9. كيفية استقبال الفصل الدراسي الجديد (٢)

 

 

صحيح أن كانغ يو كان يحب الالتصاق بي كثيرًا، لكنني لم أتوقع منه تصرفًا مفاجئًا كهذا!

 

بدا نا يوهان مرتبكًا قليلًا أمام اقتراح كانغ يو المفاجئ، وظل صامتًا للحظة. كانت اهتزازات حدقتيه واضحة تمامًا.

 

لحظة صمت قصيرة، ثم التقت نظراتهما.

 

“لا أظ—”

 

لكن ما إن بدأ نا يُوهان بفتح فمه حتى أطلت إغدراسيل برأسها من الجهة الأخرى فجأة.

 

“همم! بعد التفكير، يبدو أن هذا خيار جيد! ناهيون قريبة من كانغ يو، لذا سيكون من الأفضل أن تساعده على التأقلم في الأكاديمية!”

 

“أليس كذلك؟”

 

بمجرد أن انضمت إغدراسيل إلى الموقف، بدت ملامح كانغ يو فخورة كقط ربح معركة.

 

في المقابل، انطلقت نظرات نا يوهان القلقة نحوي.

 

.…لا، حتى لو نظرت إليَّ بهذه العيون المتوسلة، لا يمكنني فعل شيء.

 

هل يكره تغيير مقعده إلى هذه الدرجة؟

 

أخذت أفكر بسرعة، ثم توصلت أخيرًا إلى حل وسط.

 

لا مفر. لا يمكن أن أُظهر للقراء أن نا يُوهان يُطرد من مقعده بهذه الطريقة. 

 

صحيح أن ذلك سيقلل من تركيز ظهوري، لكن لا بأس.

 

“مع ذلك، هذا المقعد في الأصل يخص نا يُوهان، أليس كذلك؟ سأجلس مع كانغ يو في المقعد الفارغ بجوار الباب.”

 

“ممتاز!”

 

ما إن قلت ذلك حتى أشرقت ملامح كانغ يو على الفور.

 

أما وجه نا يوهان فقد خيّم عليه الظلام فجأة. …ما به الآن؟

 

هكذا، انتقلت إلى المقعد القريب من باب الصف.

 

…وكنت أشعر بالأنظار الحارقة من كل اتجاه.

 

آسفة، سأشرح كل شيء لاحقًا…

 

“واو، أصبحتُ أجلس بجوار أختي!”

 

“أجل، صحيح.”

 

رغم كل ما حدث، ابتسم كانغ يو كمن يملك العالم بأسره.

 

ورؤية ملامحه السعيدة تلك جعلت مزاجي يتحسن فورًا. أخي الصغير… إنه لطيف جدًا.

 

أمسكتُ بيده بإحكام، ووجّهت نظري إلى الأمام.

 

بما أن اليوم هو أول أيام الفصل الدراسي الثاني، فقد قيل إنه سيُخصص للدروس النظرية فقط دون تدريب عملي.

 

“لقد درستُ مسبقًا!”

 

“أحسنتَ، كانغ يو.”

 

أثنيتُ على اجتهاده الكبير، وبدأنا نتابع الحصة ونأخذ الملاحظات معًا.

 

ولدهشتي، كان كانغ يو متفوقًا حتى في المواد النظرية.

 

رغم أنه كان ذكيًا منذ صغره، إلا أنني كنت قلقة — لأنه أشبه بطفل إعدادي أُلقي به في ثانوية عليا.

 

وأحيانًا، كنت أشعر بنظرات تتجه نحونا، وعندما ألتفت، ألتقي بعيني بارك سي وو.

 

أما نا يُوهان، فقد ظل يلتفت نحونا مرارًا وتكرارًا حتى انتهى به الحال بتوبيخ من المعلمة.

 

مع أنه ليس من شخصيات الرواية الأصلية، لكنه يولي به اهتمامًا كبيرًا بشكل مفرط.

 

يجب أن أشرح له الأمر مباشرة بعد انتهاء الحصة. أنه أخي.

 

هكذا قضيت وقت الحصة مع كانغ يو، نتشارك في الدروس بلُطف، ووصل وقت الاستراحة بسرعة.

 

“من هذا؟”

 

“أهو أخوكِ؟”

 

ما إن انتهت الحصة، حتى جاء كلٌّ من نا يُوهان وبارك سي وو وسألا بأسلوب متتابع.

 

ومن خلفهما، كانت تشوي سو جونغ تضحك بخفة وكأنها مستمتعة بالمشهد.

 

“مرحبًا بكم!”

 

حيّاهم كانغ يو بابتسامته الواسعة، بينما كنت أمسك بيده وأقول.

