” هذا تقريرٌ عنِ الفَتاةِ الصغيرةِ ليي؛ عَاشتْ في أحيَاءِ سيتون الفقيرةِ، بلا مأوى. لم يَكُن لها عَلاقاتٌ إلَّا معَ الأطفالِ المشابهينَ لها من تلكَ الأحياءِ. لم تَلفتْ انتباهَ أيِّ حارسٍ، ولم تُرَ يومًا وهي تسرقُ. كانتْ تعيشُ على التسولِ. صحتُها جيدة. لم يكُن لها أيُّ تواصلٍ مع أيِّ منظمةٍ. لقد تم القضاءُ على المجرمينَ والنشالينَ في تلكَ المنطقةِ منذُ زمنٍ بعيدٍ، ولم يبقَ هناكَ سوى المتسولين.”
كان كالين جالسًا على كرسي.
لم يُبدِ أيَّ اهتمامٍ بخطابِ زيون، بلْ لوّحَ بيدِه نحوهُ.
“أحذيتي.”
اقتربَ زيون، وجثا على ركبتيِه، وبدأَ في فكِ أربطةِ حذائِه.
“إذًا، لا شيءَ مُريبٌ بشأنِها.”
“نعم.”
صمتَ زيون للحظةِ، ثم فتحَ فمهُ بهدوءٍ.
“هل قررتَ تبنّيها بسببِ تلكَ الزهرةِ؟”
“أوه، نعم. الزهرةُ الحَمراءُ التي كنتُ أبحثُ عنها منذُ زمنٍ طويلٍ. وها قدْ أحضرتها تلكَ الفتاةُ لي.”
“…..”
“ستقودُني إلى من قتلَ أمي.”
كانتْ هذه هي الدلالةُ الوحيدة.
زهرةٌ حمراءُ غريبة، لم يكُن لها حتى اسم.
لم يتمكن الدوقُ من العُثورَ على مثلها، حتى بعدَ أن قلبَ البلادَ رأسًا على عقبٍ.
“هل تظُنُ أن هذه الزهرةَ لها علاقةٌ بـ ذلكَ الشخصِ؟”
“نعم.”
منذُ طفولتِه، تعامل كالين مع الأشرارِ.
كان معظمهم من السهلِ القبضُ عليهم، وانتهتْ بهم الحالُ بشكلٍ بائس، ولكن كانَ هناكَ قاتلٌ واحدٌ ظلَّ متخفيًا طيلةَ هذا الوقتِ.
“هذه الزهرةُ كانتْ دائمًا موجودةً في مسارحِ جرائمَ غامضةٍ؛ لكن الشرطةُ لم تتمكن من التقدُمِ خطوةً واحدةً في هذا الاتجاه، وأنا كذلكَ أيضًا.”
“نعم…”
كانتْ تلكَ الزهرةُ موضوعةً في المكانِ الذي قُتلتْ فيه والدةُ كالين.
كما تمَ العثورُ عليها في عدةِ قضايا أخرى صادفها كالين لاحقًا.
ظلَّ كالين يواجهُ هذا المجهول.
همسَ كالين بهدوءٍ.
“إنه يراقبني.”
“هل تعتقدُ أن الآنسة ليي ستَكونُ هدفهُ الجديد؟”
“ربما لم يكُن ينوي قتلَ هذه الطفلةَ. وربما هذه الزهرةُ مجردُ تحذير. أو رُبما هي جاسوستُه. على أيِّ حالٍ، سأحتفظُ بها وأنتظرُ الإجابات.”
“إنها مجردُ طفلةٍ صغيرة…”
“إنها لطيفةٌ، لكن ….. لا تَنجذبْ إليها، زيون. أنتَ ضعيفٌ جدًا أمامَ الأطفالِ والحيواناتِ.”
“وماذا عن السيّدِ جايد؟”
“دعهُ وشأنهُ. دعهُ يَحظى بصديقٍ. على أيِّ حالٍ، الكيميرا التي قام بتربيتها ماتت.”
أومأ زيون برأسِه.
“لكنني لا أعتقدُ أن فتاةً في التاسعةِ من عمرِها يُمكنُ أن تكونَ جاسوسةً.”
قطبَ كالين حاجبيِه وتحدثَ.
“قلتُ لكَ، دعِ الأمرَ على حالِه. بالمناسبةِ، هل قالتْ إن اسمها ليي؟”
“سيكونُ من الجيدِ أن تمنحها اسمًا لائقًا.”
“سأفكرُ في الأمرِ.”
قال كالين، وهو ينظرُ إلى خادمه.
“سيكونُ من الجميلِ أن أختارَ اسمًا يناسبها.”
ابتسمَ كالين لا إراديًا.
“ماذا قالتْ العائلةُ المالكة؟”
“إذا كنتَ ستقتل شخصًا، فــ رجاءً افعلْ ذلكَ سرًا أثناء الليلِ.”
