الفصل الثالث
انتهى الأمر بتوقّف الامتحان للحظات.
“المتقدّمة رقم 36… انتظري قليلًا!”
وكان السبب؟ أنا.
ففي اختبار القتال القريب المخصَّص للرماة، أسقطت خصمي فاقدًا للوعي.
“ما كنت أعرف أن قوّة من الدرجة A تعني هذا المستوى فعلًا…”
كنتُ قد لاحظت خلال التدريب أنني أملك قوة معتبرة، لكن لم أتخيّل أن تصل إلى هذا الحد. في القصة الأصلية، البطل تجاوز مرحلة قوة الدرجة A سريعًا لينتقل إلى S، حتى أن القرّاء وقتها اعتبروا ذلك انهيارًا كاملًا في توازن القصة. لكن… ما يحدث معي الآن أشدّ غرابة!
كنت في البداية فقط أختبر الأرض. لم أستخدم حتى مهارة الاصطدام، بل اكتفيت بمهارة التسلّل عن مجال الرؤية كي أقترب من خصمي. ثم… وجهتُ لكمة واحدة فقط—
“كغاه!”
طار الرجل.
لا أقصد مجازًا، بل حرفيًّا: طار بعيدًا عني.
حينها فقط أدركت:
“لوسي… أنتِ في الأساس ولدتِ قوية العضلات، أليس كذلك؟”
النظام لم يمنحني سوى خصائص بائسة ونِسَب مهارة متدنية… لكنه عوّضني بقوة بدنية صافية.
المصيبة الوحيدة… أن وظيفة استيقاظي كانت الرماية.
“يا للجنون…”
انتهى اختباري في لحظة، وأجلسوني جانبًا في الانتظار.
نُقل خصمي إلى المستشفى، وأنا في داخلي أبثّ له اعتذارات صامتة عبر التخيّل وكأنها تواصل ذهني. يبدو أن عليّ زيارته بعد الامتحان لأعتذر وجهًا لوجه… إن استيقظ.
ولم يطل الأمر حتى أعلن الحكم النتيجة:
“المتقدّمة رقم 36… فازت!”
“نعم!!”
بهذا… نجحت في إنقاذ نتيجة اختبار واحد على الأقل. ربما.
كتمت حماسي قدر المستطاع، وأطبقت قبضتي بقوة.
“يا لها من قوّة وحشية…”
“هل هي فعلًا مستيقظة كرامية؟!”
“الحمد لله لم تكن خصمي…”
كل همسات الممتحنين الآخرين وصلت إلى أذني. فالاستيقاظ يزيد من القدرات الجسدية الأساسية، حتى إن الهمسات الخافتة يمكن سماعها بوضوح.
فتحت يدي مجددًا بهدوء. مهما كان، عليّ الحفاظ على صورة لوسي كابنة نبيلة، لا كفتاة همجية.
وسرعان ما استؤنف الامتحان.
كنت قد أنهيت دوري، فاكتفيت بمشاهدة الآخرين. لا أحد منهم أسقط خصمه من الضربة الأولى مثلي. مرة أخرى، وجّهت لخصمي الغائب اعتذارًا صامتًا.
“أيها المتقدمون، بذلتم جهدًا كبيرًا. نرجو أن تعطوا أفضل ما عندكم في الاختبار القادم.”
بكلمات المراقب، خفّ التوتر عن الجميع، وزفروا في ارتياح. ولأن الاختبار لم يكن امتحانهم الرئيسي، بقيت الأجواء محتملة.
أكثرهم لم يغادروا الساحة فورًا، بل تبادلوا الأحاديث حول ما جرى. أمّا أنا… فخرجت سريعًا.
وليس السبب أنني أنجزت عملي أسرع من غيري… بل لأنه لا أصدقاء لي هنا أصلًا.
لوسي لم تكن اجتماعية، وأنا كذلك.
***
“أنا جائعة.”
نظرت حولي في الممر، فلم أجد أيًّا من المستيقظين الآخرين. يبدو أن امتحانات الفئات الأخرى لم تنته بعد. فاتجهت مباشرة نحو قاعة الطعام. لم تكن لدي مشكلة في الأكل وحدي.
