الفصل السادس
أعدتُ قراءة لائحة الأسماء مرة أخرى.
المركز 181: لوسي سانت (الرقم 36).
لم أكن مخطئة، لقد قرأت جيدًا.
“لقد نجحتُ—!”
خرج صوتي عاليًا دون أن أشعر، ولحسن الحظ كان المكان يعجّ بأشخاص في مثل حالي، فضاع هتافي بين أصواتهم.
لكن… نجاحٌ حقيقي؟
لوسي سانت! لقد اخترقت احتمالية النجاح البالغة 1% فقط في دقة الرماية بعيدة المدى!
“بل وحصلت على المركز 181، ليس الأخير حتى…!”
لم أستطع التحكم بابتسامة عريضة غبية ارتسمت على وجهي من شدة الفرح. بالكاد أطبقت شفتي ونظرت حولي.
وبينما بدأ الزحام يتفرّق شيئًا فشيئًا، لمحت خصلات شعر صوفيا الرفيعة بلون القمح. اندفعت نحوها بلا تفكير، لكن سرعان ما توقفت في منتصف الطريق.
“هاه…”
كانت صوفيا تطلق تنهيدة عميقة، ووجهها ملبّد بالحزن، وعيناها تلمعان بدموع محتبسة. ثم أطرقت برأسها وظلت ساكنة في مكانها.
لقد رسبت.
أدرت خطاي بهدوء. بدا أنها بحاجة إلى بعض الوقت بمفردها.
وعندما تستعيد توازنها ستعود إلى السكن، عندها سأكون بجانبها لأواسيها.
اختلطت في صدري مشاعر الفرح لنجاحي والأسف لأولئك الذين لم يُوفّقوا. حتى خطواتي نحو الخارج كانت ثقيلة.
لاحقًا، شدّت صوفيا قبضتها الصغيرة وقالت بعزم:
“سأحاول مجددًا في العام القادم!”
كانت قد عادت متأخرة إلى السكن، مختلفة تمامًا عن حالها في النهار. يبدو أن مجرد إخفاق واحد لم يكن كافيًا ليكسر عزيمتها.
ابتسمتُ بخفة وأنا أبارك حماسها. ووجدتني أتمنى من قلبي أن تنجح فعلًا العام القادم، لنسير معًا في ردهات الأكاديمية. فخلال هذه الفترة القصيرة، تعلقت بها أكثر مما توقعت.
“حسنًا، سأكون بانتظار ذلك اليوم.”
ابتسمت صوفيا ابتسامة خجولة، ثم هنأتني بدوري:
“بالمناسبة، مبارك نجاحك يا أختي!”
“كان مجرد حظ لا أكثر.”
“لا يا أختي، كنت واثقة تمامًا من نجاحك منذ البداية!”
قالت ذلك وهي تومئ، لكن نظراتها بدت وكأنها تستعيد تلك الحوادث الغريبة المرتبطة بي… أو لعلها مجرد أوهامي.
على أي حال، وقد عادت صوفيا إلى حالتها المعتادة، بقينا نتبادل الأحاديث حتى ساعة متأخرة، فغدًا علينا إخلاء الغرفة.
“سأغادر مع أول الصباح.”
“وهل يليق أن تسهري إلى هذا الوقت؟”
“بالطبع! لا أريد أن أضيّع آخر ليلة لي هنا بلا معنى!”
“يا لطاقتك المفرطة…”
“أختي أيضًا ما زلتِ في السابعة عشرة فقط.”
صحيح، جسدي في السابعة عشرة، لكن روحي في الثالثة والعشرين…
والسهر بات ينهكني. في الواقع، لم تكن لي قدرة على السهر منذ أن تجاوزت العشرين.
ربما لهذا بدا لي جسد لوسي المليء بالقوة أمرًا غريبًا. فرغم ضعف نقاط اللياقة البدنية لديها، إلا أنها تظل أفضل من قوتي الأصلية.
