داخل العربة التي تبعتُ كالين إليها، كانت هناك عدة بالوناتٍ مربوطة.
كان واضحًا من أحضرها. ابتسمتُ بفرح.
“شكرًا، يا جايد.”
واو. هذه المرة، البالونات ملوّنة ومتنوعة.
ذهبيّ، فضيّ، ورديٌّ أيضًا.
“كلها جميلة. كلها لي، أليس كذلك؟”
“نعم.”
لمستُ البالونات بسعادة.
نظر إليَّ كالين، الذي كان يراقبني بثبات، ثم قال فجأةً.
“إذا أردتِ، يمكننا التوقُّف عند متجر الألعاب في طريق العودة.”
كالين الذي أعرفه هو شخصٌ يختلف ظاهره عن باطنه قليلًا. على عكس موقفه المريح، لا أعرف ما الذي يفكِّر فيه داخليًا.
‘ربما يكون كالين لطيفًا مع الأطفال المرضى؟’
لكن اليوم، كان كل شيء يبدو غريبًا.
استمر في إظهار الاهتمام بي، وبدا وكأنه محرجٌ بعض الشيء أيضًا.
“لماذا؟”
“آه، كنتُ أنوي شراء ألعابٍ لكِ على أيّ حال. رأيتكِ تتفقِّدين متجر الألعاب في المرة الماضية.”
“آه…”
“كنتِ تنظرين إلى واجهة العرض بعينَين متلهِّفتَين. كنتِ لطيفة.”
صحيح. في اليوم الذي خرجتُ فيه من متجر الملابس بحثًا عن البالونات، كنتُ أنظر إلى واجهة العرض بوجهٍ حزين.
لقد تذكَّر ذلك.
لكنني لم أرد أن أكون الطفلة التي تتوسَّل للذهاب إلى متجر الألعاب في هذه الظروف.
“في المرة القادمة.”
قلتُ بخجل.
كيف سيكون شعور الذهاب إلى متجر الألعاب مع كالين؟
في تلك اللحظة، تذكَّرتُ شوارع المملكة قبل المهرجانات في السابق. فتياتٌ صغيرات يرتدين معاطف جميلة يمسكن بأيدي أمهاتهنّ وآبائهنّ ويدخلنّ متجر الألعاب.
لم أشعر بالغيرة منهنّ يومًا. لأنهن كن يعشن في عالمٍ مختلفٍ عن عالمي. لكن الآن، تغيَّرت الأمور قليلًا.
إذا كان كالين في مزاجٍ جيد ومتفرِّغ يومًا ما، ربما أستطيع أنا أيضًا…
مجرَّد التفكير في ذلك جعلني سعيدة، واحمرَّت خدَّاي.
“إذا أردتِ، يمكننا الذهاب إلى متجر الألعاب في أيّ وقت.”
“نعم، لاحقًا…”
“لم أعرف ماذا تحبِّين، لذا اشتريتُ المتجر بأكمله.”
“…ماذا؟”
شككتُ في أذنيَّ عند كلام كالين. ماذا قال للتو؟
“لماذا تشتري المتجر بالكامل؟”
“قلتُ لكِ، لا أعرف ما تحبِّه الفتيات، ولم أشترِ ألعابًا كهدايا من قبل. شعرتُ أنه أمرٌ مزعج، فاشتريته فقط.”
“زيون، هل هذا صحيح؟
” نظرتُ إلى زيون وسألتُ. ابتسم زيون بارتباك.
“حاولتُ منعه، يا آنستي. في الحقيقة، السيّد .
…””لا تتفوَّه بالكلام غير الضروري، يا زيون.”
“لماذا؟ ما الذي حدث؟”
نظرتُ إلى زيون بعينَين متلألئتَين. سعَل زيون كأنه يتظاهر.
“في الحقيقة، قبل يومَين، ذهب السيّد لشراء هدية للآنسة ليقدِّمها لها عندما تستيقظ. لكنه لم يعرف ماذا يختار، وبدأ يشعر بالحرج، ثم .
….””ثم اشترى متجر الألعاب؟”
“بالأحرى، حاول دفع دفعةٍ أولية. لأنه لم يعرف ما تريدينه، أراد أن يترك المال هناك ويأتي لاحقًا ليختار كل شيء. لكن المبلغ كان يكفي لشراء المتجر بأكمله.”
“هل هذا صحيح؟”
عند كلامي، أدار كالين عينَيه بعيدًا. هل يمكن أن يكون لكالين البارد هذا الجانب؟
“لحظة. لم تشترِ ألعابًا من قبل؟ إذًا، لم تشترِ هدايا لجايد أيضًا؟”
فكَّر كالين للحظة ثم أجاب.
“بإلحاحٍ من ماريان، اشتريتُ لجايد لعبة مرة واحدة. أكانت دمية دب؟ أم دمية جندي؟”
“كانت دمية دب ترتدي زي جندي.”
ضحك جايد من الجانب بسخرية.
