“آخ، كتفي…”
بعد أن افترقت عن الأمير الثاني، توجهت مباشرةً إلى قاعة التدريب الفردية.
وما أن دخلت حتى أنزلت الكيس الثقيل الذي كنت أحمله من على ظهري.
تدافعت الأشياء داخله وارتطمت ببعضها لتُصدر أصوات خشخشة.
“الآن تذكرت… لم أوزّع الجرعات بعد.”
والسبب في ذلك كله هو كلام الأمير الثاني السخيف: “كوني من أتباعي.”
كنتُ أنوي تقاسم الجرعات معه فور خروجنا من المتاهة.
لكن رغم تفاهة ما قاله، انتهى حديثنا على نحوٍ هادئ.
“ما زلتُ أفتقر إلى الكثير من الأمور. أود أن أتعلم المزيد في هذه الأكاديمية.”
كان ذلك رفضًا واضحًا.
ومع ذلك، تركت له نافذة صغيرة من الأمل:
“سأعيد التفكير في عرض سموّك بعد تخرجي من الأكاديمية.”
فتم خداع الأمير الثاني فورًا، وهذا متوقع.
فغالبية خريجي أكاديمية كرانڤيير يعملون في النهاية كفرسان للعائلة الإمبراطورية.
في هذا السياق، إجابتي لم تختلف كثيرًا عن إعلانٍ مبطّن بالانضمام إلى صفه.
على الأقل، بالنسبة لأي شخصٍ عادي.
‘بعد التخرج؟ لا شأن لي بكم.’
للأسف، في حساباتي لم يكن “ما بعد التخرج” موجودًا أصلًا.
بمجرد أن أنجح في المهمة الرئيسية، سأعود مباشرةً إلى عالمي الأصلي.
“سأرحب بك في أي وقت.”
……ربما الأمير الثاني قد وقع في غرام لوسي أكثر مما توقعت.
لكنني لم أقلق كثيرًا.
عاجلًا أو آجلًا، عندما يبدأ البطل بالتحرك في الفصل الدراسي الثاني، ستتجه أنظاره نحوه أيضًا.
الأهم أنّ يوجين أغريس لن يكرر هراءه حول تكوين فريق صيد وحوش معي لفترة من الوقت.
“على أي حال، هذه المشكلة حُلّت تقريبًا…”
أما الجرعات، فيمكنني أن أعطيه بعضًا منها لاحقًا.
فتحتُ نافذة النظام.
!مكافأة المهمة الطارئة!
: فتح نظام المتجر، 10,000 كاش، تفعيل المخزون، فتح خانات ارتداء المعدات
!مكافأة إضافية!
: 3 تذاكر دخول إلى الزنزانة الافتراضية
حتى عند النظر إليها مجددًا، بدت لي هذه المكافآت غاية في الإرضاء.
بدأت أولًا بفتح المتجر.
“متجر.”
بمجرد أن خطر في ذهني، ظهرت أمامي قائمة طويلة من العناصر.
كانت الأصناف متنوعة: أسلحة، جرعات، تعزيزات مختلفة، وخانات إضافية.
‘هل الأسلحة مصممة لتناسب مهنتي كمستيقظة؟’
وجدت بين الأسلحة أنواعًا متعددة من الأسهم:
سهام سامة، نارية، جليدية، تسبب الشلل…
رغم اختلافها، كان بينها قاسم مشترك واحد:
‘غالية… جدًا!’
كيف يكون ثمن السهم الواحد مليون كاش!
وحين أتذكر أن مكافأتي كانت عشرة آلاف فقط… فالفرق صادم.
“لكن، لو اشتريت واحدًا فسيكون فعّالًا جدًا.”
بلعت ريقي بإغراء.
لأن امتلاك هذه الأسهم يعني أنّني لن أقلق أبدًا بشأن نفادها.
في هذا العالم، الأسلحة الخاصة بالمستيقظين لا تنفد.
قد تنفد طاقة الجسد أو المانا، لكن الذخيرة تبقى بلا حدود.
ولهذا السبب كان من الأصعب مواجهة الرماة واللصوص مقارنة بالمحاربين و السيافين، رغم قوتهم الجسدية.
‘لا بأس… سأكسب المال كالعبد إن لزم الأمر.’
لا يعقل أن يبيعوا الأسلحة بهذا السعر ثم يظلوا بخيلين مع الجوائز.
لحسن الحظ، كانت الدروع أرخص بكثير، بأسعار متفاوتة تناسب كل المستويات.
صحيح أنّ الأفضل بينها باهظ الثمن، لكنني أستطيع شراء قطعة متوسطة بمكافأتي الحالية.
أما الجرعات، فكانت الأرخص على الإطلاق.
يمكنني شربها كما أشرب الماء تقريبًا.
‘المشكلة الوحيدة هي التعزيزات والخانات الإضافية…….’
مقفلة حتى الوصول للمستوى 10.
يبدو أنني لا أستطيع التحقق منها الآن.