 

“نعم. إنه أخي.”

 

“هل ناهيون من سلالة حوريات البحر؟”

 

سألتني شين باران بدهشة، فأخذتُ لحظة صمت، ثم ابتسمتُ بثقة وأجبتها.

 

كنا قد اتفقنا أنا وكانغ يو ألّا نخفي الأمر، لذا لا بأس.

 

فمهما قالوا، كانغ يو هو أخي العزيز الذي أفتخر به.

 

“لا، ليس الأمر كذلك. أنا أعيش حاليًّا في ميتم، وكانغ يو هو أخي الذي التقيتُ به هناك.”

 

عند سماع كلامي، شهق نا يُوهان بصوت منخفض، وبدت على وجهه ملامح غريبة متألمة.

 

لاحظتُ نا يُوري ذلك، فعقدت حاجبيها وتقدمت نحوي، وكأنها تحاول أن تحجب نا يُوهان عن ناظري.

 

تجاهلتُ نا يُوهان، وتفرغت للإجابة على أسئلة الآخرين الذين كانوا يطرحونها علينا أنا وكانغ يو.

 

“نياهها! لم أكن أعلم!”

 

“نعم، بالفعل.”

 

كل من تشوي سو جونغ ولي هانا تحدثتا إلينا وكأن الأمر لا يهمهنّ أبدًا.

 

وكذلك بقيّة الزملاء.

 

بل على العكس…

 

“سعدتُ بلقائك، شقيق ناهيون!”

 

“مرحبًا بك، أخ ناهيون… أنا مين جاي يون.”

 

“مرحبًا!”

 

تمامًا مثل نا يُوري ومين جاي يون، استقبلوه بكل ودّ، كأنهم يُثبتون أنهم يعترفون بأنه أخي حتى لو لم نكن من دم واحد.

 

وفجأة، تذكرتُ كيف كان الناس ينظرون إليّ في الماضي عندما يُكتشف أنني من الميتم… تلك النظرات المليئة بالإيحاءات.

 

…إنهم أناس طيبون فعلًا.

 

لكنني أعلم جيدًا أنك لست شخصًا سيئًا أيضًا.

 

شعرتُ بأن نا يُوهان محاصر بمشاعر مظلمة، فلم أستطع منع نفسي من النظر إليه.

 

“يوهان.”

 

“…هاه؟ أ- أجل.”

 

بدا نا يوهان متفاجئًا، وكأنه لم يتوقع أن أناديه الآن.

 

تجاهلت الحشود من حولنا، وتوجهت إليه.

 

“هل يمكننا التحدث قليلًا؟”

 

أومأ نا يُوهان بصمت، فأخذته معي إلى ركن خالٍ من المدرسة.

 

“ما الأمر؟”

 

سألني بنبرة متوترة ووجهه ما زال متجهمًا.

 

…لا داعي لأن تكون آسفًا بهذا الشكل الواضح، يا أحمق.

 

ولأمنعه من التورط أكثر، سارعت بالحديث.

 

“تذكر ما قلتُه سابقًا… عن المفتاح؟”

 

ما إن ذكرتُ ذلك حتى اتسعت عينا نا يُوهان.

 

نعم. السبب الوحيد الذي جعلني أناديه على انفراد، هو هذا.

 

لأنني أريد أن أنهي أمر المفتاح معه تمامًا.

 

لأضع نقطة النهاية، وأؤكد له أنني لن أتخلى عنه أبدًا!

 

القلق يكاد يقتلني.

 

أخرجتُ المفتاح السابع من المخزن بابتسامة مطمئنة.

 

“أنت تريد أخذ هذا المفتاح… لأنك تخشى أن يُشكل خطرًا عليّ، أليس كذلك؟”

 

“نعم… لا نعرف ما الذي قد يحدث—”

 

“لكن إن كان هذا المفتاح خطيرًا حقًا، فليس أنا فقط، بل حتى أنتَ إن حملته ستتعرض للخطر. ولا أريد ذلك.”

 

كانت كلماتي تلك صادقة إلى حد ما.

 

صحيح أن تفاصيل الرواية الأصلية تغيرت كثيرًا، لكن طالما أنني ما زلت أملك فكرة عن خطّ الأحداث، فربما يكون من الأفضل أن أحتفظ به أنا.

 

وقد يكون هذا كافيًا ليحميه هو أيضًا.

 

أكثر من أي شيء، كنتُ قد بدأتُ أكنّ بعض المودة لنا يوهان أيضًا.

 

نظرتُ إليه مباشرة، وكان يبدو مرتبكًا أمام نظرتي الجادة.

