“يبدو أنّني تسبّبتُ في مشكلة.”
“بالتّأكيد تسبّبتِ في مشكلة. لماذا أحضرتِ الطّفل؟”
في العربة المتّجهة إلى زقاق ديكيا.
نظرت بيل بعينين متردّدتين إلى سيّدتها التي كانت تمزّق شعرها.
بعد استخدام جيريل للسّحر الأزرق بالأمس، شفي الطّفل تمامًا.
العظام المكسورة، الإصابات الدّاخليّة، وحتّى النّدوب القديمة، كلّها اختفت.
كان كارون يراقب المشهد بنظرةٍ غامضة وهو يتمتم بشيءٍ ما.
‘ماذا قال؟ شيءٌ عن أنّ الصّراخ لم يعد يُسمع؟’
بدا وجهه، عندما تقابلا آخر مرّة، وكأنّه يحمل لمحةً من الإحباط.
بالمناسبة، هل سيبلّغ الإمبراطوريّة بأنّ ساحرةً زرقاء عادت؟
‘ليفعل ما يشاء. لا يوجد دليل، فماذا سيفعلون بي؟’
تمتمت جيريل في نفسها بنبرةٍ ساخرة، وهي لا زالت تحمل ضغينةً من النّقاش.
الآن، كان هناك مشكلةٌ أهمّ من ذلك الرّجل.
أمسكت وثيقة التّنازل عن الحضانة ومرّرت يدها على شعر الطّفل.
كان اسم الطّفل ستيفان، يبلغ من العمر عشر سنوات، وكما توقّعت، كان يتعرّض للإساءة من والديه.
“أختي، هل حقًا لن أضطرّ للعودة إلى ذلك المنزل؟”
ومض الطّفل الجافّ بعينيه. في العربة المتذبذبة، ابتسمت جيريل بوهنٍ.
“بالطّبع. بمجرّد أن نحصل على توقيع هذه الوثيقة، سينتهي الأمر.”
“…ألا يمكنني العيش معكِ؟”
كانت تنوي سؤال الماركيز روباين عن ذلك. ستواجه توبيخًا شديدًا، لكن لا بأس.
على الرّغم من أنّها عاشت معه لأكثر من عشر سنوات، ظلّت علاقتها بالماركيز متوترة.
[“أخذتكِ لأنّكِ ساحرةٌ زرقاء. كرئيسٍ لعائلة روباين، من واجبي حمايتكِ.”]
سمعت أنّ أوّل ساحرٍ كان من عائلة روباين.
حتّى بدون الجنون، كان عدد السّحرة الحمر والزّرق نادرًا.
والسّحرة الزّرق كانوا أكثر ندرةً من الحمر.
وذلك لأنّهم يستخدمون قوّة الحياة بدلًا من المانا.
ليست مفهومًا ينضب إلى الأبد، لكن إذا استُخدمت قوّة الحياة دون منحها وقتًا للتّجدّد، فقد يُهدّد ذلك الحياة.
في الماضي، كان من الشّائع أن يموت السّحرة الذين يستخدمون السّحر دون معرفة حدودهم.
لذلك، كان هناك قانونٌ خاصّ يُورّث في عائلة روباين:
لايمكن تجاهل السّحرة الزّرق ، لسحرة الحمر المحتاجين للمساعدة.
‘إنّه شخصٌ جامد. من يتبع مثل هذا القانون في هذا العصر…’
على أيّ حال، كان هذا محظوظًا بالنّسبة لجيريل.
بفضله، لم تضطرّ للعيش في فقرٍ مرّةً أخرى.
“سيّدتي، وصلنا إلى زقاق ديكيا.”
رفعت جيريل رأسها وهي تنزل من العربة. كان الزّقاق مظلمًا كالعادة.
أمسكت بيد الطّفل وسارت طويلًا حتّى وصلت إلى منزلٍ قديم، ثمّ عبست فجأة.
‘رائحة احتراق؟ هل أشعل أحدهم نارًا؟’
طرق طرق.
“هل يوجد أحد؟ افتحوا الباب.”
صاحت بيل، لكنّه لم يأتِ ردّ. حاولت دفع الباب فانفتح بسهولة.
باستثناء بعض الأماكن البالية، كان منزلًا عاديًا.
لكن عيني جيريل التقطتا آثار أقدامٍ على السّجادة.
‘يصعدون على السّجادة بأحذيتهم؟’
بغضّ النّظر عن كون هذا سلوكًا لا يُطاق بالنّسبة لكوريّة، كان مشهدًا غريبًا.
