الفصل الثامن
لكن الأوان كان قد فات.
فحتى لو كان همسًا، لا بد أن أذن “المستيقظ” مثل ثيودور قد التقطت كل كلمة.
أطبقتُ على فم روني المتمرد، ثم رفعت رأسي.
‘هاه؟’
خلافًا لتوقّعي، بدا ثيودور بخير. لم يكن في عينيه أثر لجرح أو يأس.
بل ظهر وكأنه استغرق لحظة في التفكير، ثم عاد إلى هدوئه المعتاد.
‘غريب… في هذه المرحلة من القصة، من النفترض أنه لا يزال خاضعًا لقيود عائلة ويذر. فكيف لم يتأثر؟’
من المستحيل أنه لم يسمع.
فهل لأنه يعتبر روني مجرد طفل؟ أو ربما لم تعد تلك الكلمة تحرّك شيئًا في داخله؟
كنت أراقب نظراته بتوجس، حتى التقت عيناي بعينيه. وفي تلك اللحظة، ومضة فكرة خطرت لي.
‘ربما… “ابن غير شرعي” لم يكن أبدًا الشيء الذي يحطّمه.’
الإهمال والازدراء كانا روتينه اليومي. لا بد أنه سمع كلمة “لقيط” آلاف المرات حتى فقدت معناها.
لكن في القصة الأصلية، ظهر انكساره منذ الفصل الأول، حين خاب ظنه بنفسه في الأكاديمية.
‘إذن ما دمّره لم يكن وصمة نسبه… بل إدراكه أنه، رغم استيقاظه، بقي عاجزًا بلا قوة.’
‘آه، أي معضلة نفسية هذه؟ الأمر أشبه باختبار شخصية للبطل!’
إدراك تلك الحقيقة جعل الأمر أكثر تعقيدًا.
ومع ذلك، كان المهم الآن أن روني لم يتسبّب في جرح قلب ثيودور.
ومهما كانت ردة فعله، كان من واجبي الاعتذار.
“أنا آسفة حقًا، ثيودور…”
“مم؟ لا بأس. فالأمر… صادق في النهاية.”
كلماته زادتني شعورًا بالذنب.
أنا التي قرأت ماضيه المظلم صفحة صفحة، وجدت صدري يضيق.
ولأن قلبي وخزني بشدة، قررت إنهاء الموقف سريعًا. أمسكت روني وهممت بالخروج.
“سننصرف الآن. واصل تدريبك.”
“همم، إلى اللقاء.”
حتى روني بدا فاقد الحيلة، لم يثر أي اعتراض، فقط اكتفى بحدجه بنظرة غيظ. فرددت له النظرة نفسها.
كنت على وشك أن أرفعه على كتفي وأغادر، حين استوقفني صوت ثيودور.
“لوسي!”
توقفت واستدرت نحوه. كان يبتسم ابتسامة خفيفة، كعادته.
“أنا بخير، صدقيني. لذا… لا تعاقبي أخاك كثيرًا.”
تجمدت في مكاني.
يا إلهي… بطل القصة، ثيودور ويذر، كان…
‘طيّب القلب إلى حد يثير الألم!’
صحيح أن كونه طيبًا جزء من شخصيته الأساسية في الرواية، لكن لم أتوقع أن يبلغ هذا الحد من التسامح!
كنت دائمًا أظن أن على البطل أن يكون طيبًا، لكن رؤيته الآن يتصرّف كالأضحية جعل قلبي يؤلمني.
فهمت فجأة لماذا لم يحتمل كثير من القراء رؤية “بطل بهذه الطيبة المفرطة”.
كل ما استطعت فعله هو الإيماء بصمت، ثم هرعت خارج ساحة التدريب.
ركضت بلا اتجاه، حتى أيقظني من غفوتي صوت روني يتخبط في ذراعي.
تذكرت عندها أنني ما زلت أسدّ فمه.
“أوفف! كدت أختنق!”
كدت تضحك من نبرة شكواه، لكن الغضب غلبني: “أنت أوشكت على أن تقتلني من الإحراج!”
كنت على وشك أن أوبخه بشدة، لكنني حبست كلماتي. ليس بدافع الحنان، بل لأن ثيودور قال لي بوضوح: لا تعاقبيه بشدة.