“صحيح. وقتها قال لي جايد: لا حاجة لمعاملتي مثل بقية الأطفال وإظهار اهتمامٍ تافه. لنحافظ على علاقةٍ عقلانية.'”
“آه، نعم. وقلتُ أيضًا إن علينا تفادي الاهتمام بالمناسبات المزعجة مثل أعياد الميلاد والهدايا. على أيّ حال، كان زيون هو من يختار هداياي.”
“…هل كنتَ تعرف ذلك، يا سيّدي الصغير؟”
أصدر زيون صوتًا محبطًا.
“كل عام، كنتَ تعطيني سيوفًا أو كتبًا أو أشياء نادرة مفيدة. لا يمكن أن يختار أبي هدايا بمثل هذا الذوق.”
“…ما الذي تعتقده عني بحقّ خالق السماء؟”
لماذا تبدو علاقة هذا الأب بابنه باردةً هكذا؟ في النهاية، لم يكن كالين يهتم حتى بهدايا عيد ميلاد جايد.
“لكنني عوَّضتكَ، يا جايد، بإعطائكَ إذنًا لدخول غرفة النوادر. واشتريتُ لك الأفعى السامة التي أردتَها وقتها.”
“التي ماتت لأن حياتها انتهت. لكنك أمرتني بوقف أبحاث الكيميرا.”
“آه، لأن تلك الأبحاث فشلت في عائلتنا جيلًا بعد جيل.”
نظر إليَّ زيون وقال بلطفٍ كأنه يهدِّئني.
“السيّد كالين ليس بارعًا في شراء الهدايا للأطفال.”
قال كالين ببرود.
“إذا أردتِ دميةً بشكل حيوان، لديَّ دبٌّ بنيٌّ محنَّط قمتُ بإصطياده من غابة القصر. لماذا تحتاجين دمية دبٍ صغيرة؟”
ضحكتُ، لكن شعورًا غريبًا بداخلي.
آه، فهمتُ الآن. كالين لم يتلقَّ هدايا من والدَيه أبدًا.
لم يترعرع كالين مدلَّلًا.
– يقال إن دمية الدب تصبح صديقًا في الليالي التي ترَين فيها كوابيس.
في حياتي السابقة، عندما عشتُ في غرفة المستشفى منذ صغري، اشترت لي أمي دمية دب وقالت ذلك. احتفظتُ بها كثيرًا.
“يقال إنها تطرد أشباح الكوابيس إذا ظهرت.”
“هذه خرافة.”
“حسنًا، لا أعرف عن الخرافات ….. لكن بما أنه ليس لديكَ دمية دب، يمكنك التمسُّك بي في الليالي المخيفة، يا سيدي الدوق. سأسامحك إذا جئتَ إلى غرفتي.”
قلتُ ذلك لكالين، الذي نفى الخرافة بحزم، وشفتاي متدلِّيتان.
فجأةً، غمر الصمت العربة مجدَّدًا.
ما الخطب؟ هل أخطأت؟
نظر إليَّ كالين فجأة ثم مرَّر يده على رأسي.
“أوه .
….””أريد أن أعضَّكِ.”
“آه، أتفهم شعوركَ، لكن توقَّف عن قول ذلك علانيةً لطفلة، يا أبي.”
“هذا صحيح.”
لأول مرة، نظر جايد وزيون إلى كالين بجديةٍ في نفس الوقت.
ما هذا؟ قول كالين “أريد أن أعضَّكِ” مخيفٌ بعض الشيء، أليس كذلك؟
نظر إليَّ زيون وقال بلطف.
“يا آنسة، هل هناك شيءٌ تريدينه؟ سأحضر لكِ أيّ شيء ترغبين به من متجر الألعاب. لن تستطيعي الخروج لفترة حتى تتعافَي.”
“يُحضر” وليس “يشتري”؟
“لا يمكن التراجع عن شراء متجر الألعاب؟”
قلتُ ذلك بحذر.
شعرتُ بعدم الراحة لأنهم أنفقوا الكثير من المال عليَّ.
“حقًا؟”
“حسنًا، عندما تكبرين، سأعطيه لكِ.”
“لكنني حقًا لا أحتاج متجر ألعاب. ألا يمكنكم شراء دميةٍ واحدة فقط؟ سأكون سعيدة جدًا إذا اشتريتم لي أول دمية.”
اقترحتُ تسويةً لا مفرَّ منها.
“كرِّري ذلك مرة أخرى.”
“ماذا؟”
“من الدمية.”
“أم …. سأكون سعيدة إذا اشترى لي الدوق دمية؟”
صمت كالين فجأة. نظر إليَّ ثم قبَّل جبهتي.
“من المؤسف أن أصبحت الدوق مجدَّدًا، لكن حسنًا. سأشتري لكِ الأفضل.”
عندها فقط ابتسمتُ بخجل.
“ويجب أن تسترجعوا المتجر.”
رفع كالين كتفَيه دون كلام.
وصلت العربة إلى البيت أخيرًا.
القصر الأبيض الجميل.
هذا الآن بيتي.