عندما خطت لتفحّص الأمر عن كثب…
“ها قد التقينا مجدّدًا.”
التفتت فإذا برجلٍ يرتدي بدلةً أنيقة يخرج من غرفة النّوم.
ربّما بسبب السيجار الذي يعضّه، تسرب دخانٌ خفيفٌ مع نبرته المشوّهة.
“…كار؟ لماذا أنتَ هنا؟”
“لنفس السّبب الذي جئتِ من أجله.”
اقترب كارون ببطء وأسقط السيجار على الأرض.
مدّ يده المغطّاة بقفّازٍ جلديّ، وقدّم لجيريل كومةً من الأوراق.
كانت وثيقة التّنازل عن الحضانة، مجعّدة بشدّة.
تجاهلت جيريل بصعوبة البقع الحمراء المنتشرة عليها.
“لماذا تهتمّ بهذا؟ أتذكّر أنّ موقفينا كانا مختلفين بالأمس.”
“لأنّه يزعجني.”
ما الذي يزعجه؟
نظر كارون إلى جيريل التي تساءلت بعينيها، لكنه بقي صامتًا. تلألأت عيناه الحمراء بهدوء.
عندما طال الصّمت، سحب ستيفان حافة فستانها.
عندها فقط انقطعت النّظرات المتقابلة.
“أختي…”
“أرسلي الطّفل إلى الخارج.”
ارتجف الطّفل من الكلمات الباردة، ثمّ رفع صوته.
يبدو أنّ المثل القائل “الجرو لا يعرف خوف النّمر” ينطبق هنا أيضًا.
“لا أريد! أريد العيش مع أختي جيريل!”
“مملكة فريكا لديها نظامٌ أفضل للسّحرة الحمر مقارنةً بالإمبراطوريّة.
سيكون من الأفضل له العيش هناك.”
تمتم كارون بلا مبالاة وهو يثبّت عينيه على جيريل.
لم يكن مخطئًا. لكن، عند رؤية ستيفان يتشبّث بها وهو يبكي، لم يكن القرار سهلًا.
كان ستيفان ينظر إلى جيريل بعيونٍ مضطربة.
“أختي، لا ترسليني بعيدًا…”
“إذا ذهبتَ إلى المملكة، ستحتاج إلى تعلّم الأدب أوّلًا.”
ألقت جيريل نظرةً حادّة على كارون وانحنت على ركبتيها. التقت عيناها بالعينين البنّيتين الرّقيقتين.
“هل نفكّر بالأمر ببطء؟ أريد احترام قرارك، فخذ وقتك في التّفكير.”
“لكن…”
“هل نعود إلى المنزل الآن؟ لديّ بعض الكلام مع هذا ‘العمّ’.”
طارت نظرة كارون الحادّة نحوها على الفور.
حتّى وهي ترسل ستيفان بعيدًا، لم تتراجع نظرته، لكن جيريل واصلت التّلويح بيدها حتّى ابتعدت العربة.
“العمّ؟”
“إذًا، كيف تريد من طفلٍ في العاشرة أن يناديكَ؟”
“ليس الطّفل، بل أنتِ من نادتني بالعمّ.”
لوّحت جيريل بيدها كأنّها تقول إنّه يهتمّ بأمورٍ تافهة، فضحك كارون بدهشة.
“على أيّ حال، شكرًا.”
“على ماذا؟”
“وثيقة التّنازل عن الحضانة. شكرًا لاهتمامكَ.”
شعرت بالحرج لقول كلماتٍ محرجة بعد نقاشهما الحادّ بالأمس، لكنّ شخصيّتها كانت تفرض قول ما يجب قوله.
ربّما لأنّها كانت تنظر إلى الأرض، لم ترَ كارون وهو يرفع حاجبًا.
“هل هذا كلّ شيء؟”
“ماذا، هل تريد شيئًا آخر؟”
“نعم. إذا كان هناك عطاء، يجب أن يكون هناك أخذ.”
يا للخسّة. لا يبدو كذلك، لكنّه بخيلٌ نوعًا ما.
“ماذا تريد؟”
“مشاهدة المشهد اللّيليّ.”
“ماذا؟”
“ألم تقلي إنّكِ ستكونين دليلتي السياحيّة؟ يجب أن تُتمّي واجبك.”
“…هذا كلّ شيء؟”
نظرت إليها عينان غير مباليتين.