هل هو تأثير “بركة المستيقَظين”؟ على أي حال، كلما فكرت أكثر، ازددت يقينًا أن قدرات المستيقَظين نعمة.
“أختي، هل تنوين العودة إلى منزلك؟”
“لا. المسافة بعيدة، ثم إن لدي ما يشغلني هنا.”
هكذا كان خياري: البقاء في الأكاديمية.
كان لدي متسع من الوقت للعودة إلى البيت قبل بدء مراسم الالتحاق بأكثر من شهر، لكنني رفضت. والسبب كان واضحًا.
⚠︎مهمة مفاجئة!
❑ابقَي في الأكاديمية مع ثيودور ويذر حتى موعد الالتحاق! (D-34)
❑مكافأة النجاح: تذكرة سحب مهارة
❑عند الفشل: نقص 10 نقاط من المودة
كنت قد صادفت ثيودور في طريقي بعد إعلان النتائج، وفورًا ظهرت المهمة أمامي.
وصرت أشك أن هذه “المهمات” لا تظهر إلا عند التقاء الشخصيات الرئيسية بالقصة.
تبادلنا تحيات مترددة، هنأني على نجاحي، وتمنيت له حظًا موفقًا. ثم افترقنا. وبعدها تأكدت من تفاصيل المهمة، فوجدت المكافأة مختلفة عن سابقتها:
“تذكرة سحب مهارة؟”
قبل يومين كانت المكافأة مجرد نقاط إضافية للإحصاءات، أما الآن فصارت بطاقة لاختيار مهارة.
بدا وكأن النظام قد سمع شكاواي السابقة وأراد إرضائي فجأة.
وبمجرد أن رأيت المكافأة، عقدت العزم على البقاء في الأكاديمية، حتى وإن ساورني بعض التردد بشأن عدم العودة إلى منزل العائلة.
فأنا لست لوسي الحقيقية أصلًا.
ولستُ مستعدة لمقابلة أسرتها أو التظاهر بكوني ابنتهم. لم أكن أعرف عن حياتها سوى القليل، وإذا شعروا بأي اختلاف فسيكون الأمر كارثيًا.
تمنيت لو أن النظام تكفّل بإيجاد مبرر مقنع لهذا الغياب.
على أي حال، جعلت من هذه المهمة ذريعة للبقاء.
وكان الأمر ممكنًا لأن الأكاديمية سمحت للناجحين باستخدام السكن المخصص لهم حتى يحين موعد الالتحاق.
كنتُ أنوي أن أرسل رسالة إلى عائلتي أذكر فيها أنني سأبقى هنا للاستعداد لدخولي الأكاديمية.
“إذًا… أختي.”
“نعم؟”
“هل يمكنني أن أعطيك عنواني؟”
“عنوانك؟”
“أريد… أن أراسلك.”
قالت صوفيا ذلك وهي تحمرّ خجلًا، حتى بدت كطفلة صغيرة، فما كان مني إلا أن انفجرت ضاحكة.
“بالطبع! سأكون في الأكاديمية، لذا يمكننا تبادل الرسائل هنا.”
أشرقت ابتسامة عريضة على وجهها المحمرّ، وللحظة شعرتُ أنها حقًا أختي الصغرى.
أخت صغرى، هاه…
كنتُ في حياتي السابقة الابنة الوحيدة، وكنت راضية بذلك. ومع ذلك، تسللت إلى قلبي فكرة صغيرة: لو كانت لي أخت مثل صوفيا، لربما كان الأمر جميلًا بالفعل.
“أعدك أنني يأكتب لك دائمًا، أختي!”
كم هي لطيفة.
ربما أنا أضعف أمام اللطف أكثر مما أظن.
***
بعد أيام، وصلتني رسالة من آل ساينت.
فتحتها بتمهل وبدأت أقرأها سطرًا تلو الآخر.