* * *
ما إن عدتُ إلى القصر حتى حُجِزتُ في السرير.
“راحةٌ تامة. لا تخرجي من السرير حتى يصل الكهنة والأطباء.”
حذَّرني زيون بصرامة.
“لكنني لستُ متألمة.”
هل كنتُ حقًا على وشك الموت؟ مرَّت أيام وأنا في غيبوبة، لكن بفضل الكهنة، لم أشعر بأيّ ألم في جسدي. بدأتُ أشعر بالضجر من البقاء داخل القصر فقط.
في النهاية، تسلَّلتُ من السرير في منتصف الليل.
‘أوه، جسدي ثقيلٌ حقًا.’
حتى المشي قليلًا جعلني أشعر أن جسدي لا يطيعني. كنتُ أنوي المشي في الرواق قليلًا، لكنني استسلمتُ ونظرتُ إلى الخارج من نافذة مفتوحة.
“القمر جميل.”
الآن فقط تذكَّرتُ أن اليوم هو يوم ظهور قمر مينيروس.
يوم ظهور أكبر قمر.
– سأحتاج إلى سماع رأيكِ من حينٍ لآخر في المستقبل.
قال كالين ذلك، لكن قلبي مليءٌ بالقلق. الحلقة الأخيرة التي أعرفها من الكتاب تنتهي هنا.
‘لن أستطيع مساعدته في المستقبل.’
علاوةً على ذلك، قال كالين إنه اشتبه بي.
‘شخصٌ سيئٌ جدًا جدًا. من يكون بحقّ خالق السماء؟’
الكتاب الذي قرأته كان يركِّز فقط على حلِّ كالين للقضايا ببراعة. لكن رجلٌ يرسل زهورًا حمراء؟ لقبه يبدو مشؤومًا لسببٍ ما.
بالمناسبة، كان هناك شيءٌ غير واضح.
‘الجاني في هذه القضية، العرَّاف المتخفِّي، كان من قريةٍ فقيرة. كيف حصل شخصٌ كهذا على سمٍّ نادرٍ كهذا؟’
حتى لو كان هذا العالم مليئًا بالمجرمين، لم يكن من السهل الحصول على سمٍّ بلا رائحةٍ أو طعم.
‘هل يفكِّر كالين في هذا أيضًا؟’
رفعتُ عينيَّ فجأة إلى غرفة كالين. بدت بعيدةً جدًا.
– ناديني أبي.
بالطبع، كنتُ أتمنَّى أن يكون لي أب. الوحدة صعبة. وجود عائلة كان حلمًا لم أجرؤ على تخيُّله.
‘لكنني ما زلتُ قلقة.’
كثرة الأمور الجيدة التي تحدث تجعلني خائفة.
ماذا لو ناديته أبي ولم تسِر الأمور جيدًا؟ ماذا لو أزعجته لاحقًا؟ ماذا لو قال لي إنني لستُ مفيدة وطلب مني الرحيل؟
‘أريد البقاء في هذا البيت.’
كانت هذه رغبتي الوحيدة الآن. أغلقتُ عينيَّ بقوة.
* * *
“لقد تعاملنا مع الصبي الذي يبيع الزهور أيضًا. وضعنا جثته في مكانٍ بارز. كان يعرف وجوهنا، وقد يسبِّب ذلك مشكلةً مزعجة. كان بمثابة مروِّجٍ للعرَّاف، أليس كذلك؟”
وقف رجلٌ يُعطي ظهره للنافذة، فلم يكن مرئيًا. شعره الفضي اللامع فقط كان يعكس ضوء القمر.
“اليوم هو يوم ظهور قمر مينيروس، أليس كذلك؟”
“نعم، هذا صحيح.”
“إنه يومٌ يقال إنه الأكثر عدالةً في العالم لأننا جميعًا تحت ضوء القمر نفسه، أليس كذلك، يا إينيس؟”
ابتسم الرجل بلطف. لم يردَّ الصبي المُدعو إينيس للحظة.
“كان السم النادر باهظًا جدًا على ذلك العرَّاف. كان شخصًا بغيضًا. أرجو أن تختار المجرمين الذين تساعدهم بعنايةٍ أكبر.”
“أنا أساعد أيّ شخصٍ يحتاج إلى استشارتي. تصميم الجرائم هو عملي.”
جلس الرجل على الكرسي باسترخاء.
“إذًا، قيل إن لكالين، الدوق لويلتون، ابنة متبناة جديدة؟”
“نعم. يقال إنها في التاسعة من عمرها.”
“تاسعة؟ صغيرة جدًا لتتلقَّى زهرةً من أحدهم. إذًا، الزهرة الحمراء التي أرسلتُها كانت أول زهرة تلقتها تلك الفتاة. أتطلَّع إلى لقائها في المستقبل.”
قال الرجل وهو يُغنِّي بصوتٍ خافت.
رفع يده، وكان هناك وشمٌ واضحٌ لزهرةٍ حمراء على ظهر يده.
التعليقات لهذا الفصل " 18"