لكن بما أن مستواي الحالي هو 9، فلن يطول الأمر كثيرًا.
“حسنًا، المتجر كفاني حتى الآن.”
أما “المخزون” و”خانات ارتداء المعدات”، فهي خصائص أعرفها مسبقًا.
لذلك انتقلتُ لتفقد ما كنت أكثر فضولًا بشأنه:
• تذكرة دخول الزنزانة الافتراضية: تسمح لك بدخول زنزانة افتراضية. تختلف المكافآت باختلاف مستوى الصعوبة.
‘الصعوبة: عالي – متوسط – منخفض’
حين حصلت عليها كمكافأة إضافية، تفاجأت حقا.
كنت أتوقع فقط مكافآت المهمة الطارئة، وهي نفس المكافآت التي كان البطل يحصل عليها في القصة الأصلية بعد إنهاء المتاهة.
لكن أن أحصل على تذكرة زنزانة افتراضية إضافية… لم يكن في الحسبان.
أنا أعرف هذا العنصر:
فالبطل، ثيودور، كان يستخدم هذه الزنزانات لرفع مستواه.
لكن ما أثار استغرابي هو نظام الصعوبة.
‘في القصة الأصلية لم يكن هناك شيء كهذا!’
التذكرة التي حصل عليها البطل كانت عادية، لا تحتوي على خيار لاختيار مستوى الصعوبة.
‘أيمكن أن يكون السبب كوني أضعف منه؟’
فالوقت الذي بدأ فيه ثيودور دخول الزنزانات، كان قد رفع أغلب إحصاءاته إلى مستوى A فما فوق.
أما لوسي سانت … فهي مجرد مبتدئة لا تملك سوى المستوى.
ربما كان هذا من قبيل عطف النظام نفسه.
فالزنزانة الافتراضية التي اجتازها البطل آنذاك كانت صعبة إلى حدٍّ يرهق حتى ثيودور في مستواه حينها.
“لكنني لا أفهم حقًا ما هو معيار تحديد درجة الصعوبة.”
وبلا أي تفكير، لمست قسم الصعوبة.
فإذا بنافذة جديدة تظهر فوقها:
[هل ترغب في الاطلاع على درجة الصعوبة الموصى بها؟]
واو…
حتى درجة الصعوبة صار النظام يوصي بها الآن.
ابتسمت بسخرية، غير أنّه لم يكن ثمّة سبب لرفض الأمر.
[… جارٍ الاستكشاف …]
ولم يلبث أن دوّى تينغ!
[درجة الصعوبة الموصى بها: متوسطة]
كانت بالضبط في الوسط.
لم يكن ذلك سيئًا، لكنه…
“لا يزال لدي متسع من الوقت.”
فالأجدر بي أن أرفع من مستواي أكثر فأكثر، ثم أتحدى أعلى مستوى صعوبة. ألن تكون المكافآت أعظم وأكثر قيمة؟
بعد أن تأكدت من أمرين كنت أكثر فضولًا بشأنهما ــ المتجر وتذاكر دخول الزنزانات ــ أغلقت نافذة الحالة.
وحان الوقت لاستعادة الغاية التي جئت من أجلها إلى قاعة التدريب الفردي.
“فلنرَ إذن… إلى أي مدى تصل قوة قطعة أثرية من صنع أعظم السحرة؟”
فأخرجت من جيبي القلادة التي كانت ترقد هناك.
“هوو…”
زفرت بعمق.
قضيت نحو ثلاث ساعات أبدّد المانا عبر تفعيل شتى المهارات، مستعينة بجرعات استعادة المانا حتى لا ينقطع السيل.
كنت أشعر أن داخلي قد فرغ تمامًا حتى أوشكت على الإغماء، لكن النتيجة… كانت مرضية حدّ الرضا.
“الآن أستطيع استخدام مهارة القنّاص الماهر ثلاث مرات متتالية دون أن أفقد وعيي!”
فالقطعة الأثرية التي تضاعف مقدار المانا جعلتني قادره على تفعيل مهارة من رتبة S، تلك التي تلتهم المانا كما يلتهم الوحش فرائسه، ثلاث مرات كاملة!
‘وإن ارتفعت إحصاءات المانا خاصتي أكثر…’
فسيغدو الأثر أعظم فأعظم.
لم أتمالك نفسي من ابتسامة بلهاء تتسرّب من بين شفتي.
“سأعاملك بغاية العناية يا قلادتي العزيزة.”
فتحت خانة تخزين الأدوات التي حصلت عليها كمكافأة سابقة.
كانت تتيح ارتداء الأدوات دون أن تُثقل الجسد أو تعيق الحركة.
[تم تخزين: قلادة الساحر الأعظم ‘S’]
وبمجرد ظهور الرسالة، اختفت القلادة من مرأى العين، لكنها بقيت تؤدي عملها على أكمل وجه.
بهذه المناسبة، فتحت المخزن وأودعت فيه ما في الكيس القماشي.
