الفصل السابع
أصابتني الدهشة حتى فقدت القدرة على الكلام.
فمال الصبي برأسه قليلًا واقترب خطوتين، ثم قال:
“ما لكِ واقفة هكذا؟ لا تخبريني أنك لم تستلمي خبر قدومي؟”
لا، لقد استلمت الخبر فعلًا… لكنه كان عن “أخٍ أصغر”، لا عن هذا المشاكس عديم الاحترام!
قهقهة قصيرة أفلتت مني رغمًا عني، ثم تماسكت وناديته:
“روني؟”
“اوف! لماذا تنادينني هكذا فجأة؟ أشعر بالقشعريرة!”
تراجع بخطوة، متأففًا من نبرتي.
حقًا؟ كنتُ أحاول أن أكون لطيفة معه، وهو يرفض ذلك بنفسه.
حسنًا، إذا كان هذا ما يريده… فلنخض اللعبة بشروطه.
“هيه، أيها الصغير.”
“ماذا؟”
“كم عمرك الآن؟”
“ثلاثة عشر.”
كنتُ أتوقع أن يكون أصغر من صوفيا بأربع أو خمس سنوات، فإذا به لا يبعد عنها بسنة واحدة فقط. ابتسمتُ ابتسامة عريضة وسألت:
“وأنا؟ كم عمري؟”
“سبعة عشر، طبعًا. لا تقولي لي أنكِ أُصِبتِ في الامتحان وخلطتِ حساباتك. يبدو لي أنكِ فقدتِ صوابك قليلًا.”
يا هذا، لم أُصب، بل سأجعلك أنت تُصاب…
لكنني كتمت تعليقي، ثم مددت يدي وربّت على رأسه.
وفجأة—
“آآآآاااه!”
“من أين تعلمت هذه اللهجة الوقحة، ها؟”
“آه! أتركيني! إنه مؤلم يا أختي! مؤلممم!”
سحبتُ أذنه بلا رحمة. قاوم، لكنه كان بلا جدوى. طبيعي، فأنا متفوّقة جسديًا بصفتي “مستيقظة”، وهو ليس سوى طفل صغير، أصغر حجمًا حتى من صوفيا.
ضحك الحارس الذي كان يراقبنا، ثم ابتعد وكأنه رأى مشهدًا عاديًا بين أخ وأخته.
“آآخ! دعي أذني! أرجوكِ يا أختي، كفى!”
تلك الإضافة الأخيرة نطَقها مرغَمًا، وأنا لم أُفلت أذنه إلا بعد أن تأكدت من احمرارها القاني.
ظلّ يحدّق بي بعينين دامعتين، وقال مهدّدًا:
“سأخبر أبي وأمي بكل شيء!”
“افعل، لكنني سأخبرهما أيضًا أنك تناديني من دون احترام.”
أطبق فمه غاضبًا، ثم أخذ يشهق غضبًا. واضح أنه مهما كان متعجرفًا، يبقى خائفًا من والديه.
يا له من طفل، يستحق كل سخرية.
تمتم بين أسنانه، لكن سمعي الحاد التقط كلماته بوضوح:
“تبا… بعد الاستيقاظ أصبحت أقوى فعلًا…”
ابتسمت ساخرة. إذًا هو من النوع الذي يستجلب الضرب بنفسه.
لكنني تجاهلت ذلك وسألت:
“على كل حال، لماذا جئت أصلًا؟”
“لتفقّد الأكاديمية! ألم تقرئي الرسالة جيدًا؟”
رفعت حاجبًا وحدّقت في أذنه الأخرى قائلة:
“أترى؟ لا يزال لديك أذن سليمة.”
غطّى أذنه بفزع، ثم ابتلع ريقه وأجاب بصدق:
“…جئت لأتأكد.”
“تتأكد من ماذا؟”
“من أنكِ نجحتِ فعلًا! لم أستطع أن أصدق.”
آه… إذًا لم يصدق أن أخته قد اجتازت الامتحان.
تنهدت في داخلي. لا عجب، فـ”لوسي” الأصلية كانت في الأصل نسخة طبق الأصل من روني في شخصيتها.
“بالمناسبة، أليس أسلوبك وقحًا أكثر من اللازم؟”
شهق وسارع بالابتعاد عندما لوّحت بيدي قرب أذنه.
حقًا سريع الحركة، ربما لو استيقظ يومًا سيكون من فئة الرشاقة، لا القوة مثلي.
خفضت يدي، واسترخى كتفاه المتوتران. عندها قلت:
“إذًا، كم ستبقى هنا؟”
“لا أعرف. لم نحدد ذلك بعد.”
ما أوقحه! جاء من دون خطة وكأنه في نزهة.
كنتُ على وشك طرده، ثم توقفت. عينيه الخضراوان كانتا تلمعان وهو يتفحّص كل زاوية في المبنى.
“هل تريد أن أريك المكان؟”
“حقًا؟!”
ارتسم البريق في عينيه على الفور.
آه، ما أشد إزعاج هذا الصغير. لكن بما أنني وعدت والديّ بالاعتناء به، فلا مفر.
“لكن بشرط: أن نُنهي الجولة اليوم، ثم تعود مباشرة إلى البيت. ليس لدي وقت لأتفرغ لك لأرافقك.”
“أنا لست طفلًا! نحن لا يفصلنا إلا أربع سنوات!”
“حسنًا يا صغيري.”
تجاهلت احتجاجه وبدأت أشرح بينما أمشي:
“هذا المدخل الرئيسي. أما قاعة الامتحان، فعليك أن تواصل السير من هذا الاتجاه.”
“واو…”
رغم بساطة الشرح، كان وجهه مشرقًا بالحماسة وهو يدور بعينيه في كل اتجاه. نظرت إليه فانتفخ صدري قليلًا فخرًا.