‘ كن شاكرا يا ولد، أن البطل موجود.’
وضعت روني أرضًا دون تلطّف.
“أوه! ارفقي بي قليلًا!”
… لكن ألا يستحق العقاب؟
لم أتمالك نفسي هذه المرة، فالتقطت أذنه الأخرى وفتلتها بقسوة.
صرخ روني، واهتزت جدران الأكاديمية بصرخاته المتألمة.
“سيدي الشابـ-!”
عندما وصلنا إلى بوابة الأكاديمية لإعادته، ركض نحونا رجل يبدو خادمًا من ركضته اللاهثة ووجهه المتوتر.
أسرع إلى روني، يفحصه من رأسه إلى أخمص قدميه، قبل أن يتنفس بارتياح.
“مولاي الصغير! كيف تجرؤ على الخروج وحيدًا! كل مرة تفعل بي هذا، أكاد أفقد عقلي!”
“قلت لك لنعد بسرعة!” ردّ روني بوقاحة.
“وأنا قلت لنُنهي توضيب الأمتعة أولًا!”
لكن روني اكتفى بأن أدار وجهه بتعجرف، فيما وضع الخادم يده على جبينه وكأنه يعاني صداعًا مزمنًا.
من الواضح أن هذا الهروب تمّ بلا إذن. لكنني لم أستغرب.
دفعتُ روني قليلًا نحوه، فانتبه الخادم لوجودي فجأة، وانحنى مرتبكًا.
“أعتذر لتأخري في التحية، آنسة لوسي!”
أومأت له بلا اكتراث. “لا بأس.”
ثم أشرت له بنظرة واضحة: اصطحبه بعيدًا، حالًا.
فهم الرسالة فورًا، وأومأ بجديّة وكأننا نتفق على مهمة خطيرة. ثم مدّ يده، وحمل روني من مكانه كالعصفور.
“أنت! ماذا تفعل؟!”
“حان وقت عودتك، مولاي الصغير. نرجو لك السلامة يا آنسة!”
“أنزلني حالًا! أستطيع السير بقدمي!”
“لا يمكن يا سيدي، قد تفرّ من جديد إلى مكان آخر.”
“هذا احتقار لكرامتي! تعلم أنها تُعَدّ جريمة؟”
“نعم نعم، يا سيدي. هيا بنا نعود ونستحم ونستريح. ألا يعجبك ذلك؟”
“آه، كفى! كم أنت مزعج!”
وتلاشى صوتهما شيئًا فشيئًا حتى غابا عن مسمعي.
عندها فقط، شعرت أن ثِقَل يومٍ كاملٍ انزاح عن كاهلي.
***
طفل واحد جعل يومي كله بهذه الفوضى…
هززت رأسي بأسى وعدت إلى سكن الأكاديمية، وأنا لا أزال أشعر بأن هذا اليوم كان طويلًا على غير العادة.
وفي صباح اليوم التالي، وصلني خطاب.
[إلى لوسي سانت.
سأرحل الآن. لم أرد أن أراك مجددًا، لذا أكتفي بترك هذه الرسالة.]
يا للعجب… ومن الذي يزعج الآخر في الحقيقة؟
لكن على الأقل هو لم يأتِ مجددًا ليُربك يومي، لذا اكتفيت بقبول الأمر وواصلت القراءة:
[سأستيقظ قريبًا وألتحق بالأكاديمية، لذا اعتني بدروسك ولا تتركيها حتى لا تُطرَدي.
وأيضًا، لا تُعطي قلبك لذلك اللقيط من عائلة وِيذر بلا طائل!
ااذي سيستقيقظ قريبًا،روني سانت]
هكذا أنهى رسالته القصيرة.
يا له من صبي متعجرف حتى النخاع!
لا أعلم كيف خرج طفل كهذا من بين والدَي لوسي، بكل ما عُرفا به من عقلانية ورزانة.
ومع ذلك، احتفظت بالرسالة في أحد أدراج مكتبي.
فربما حين يكبر ولا يستيقظ أصلًا، أُريه هذا الخطاب ليكون وصمة عارٍ صغيرة في تاريخه.
