبر وارتداه، ثم مدّ يده نحوي.
خاتم؟ لمَ يمد يده هكذا؟
“سألبسه لكِ.”
“حسنًا…”
ياللإحراج…
مددت يدي اليسرى نحوه، فوضع الخاتم الصغير في إصبعي الخنصر، لكنه كان كبيرًا.
“لحظة…”
أزاله ووضعه في إصبعي البنصر، فناسب تمامًا.
“إنه يناسبه تمامًا!”
“لحسن الحظ. لو لم يكن كذلك، لاضطررنا للتعديل-“
لكن قبل أن يُكمل، امتدت يد رجلٍ آخر وأمسكت بيدي فجأة، ونزعت الخاتم بهدوء من إصبعي.
رفعت بصري لأرى صاحب اليد.
تحت ضوء القمر، كانت عينا بارك سي وو الزرقاوان تتلألآن ببرود.
“ناهيون، بما أنكِ قناصة، فربما يكون نوع آخر من الزينة أنسب لكِ من الخاتم.”
كان بارك سي وو…
وخلفه، كان كانغ يو يحدّق في نا يوهان بنظرةٍ أشبه بالأشباح المرعبة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 112"