[إلى ابنتنا العزيزة لوسي ساينت،
لقد وصلتنا رسالتك، وبغض النظر عن النتيجة، فنحن فخورون بك لأنك خطوتِ إلى عالم جديد.
… (اختصار) …
نحترم قرارك بالبقاء، غير أن روني يلحّ علينا لأنه يريد أن يرى أكاديمية كرانڤيير بعينيه. فقررنا أن نرسله إليك لبعض الوقت. سيكون الأمر مرهقًا ربما، لكن نرجو أن تعتني بأخيك الوحيد جيدًا.]
أخ؟! لوسي كان لها أخ أصغر؟
عدت أقرأ المقطع مرة أخرى، غير مصدقة.
روني؟! رجاءً، لا تخرجوا فجأة شخصيات جديدة لم يذكرها الأصل!
“كنت أتهرب بحجة الأكاديمية… وها هم يرسلون الأخ بنفسه.”
لم أدرِ هل أضحك أم أبكي. على الأقل لم يقرروا جميعًا المجيء، وإلا لكانت كارثة حقيقية.
ومع ذلك، بدا لي روني هذا خطرًا.
فالأشقاء غالبًا أكثر حدة من الوالدين، وقد يلحظ أنني مختلفة عن لوسي الحقيقية.
لكن لا يمكنني أيضًا التظاهر بأنني هي بشكل متقن، فأنا بالكاد أعرف عنها شيئًا.
“آه… لستُ معنية. لعل النظام قد دبر ذلك.”
بعد أن اجتزت عقبة القبول، أصبحت أكثر ميلًا إلى ترك الأمور تجري كيفما تشاء.
طويّت القلق جانبًا وأكملت قراءة الرسالة.
[في الحقيقة نحن نغبط روني قليلًا، لأن لدينا أعمالًا كثيرة في البيت تمنعنا من زيارتك بأنفسنا. لذا نرجوك أن تراسلينا دومًا. نحن ننتظر ردك بشوق.
– والداك اللذان يشتاقان إليك اليوم أكثر من أي يوم مضى.]
كان الخط مضطربًا كأنهما كتبا الرسالة معًا، وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدل على أن العلاقة بينهما ودّية.
أعدت قراءة الرسالة مرة أخرى، ثم ابتسمت بمرارة.
عائلتي السابقة لم تكن هكذا أبدًا.
كانت أجواء بيتنا باردة، يسيطر عليها الصمت والجفاء بين والديّ.
صحيح أنهما لم يبخلا عليّ ماديًا، وقد عشت حياتي من دون مشقة، لكن دفء العائلة شيء لم أعرفه يومًا. قضيت فترة من الثانوية محبوسة في غرفتي، بلا صخب مراهقة ولا تمرد.
لكن… لا شك أن البيت الدافئ أجمل بكثير.
بقيت فترة طويلة أحدق في الرسالة، أمتص منها ما حملته من دفء، ثم طويتها بعناية ووضعتها في درج مكتبي.
شعرتُ أنني، على الرغم من أنني لم أرَهم يومًا، بدأت أرتبط بهؤلاء الأشخاص الذين يسمّون أنفسهم عائلتي.
***
بعد أيام قليلة، جاءني نداء مفاجئ من حارس الأكاديمية. ارتديت معطفًا على عجل وخرجت من السكن.
وحين بلغت البوابة، وجدت هناك صبيًا ذا شعر ذهبي وعيون خضراء، نسخة مصغرة عن لوسي نفسها.
ما أن وقعت عيناه عليّ، حتى ابتسم بمرح وقال:
“واو! أنتِ هنا حقا؟ لم أصدق أنك ستدخلين أكاديمية كرانڤيير! لكن كما يقولون…عش طويلا ترَ العجائب، صحيح؟”
“…؟”
أي وقاحة هذه؟
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
ترجمة : 𝒩𝒪𝒱𝒜
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 6"