“أختي! أختي!”
بعد أن أنهيت طعامي، وذهبت أيضًا لأعتذر لخصمي المغشي عليه، عدت إلى مهجع الطلاب. وما أن دخلت حتى اندفعت صوفيا نحوي، وجهها يلمع بالحماس وكأنها تحمل أنباء مهمّة.
“ما الأمر؟ هل نجحتِ في الامتحان؟”
لكن بمجرد أن نطقتُ بكلماتي، انطفأ بريق وجهها فجأة. كنتُ أظن أنّ ملامحها المشرقة بسبب نجاحها، لكن يبدو أنني كنت مخطئة.
سارعت لتغيير الموضوع:
“هل أكلتِ؟ الطعام هنا لذيذ فعلًا.”
“آه! نعم! لم أتذوّق يومًا حساءً بهذا الطعم!”
لحسن الحظ، استعاد وجهها إشراقه حين تحدّثنا عن الطعام.
جلست تحدّثني طويلًا عن الأطباق التي تذوّقتها. ثم فجأة شهقت وقالت بلهفة:
“أختي… هل سمعتِ الشائعة؟”
“أي شائعة؟”
إذن، هذا ما كانت متحمّسة لمشاركتي به. أطرقتُ لأستمع.
“يقولون إنه في أحد أوقات امتحان القتال القريب اليوم… أُغمي على أحد المتقدّمين!”
“…آه.”
كانوا يتحدثون… عني.
فقدتُ الكلمات في تلك اللحظة. وصوفيا تنظر إلي بعينيها الواسعتين البريئتين، كأنها تسأل: أتعرفين شيئًا؟
“لا تقولي لي… كان في وقتكِ؟ هل هذا صحيح؟”
الحقيقة… نعم.
لكن نظرتها البريئة جعلتني أتردّد قبل أن أجيب بصوت خافت:
“أنا… كنتُ أنا.”
“ماذا؟”
“الشخص الذي أفقد خصمه الوعي… تلك كانت أنا.”
رمشت صوفيا بعينيها الكبيرتين مرتين، ثم بهدوء… تراجعت عني خطوة.
“كان… خطأ غير مقصود!”
“طبعًا، طبعًا!”
“لكن… لماذا تبتعدين أكثر؟”
“مجرّد وهم…”
ومع ذلك ابتعدت أكثر فأكثر، ثم قالت إنها بحاجة للتدرّب قليلًا، وغادرت الغرفة. لم تعد إلا في وقت متأخر من الليل.
حين عادت، لم تتوقف عن إلقاء نظرات جانبية عليّ. احتجت إلى شرح مطوّل حتى هدأت أخيرًا… وعادت إلى طبيعتها.
***
طلع صباح اليوم التالي.
كان امتحان اليوم مخصصًا لـ الدعم القتالي، ولأن وقتي لم يكن مطابقًا لوقت صوفيا، خرجتُ من السكن بمفردي.
اليوم أيضًا، عليّ أن أتبع تلك المجموعة إذًا.
تسللت بسلاسة وسط مجموعة الرماة، وكنت كأني لا أُرى ولا أُسمع، حتى وصلت إلى ساحة الامتحان مثل البارحة تمامًا.
مرت بضع دقائق حتى ظهر المراقب أمام المتقدمين.
“سنبدأ الآن امتحان الدعم القتالي لفترة A. سنستدعي الأرقام بالترتيب.”
11… 23… 127…
الأرقام تتوالى، لكن رقمي لم يُنادى بعد. ومع خروج المجموعة الأولى، أخذت أراجع في ذهني طريقة هذا الامتحان.
امتحان الدعم القتالي بسيط في الفكرة: عليك أن تساعد المهاجمين الأساسيين خلال القتال.
لكن الاختبار لا يُجرى على أرض الواقع، بل داخل غرفة وهمية مُهيأة بدائرة سحرية للإيهام.
يدخل كل شخص بمفرده ويُمنح دقيقتين فقط، وخلال هاتين الدقيقتين عليه أن يُظهر كل ما يستطيع.
