الفصل الرابع
وجه وسيم، مضافًا إليه نزعة نرجسية صريحة.
وفوق ذلك، ما إن يرى شقراء جميلة حتى يسارع بمحاولة مغازلتها.
لا عجب أنه ابتسم بمكر من اللحظة الأولى التي رآني فيها.
فـ لوسي سانت كانت فتاة ذات شعر ذهبي متلألئ وعينين خضراوين، جمالها أشبه بقطط الأرستقراطيين، أي أنها تجسّد تمامًا الذوق الذي يقع ضمن دائرة اهتمام هايدن.
غير أنني، وقد قابلت البطل بالفعل بعينيّ، لم أعد أستغرب كثيرًا من وسامة الآخرين. أجبته برد مقتضب، ثم سارعت خفية إلى فتح نافذة المهام:
⚠︎ مهمة طارئة !
✦ امدح أداء هايدن في الامتحان!
❑المكافأة: تذكرة سحب عشوائي للأدوات.
❑الفشل: –3 نقاط من المودة.
أي منطق هذا؟!
ذلك الرجل لم يقدّم دعمًا كما هو مطلوب، بل سحق الوحوش وحده بمهارة هجومية واسعة. فما الجدوى من أن أُكيل له المديح؟!
“أنت قضيت على الوحوش بمفردك؟ رائع فعلًا!”
رغم أن قلبي كان يحتج، خرجت كلمات الإطراء من فمي مطواعة. لم تكن تهمني الخسارة بقدر ما كنت أطمع في المكافأة.
وكما توقعت، لم يظهر إشعار النجاح مباشرة. هذا الطراز من المهام لا يمنحك الفوز بسهولة.
“هاه، إذًا أعجبتِ بي من أول نظرة؟”
في أحلامك.
تمالكت نفسي وقلت بابتسامة مشدودة:
“ليس إعجابًا بقدر ما هو تقدير. ففعل مثل ما قمتَ به يحتاج إلى جرأة استثنائية، والجرأة بحد ذاتها تُثير الإعجاب.”
أي أن الآخرين قد يفكرون بالمخاطرة، لكنك الوحيد الذي نفّذها فعلًا. حاولت أن أغلف حقيقتي بعبارات مجاملة.
ويبدو أن كلماتي لاقت هوى في نفسه، إذ اتسعت ابتسامته أكثر واقترب مني بخطوات واثقة.
“أقدر ذلك. ما اسمك؟”
“لوسي سانت. وأنت؟”
ارتبك قليلًا ثم قال:
“أوه… إذًا من عائلة عريقة.”
لم يكن يتوقع أن من ردّت عليه بتواضع تنتمي إلى إحدى أعرق الأسر النبيلة. فأسرة سانت معروفة بتاريخها الطويل. فقط صوفيا من لم تدرك ذلك أول الأمر، وكانت حالة استثنائية.
“تشرفتُ، أنا هايدن. أعتذر عن قلة اللباقة، آنستي.”
غيّر نبرته فجأة إلى أسلوب متكلف، فشعرت بالقشعريرة. لوّحت بيدي نافية:
“كف عن الرسمية، لسنا بحاجة إليها. فحين ندخل الأكاديمية، الألقاب والنسب لن تعني الكثير.”
ابتسم ببرودته المعتادة:
“إذًا لن أكلف نفسي بعد الآن.”
ومن ثم تابعنا الحوار.
“لكن… ما مصير الامتحان في رأيك؟”
“ممم… ربما سأسقط؟”
“مستحيل! مثلك، قادر على القضاء على وحش واحد بضربة، كيف يعقل أن يرفضه الأساتذة؟”
رفع رأسه، وفي عينيه جدية مفاجئة لم أعهدها فيه:
“أتظنين ذلك فعلًا؟”
آه، أجل. رغم مظهره العابث، كان هايدن شخصية تحمل في طياتها عمقًا قاتمًا يظهر في لحظات نادرة.
فأجبته بصدق مطلق:
“بالطبع. أنا واثقة من أنك ستنجح.”
فقد رأيت بعيني قدرته.
وبينما أنهيت عبارتي، ظهر الإشعار أمامي:
⚠︎ مهمة طارئة ناجحة !
✦ كلماتك منحت هايدن العزم على المضي قدمًا!
تحقق من المكافأة. (Click!)
وأخيرًا… انتهى مسلسل المجاملات.
آه، كرامتي تآكلت قليلًا، لكن ما يهم أن المهمة أُنجزت. ومع قدوم مجموعة جديدة من الممتحَنين، قررت مغادرة المكان.
“إذن، سأرحل الآن.”
“حسنًا. نلتقي في الأكاديمية.”
ليته ينجح فعلًا… تمنيت في سري أن تصدق كلماتي.
وهكذا لم يبقَ أمامي سوى امتحان واحد، وهو الأهم على الإطلاق بالنسبة للوسي سانت: اختبار الرماية.
