الحلقة الثالثة عشرة

كان المكان الذي أشار إليه كارلايل هو ما يعادل عاصمة البرابرة.

كالاهولم.

المدينة الكبرى للبرابرة الذين يعيشون عبر الحدود. كانت هذه هي المعقل الرئيسي لقبيلة [أسكوزا]، وهي الأكبر والأقوى بين مختلف قبائل البرابرة الموجودة عبر الحدود.

بالإضافة إلى ذلك، اشتهرت كالاهولم بأنها قلعة حصينة لم تُهزم أبداً في التاريخ.

لذا، فإن اقتراح كارلايل بمهاجمة مثل هذا المكان كان يعني في الواقع إبادة الجيش.

لكن الدوق جونترام لم يفكر بهذه الطريقة.

“لماذا… فكرت هكذا؟”

“لأنها فارغة.” أجاب كارلايل وكأن سؤاله كان تافهاً.

“فارغة، فارغة إذاً.” كرر الدوق جونترام كلمات كارلايل.

كان كارلايل على حق، كانت كالاهولم فارغة في الوقت الحالي. كان البرابرة يتقدمون ببطء استعداداً للحرب القادمة. ونتيجة لذلك، تم نشر العديد من القوات في الأمام، وكانت كالاهولم في الواقع تفتقر إلى القوات.

“إنها فارغة، ولكن كيف نتمكن من التسلل بقوات كبيرة في عمق أراضي العدو؟”

“لا أعرف.”

“ألم يكن لديك طريقة فعالة؟”

“لا.”

“حسناً، هذا صحيح.” أومأ الدوق جونترام برأسه بتعبير “هذا ما توقعته منك”، متأسفاً على توقعاته القليلة.

“ألا يمكننا العبور من ذلك الجبل؟” تمتم كارلايل لنفسه، مشيراً إلى التضاريس الجبلية على الخريطة، حتى يسمعه الدوق جونترام.

سلسلة جبال سازدور.

كانت منطقة تتكون من قمم يبلغ ارتفاعها آلاف الأمتار، ومن الواضح أن صعوبة المسيرة فيها تتجاوز الخيال.

“هل تنوي قتل جميع جنودنا؟”

“آه؟”

“أوف.” أغمض الدوق جونترام عينيه وكأنه متعب.

آه؟

كم كانت سلسلة جبال سازدور وعرة، وهل كان من المعقول قيادة قوات كبيرة عبرها؟

‘ربما من الأفضل عدم السماح له بالتطوع، كما قال. سيتسبب فقط في إلحاق الضرر بقواتنا.’

العدو الأقل كفاءة هو أخطر من العدو الحقيقي. كان القائد الذي يتمتع بحكم ضعيف مثل كارلايل مثالياً لقيادة القوات إلى الهلاك.

“سلسلة جبال سازدور لم تشهد أي حركة لقوات كبيرة عبر التاريخ.”

“لماذا؟”

“حسناً، لأنها وعرة جداً و…”

“هل حاولتم حتى؟”

“هل يجب عليك شرب السم أو الجرعة لمعرفة الفرق؟”

“قد تكون جرعة… أنا آسف.” اعتذر كارلايل على الفور عندما رأى تعبير الدوق جونترام.

‘يبدو أنه لم يفهم. حسناً، ليس هذا هو الوقت المناسب.’

في الواقع، لم تأتِ هذه الاستراتيجية من رأس كارلايل.

‘التقدم العظيم. أعظم إنجاز في حياة الدوق جونترام.’

قبل خمس سنوات من بدء سيناريو لعبة [أوفيرلورد]، أي بعد خمس سنوات من الآن.

اتخذ الدوق جونترام قراراً جريئاً بقيادة قوات كبيرة عبر سلسلة جبال سازدور، ونجح في تحقيق إنجاز عظيم بتدمير كالاهولم، قلب البرابرة.

تمنى كارلايل أن يتحقق هذا المخطط الكبير عاجلاً، وذلك بالإشارة إليه أولاً.

لماذا؟

لأن قوة عائلة سيغموند ستضعف كلما طالت الحرب مع البرابرة.

وسلامته وحياته المريحة مضمونة ببقاء عائلة سيغموند قوية. بما أنه أصبح كارلايل فان سيغموند، سواء أحب ذلك أم لا، فمن الأفضل له أن تكون عائلة سيغموند قوية بكل الطرق.

‘إذا تحدثت بصراحة، سأُعتبر مجنوناً، لذا يجب أن ألمح بلطف.’

فكر كارلايل هكذا، ثم قال: “هل طلبت دعماً من العائلة المالكة؟”

“كنت أنوي ذلك.”

“هذا جيد. يمكنك انتزاع الكثير من التعزيزات من عائلة لورين بذريعة هذا الحادث.”

“سينكرون ذلك.”

“يمكننا أن نطلب وساطة العائلة المالكة.”

“العائلة المالكة…؟”

“العائلة المالكة تعرف كل شيء، فكيف يمكنهم الإنكار؟”

“بالتأكيد، هذا صحيح.” أومأ الدوق جونترام برأسه.