 

“هذا لأن…”

 

“يوهان، أريد أن أحمل العبء معك. لذا، ثق بي.”

 

ثم ابتسمتُ.

 

“وإذا أصبح الأمر خطيرًا فعلًا، فسنفكر معًا في ما يجب فعله. أليس هذا ما وُجد له الأصدقاء؟”

 

عند كلماتي، اتسعت عينا نا يوهان كما لو أدرك شيئًا، ثم ابتسم ابتسامة هادئة.

 

“…حسنًا، سأثق بكِ.”

 

رائع، لقد نجحتُ في إقناعه.

 

شعرتُ برغبة في قبض يدي بقوة من شدة الرضا، لكنني كتمتُها.

 

“لكن إن حدث أي شيء غير طبيعي، يجب أن تُخبرينا جميعًا في الحال. هذا وعد.”

 

“طبعًا!”

 

فحياتي عزيزة عليّ!

 

لكن هذا لا يعني أنني سأُفرط في عشرين مليون نقطة بهذه السهولة!

 

وبينما كنتُ أبتسم أنا ونا يوهان لبعضنا بعد اتفاقنا هذا، اهتزّت الأرض فجأة.

 

كووونغ—!!

 

ارتجّ المكان، وفقد نا يوهان توازنه وكاد يسقط. أسرعتُ بالإمساك به ودعمته.

 

“…شكرًا.”

 

همس بذلك وقد احمرّ وجهه. ربما شعر بالإحراج من ضعفه الجسدي.

 

“لا بأس! لكن… ما الذي يحدث؟ هجوم؟”

 

“من يدري، لا أعل—”

 

وفي تلك اللحظة، دوّى صوت بارك يورا من جميع مكبرات الصوت في المدرسة.

 

<ناهيون! انظري! إنها ثمرة تعاوننا، أنا وكيم كانغ ها!>

 

درررررر—

 

واهتزّت الأرض مجددًا.

 

بدهشة، ضممتُ نا يوهان بقوة وأنا أنظر نحو مصدر الاهتزاز.

 

حاول أن يتملص من بين ذراعيّ، لكن لم يكن هذا الوقت مناسبًا لذلك.

 

“ما هذا الشيء؟! هل… هل هو وحش؟!”

 

لأنّ روبوتًا عملاقًا قد خرج لتوّه من تحت الأرض!!!

 

كان بحجم مبنى المدرسة، واقفًا في مواجهة التلاميذ الملتصقين بالنوافذ وهو يتخذ وضعية هجومية.

 

وحُجبت الشمس بالكامل عن مبنانا بفعل جسده الضخم، فتحول المكان إلى ظلّ حالك.

 

“ما هذا بحق…؟”

 

“…إذا استندنا إلى ما قيل في الإذاعة، يبدو أن بارك يورا هي من فعلت هذا. لكن… أهي التقت بكيم كانغ ها فعلًا؟”

 

أوه… على الأرجح، هذا بسببي.

 

تذكرتُ الحادثة التي جعلتهما يلتقيان أثناء العطلة، وبدأ العرق البارد يتصبب من ظهري.

 

لم أكن أتخيل أن مجرد لقائهما سيؤدي إلى كارثة بهذا الحجم!

 

حاولتُ التظاهر بالهدوء وفتح فمي لقول شيء، لكن حينها، سُمعت أصوات أقدام تقترب بسرعة.

 

“أختي!”

 

إنه كانغ يو وبقية المجموعة. كيف عرفوا أنني هنا…

 

آه، صحيح. كانت هناك وظيفة تتبع في ذلك البروش الذي أعطاني إياه بارك سي وو من قبل. يبدو أنهم استخدموها في هذا الموقف الخطير.

 

كنتُ أخفيتُه في جيبي بدل ارتدائه علنًا أمام نا يوهان، لكن الحمد لله على ذلك.

 

كانغ يو، الذي ركض باتجاهي، بدأ ملامحه تتغير كلما اقترب أكثر—اختفى البريق من عينيه وتجمد وجهه.

 

وقف أمامنا وخاطبنا بصوت منخفض.

 

“ماذا تفعل، هيونغ؟”

 

كانت نبرته باردة كنسمة حادة، ونظراته جامدة وهو يحدق في نا يوهان الذي لا يزال بين ذراعي.

 

ارتجف نا يوهان حين التقت نظراتهما.

 

خشيتُ أن يُساء فهم الموقف، فسارعتُ بالابتعاد عنه، وعندها فقط عادت ملامح كانغ يو إلى هدوئها المعتاد.

 

كانغ يو يقلق عليّ كثيرًا فعلًا.

