لقد فتشتُ غرفة كبير السحرة بجدية.
معظم الأشياء التي حصلت عليها كانت جرعات للشفاء أو التعزيز.
هذه سأخرج بها وأتقاسمها مع الأمير الثاني.
ثم توقفت فجأة.
بينما كنت أفتش في الدرج الأخير، شعرت بوجود شيء مختلف بين يدي.
‘هذا…….’
قلادة فضية صغيرة.
كانت منقوشة بنقوش معقدة، وكنت متأكدًا أنني أعرف هذا الشيء.
‘أداة مانا أثرية!’
إنها أداة تزيد من كمية المانا لدى حاملها إلى أكثر من الضعف، بل وتقلل من استهلاك المانا عند استخدام المهارات.
إنها قطعة أسطورية بالفعل.
وأصلاً، مجرد وجود أداة مانا أثرية أمر نادر، فكيف إذا كانت تملك هذه القدرات؟ حينها تصبح في لحظة كنزًا وطنيًا.
‘يا إلهي، كنت سأترك هذا الكنز خلفي!’
‘لقد نسيتُ أمره لأن ثيودور لم يكن يستخدمه.’
فالبطل يملك إحصائية مانا لانهائية، أكثر غشًّا من هذا الأثر.
لذا، كان يمنح هذه القلادة لشخص آخر بدلًا من استخدامها، مقابل الحصول على حليف.
رفعتُ نظري بهدوء لأتأمل يوجين أغريس. وتصادف أن تلاقت أعيننا، فمال رأسه مستغربًا.
“هم؟”
إنه أمير العرش الثاني، أحد معارف ثيودور الملكيين، والذي كان من المفترض أن يكون صاحب هذه القلادة أصلاً.
‘لكن…….’
لوّحت بيدي رافضة، ثم وبكل برود دسستُ القلادة في جيبي.
‘أنا أحتاجها أكثر!’
فليعتبر أنه منحها لفتاة ثانوية ضعيفة تعاني من نقص في المانا أكثر منه.
وبمجرد أن أنهي المهمة الرئيسية، سأعيدها إليه وأرحل.
“ألستِ بحاجة لمساعدتي يا لوسي؟”
“آه، انتهيتُ تقريبًا من جمع كل شيء.”
ألقيت نظرة أخيرة داخل الأدراج الفارغة.
حينها وقعت عيني على بعض الكتب فوق المكتب.
『حول العلاقة بين المانا والوحوش』
『فهم الطقوس السحرية المتنوعة』
『مدى تأثير مهارات المستيقظين』
لم يكن المؤلف واحدًا، لذا لم يبدُ أن كبير السحرة كتبها بنفسه.
ومع ذلك، كانت أطراف الكتب بالية وكأنها قُرئت مرارًا.
ترددتُ قليلًا، ثم أخذتُ الكتب ورميتها في حقيبتي.
في النهاية، هذه كتب كان كبير السحرة يطالعها، وقد تفيدني يومًا ما.
……رغم أنني لست واثقة مما إن كنتُ سأفهمها أصلًا.
“لنغادر الآن.”
لقد أخذتُ كل ما يمكنني أخذه من هنا.
اعتدلتُ وحملت الكيس الرمادي على كتفي. ورغم كمية الأشياء داخله، لم أشعر أنه ثقيل.
‘القدرة البدنية العالية لا تُقدّر بثمن!’
“وماذا عن طريق العودة؟”
“بمجرد أن دمّرنا الباب، عادت الفخاخ إلى حالتها الأصلية. هذا ما تفعله الدوائر السحرية هنا.”
“ها، يا لها من دوائر معقدة.”
طمأنته أكثر:
“لكن هذه المرة نحن نخرج، ولسنا ندخل. طالما أننا لا نحاول العودة، فلن تعمل الفخاخ.”
“أنا أرى أن الدوائر يجب أن تكون معقدة أحيانًا.”
‘حقًا، يا له من رجل بسيط التفكير.’
ابتسمتُ قليلًا وسرت بجانبه خارج الغرفة.
كان طريق العودة أكثر هدوءًا مقارنةً بالقدوم.
“أوه-؟”
“انظر أمامك يا سمو الأمير.”
كاد أن يتعثر وهو ينظر بدهشة إلى الأرض التي عادت لطبيعتها.