“… الرقم 36.”
أخيرًا نُودي اسمي. رفعت يدي سريعًا وتقدمت. وبين المتقدمين الآخرين، لفت انتباهي شاب بشعر بني فاتح.
هم؟
تلاقت نظراتنا فجأة، فما كان منه إلا أن لوّح لي بيده. ارتبكت للحظة، لكنني أومأت برأسي بخفة، احترامًا على الأقل… فقد بدا أكبر سنًا من لوسي.
ابتسم الشاب بمكر، وحاول التحدث معي بتحريك شفتيه.
لكنني لم أفهم شيئًا، فاكتفيت برسم إشارة × بأصابعي. ابتسم هو كأنه فهم، وأومأ موافقًا.
“ادخلوا واحدًا تلو الآخر.”
وصلنا إلى غرف الوهم. دخل كل شخص إلى غرفته، وبدأت الاختبارات. ومع انطلاق الدائرة السحرية، انفتحت أمامي ساحة قتال مكتملة.
“يا للهول…”
كأنها لعبة واقع افتراضي. وحين رأيت تلك الوحوش التي أُنشئت بواقعية مخيفة، كدت أختنق من الاشمئزاز.
سأرسب في الامتحان منذ الآن.
-بيب!
مرّت الدقيقتان أسرع مما توقعت.
كما توقعت… كارثة.
أطلقتُ بضع سهام لمحاولة المساندة… لكن الثلاثة جميعًا لم تصب الهدف.
بل لم تقترب حتى من الوحش.
الأسوأ أن السهم الثالث مرّ على بعد سنتيمترات من كتف المهاجم الذي أمامي. كدت أُتّهم بخيانة لا بمساندة.
بعدها تظاهرت أنني أوجّه الأوامر وأشجع، بدل أن أطلق سهمًا آخر. على الأقل كي لا يُكتَشف أنني لا أُجيد التصويب أصلًا.
هذا امتحان لم أعقد عليه آمالًا من البداية.
خرجت من الغرفة بلا أي تردد. لكن المفاجأة أن أحدهم سبقني بالخروج… إنه الشاب ذو الشعر البني، جاري في الغرفة.
وكان المراقب المساعد يتحدث إليه بحدة:
“هذا اختبار دعم قتالي. تعلم ذلك، صحيح؟ ليس الهدف أن تُسقط الوحش منذ اللحظة الأولى!”
“ههه، آسف… كان شكله مقززًا جدًا فلم أتمالك نفسي.”
“تقول هذا، ومع ذلك كنت متماسكًا وأنت تُلقي تعاويذك؟”
“الواقع أنني كنت متجمدًا من الرعب.”
هاه… هذا أيضًا أفسد الأمور إذًا.
يبدو أنه قضى على الوحش بسرعة زائدة، حتى اضطر المراقب لإيقافه وتنبيهه. تركه المراقب بتحذير، بينما ظل الشاب يضحك بخفة.
ثم التفت نحوي، وأغمز بعينه.
ماذا يريد هذا الآن؟
كنت أحدّق به بنظرة باردة عندما…
⚠︎ مهمة طارئة !
❑ امدح إنجاز هايدن في الامتحان!
❑ المكافأة: تذكرة سحب عشوائي للأدوات.
❑ الفشل: –3 نقاط من مستوى المودة.
ماذا؟
تمعنت في الشاب أكثر… شعر بني لامع، عينان بنّيتان داكنتان، ابتسامة ماكرة لا تفارق وجهه…
هذا… هايدن! الساحر، رفيق البطل ثيودور.
لم أتعرف عليه مباشرة لأن الشعر البني شائع جدًا. لكن، أجل… لم يكن مجرد “شاب وسيم”.
لاحظ نظراتي المتفحصة، فارتسمت على شفتيه ابتسامة جانبية مغرورة:
“ما بالك تحدقين بي هكذا؟ أعجبتِ بوسامتي؟”
… آه صحيح. نسيت أنه مغرور بنفسه.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
ترجمة : 𝒩𝒪𝒱𝒜
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 3"