“جرعات، ثم جرعات، ثم جرعات…”
كانت السعة المبدئية للمخزن ثلاثين خانة فقط، وهذا أثار قلقي، لكن لحسن الحظ كانت الجرعات المتشابهة لا تحتل سوى خانة واحدة مع تزايد الرقم أسفلها.
بعد أن وضعت حتى الكيس نفسه داخل المخزن، تمددت وأنا أشعر بجسدي القوي يصرّ و يصدر طقطقة من كثرة الحركة.
“لم يتبقَّ سوى قليل حتى تُغلق أبواب السكن.”
وكانت المسافة بين قاعة التدريب والسكن النسائي طويلة نسبيًا، لذا وجب علي الإسراع.
خرجت من القاعة مستعدة للركض، وإذا بي ألمح أمامي مؤخرة رأس سوداء مألوفة.
‘ثيودور؟’
يبدو أنه هو الآخر كان يتدرّب منفردًا حتى الآن.
‘لابد أنه يشعر بالعجلة.’
فهذه الفترة بالذات يبدأ فيها تطور المستجدين بالظهور بوضوح.
حتى في تدريبات الأساسيات الأولى ارتفعت قوة الجميع البدنية، فيما ظل ثيودور متأخرًا أو بالكاد ينجو من التخلف.
لا شك أنه محبط.
فمهما ركض وتعب، لا ترتفع إحصاءاته.
أثار المشهد شيئًا من الشفقة في قلبي، فانطلقت نحوه من غير وعي.
“ثيودور!”
“لوسي؟”
كان وجهه منهكًا بشدة.
أدخلت يدي بجيبي متظاهرة بالبحث، بينما في الحقيقة فتحت مخزني وقدمت له جرعة.
كانت نفس جرعة استعادة القوة البدنية التي قدمتها من قبل للأمير الثاني.
“خذ.”
ارتسمت الدهشة في عينيه حين أدرك ماهيتها.
“إنها… جرعة استعادة طاقة؟”
كنت على وشك أن أشرح له أنها مُرة المذاق لكنها فعالة جدًا، غير أن صوت الجرس قاطعني:
دِينغ!
الجرس الأول.
ما يعني أنه إن دوّى مرتين أخريين، ستُغلق أبواب السكن نهائيًا.
بدّلت مساري بسرعة.
“اشربها هناك!”
وعدوت بكل ما أوتيت من سرعة.
فالسكن الرجالي كان قريبًا، أما سكن الفتيات فلا يُدرك إلا بالركض الحثيث.
“ماذا…؟”
لمحت صوته المتعجب من خلفي، لكنني لم ألتفت، بل واصلت الركض.
‘يا له من مشهد متكرر…’
تذكرت على الفور لقائي الأول بثيودور ويذر.
ومضت عطلة نهاية الأسبوع، وجاء يوم الاثنين.
***
استيقظت باكرًا على غير العادة، وخرجت من السكن في وقت أسبق مما اعتدت.
“إنه الربيع فعلًا.”
كان للمكان أيضًا فصول أربعة، وقد تفتحت أزهار الكرز.
نظرت إلى تلك الأزهار التي بدأت تتفتح متفرقة، وغرقت وحدي في لحظة وجدانية.
‘أشعر وكأني أعيش حياة جامعية حقيقية منذ زمن بعيد…’
حتى في عالمي الأصلي لم أستمتع كثيرًا بحياة الحرم الجامعي، ولم أتوقع أن أعيشها هنا داخل رواية!
هائمة بتلك الأفكار السخيفة دخلت إلى الصف.
ولأنني أبطأت الخطى في الطريق، كان معظم الطلاب قد سبقوني وجلسوا.
“آه، أكره هذا حقًا!”
“حصة أخلاقيات المستيقظين ستكون أهون، أليس كذلك؟”
“لكنني سمعت من الطلاب الكبار أنها ليست بالسهلة أيضًا.”
“أنا أرتعد خوفًا من معلمنا فقط، صدقوني.”
كانت الأحاديث تدور في زوايا الصف كالمعتاد، ومع ذلك أحسست بغرابة خفية في الجو.
“وصلتِ يا لوسي؟”
حيّاني ثيودور، كان أول من لمحني.
بادلت تحيته وسألته:
“نعم، لكن… ما بالهم جميعًا على هذا الحال؟”
أجاب ببساطة، كأن الأمر عادي:
“أليس الامتحان النصفي قد اقترب؟ اليوم سيُعلن عن المقرر، لذلك.”
“آه، صحيح.”
أجبت بنفس اللامبالاة، ثم…
“…أه؟”
غفلت للحظة عن حقيقة أعرفها.
فزهور الكرز… معناها في هذا المكان هو الامتحانات النصفية.
••••◇•••••••☆•♤•☆•••••••◇••••
ترجمة : 𝑁𝑜𝑣𝑎
تابعونا على قناة التلغرام : MelaniNovels
التعليقات لهذا الفصل " 32"