أمسكتُ به وسرت بثبات إلى الأمام، مانعةً إياه من افتعال مشكلة.
ولحسن الحظ، لم يسبب يوجين أغريس أي متاعب أخرى، رغم أن الفضول لم يفارق وجهه.
***
سرنا طويلًا إلى أن ظهر المدخل أخيرًا.
“لقد تعبتِ.”
“وأنت أيضًا.”
بادلني بابتسامة عندما سبقته بالتحية.
اقتربنا أكثر من المدخل، وكان واضحًا أن الأرفف التي تخفي المخرج ستفتح تلقائيًا كلما اقتربنا.
لكن فجأة، حرّك شفتيه قائلًا:
“لوسي، أنا–”
لكنه لم يُكمل، إذ دوّى صوت ثقيل مع اهتزاز، وبدأت الأرفف بالانفتاح.
‘آخ، عيني!’
انعكست أشعة الضوء فجأة، فقبضتُ جفوني بلا وعي بعد أن كنت قد اعتدت على عتمة المتاهة.
هرعتُ خارجها نصف مغمضة العينين، وكذلك فعل يوجين أغريس الذي سمعتُ وقع خطواته المتسارعة ورائي.
بمجرد خروجنا، أُغلق المدخل مجددًا بصوت مدوٍّ.
وفي تلك اللحظة:
!المهمة الطارئة نجحت!
!حدث خطأ في مكافأة المهمة!
سيتم تعديل المكافأة.
لقد أنجزتَ بالفعل مهمتين متصلتين بمفتاح الذهب.
ستُمنح مكافأة إضافية!
تينغ، تينغ، تينغ–
رنّت أصوات التنبيه على التوالي، وبدأت نوافذ النظام تتدفق بجنون بسرعة لم تستطع عيناي ملاحقتها.
‘ما كل هذا؟’
لم يسبق أن كانت نوافذ النظام صاخبة إلى هذا الحد.
حاولتُ قراءة أول رسالة ظهرت.
أو بالأحرى، حاولتُ ذلك.
اكتمل تعديل مكافأة المهمة!
اختفت جميع النوافذ السابقة، ولم يبقَ سوى هذه. ثم على الفور……
!مكافأة المهمة الطارئة!
: فتح نظام المتجر، 10,000 كاش، تفعيل “المخزون” ، فتح خانات ارتداء المعدات
!مكافأة إضافية!
: 3 تذاكر دخول إلى الزنزانة الافتراضية
‘مستحيل!’
كانت هذه أضخم مكافآت حصلت عليها حتى الآن. والأروع أنها تضمنت هدية إضافية غير متوقعة.
حقا، كانت مكافآت مذهلة بحق.
كاد الفضول يقتلني لأتفقد كل واحدة على الفور، لكنني كبحت نفسي بعدما تذكرت وجود الأمير الثاني بجانبي.
‘آه، أريد أن أراها بسرعة!’
قبضت يدي بحماس متزايد.
ثم قررت أن أسرع بالانصراف، فألقيت عليه كلمات وداع مختصرة.
لكنني فوجئت به ينظر إليّ بوجه جاد.
‘ما الأمر؟’
هل وجد المتاهة مرهقة أكثر من اللازم؟ أم شعر أنها لم تكن تستحق العناء؟
وبينما كنتُ أغرق في الاحتمالات، كان يوجين أغريس هو من بادر بالكلام أولًا.
“لوسي سانت.”
كانت عيناه الزرقاوان مثبتتين عليّ بحزم وكأنه اتخذ قرارًا مصيريًا.
ثم لفظ كلماته ببطء:
“كوني من أتباعي.”
هراء صريح.
***
الأمير الثاني لإمبراطورية أغريس، يوجين أغريس.
حين بلغ الرابعة عشرة من عمره واستيقظ، أقسم لنفسه:
‘سأهب حياتي لحماية الإمبراطورية!’
كان ذلك تعبيرًا مثاليًا عن عقلية أحد أفراد العائلة الإمبراطورية.
ومن أجل الحفاظ على عهده، لم يتردد في الخضوع لأقسى التدريبات.
تطوّع لتقوية جسده وصقل مهاراته بالسيف، بل وألحّ على والديه الإمبراطور والإمبراطورة ليمنحاه الإذن بخوض اختبار الانضمام إلى فرسان صائدي الوحوش.