 

“أختي!”

 

عانقني بقوة، فربتُّ على ظهره مهدئة.

 

وبينما كنا نغرق في هذه الأجواء الأخوية الدافئة، قطع بارك سي وو المشهد بتعليق هادئ.

 

“على كل حال، ذُكر اسمكِ في البث قبل قليل، ناهيون. هل لديكِ فكرة عمّا يحدث؟”

 

“…لا أدري. أظنّها فقط أرادت أن تستعرض اختراعها فحسب؟”

 

“نياههاه! من أول يوم دراسي وبدأت المتعة~!”

 

وفجأة، اهتزّت الأرض مجددًا—كووونغ!

 

وعادت مكبرات الصوت تنقل صوت بارك يورا الصاخب.

 

<تفكيكه؟! ألا تدركون كم هو اختراعٌ عظيم؟!>

 

ما هذا الآن؟!

 

ركضنا إلى النوافذ لنرى ما يجري. هناك، رأينا المعلمين قد اقتربوا من الروبوت وهم يصيحون باستخدام مكبرات الصوت.

 

– إذا لم تستجيبي، سنفككه بالقوة!

 

<هاها! تفضلوا، جرّبوا!>

 

“…هل تنوي القتال؟ ضد المعلمين؟”

 

تمتمت شين باران بدهشة.

 

ولم تكن لي هانا أقل استغرابًا من ثقة بارك يورا الزائدة.

 

فمعلمو هذه الأكاديمية، لا يُستهان بهم أبدًا.

 

فهم نشأوا في مجتمع المستيقظين، وخاضوا طريق النخبة، وحققوا إنجازات مرموقة كلٌّ في مجاله— مخضرمون ومحترفون.

 

صحيح أنهم سقطوا جميعًا تحت تأثير لعنة في امتحان منتصف الفصل، لكن تلك كانت لعنة قوية لدرجة أن حتى التميمة التي أعطيتها لـ لي هانا لم تستطع فكّها. لذا، ليسوا ضعفاء أبدًا.

 

معظم الصيادين العاديين لا يمكنهم حتى الاقتراب من مستواهم.

 

فما الذي يمنح بارك يورا هذه الثقة؟

 

– استعدوا للقتال!

 

– لنهاجم!

 

“على الأقل، سنحظى بفرصة لرؤية مهارات المعلمين على أرض الواقع.”

 

“صحيح.”

 

وافقت لي هانا على تعليق نا يُوري بهدوء.

 

فِكرٌ جيد. ربما سأتمكن من تقييم المستوى الذي أطمح لبلوغه.

 

وجهتُ نظري نحو المعلمين الذين يستعدون للهجوم.

 

“…أتساءل إن كان هذا حقًا سينجح.”

 

علّق نا يوهان بكلمات غامضة، لكنني تجاهلتها عمدًا.

 

في اللحظة التالية، اندفع أحد المعلمين من الصفوف الأمامية وهو يشهر سيفًا ضخمًا نحو الروبوت.

 

***

 

لاحقًا…

 

“مستحيل…”

 

“بارك يورا… مذهلة حقًا…”

 

“بل أكثر من مذهلة… لا أجد حتى الكلمات المناسبة.”

 

شهقت شين باران ومين جاي يون ونا يوري بذهول.

 

“يبدو كزعيم طابق في لعبة تقمص أدوار.”

 

“حقًا. ماذا حدث بالضبط؟”

 

عقّب بارك سي وو، ووافقه نا يوهان وهو يقطّب جبينه.

 

كنتُ أرتجف من القلق دون أن أشعر.

 

رغم الهجمات الشرسة التي أمطرها المعلمون، إلا أن درع ذلك الروبوت الوحشي ظلّ سليمًا تمامًا!

 

“نياههاه! مذهل!”

 

“حقًا.”

 

– استدعوا السيدة إغدراسيل حالًا!

 

– …ما الذي صنعتْه هاتان الاثنتان؟!

 

<هاهاها! هذه هي قوتنا الحقيقية!>

 

<رائع، أليس كذلك؟>

 

لا! ليس رائعًا!!!

 

وبينما كنا نقف مذهولين أمام هذا الروبوت الجبار، سمعنا فجأة صوتًا مألوفًا من الخلف.

 

“هممم، لقد صنع هذان شيئًا مذهلًا فعلًا! إنه يثير الاهتمام حقًا!”

 

“إغدراسيل؟!”

 

دون أن ننتبه، تسللت بيننا، متدلّية من النافذة، مرتدية نظارة شمسية ذات عدستين ملونتين—اليسرى حمراء واليمنى زرقاء— وهي تتابع المعركة.