لكن ما زال هناك أمر يثقل صدري…
لقد كان وجه “ثيودور وِيذرر” – البطل – عالقًا في ذهني منذ الأمس.
ذلك التواضع المبالغ فيه، وتلك الطيبة حدّ الغباء…
هل يأكل بانتظام؟ هل يعتني بنفسه؟
في القصة الأصلية، كان يتلقى دعمًا ماليًا زهيدًا من عائلة وِيذر، لكنه بالكاد كان يستخدمه، لأنه لم يعتبر المال حقًا له.
andu*** : أيها الكاتب… أطعم الفتى على الأقل، إلى متى سيُحرَم من وجبة ساخنة بسبب الأحداث؟*
bOng*** : البطل هنا لا يملك سوى “نافذة الحالة”، لا مال ولا سند ولا حتى طعام.*
2Esu*** : وأنت لا تملك حتى الطعام، فماذا بعد؟*
أذكر أن قسم التعليقات في الرواية الأصلية كان يمتلئ بهذه النكات لفترة طويلة.
غالب الظن أنه الآن يكتفي بخدمة وجبات الأكاديمية الجاهزة خلال العطلة، كما أفعل أنا أحيانًا.
لكن لا بأس… لقد عقدت العزم.
“لابد لي من إطعام هذا الصبي شيئًا بيدي.”
خصوصًا أنه – بعد دخوله الأكاديمية – ستنهار ثقته بنفسه أكثر فأكثر.
على الأقل، ليكن بطنه ممتلئًا!
***
توجهت مباشرة إلى ساحة التدريب الكبرى.
كان حدسي يخبرني أنني سأجده هناك.
“إنها لذيذة أليس كذلك؟ جرّب هذه أيضًا!”
“ماذا؟ لا، لا. خذيها أنت. سأشتري أخرى لنفسي.”
أبعدت عنه سيخ الدجاج المشوي الذي كنت أمدّه نحوه، ثم دفعت ثمنًا لواحدٍ آخر.
لحسن الحظ، كان والداي قد أرسلا لي مع الرسائل بعض النقود الإضافية، فكان جيبي ممتلئًا.
وهكذا، وجدت نفسي أعتذر عن تصرّفات أخي الصغير عبر إغراق البطل بالطعام.
ثيودور، بشأن ما قاله أخي أمس… أريد أن أعتذر.
إن كان الأمر بشأن ذلك، فلا تقلقي، الأمر لم يجرحني…
لكنني! أنا من لم أستطع احتماله!
ولم أمهله حتى أكمل كلامه، بل جررته خارج أسوار الأكاديمية.
كنت أريد إطعامه، نعم، لكن الأمر لم يكن لهذا السبب فحسب.
لقد كنت أعلم أن التدريب الفردي وحده لا يُنتج معجزة.
الإنسان بحاجة إلى تنفّس، إلى صحبة، وإلى الخروج من العزلة… وإلا انهار.
“هيا بنا إلى هناك أيضًا!”
“م-مهلًا، لوسي…!”
‘لا، لم يكن السبب أنني مللت اللعب وحدي! ربما قليلًا… لكن ليس كليًا!’
هكذا أخذته معي نتجوّل في أزقة لم أزرها من قبل، نكتشف المتاجر ونجرّب الأطعمة.
لكن بعد ساعات من المشي، بدأ ثيودور يلهث ويتصبب عرقًا.
آه، نسيت…
مستوى قوته الجسدية (F)
.
رغم أنه مُستيقظ، إلا أنه كان هشًا وضعيف البنية.
توقفت عن السير، شاعرة بالذنب لأنني أثقلت عليه.
حاولت صرف نظري إلى ما حولي حتى لا أُحرجه.
حينها، وقعت عيني على واجهة متجر قديم يبيع التحف.
وكان هناك شيء بعينه يشدني:
[أداة سحرية للـ”ساحر الأعظم المختوم” (درجة S)]
: لا يمكن التحقق من خصائص الأداة.
هل ترغب في كسر الختم؟
(Click!)
… ماذا؟
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
ترجمة : 𝒩𝒪𝒱𝒜
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"