وصلت الشرطة، ومرّت لحظات من الفوضى والاضطراب. حمل رجال الشرطة جثّة بيرسي بعيدًا.
“يا للأسف. كان شابًا أمامه مستقبلٌ واعد. قطع معصمه بنصلٍ حادٍّ وأنهى حياته. الجرح عميق، لذا من المحتمل أنه مات دون أن يُسمع له صوت. لم يعش سوى بضع دقائق بسبب النزيف.”
“كان بيرسي مبارزًا ماهرًا. بمهارته تلك، قطع الوريد والشريان معًا.”
قال زيكس بحزنٍ عميق. نظرتُ إليه بعينين غامضتين.
“يبدو أنك تتورط في أمورٍ غريبةٍ كثيرًا مؤخرًا، يا سعادة الدوق.” ( مغناطيس جرائم زي توغوموري وكونان )
“وماذا أفعل إذا كانت هذه المدينة مليئةً بالغرائب؟ إنها مجرد مصادفة.”
أومأ الشرطي برأسه موافقًا لكلام كالين. كان وجه الشرطي مألوفًا. لقد كان نفس الشخص الذي استجوبنا عندما ماتت امرأةٌ ذات شعرٍ أحمر أمام محل الملابس بسبب نوبة قلبية.
“ما اسمكَ؟”
“آه، أنا الرقيب شيلدون. يمكنك مناداتي هكذا.”
“حسنًا، شيلدون. إذا انتهيت من أخذ الشهادات، هل يمكننا المغادرة؟”
“نعم، بالطبع. شكرًا على تعاونكم.”
أدّى الشرطي المسمى شيلدون التحيّة بأدب.
“لنعد إلى المنزل، ليتيسيا.”
مدّ كالين يده إليّ. أمسكتُ يده، لكن عينيّ ظلّت تنظر إلى زيكس.
“إذًا سنغادر نحن أيضًا.”
اقترب ليون وهو يبكي هامسًا. بدا ليون شخصًا رقيق القلب حقًا. أمسكتُ بحافة رداء كالين.
“أيها الدوق، أنا أُشفق على السيّد ليون كثيرًا.”
“حقًا؟”
أمال كالين رأسه ونظر إليّ. اقترب جايد أيضًا بعد أن انتهى من الحديث مع شرطيٍ آخر.
“ما الأمر؟”
“أشعر بالأسى بعد سماع قصة أخت السيّد ليون المتوفاة. ألا يمكننا أن نوصله؟ أريد مواساته في الطريق.”
“……”
“حتى خطيب أخته مات، كيف سيكون شعوره؟ والسيّد زيكس أيضًا قد يحتاج إلى وقتٍ بمفرده للتفكير. إذا بقيا معًا، سيتبادلان اللوم بالتأكيد على عدم ملاحظتهما وحدة بيرسي.”
احتضنتُ كالين وارتجفتُ.
“أنا حزينةٌ جدًا.”
ربّت كالين على رأسي.
“صغيرتنا طيبة القلب حقًا.”
انحنى جايد محوي، ونظر إلى عينيّ الدامعتين.
“لقد خفتِ، يا صغيرتي.”
هززتُ رأسي بخفة.
“هل يمكنكما فعل ما قلته؟”
“إذا أرادت صغيرتي ذلك، فلا خيار لدينا. سيّد ليون، تعال إلى هنا.”
ناداه جايد بلامبالاة. بدا ليون مرتبكًا كمن لا يفهم ما يحدث.
“ماذا؟”
بينما كان متردّدًا، دفع جايد ظهر ليون وأركبه القارب.
‘ربما هذه هي الطريقة لإنقاذ ليون. أفضل من تركه يذهب مع زيكس وحده.’
إذا كانت توقعاتي صحيحة.
نظر زيكس إلينا بعينين متفاجئتين.
– كليك، كليك.
بدأ الخادم بجذب المجاديف، وأصبح زيكس المسكين أصغر تدريجيًا في الأفق.
لم يتحدث أحدٌ في القارب أثناء العودة.
لينوكس، حيث تحوّلت الورود الزرقاء إلى حمراء مجددًا.
عندما غادرنا ذلك المكان وعبرنا النهر، انفتح أمامنا عالمٌ آخر.
كالمعتاد، كان الناس يمشون بسرعة، وبانت مباني العاصمة في الأفق.
كانت هناك عربةٌ تنتظر على ضفة النهر، تلك التي أتينا بها إلى هنا.
“سنذهب بعربة السيّد الصغير والآنسة التي أوقفناها على مسافة.”
قال الخدم وغادروا. راقب ليون تحركاتهم بعينين مضطربتين.
“يمكنني العودة بمفردي الآن. أشعر بتوعكٍ بالفعل .
…”أصبح وجه ليون أكثر شحوبًا. بدا مضطربًا جدًا من كرم عائلة الدوق.
“لا! أنت شاحبٌ جدًا لدرجة أنك قد تفقد الوعي الآن. جايد، ساعد السيّد ليون على ركوب العربة بسرعة. ما دمنا قد وصلنا إلى هنا، يجب أن نوصله إلى وجهته.”
“اركب سريعًا، ليون.”
دفع كالين ليون إلى داخل العربة.
“في عائلة الدوق لويلتون، أسلوب تربيتنا هو تلبية كلّ طلبات الأطفال المدللين. إذا أرادت ابنتي، فليس من الصعب أن نمنح شخصًا معروفًا بسيطًا كهذا.”
“لحظة .
….”قبل أن يتمكن ليون من قول شيء، أغلق كالين باب العربة. ثم نظر إليّ بعينين تقولان “هل تعرفين شيئًا مسليًا؟”.
