9
الفصل 9
“آه، أيها الدوق. كيف انتهى بك الأمر في مكانٍ مثل هذا؟ لو كنتُ أعلم أنك قادم، لكنتُ قد حجزتُ طاولةً في مطعم. لم نلتقِ مؤخرًا، أليس كذلك؟ ولكن… من تكون تلك الفتاة؟”
راقبتني الآنسة روز بنظراتٍ متفحصة. كنتُ أعلم أنها تكذب. كانت تعرف بالفعل من أكون.
“مر وقتٌ طويل، آنسة روز. هذه هي ابنتي.”
“فهمت. يا لها من مفاجأة، يجب أن نصبح مقربتين، أيتها الصغيرة. فنحن سنصبح عائلةً قريبًا.”
لوّحت الآنسة روز بمروحتها بطريقةٍ مبالغٍ فيها، فبدت أشبه بطائرٍ أنيق مزهوٍّ بريشه اللامع.
“سمعتُ شائعاتٍ بأنكَ تبنيتَ يتيمةً فقيرة من العامة. إنها أجمل مما توقعت.”
“لا أعلم بشأن التوقعات، ولكن نعم، هي جميلة.”
أجاب كالين بصوتٍ منخفض. ضحكت الآنسة روز بسعادة، وكأنها سمعت شيئًا مسليًا.
“الأعمال الخيرية أمرٌ في غاية الأهمية. أنا أحترم . …هوايتكَ، يا سعادة الدوق. فحتى العامة تُعتبر من البشر، ومع التدريب الجيد، يمكنهم اكتساب شخصيةٍ نبيلة. سأكون سعيدةً بالمساعدة. يمكنني إيجاد طرقٍ لإخفاء أصل هذه الفتاة. هل عثرتَ على معلمٍ خاصٍ بها؟ أعرف معلمًا شديد الصرامة، لا يتردد في استخدام العقاب البدني إذا لزم الأمر.”
كدتُ أن أفقد وعيي عند سماع كلمات الآنسة روز التالية.
فجأة، أنزلني كالين برفق، ثم انحنى لينظر في عينيّ مباشرة.
“من أكون؟”
“أنتَ …. سعادة الدوق.”
“هذا ليس ما أعنيه.”
همس كالين.
“أنا والدكِ. قوليها.”
“… آه.”
ترددت، خجلتُ من النطق بها.
“ما زلتِ تشعرين بالخجل، أليس كذلك؟”
أومأتُ برأسي بخفة. كنتُ على وشك أن أجمع شجاعتي لمناداته بـ”أبي”، لكنه تابع حديثه.
“إذًا، لديّ طلبٌ آخر منكِ.”
“ما هو؟”
“أخبري تلك المرأة بأن تغادر. فورًا.”
ساد الصمت بيننا للحظة. اعتقدتُ أنني سمعتُ خطأ.
“سعادتك؟ ماذا تعني؟”
تحوّلت ملامح وجه الآنسة روز إلى اللون الشاحب.
“آه، لا تفهمين التلميحات؟”
ابتسم كالين وأكمل.
“أعني أن تختفي من أمامي فورًا. ويُفضل ألا أراكِ مجددًا. وبطريقةٍ أكثر صراحة، أخرجي من هنا.”
“…..!”
“هل فهمتِ الآن، آنسة روز؟”
فتحت الآنسة روز فمها من الصدمة. وأنا أيضًا فعلتُ الشيء نفسه.
“كيف… كيف تجرؤ على قول ذلك لي؟”
ارتعشت شفتاها من الغضب.
شعرتُ وكأنني أشاهد مشهدًا من مسرحية.
‘الآن أتذكر، هذا هو كالين تمامًا.’
متكبر، ولكن هذا ما يجعله فاتنًا كوحشٍ مفترس. رجلٌ قاسٍ بعض الشيء. أناني، لكنه لا يُقاوَم.
لكن بصراحة، شعرتُ بلذةٍ خفية.
ربما كنتُ شريرة بعض الشيء أيضًا.
“قولي وداعًا، صغيرتي.”
همس كالين.
“لن تلتقي بها مجددًا.”
ترددتُ للحظة، ثم تحدثتُ.