***
أشرقت شمس يوم الحسم.
قضيت اليوم السابق بأكمله في قاعة التدريب، أتمرن دون توقف. والآن جاء الوقت الذي عليّ فيه أن أُثبت النتيجة.
“أختي! ابذلي قصارى جهدك!”
أهدتني صوفيا تشجيعًا حارًا قبل أن أغادر. يبدو أنها منذ حادثة الشائعات باتت تؤمن أنني أتمتع بقوة خارقة.
ياليتها تعلم الحقيقة…
اتبعت كعادتي حشد الرماة حتى وصلنا إلى ساحة الامتحان.
لكن الجو اليوم كان أثقل وأكثر جدية، فالجميع يعلم أن هذا هو الاختبار الحاسم.
أما أنا… فلا أحد أكثر توترًا مني.
“إنها هي… تلك الفتاة.”
“يقولون أنها طرحت أحد المتقدمين أرضًا وأجبرته على الانسحاب.”
“يا إلهي… لحسن الحظ أني لستُ في مجموعتها.”
يبدو أن الشائعة انتشرت تمامًا.
صحيح أن الأمر نادر؛ أن تسقط رامية خصمها بضربة واحدة بيدها العارية. لكن ما ذنبي إن كنتُ أملك قوة جسدية هائلة؟
اعتدت على تلك النظرات منذ الأمس، فآثرت تجاهلها.
“هَه، وماذا لو تفوقت في القتال القريب؟ الرامي الحقيقي يُقاس بدقة سهامه. أراهن أن إصابتها في الرماية صفرية.”
وكأنك تنظر في حالتي الداخلية…
ارتجف قلبي للحظة، فاستدرت بسرعة نحو مصدر الصوت. وهناك وقفت فتاة صغيرة، ذات شعر برتقالي ووجه طفولي.
“هـ…!”
الفتاة التي بدت في مثل عمر صوفيا تقريبًا. ما أن التقت عيني بعينيها حتى فزعت وأدارت وجهها بعيدًا. كان وجهها محمرًّا إلى درجةٍ أثارت الشفقة.
حدّقتُ بها طويلًا.
“هـ… هـيك!”
حتى أنها بدأت بدأت بالفواق من شدّة التوتر.
يا للعجب… تخاف بهذا الشكل، ومع ذلك تجرأت وقالت ما قالت؟
أبعدتُ بصري عنها في النهاية. لم يكن الأمر مهمًا أساسًا، كل ما في الأمر أنّ شعورًا غريبًا بالـdéjà vu جعلني أحدّق بها.
“آه… الآن فهمت.”
لقد كانت تذكّرني بشخص ما. نعم، إنها تشبه لوسي الأصلية في الرواية.
لا أقصد ملامح الوجه، بل طريقة الكلام وأجواء الشخصية.
إلى درجةٍ جعلتني أظن للحظة أنها شقيقتها المخفيّة.
لكن من الواضح أنها ليست شخصية رئيسية ولا حتى ثانوية مهمّة، وإلا لكنت أتذكّرت مظهرها بالتفصيل.
أخذتُ أتساءل هل ستنجح هذه الفتاة ذات الشعر البرتقالي في دخول الأكاديمية أم لا، لكنني سرعان ما تذكّرت أن الأمر متوقف على نجاحي أنا نفسي أولًا.
ومن أنا حتى أقلق عليها الآن؟ أولى بي أن أركّز على نفسي.
خفضتُ نظري نحو الأرض متظاهرة بعدم الاكتراث، و استدعيت نافذة العناصر خاصتي في الهفاء.
❑ ورقة البرسيم ذات الأربع أوراق (C): تمنحك حظًا أوفر قليلًا طوال يوم كامل. للاستعمال مرة واحدة.
كنت أنوي استخدامها.
فبعد أن أنهيتُ مهمة “مدح هايدن” بالأمس، كان هذا هو المكافأة التي حصلت عليها. ارتفعت درجة العنصر من (D) إلى (C)، وتغيّر وصفه من “قليل” إلى “أوفر قليلا”.
بمعنى آخر… لقد حصلتُ على عنصر مكرر.
“… يا نظام اللعبة، لا تكتفِ بأن تكون بائسًا. مُت فحسب.”
لعنتُ نظام الاحتمالات هذا. ولولا أنّ نافذة الدمج لم تظهر أمامي لعرض دمج العناصر، لكنت أطلقتُ سيلاً من الشتائم.
على كل حال، حتى لو لم تكن الدقة مضمونة، فزيادة نسبة الحظ أمرٌ ممتاز. لأن ما سأُقدِم عليه الآن يعتمد كليًا على الحظ.
فعّلتُ العنصر فورًا.
ورقة البرسيم ذات الأربع أوراق ©
الوقت المتبقي للاستعمال : 23:59:58
ظهر عدّاد الوقت، مما يعني أنّ التأثير قد بدأ بالفعل.