“… أعتقدُ ذلك. لقد كانَ الأمرُ مبالغًا فيِه أن تضربَ أحدهُم حتى الموتِ في وضحِ النهارِ.”
“بفضلكَ، لم أتناولْ الطعامَ منذُ مدةٍ طويلة.”
“من الناحيةِ النظريةِ، تحتاجُ إلى الأكلِ مرةً واحدةً في السنة ِفقط، أليسَ كذلك؟”
“كلّما أكلتَ أكثر، ازدادتْ رغبتكَ في أكلِ المزيدِ. هكذا يكُون طعمُ العدالةِ.”
قال كالين ذلكَ وهو لا يزالُ جالسًا على كرسيه. كانَ زيون يعلمُ أنه يمزح.
ظهرتْ بعضُ الحركةِ أسفلَ الكرسي.
“آه أشعرُ بالأسفِ، أعتقدُ أنني بالغتُ في تقديرِ جُرعةِ المنوّمِ.”
كان هناكَ رجلٌ مقيّدٌ، يتخبط أسفلَ كرسي كالين.
لقد أُدين بقتلِ ثلاثينَ شخصًا ثم تقطيعِ أجسامهم. تم القبضُ عليه هذا الصباحِ فقط.
لقد كان صيدًا طازجًا.
همس كالين.
“أحضر لي قفازاتِ الصيدِ.”
ابتسمَ زيون بهدوءٍ وجلبَ لهُ القفازاتِ. ارتداها كالين، ثم نهضَ.
وسرعانَ ما سُمع صوتُ شيءٍ يتحطمُ.
***
[أمي، عندما أكبرُ، أريدُ أن أقبضَ على الأشرارِ أيضًا. هل سأتمكنُ من القبضِ على الأشرارِ؟]
رأيتُ هذا الحلم مرةً أخرى.
‘ولكن لماذا لا أتذكرُ أيام دوق لويلتون؟’
كان هذا أولُ ما فكرتُ فيه بمجردِ أن استيقظتُ في الصباح. تسللتْ أشعةُ الشمسِ عبرَ النافذةِ الكبيرةِ.
‘هل هذا حُلم؟ في كلِ صباحٍ، عندما أفتحُ عينيَّ، أشكُ في حقيقةِ ما يحدثُ.’
كنتُ أرتدي الآنَ القميصَ الذي كان جايد يرتديِه في طفولته. لم يكُن هناكَ ملابسُ تناسبني هنا، لذا استعرتُ ملابس نومِه.
قرصتُ وجنتيَّ برفقٍ.
“ليس حلمًا أيضًا.”
أنا في غُرفةٍ فاخرةٍ.
نسيجٌ ناعمٌ يُلامسُ جسدي.
لم يعُد ذاكَ الغطاءُ البالي الذي كنتُ أختبئُ تحتهُ في الشوارعِ.
فركتُ عينيَّ ونظرتُ في المرآةِ.
شَعرٌ نَاعم، بَشرةٌ نظِيفَة، ورائِحةٌ عطرةٌ.
لم أكُن أعلمُ من قبلٍ أن النظافةَ يمكنُ أن تكونَ ممتعةً بهذا الشكلِ.
فتحتُ البابَ وخرجتُ مسرعةً كذبابةٍ.
كان وقتُ الإفطارِ مزدحمًا.
وجدني زيون بين تيارِ الخدمِ الحاملين للأطباقِ، وظهرتْ عليه الدهشةُ.
“آنستي، رُبما يجبُ أن نرسلَ لكِ خادماتٍ؟”
“آه… آه؟”
“لقد استيقظتِ مبكرًا جدًا. الدوق لم يصل بعد.”
“أنا آسفة. لكنني دائمًا أستيقظ مبكرًا.”
ارتسمت ابتسامةٌ على شفاه زيون.
“لا ينبغي لأحدٍ من النبلاء أن يرتدي البيجاما خارج غرفته. من فضلكِ، عودي إلى الغرفة، سأرسل إليكِ بعض الخادمات.”
“حسنًا!”
“هل ينبغي أن أرافقكِ إلى غرفتكِ؟”
“لا.”
هززتُ رأسي على عجل. بدا لي هذا الأمر غريبًا بعض الشيء.
ركضتُ مسرعةً وعدتُ إلى غرفتي. وبعد قليل، دخلت الخادمات. قمنّ بمساعدتي بإرتداء ملابسي وضفرنّ شعري.
الآن كنتُ أرتدي فستانًا بنيًا مزّينًا بقلوب، وشريطًا بنيًا يمتدّ على طوله. وكان شعري مربوطًا في شكل ذيل حصان.
“حسنًا، هذا كل شيء. الآن بإمكانكِ الذهاب إلى الإفطار.”
لم يكن كالين على مائدة الإفطار اليوم أيضًا. تُرى، هل ذهب ليقتل شخصًا آخر؟
كنتُ أتناول الإفطار بمفردي مع جايد كل صباح.