“أبي، أمي، اسمحا لي بخوض اختبار الانضمام إلى فرسان الوحوش!”
“مـ… ما الذي تقوله فجأة؟”
“لقد أصبحتُ مستيقظًا الآن. كوني من العائلة الإمبراطورية لا يعفيني من واجبي. بقوتي سأقضي على كل تلك الوحوش الشريرة!”
نظر الإمبراطور والإمبراطورة إلى ابنهما البالغ 14 عامًا وفكّرا:
‘لكنك… مجرد معالج.’
وبعد أن أصرّ حتى على الانضمام إلى وحدة القتال الأمامية، لم يجد والده بدًا من منعه بشدة، ثم أوكلا أمره إلي معلّم كان من قدامى الفرسان المحاربين للوحوش.
“أرجوك اهتم بهذا الصبي الطائش يا سير أوستن.”
“لا تقلق يا جلالة الإمبراطور.”
كان في الحقيقة مجرد حارس شخصي عيّنه الإمبراطور بجانب ابنه، لكن على أي حال، هكذا قضي الأمر .
ورغم كل ذلك، أظهر يوجين أغريس براعة ملحوظة في تدريبات القتال.
فقد كان يمتلك توازنًا جسديًا طبيعيًا لا بأس به، والأهم من ذلك أنه كان يتمتع بإرادة قوية تخالف مظهره الوسيم الرقيق.
حتى أن الإمبراطور سمح له بمرافقة الحرس في جولات صيد الوحوش.
بدأ الأمر مع وحوش من الدرجة الخامسة، ثم سرعان ما تمكن من مواجهة الوحوش من الدرجة الرابعة أيضًا.
***
ومضت أربع سنوات.
وفي إحدى جولات الصيد المعتادة، رأى مشهدًا مثيرًا للاهتمام.
“همم…….”
فتاة تقاتل وحوشًا بمفردها مستخدمه قوسًا وسهامًا فقط.
كانت تحركاتها غريزية تقريبًا، رغم أنها لم تكن تملك وظيفة مستيقظة مناسبة للقتال القريب.
هناك، وسط إحباطه من حدود كونه “معالجًا”، وجد يوجين أغريس بصيص أمل.
‘ربما أستطيع أنا أيضًا…….’
لذلك قرر الالتحاق مباشرة بأكاديمية كرانڤيير.
“الآنسة لوسي سانت.”
كان يشعر أنه إن قاتل الوحوش بجانبها، فقد يجد طريقًا لتحقيق ما يصبو إليه.
بالطبع، رفضته منذ لقائهما الأول، لكنه لم يستسلم.
فالأبطال الحقيقيون لا يخشون الفشل.
“ما الذي تقوله؟ يجب أن ننهب كل شيء هنا.”
وهنا شعر بالخوف لأول مرة.
‘ما مدى قدرات هذه الفتاة بالضبط!؟’
من قدرتها على إقناعه، إلى معرفتها بأسرار قواعد سرية لم يعرفها أحد.
‘إنها ليست بالشخص السهل أبدًا.’
ورغم صعوبة ما عاناه بجانبها، خاصة عند تفعيل تلك الدائرة السحرية التي جعلته يتمنى أن يغمى عليه فورًا، إلا أنه تعلّم الكثير عنها.
فهي لم تكن كما صوّرتها التقارير الرسمية، بل كانت أكثر دهاءً وذكاءً، وأقوى بكثير مما توقع.
وقبل كل شيء……
‘اتبعني فقط، يا سمو الأمير.’
‘خذ هذا.’
‘لقد تعبتَ.’
كانت كلماتها باردة المظهر لكنها حانية في الجوهر.
أليست هذه الرحمة الإنسانية أعظم قيمة يجب أن يتحلى بها أي مستيقظ؟
وبعد أن شهد كل ذلك بعينيه، اتخذ يوجين أغريس قراره:
“كوني من أتباعي.”
لقد عزم على أن يجعل لوسي سانت من أتباعه مهما كلّف الأمر.
••••◇•••••••☆•♤•☆•••••••◇••••
ترجمة : 𝑁𝑜𝑣𝑎
تابعونا على قناة التلغرام : MelaniNovels
التعليقات لهذا الفصل " 31"