“من هذه اللحظة نبدأ اختبار الرماية بعيدة المدى للمجموعة (E). سيُستدعى المتقدمون حسب ترتيب أرقامهم.”
جاء صوت المشرف معلنًا بدء الاختبار بتوقيت مثالي.
استدعيتُ سلاح الاستيقاظ الخاص بي فورًا.
سلاح الاستيقاظ يتجسّد عند الاستيقاظ وفقًا لفئة المستيقظ، ومعظم المهارات لا يمكن إطلاقها إلا من خلاله.
الميزة الكبرى؟ لا حاجة لحمل السلاح في كل مكان.
يكفي أن أفكر به حتى يظهر بين يدي.
ربما أُضيفت هذه الميزة في القصة لأجل الهيبة، لكن بالنسبة لي هي أكثر من عملية.
كان سلاح لوسي قوسًا أبيض لامعًا مع أسهم تبعث ضوءًا خافتًا.
“قوس جميل… لو لم تُصِب به فستكون الفضيحة مضاعفة.”
لم تذكر الرواية هذه التفاصيل، لكن رؤية السلاح أمامي جعلتني أشعر بالشفقة على لوسي أكثر… وإن كنت أعلم أنّ الأكثر شفقة هو أنا، التي سيتوجب عليها الرمي الآن.
“رقم 36!”
بعد انتظار طويل، جاء دوري أخيرًا.
نظرتُ حولي، فلم يبقَ سوى عدد قليل من المتقدمين. طبيعي، فالامتحان يسمح لمن أنهى دوره بأن يغادر فورًا.
سرتُ بخطوات واثقة ظاهرًا، بينما كنت أعلم أنها مجرد واجهة لزرع الانطباع.
بضع خطوات أوصلتني إلى منصة الرماية، وهناك، في أقصى البُعد، ظهر الهدف بحجم رأسي … أي صغير جدًا.
“لك ثلاث سهام فقط! من يتجاوز هذا العدد تنفذ عليه عقوبة.”
قال المشرف بحزم.
أخذتُ نفسًا عميقًا.
“لقد استعددتُ لهذه اللحظة بكل جهدي…”
في الرواية، كانت نسبة إصابة لوسي للأهداف البعيدة 1% فقط.
قررتُ الاعتماد على هذه النسبة.
فما الذي فعلته خلال الأيام الماضية؟
مجرد تجارب مرهقة لا تنتهي.
“آآااخ! لماذا أصبت الهدف في المحاولة 81 بالضبط؟!”
واحدة فقط من كل مئة محاولة تُصيب. معدل جنوني.
لذلك تعمّدتُ أن أُهدر 99 سهمًا في التدريب البارحة، حتى أرفع حظي اليوم.
وكاد أن يفسد الأمر عندما لامس أحد الأسهم الهدف عرضًا، لكنني تداركت الوضع. وفي النهاية، أنهيتُ الـ99 سهمًا دون نجاح كامل.
لكن هذا لم يكن كافيًا بعد. الاحتمالات تظل احتمالات. ولهذا استعملتُ عنصر “البرسيم” كخطة أمان.
ورقة البرسيم ذات الأربع أوراق (C)
الوقت المتبقي للاستعمال : 22:11:23
الآن أنا رامية “محظوظة أكثر قليلًا”. أليس ذلك كافيًا ليُقدّروا جهودي ويُسجّلوا لي إصابة واحدة على الأقل من أصل ثلاث؟
أكملتُ التفكير وسحبتُ الوتر ببطء. القوس استجاب لقوتي بانسيابية. بلعتُ ريقي وأطلقتُ السهم الأول.
طنننغ!
رنّ الصوت العذب ومعه…
“ناقص المستوى المطلوب!”
اللعنة. السهم الأول لم يقترب حتى من الهدف وسقط في منتصف الطريق.
تماسكتُ وأطلقتُ السهم الثاني.
“خارج الهدف!”
كادت أعصابي أن تنفجر.
السهم الثاني تجاوز الهدف تمامًا وارتطم بالجدار خلفه.
قَلبي بدأ يخفق بجنون.
“هل يُعقل أن أفشل في إصابة أي سهم؟”
أين الحظ الذي وُعِدت به؟!
ارتجفت يداي وأنا أستدعي مهارة “القنّاص”. حتى لو أصاب الجدار، ربما يُسجَّل كضربة حرجة ويمنحوني النجاح.
كوّنتُ السهم الأخير، وجررتُ الوتر بكل قوتي. في تلك اللحظة، ساد صمت مطبق، حتى أنني نسيت نفسي وأنا أحبس أنفاسي.
طنننغ!
انطلق السهم الأخير من بين أصابعي…
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
ترجمه : 𝒩𝒪𝒱𝒜
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 4"