‘هل يعيش الدوق حتى في هذا المنزل؟’
لم أرَ كالين منذ اليوم الذي تم تبنّيي فيه.
“هل ترغبين في بعضِ شاي الحليب؟”
“…نعم.”
“هل أضيف السُكر كما فعلتِ بالأمس؟”
سأل زيون. فأومأت برأسي.
“الشاي اليوم أُحضر مباشرةً من مملكة راخين. إذا رغبتِ يا آنستي…”
“نعم، شكرًا لك.”
سكب الشاي برشاقة.
‘حلو… كم هو حلو…’
فطائر، ولحم البقر، وبيضٌ على الفطور.
وخلال بضعة أيام، أصبحت خدودي ممتلئة.
يبدو أنني لن أعود أبدًا إلى حياة الشوارع.
“يجب أن تأكلي المزيد.”
“نعم، نعم.”
كان جايد يراقبني وأنا أتناول الطعام كما لو كنتُ حيوانًا. لا أفهم نواياه، وما زلتُ أشعر أنني فأر تجارب.
“الدوق… لم يأتِ مجددًا إلى الإفطار.”
“آه، والدي دائمًا مشغولٌ بهذا الشكل. إنه يمتلك أراضيَ في المقاطعة، لذا يبدو أنه ذهب لتفقدها.”
عند سماع تلك الكلمات، تصلب ظهري.
‘تفقد الممتلكات’ هو العذر الذي يستخدمه كالين كثيرًا عند خروجه للعمل.
ماذا عن جايد إذن؟ إذا كان جايد متفرغًا…
نظرتُ إليه. فرأى ارتباكي وابتسم.
“آسف، أعتقد أنني سأضطر لترككِ اليوم. لديّ اجتماع، وبعد ذلك، عليّ التوجّه إلى الأكاديمية.”
أومأتُ برأسي.
كنتُ سعيدةً بالفعل لأنني تناولتُ وجبةً لذيذة في الصباح. كان اليوم جميلًا للغاية.
“هل هو لذيذ إلى هذه الدرجة؟”
مدّ جايد يده ومسح شفتيّ. فاحمرّت خدودي.
“سيكون من الأفضل أن تتعلمي بعض آداب السلوك.”
“…سأفعل.”
أومأتُ برأسي قليلًا. كنتُ عازمةً على تعلم كلِّ ما يمكن أن يكون مفيدًا لي في المستقبل.
لا يزال جايد يبدو غريبًا، لكننا نتبادل بضع كلماتٍ كلِّ صباح.
هذا هو الشيء الوحيد الذي تغيّر خلال الأيام القليلة الماضية.
دقّ جايد الجرس. وسرعان ما جاء أحد الخدم.
“الآن لديّ شيءٌ أخير.”
“أه…”
كان الخادم يحمل بالونًا. اتّسعت عيناي.
واو، إنه بالون!
“هل ستعطيني إياه؟”
“نعم، يمكنكِ ربطه في غرفتكِ…”
“يمكنني أخذه معي في أيِّ مكان!”
هذه أول مرةٍ أتلقى فيها هدية. بالونٌ ذهبيٌّ وجميل.
لمعَت عيناي لا إراديًا.
“أليس البالون هديةً ليومٍ مميز…؟”
في الحقيقة، لو لم يكن جايد موجودًا، لكنتُ قفزتُ من الفرح الآن. كنتُ متحمسةً جدًا.
في المملكة، كانت البالونات باهظة الثمن. ذات مرة لعبتُ مع أطفالٍ أغنياء في يوم المهرجان، وعرفتُ ذلك.
ماذا يجب أن أفعل عندما أشعر بالامتنان؟ ماذا يجب أن أقول؟
“لم أتوقع أنكِ ستحبينه إلى هذا الحد. لقد وجدتُ للتو بالونًا جديدًا غير مستخدم، أعطتني إياه عمتي ماريان عندما كنتُ صغيرًا، وقمتُ بنفخه بالمضخة.”
“أنا سعيدةٌ جدًا. لم أحصل على شيءٍ كهذا من قبل. ولكن ماذا لو انفجر؟”
“حينها يمكنكِ شراء واحدٍ جديد.”
عندما كنتُ مستلقيةً في جناح المستشفى، كان عليّ دائمًا الانتظار لأيام حتى يأتي أصدقائي أو والديّ. أحيانًا كان والدي يحضر لي بالونات عندما لم أكن أستطيع الخروج. عندما تذكرت ذلك، بدأت عيناي تدمعان.
“هل تحبين البالون لدرجة أنكِ على وشك البكاء؟”
“أوه، آه. نعم.”
لم أستطع حتى التحدث عن ذكرياتي الماضية، فقط أومأت برأسي. نظر إليّ جايد بفضولٍ.
“أنتِ غريبة جدًا. لماذا تفعلين شيئًا كهذا؟”
ومع ذلك، كان صوته ودودًا.
ابتسمتُ قليلًا.
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 6"