كان هناك مثل في مملكة نوربورغ:

• عيون وآذان العائلة المالكة موجودة في كل مكان. حتى في قلبك.

السبب وراء نشأة هذا المثل يعود إلى تاريخ العائلة المالكة لمملكة نوربورغ.

*** 

في الماضي البعيد.

أبرم رجل عقداً مع تنين قديم واكتسب القدرة على التنبؤ. على الرغم من أنه فقد بصره ثمناً لذلك، فقد أسس سلالة ملكية بناءً على قدرته على التنبؤ.

كانت هذه قصة الملك المؤسس لمملكة نوربورغ، الذي أطلق عليه اسم [الملك الأعمى].

ولم تكن هذه مجرد أسطورة أو خرافة.

كان يولد طفل في عائلة [بارناس] الملكية، سليل الملك الأعمى، ويرث القدرة على التنبؤ عبر الأجيال، وقد حكموا مملكة نوربورغ كملوك.

ولهذا السبب، كانت العائلات الاثني عشر الأخرى التي تدعم مملكة نوربورغ تحترم العائلة المالكة وتخشاها في الوقت نفسه.

لماذا؟

لأن العائلة المالكة كانت تتلاعب بالعائلات الاثني عشر من وراء الكواليس باستخدام قدرتها على التنبؤ. كانت ازدهار وسقوط العائلات الاثني عشر مجرد لعب بإرادة العائلة المالكة. كانت ترتيبات العائلة المالكة والمؤامرات السياسية المختلفة باستخدام قدرتها على التنبؤ في منطقة لا يمكن للعائلات الاثني عشر تخيلها، وكان كل ما يمكنهم فعله هو إظهار الولاء.

في الواقع، كانت قوة العائلة المالكة داخل أراضي مملكة نوربورغ لا تقل عن قوة إله كلي العلم.

ومع ذلك…

‘تنبؤ؟ مجرد محتالين.’ على حد علم كارلايل، انقطعت سلالة أفراد العائلة المالكة ذوي القدرة على التنبؤ في عهد الملك السابق الذي توفي منذ زمن طويل. الملك الحالي، الذي من المحتمل أن يكون طريح الفراش الآن، وكذلك ولي العهد، الأمير [جوردون]، وهو أحد الشخصيات الرئيسية في اللعبة، لا يمتلكون القدرة على التنبؤ.

إنهم فقط يتظاهرون بأن لديهم القدرة على التنبؤ باستخدام معلوماتهم الهائلة والتلاعب النفسي.

كيف يعرف كارلايل ذلك؟ لأنه رأى مقدمة لعبة [أوفيرلورد].

بدأت لعبة [أوفيرلورد] بالكشف عن اختفاء قدرة العائلة المالكة على التنبؤ، مما أدى إلى توتر بين العائلات الثلاثة عشر، بما في ذلك العائلة المالكة.

بمعنى آخر، كان كارلايل هو الشخص الوحيد الذي يعرف سر اختفاء قدرة العائلة المالكة على التنبؤ.

“سأطلب وساطة العائلة المالكة كما قلت. لست متأكداً ما إذا كان سينجح أم لا.”

“حسناً.” فكر كارلايل في داخله، “تم الأمر.”

‘لن تتغاضى العائلة المالكة عن هذا الأمر بهدوء.’

اعتقد كارلايل أن أكبر مستفيد من هذا الحادث هو العائلة المالكة.

تتميز مملكة نوربورغ، بطبيعتها كاتحاد ملكي، بهيكل تعاون وتنافس بين العائلات الثلاثة عشر التي تتمركز حول العائلة المالكة.

ولذلك، فإن القوات الداعمة التي سيتم إرسالها إلى الحرب مع البرابرة تأتي من تبرعات قليلة من كل من العائلات الثلاثة عشر.

اعتقد كارلايل أن العائلة المالكة ستنتزع الكثير من القوات من عائلة لورين بذريعة هذا الحادث.

‘وفي المقابل، سيقللون من قوات العائلة المالكة بنفس القدر الذي انتزعوه من عائلة لورين. يجب على العائلة المالكة الحفاظ على قوتها.’

بما أن قدرة التنبؤ قد اختفت، فليس أمام العائلة المالكة خيار سوى اتخاذ مسار الحفاظ على الذات. وبما أنهم سيكونون حريصين على إضعاف القوة العسكرية للعائلات الاثني عشر الأخرى، فمن المؤكد أن عائلة لورين ستتضرر.

على الرغم من أن الدوق جونترام، الذي لم يكن يعرف وضع العائلة المالكة، كان متشككاً…

*** 

“هل كانت زيارتك جيدة؟”

“لا.” هز كارلايل رأسه رداً على سؤال مارانيللو. “لقد عدت بخسارة كبيرة.”

“ماذا تقصد بالخسارة؟”

“قال إنه يجب أن أكون مفيداً.”

“هاها.” ضحك مارانيللو ضحكة جوفاء.

“هل طلب منك الدوق التطوع؟”

“أجل.”

“حسناً. أنت على وشك أن تبلغ 24 عاماً، وقد حان الوقت لتفي بمسؤولياتك وواجباتك كعضو في عائلة سيغموند.”