“وداعًا، سيدتي.”
تمسكتُ بطرف معطف كالين بخجل. انفجر كالين ضاحكًا.
“أنتِ مهذبة. نعم، هكذا يجب أن تتصرف النبيلة.”
عبث بشعري الذي رتّبته الخادمات بعنايةٍ في الصباح.
آه، كان الشعور لطيفًا، لكنه محرجٌ بعض الشيء.
“أنتِ! هل تعرفين من أنا؟”
نظرت إليّ الآنسة روز بدهشة، وكأنها لا تصدق ما يحدث.
هل حقًا تحاول الآن أن تصب غضبها عليّ؟
“لا. لكنني سعيدة لأنني لستُ جميلة مثلكِ.”
“ماذا؟”
“لو كنتُ جميلةً مثلكِ، لكانوا قد زوّجوني بالفعل.”
لم أعد أستطيع التوقف عن الكلام.
“أليس كذلك؟”
عند كلماتي، شحب وجه الآنسة روز تمامًا. نظرت إلينا أنا وكالين بارتباك.
“أو هل ترين أنني أبدو وكأنني سأباع إلى سيرك؟”
عضّت على شفتيها بقوة. بدت وكأنها تشتعل غضبًا.
دون وعي، تمسكتُ بكالين أكثر.
“هل تذهبين حول العالم تسترقين السمع كقطةٍ ضالة؟”
“سيكون من الأفضل لو توقفتِ عن تهديد ابنتي مثل الكلاب المسعورة، آنسة روز. على أيِّ حال، هل سمعتِ يومًا عن أمر الطرد؟”
“لكن هذا ليس منزلك، يا دوق!”
أمر الطرد… أليس معناه طرد شخصٍ من مكانّ ما؟
نظر إليها كالين بملامح تنطق بالملل.
“هذا الشارع بأكمله ملكي. من برأيكِ يملك هذا المبنى؟ ظننتُ أنكِ تعلمين ذلك عندما اقتربتِ مني. أشعر بخيبة أمل.”
“…!”
“آه، لكنكِ لستِ مضطرة لمعرفة أيِّ شيء، لا تقلقي.”
هاه، حسنًا إذًا.
“هل عليّ استدعاء الحراس؟”
وجّه كالين كلامه نحو الآنسة روز.
غيّرت نبرتها سريعًا إلى التوسل.
“سعادة الدوق، كالين، نحن في علاقة! كيف يمكنك قول شيءٍ كهذا…؟”
“تناولنا الطعام معًا بضع مرات، وتعتقدين أننا في علاقة؟ لم أكن أعلم أنكِ بهذا التفاؤل. ولكن، إن كان هذا يجعلكِ تشعرين بتحسن، فيمكنكِ إخبار الناس أنكِ أنتِ من أنهى الأمور.”
تحدث كالين بأسلوبٍ في غاية التهذيب.
“والآن، هل ستختفين بسرعة؟ لا أحب تكرار كلماتي. ألا تخافين من العواقب؟”
لكن كلماته حملت نبرةً باردة.
امتلأت عينا روز بالدموع. عضّت شفتيها واستدارت غاضبة، ثم غادرت المكان.
“ماذا حدث بينكِ وبين الآنسة؟”
تحدثت مخفضةً لصوتي.
“لقد استرقتُ السمع على حديثها.”
بدا أن كالين على وشك طرح المزيد من الأسئلة، لكنني سارعتُ بتغيير الموضوع.
“ولكن، كيف عرفت أني في هذا الشارع بهذه السرعة؟”
“لقد كنتِ تتألقين تمامًا كما في لقائنا الأول.”
أجاب كالين بنبرةٍ ساحرة، وكأنه فنانٌ بارعٌ في الغزل.
احمرّ وجهي.
‘يا إلهي… إنه يعرف تمامًا كيف يجعل كلامه مؤثرًا.’
هل هذه هي طبيعة حياة النبلاء؟
في تلك اللحظة، نزلت ماريان من الطابق الثاني، بدلاً من أن تخرج من غرفة تبديل الملابس.
كانت لا تزال ترتدي الفستان نفسه من قبل.