ابتلعتُ ريقي بصعوبةٍ تحت تلك النظرة.
سرعان ما تحركت العربة. حدّق ليون بعينيه القلقتين حولنا داخل العربة. رتبتُ الأفكار التي تدور في ذهني.
‘إذا كان ذلك صحيحًا، فكلّ شيء يتطابق.’
استنتاجي بسيط.
لقد قتل ليون بيرسي اليوم بفخٍ بسيطٍ جدًا.
‘ما يثير فضولي هو تلك القصة.’
لماذا؟ لماذا استخدم تلك الطريقة لقتل بيرسي؟ إذا كان السبب أيضًا كما خمّنت.
أردتُ أن أخبر كالين بالسبب.
‘وإلا سأظلّ أشعر بالضيق.’
أعلم أن كالين قاتل من أجل العدالة، لكنه لا يستمع دائمًا إلى قصص الأفراد. هذا أيضًا جزءٌ من الرواية الأصلية.
‘لم أعرف نهاية الرواية، لكنها كانت قصةً محزنةً بعض الشيء.’
لم يكن كالين في الرواية شخصًا سعيدًا جدًا.
‘لهذا شعرتُ أن ليون مألوف. إذا كنتُ محقة، فقد اقتربنا من الوصول.’
كانت العربة تجري بسلاسةٍ على طول ضفة النهر. نظرتُ إلى الخارج.
‘ها هو المكان.’
زقاقٌ خالٍ من المارة. حيٌ فقير.
“آه، يا دوق!”
جذبتُ حافة رداء كالين.
“ما الخطب؟”
“الشريط المربوط حول عنق دبدوبي سقط من النافذة.”
“هل كان هناك شريطٌ مربوطٌ أصلاً؟”
“هذا الصباح، ربطته ماريان لي ليتناسب مع الشريط في شعري.”
ضرب كالين جدار العربة ليوقفها.
“ابنتي أسقطت شريطها في الطريق، هل يمكنك البحث عنه؟”
أعطى كالين قطعةً فضية للسائق. أوقف السائق الخيول للحظة، ثم قفز من مقعد القيادة. فجأةً، بدا أن ليون استفاق، ونظر إليّ.
“على أيّ حال، سأنزل هنا.”
ضغط قبعته أكثر على رأسه .
كلّ تصرفات ليون كانت كما توقعت.
“هذا الطريق لا يوجد فيه الكثير من المارة وخطير.”
“لا بأس، حقًا.”
سمعتُ رد ليون وفكرت.
‘ليس هذا فحسب، بل لديك سببٌ للنزول في هذا الزقاق.’
أمسكتُ بـ ليون.
“أيها السيّد ليون، قبل أن تذهب، لديّ سؤالٌ واحد.”
أمسكتُ به بقوة ونظرتُ بحذر.
“لي؟”
“نعم. ليس أمرًا مهمًا، لكن، يا سيّد ليون، هل رأيتني من قبل؟”
“ماذا؟ مستحيل. كيف يمكنني أن أنسى شخصًا لطيفًا مثلكِ؟”
اتّسعت عينا ليون ونظر إليّ.
“إذا لم يكن الأمر كذلك، فمن أنت الآن؟”
“ماذا؟”
اتّسعت أعين الثلاثة أكثر مع سؤالي.
“لقد رأيتُ السيّد ليون من قبل. منذ زمنٍ طويلٍ جدًا.”
“ما الذي تقصدينه، ليتيسيا؟”
عبس جايد وسأل.
“سأسأل سؤالًا واحدًا فقط.”
نظرتُ في عينيه وسألت.
“ما لون برج الساعة في محطة القطار؟”
أمال ليون رأسه وأجاب متعجبًا.
“هل هناك من لا يعرف ذلك؟ إنه ذهبي.”
هذا صحيح. برج الساعة الأكبر في محطة القطار كان ذهبيّ اللون.
لكن في وقتٍ سابق على جزيرة لينوكس، لم يقل ليون ذلك.
– لا زلت أتذكر شعوري في أول يومٍ لي في الأكاديمية . ….الحماس حين نزلت من القطار في المحطة، وصوت جرس برج الساعة الأزرق في المحطة.
تذكرتُ كلماته وفتحتُ فمي ببطء.
“لكنك قلتَ سابقًا إن برج الساعة في المحطة أزرق.”
“آه … هل قلتُ ذلك؟”
ارتجف ليون قليلًا .
“ربما لأنني شربت وقتها، أخطأتُ في الكلام.”
“مستحيل. لأن هناك شيئًا أزرق بالفعل. لا يمكن أن تُخطئ بلونٍ آخر وتقول أزرق.”
“ماذا؟”
أصبح تعبير ليون أكثر غموضًا. لكن زلة لسانه جعلت حل لغزي أسهل.
“برج الساعة في المحطة يصبح أزرق فقط في الليل. وأطفال الشوارع يستخدمونه كمكانٍ للتجمع. ‘لنلتقي عند برج الساعة الأزرق’، أيّ لنلتقي في المحطة ليلًا.”
كان ذلك صحيحًا.
برج الساعة في المحطة ذهبيّ. صغير لكنه جميلٌ جدًا. وكان مطليًا بصبغةّ خاصة تجعله يضيء باللون الأزرق في منتصف الليل.
كنتُ أعرف ذلك.
لأن أصدقائي أقنعوني ذات مرة للتسلّل إلى المحطة لمشاهدة القطارات في النهار.
– أوه، هذا بالتأكيد برج الساعة. كان أزرق في المرة الأخيرة …..
التعليقات لهذا الفصل " 25"