أشار بيدٍ كبيرة كأنّه يقول: “لمَ لا تأتين بسرعة؟”
* * *
عند الخروج من زقاق ديكيا والتّوجه شرقًا مباشرة، تصل إلى تلّة.
بسبب الانحدار الشّديد، كان المكان خاليًا من النّاس، لكنّ المنظر كان رائعًا.
“هَف، لا زال هناك… هَك، بعض الوقت قبل غروب الشّمس.”
تلهّثت جيريل وهي تصعد التّلّة بصعوبة.
آه، الصّعود مرّتين سيقتلني.
“…هل لياقتكِ البدنيّة سيّئةٌ إلى هذا الحدّ؟”
تمتم كارون بكلامٍ جارحٍ بوجهٍ متردّد، وأبطأ خطواته.
يبدو أنّه خاف أن تتقيّأ.
كانت لياقة جيريل عاديّة. الشّيء غير الطّبيعيّ هو كار.
‘كيف لا يتصبّب عرقًا ولو قطرةً واحدة؟’
نظرت جيريل إليه كما لو كان وحشًا، ثمّ انهارت جالسةً. بينما كانت تلهث بشدّة، حدّق بها كارون بتمعّن.
“هَك… لماذا تنظر إليّ هكذا؟”
“هل أنتِ ساحرةٌ زرقاء؟”
“…كح!”
اختنقت بسبب شهقةٍ مفاجئة.
أمسكت بحلقها وسعلت، بينما نظر إليها كارون بأسى واستلقى على العشب.
“لا، لستُ كذلك.”
“شعرٌ يتحوّل إلى الأزرق، قدرة علاجيّة غير طبيعيّة، و…”
توقّف كارون عن الكلام وهو مغمض العينين. ضغطت يده الكبيرة على أذنه.
كان الجنون المتصاعد لا زال هادئًا.
“على أيّ حال، الأدلّة كثيرة، فلا تحاولي النّكران.”
“وماذا بعد؟ هل ستُبلغ الإمبراطوريّة؟”
“لمَ أزعج نفسي؟”
“إذًا، أعطني وعدًا بأنّك لن تفشي السّرّ.”
“ألا تثقين بي؟”
“لمَ أثق بكَ؟”
ساد الصّمت.
عندما داعبت رائحة الزّهور البريّة ممزوجةً برائحة احتراقٍ خفيفة أنف جيريل، فتح فمه.
“هل تعرفين ما هو جنون السّحرة الزّرق؟”
“لا، لا يوجد سجلاتٌ محفوظة، لذا لا أعرف.”
“…ألا تخافين؟ لقد اختفى السّحرة الزّرق بسبب الجنون.”
“ليس كثيرًا. بما أنّ هناك أعراضًا مبكّرة، سيكون لديّ وقتٌ للتّحضير.”
كما أنّ لديها خططًا محضّرةً مسبقًا.
ضحك كارون بدهشة على ردها الهادئ. ثمّ واصل وهو يفكّر بشيءٍ ما.
“هل أخبركِ بسرّي؟”
“توقّف عن المراوغة وأعطني وعدًا بأنّك لن تفشي السّرّ.”
“أخطّط لشيءٍ ما. إذا نجحت، سأنهي حياتي قبل أن يقتلني الجنون.”
“…ماذا؟”
“اعرفي ذلك، قد يكون مفيدًا يومًا ما.”
“لمَ تخبرني بهذا؟”
“اعتبريه ضمانًا.”
عندها فهمت جيريل تصرّفات كار. بدلًا من وعدٍ بعدم إفشاء السّرّ، أعطاها نقطة ضعفه.
كانت رعايةً عنيفة.
“كما قلتِ، لا زال هناك وقتٌ قبل غروب الشّمس، لذا سأنام قليلًا.”
كيف يعيش شخصٌ يخطّط لموته؟
‘…هل كان سبب انتحار الدّوق الأكبر ليڤيرت في القصّة الأصليّة مشابهًا لكار؟’
قال النّاس إنّ تمرّد الدّوق كان على وشك النّجاح.
لذا بدا اختياره الموت قبل تحقيق هدفه غريبًا. هل دفعه الجنون لذلك؟
“بالمناسبة…”
توقّفت جيريل عن الكلام بحذر. في نهاية عينيها الزّرقاء المصبوغتين بالارتباك، كان كارون يتنفّس بهدوء.
“نائم؟”
“…”
“حقًا؟”
كيف ينام بعد إلقاء قنبلةٍ كهذه؟
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 4"