لكن سرعان ما قال:
“ظننتها ستكون أكثر بريقًا…”
تبا! هذا اللسان الطويل هو مشكلته العويصة.
كظمت ضحكة كادت تفلت مني وواصلت:
“هنا توجد قاعات تدريب فردية، وهناك ساحة كبرى مخصّصة عادة للمبارزين أو المحاربين…”
“مبارزين؟!”
صرخ فجأة وهو يلمع بالحماسة، كاد يُفزعني.
“تحدث بهدوء!”
“أريد أن أذهب إلى هناك فورًا!”
ظل يهتف بعناد، أما أنا فأخذت نفسًا عميقًا لأتمالك أعصابي، بينما هو يواصل الكلام بلا توقف.
“ألا تشعرين أنني عندما أستيقظ و تظهر قواي فسأصبح مبارزًا؟ لو حدث ذلك فسألتحق أنا أيضًا بالأكاديمية. من الأفضل أن أتعرف عليها مسبقًا! أليس كذلك، أختي؟”
نظر إليّ روني بعينين متوسلتين.
كنت أريد فقط أن أشرح له بسطحية ونحن نمر مرور الكرام، لكن بما أنه يودّ الذهاب لهذه الدرجة، لم أستطع أن أمانعه.
“لكن بما أنها العطلة الآن، قد لا نجد أحدًا في ساحة التدريب.”
“لا يهم!”
وبإجابته تلك، انتهى بنا المطاف إلى التوجّه نحو ساحة التدريب الكبرى.
في الحقيقة، لم يسبق لي الدخول إلى داخلها من قبل، لكنني تصنّعت الألفة واقتدته إلى الداخل.
‘ثيودور؟’
بطل قصتنا كان يتدرّب بكل جدّ هناك.
أما روني فقد ثبت بصره عليه مبهورًا.
وهذا طبيعي تمامًا.
فمهما كان ثيودور يُلقّب بالفاشل داخل الأكاديمية، إلا أن “المستيقظ” يختلف من الأساس عن الإنسان العادي في قدراته البدنية.
لذلك فمهارة ثيودور البطيئة مثل حلزون في نظر أقرانه، بدت مذهلة للغاية في عيني روني العادي.
ظل ثيودور يلوّح بسيفه حتى توقف ليلتقط أنفاسه. وهناك فقط، شعر بوجودنا فالتفت ناحيتنا.
“لوسي…؟”
“آه، لم أكن أعلم أنك تتدرّب. آسفة على الإزعاج، ثيودور.”
هز رأسه نافيًا، وكأنه يقول أن الأمر لم لزعجه إطلاقا. كما أنني أنا الأخرى لم أشعر أنني أزعجته، بل قلتها فقط من باب المجاملة.
آه، بالمناسبة، لقد تبادلنا أخيرًا الأسماء قبل أيام قليلة.
كنت أعرف اسمه مسبقًا فلم يخطر ببالي أن أعرّفه بنفسي، لكننا تقابلنا في الرواق، فبادر هو بالقول:
“أنا ثيودور.”
“هاه؟”
“أظن أنني لم أذكر اسمي من قبل…”
“آه صحيح! وأنا لوسي. لوسي سانت.”
ابتسم بخجل عند ردي، ومنذ ذلك الحين أصبح من الطبيعي أن ننادي بعضنا بأسماءنا.
لكن لم يتعد الأمر ذلك.
الأكاديمية واسعة جدًا، ولا نصادف بعضنا إلا نادرًا في الممرات. وحتى حين يحدث ذلك، لم تظهر أي “مهمة” جديدة، ربما لأن لدي بالفعل مهمة طويلة المدى.
لذا صرت أزيد نقاطي بالطرق التقليدية المتعبة.
تبا، أردت الحصول على القوة دون جهد!
“إذن… لوسي، هل جئتِ لتتدرّبي أيضًا؟”
كنت غارقة للحظة في ذكريات الأيام الماضية، لكن سؤاله أعادني للواقع.
أمامي شخص يسعى كل يوم لتجاوز جدران قدراته بالعرق والمثابرة، بينما أنا أتذمّر لأني لا أجد طرقًا سهلة لرفع مهاراتي.
ربما لهذا السبب هو البطل. بالفعل، إنه مجتهد حتى النخاع.
“لا، جئت بسبب أخي.”
أجبتُه مرتبكة قليلًا. بدوت فارغة اليد بجوار هذا الذي يحاول بكل طاقته.
عندها فقط، لاحظ روني الواقف بجانبي. رفع ثيودور يده بارتباك محرج وقال:
“آ… أهلًا؟”
لكن روني لم يرد على تحيته.
يا لهذا الصغير قليل الأدب!
كنت على وشك أن ألزمه بالردّ، لكنه سبقني وجذبني من ذراعي.
ماذا الآن؟
لوّح بيديه الصغيرتين وكأنه يطلب مني أن أنحني لأسمع سرًا. تنهدت واستجبت له، فأسرّ في أذني:
“أختي، هل أنتِ صديقة له؟”
“ثيودور؟ هممم… يمكن القول أننا بدأنا نصبح كذلك.”
“إذًا، لا تقتربي منه كثيرًا.”
“ماذا؟!”
أي كلام فارغ هذا يا أخي الصغير؟
مصير عالمكم بأسره يتوقف على هذا الفتى!
رمقته بدهشة، لكنه قطّب حاجبيه وكأنه يلومني على بطء في الفهم، ثم همس:
“إنه ابن غير شرعي لعائلة ويذرـ!”
هذا الولد جُنّ فعلاً!
أسرعت أغلق فمه بيدي.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
ترجمة : 𝒩𝒪𝒱𝒜
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"