‘أوه، ألم تذهب إلى غرفة القياس لتجربة فستانٍ جديد؟’
“كالين، متى وصلت؟ يا إلهي، هل كنت مع الطفلة؟”
نظر كالين إلى ماريان من رأسها إلى أخمص قدميها.
“أتيتِ إلى المتجر، ومع ذلك، بدلًا من تجربة فستانٍ جديد، ترتدين نفس الفستان الذي ارتديته قبل أسبوعين؟ وعلاوةً على ذلك، بدلًا من رعاية الطفلة، نزلتِ من الطابق الثاني الذي يملك مدخلًا خلفيًا…؟”
تحدَّث كالين ببطء.
أصدرت ماريان صوتًا غريبًا، قاطعةً حديثه.
“توقّف! لا تقل المزيد! تحليل الأشخاص بدلًا من تحيَّتهم أليس هذا كثيرًا؟ حتى لو كنت تعرف، ألا يمكنك التظاهر بعدم المعرفة؟ آه، أنت دائمًا شديد الذكاء لدرجةٍ مخيفة.”
تذمرت ماريان واحمرَّت وجنتاها.
“كما ترى، السيدات تستخدمنّ المتجر لأغراض متعددة.”
“أتمنى أن تدرك أختي كم هو مزعجٌ أن يكون لديَّ أختٌ تعتبر المواعدة هوايتها. رجاءً، امتنعي عن استخدام المتجر كمكانٍ للقاءات السرية.”
“وماذا عنك؟ أنت تسحر جميع نساء العاصمة تقريبًا. ثم مع كوني امرأة، ألا يحق لي أن أواعد؟”
“أنتِ قديسة. من يعمل في مهنةٍ خاصة يجب ألَّا يتصرَّف بهذه الطريقة.”
كانت كلمات كالين منطقيةً للغاية لدرجة أنني كدت أوافق عليها.
القديسة… أليس ذلك يشبه وظيفة الراهبة؟
غيَّرت ماريان نبرتها وهاجمته من زاويةٍ أخرى.
“وفي الوقت نفسه، أنت تخرج مع نساءٍ مثل الآنسة روز. هل تعلم كم تباهت مؤخرًا برؤيتك؟ إذا أصبحت دوقةً، فسيكون الأمر مزعجًا للغاية.”
“لست متأكدًا مما إذا كنا نواعد بعضنا، لكن إن كنا كذلك، فقد انفصلنا.”
“…ماذا؟ متى؟”
“لقد تخلَّت عني.”
بعدما قال كالين ذلك، تبادلنا النظرات في نفس اللحظة.
لم أستطع منع نفسي من الضحك قليلًا. شعرت وكأننا نتشارك سرًّا.
“هل حصلتِ على كل ما تحتاجينه؟”
“بالطبع. هل ترى هناك؟”
أشارت ماريان إلى المدخل. كان هناك جبلٌ من صناديق الهدايا المكدسة.
“أمم، بخصوص الملابس…!”
كانت هذه فرصتي لإيقاف ماريان.
“أنا سعيدةٌ جدًّا لأن السيدة ماريان أحضرتني إلى هنا اليوم، لكن… أعتقد… أنكِ ربما أنفقتِ… الكثير من المال في المتجر اليوم.”
حوَّل كالين وماريان أنظارهما إليّ.
لو أنفقت ماريان بالفعل 100 قطعةٍ ذهبية على ملابسي، فقد أفقد الوعي من الصدمة.
“كم أنفقتِ؟”
“حدَّدت ميزانية قدرها 100 قطعة ذهبية وطلبت كل المجوهرات والحرائر التي لديهم.”
“لقد ارتكبتِ خطأً.”
تحدث كالين بنبرةٍ مستاءة.
أليس كذلك؟ آه، لقد كان من الجيد أنني تجرَّأتُ على الحديث.
على الأقل، تجنبت خطر طردي خارج المنزل لإفلاسي لعائلة الدوق.
“كان ينبغي أن تضعي الميزانية عند 200 قطعة ذهبية. عليكِ دفع عربون لفساتين الموسم القادم حتى يُحضِّروا أفضل أنواع الحرير. ماذا سيقول الناس إن رأو ابنة الدوق ترتدي ثيابًا رثَّة؟”
“آه-ها! هذا صحيح! أنت الأفضل، أخي!”