“ألا يمكنني الاستمتاع بالحقوق دون مسؤوليات؟”

“لا تقل ذلك. قدرتك على عيش حياة جيدة هي بفضل إنجازات أسلافك…”

“آه، كفى.” لوح كارلايل بيده وكأنه لا يريد أن يسمع.

‘العائلات الأخرى تتمتع بالحقوق فقط، فلماذا هذه العائلة بالتحديد مميزة جداً؟’

فكر كارلايل هكذا وقال لمارانيللو: “أريدك أن تعلمني المبارزة بالسيف بدءاً من الغد.”

“نعم…؟”

“أنا على وشك أن أُلقى في ساحة المعركة، ولا يمكنني الذهاب هكذا. لا أريد أن أموت على يد البرابرة.”

كانت المنطقة الحدودية الأمامية في حالة حرب على مدار العام. على الرغم من أنها لم تكن حرباً شاملة واسعة النطاق، إلا أن الاشتباكات الصغيرة والكبيرة مع البرابرة كانت تحدث باستمرار في ساحة المعركة. كانت الخدمة في مثل هذا المكان تعادل القفز إلى ساحة المعركة.

“لقد فكرت جيداً يا سيدي الشاب.” ابتسم مارانيللو ابتسامة مشرقة. “أنا شيخ، وعلى الرغم من أنني صدئ بعض الشيء، سأعلمك بكل إخلاص، يا سيدي الشاب.”

“صدئ؟” سخر كارلايل. “ألم تكن تمارس التأرجح سراً بمسحوق الغبار ذلك في الفجر؟”

“لست متأكداً مما تتحدث عنه. هاها.” أخفى مارانيللو مسحوق الغبار الذي كان يحمله خلف ظهره.

“على أي حال، أعتمد عليك بدءاً من الغد.”

“نعم، يا سيدي الشاب.”

“أوف.” ألقى كارلايل بجسده على الأريكة ونظر إلى السقف. لقد افترض أنه بمجرد أن يتقمص جسد وغد من عائلة الدوق، سيعيش حياة مريحة ويستمتع بامتيازاته مدى الحياة، لكنه الآن على وشك حمل أداة حادة ثقيلة والبدء في التأرجح.

‘هل هذا الرجل قادر على أن يصبح قوياً؟’ لو كان قد تقمص جسد شخص قوي بشكل لا يصدق منذ البداية، لما كان عليه أن يبذل أي جهد…

ومع ذلك، لم يكن بإمكانه البقاء مكتوف الأيدي. إذا كان سيستمر في العيش في هذا العالم، فعليه أن يمتلك الحد الأدنى من القوة العسكرية.

في اليوم التالي.

تشينغ! تشاانغ!

“هب! هب هب!” على الرغم من أنه كان في الصباح الباكر، كانت حلبة تدريب عائلة سيغموند مليئة بالحرارة. كان الفرسان يكرسون جهودهم للتدريب، ويحسنون لياقتهم البدنية، ويتحققون من وضعياتهم، ويتدربون مع زملائهم.

خفت حدة حرارة حلبة التدريب قليلاً بسبب زيارة غير متوقعة.

“همم؟”

“لا بد أنني شربت كثيراً بالأمس. أرى أشباحاً.”

“ماذا، ما هذا؟”

عندما دخل كارلايل حلبة التدريب، ظهرت علامات استفهام فوق رؤوس المتدربين. كيف يمكن لهذا الوغد أن يجرؤ على القدوم إلى حلبة التدريب؟

‘ما الذي دفع به هذه المرة؟’

‘آخ. يجب أن أنهي تدريبي مبكراً اليوم.’

‘يقال إن رؤية الدم في الصباح تجلب سوء الحظ.’

ابتعد العديد من الفرسان بهدوء عند ظهور كارلايل. لن ينجو أحد من جرح أو نزف بسبب سيف أعمى إذا ظلوا يتسكعون بالقرب من كارلايل. قد تُقطع أطرافهم إذا كانوا سيئي الحظ.

بغض النظر عن النظرات المحيطة، استقر كارلايل في زاوية حلبة التدريب دون أن يهتم بها.

“بما أن هذا هو تدريبك الأول منذ فترة طويلة، استخدم هذا، يا سيدي الشاب.” قدم مارانيللو سيفاً خشبياً لكارلايل.

كانت هذه هي المرة الأولى التي يمسك فيها كارلايل سيفاً، فقبله دون اعتراض. بما أنه لم يذهب إلى أكاديمية المبارزة في حياته السابقة، فقد شعر أن السيف الخشبي غريب جداً.

‘إنه ثقيل.’ على الرغم من أنه كان سيفاً خشبياً، إلا أنه كان ثقيلاً جداً. كان يزن حوالي 2 كيلوغرام على ما يبدو.

“هل أنت مستعد يا سيدي الشاب؟”

“ماذا عن مارانيللو؟ ألن تحمل سيفاً خشبياً؟”

“هذا الشيخ يكتفي بهذا.” أخرج مارانيللو مسحوق الغبار الذي يحمله معه دائماً.