…ماذا؟
شككت في أذنيّ. ابتسمت ماريان بسعادة.
“إذًا، هذا هو الحل!”
أيُّ حلٍ بالضبط؟!
“لكنني سعيدةٌ تمامًا بفساتين الطفولة الخاصة بالسيدة ماريان. لديَّ بالفعل خمسةٌ منها في المنزل!”
“لكن كيف ستملئين غرفة الملابس بخمسة فساتين فقط؟”
أمالت ماريان رأسها.
“وليس لديكِ ما يكفي من الملابس للحفلات.”
“لكن هذا سيكون… كثيرًا… سيكون دينًا كبيرًا للغاية…”
“لا تقلقي. لا يوجد شيء اسمه دين هنا. هذا ببساطة هذا واجب الوصي.”
قال كالين ذلك. لم أسمع قط عن مثل هذا الواجب. كان الأمر مزعجًا حقًّا.
“كم عدد الفساتين التي طلبتيها؟”
“لقد طلبت حوالي عشرين فستانًا في الوقت الحالي.”
“جيد، إذًا أطلبي المزيد.”
تحدثت بسرعة.
“أمم، أشعر بالتعب قليلًا. أنا آسفة، لكنني أشعر أنني على وشك أن أنام…”
كنتُ مرهقةً حقًّا. التسوُّق كان يستنزف طاقةً هائلة. ولحسن الحظ، نجح عذري.
“أوه؟ إذًا لا خيار آخر. أوقفوا باقي الطلبات مؤقتًا.”
أمر كالين الموظف الرئيسي.
أجاب الموظف بأدب.
“سنُعدُّها كأولويةٍ قصوى.”
بمساعدة الموظفين، ارتديتُ مجددًا الفستان البني الذي كنتُ أرتديه عند وصولي.
عندما خرجت من غرفة القياس، وجدت كالين ينتظرني جالسًا على الأريكة.
“تعالِ إلى هنا.”
أشار كالين بيده.
“كالين، ماذا عني؟”
رفعت ماريان رأسها بعدما كانت تجرِّب الفساتين على نفسها.
“عودِ إلى المعبد وصلِّي. حاولي أن تكوني جادَّةً في دوركِ لمرةٍ واحدة.”
“…تشه. حسنًا. لكن صغيرتي، عليكِ أن تلعبي مع عمتكِ مرة أخرى، حسنًا؟”
ابتسمت ماريان ابتسامةً مشرقة ولوَّحت بيدها.
“لا. أنتِ لستِ موهوبةً في رعاية الأطفال. الطفلة ليست دمية. أفهم ما تريدينه، لكن لا تأخذيها للخارج دون إذن.”
تحدث كالين بصرامة، ربما لأنه تذكَّر كيف رآني أتجول وحدي في الشوارع.
لكن ماريان تجاهلته تمامًا ولوَّحت لي مبتسمةً.
“لا تهتمي لما يقوله أخي. تذكري، المرة القادمة يجب أن تناديني بالعمة ماريان!”
ابتسمتُ ولوَّحت لها، لكن عندما التقت عيناي بعينيّ كالين، تظاهرتُ مجددًا بأنني أشعر بصداع.
بمجرد أن صعدتُ إلى العربة، شعرت بالكآبة مجددًا وأنا أفكر في البالون.
‘ماذا يجب أن أقول لجايد؟’
كنتُ سعيدةً حقًّا بالحصول على البالون.
لكن إذا عدت بدونه، ألن يعتقد أنني كذبت؟ كنا قد بدأنا للتو في التقارب…
“آه… آه…”
في تلك اللحظة، ترنَّحت امرأة واقتربت منا.
سارع كالين بإخفائي خلف ظهره.
“أرجوكم… ساعدوني…!”
مدَّت المرأة يدها نحونا. كانت ذات شعرٍ أحمر.
“…هذه المرأة تبدو… غريبة.”
– دوووب.
وفي اللحظة التالية، انهارت المرأة شاحبة الوجه على الأرض.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 9"