إذا أخذنا الاحتمال المتفائل: قد تُسجَّل المهمة كمكتملة، بينما تتغير المكافأة أيضًا.
وفوق ذلك، ربما أكون قد أنهيت المهمة التالية بضربة واحدة.
فبما أن المفتاح الذهبي قد ظهر، فالمهمة التالية على الأرجح ستكون شيئًا مثل “ابحث عن المتاهة” أو ما شابه.
لكن بما أنني أتعامل مع نظام ليس سهل المراس، فعليّ أن أضع الاحتمال المتشائم في الحسبان أيضًا.
“…… أيمكن أن تُصرف المكافأة مرتين؟”
في الاحتمال المتشائم: مهمة “زيادة الود” تُحتسب بمفردها، بينما تُسلَّم مكافأة النجاح أيضًا بشكل منفصل.
في هذه الحالة لن تكون هناك خسارة كبيرة، لكنها ستعطي إحساسًا بالغبن.
“اللعنة على نظام التكرار……!”
لكن التردد لم يدم طويلًا.
سرعان ما جلست مستقيمة، وأمسكت بريشة فضية. كانت هدية نجاح من والدي لوسي.
“فلأبدأ بترتيب الأمور أولًا.”
إذ في التجارب غير المضمونة، لا بد من إعداد أوضح وأدق.
بدأت بتحريك الريشة بسرعة. ولم تمضِ لحظات حتى كان البياض قد امتلأ بالحبر الأسود.
***
وجاءت عطلة نهاية الأسبوع المنتظرة.
في العادة كنت سأغتنم نشاط النادي ذريعة للخروج من الأكاديمية، لكن اليوم لم يكن كذلك.
“آسفة، والدي استدعاني إلى البيت…….”
ذلك لأن إلينور استدعيت إلى منزلها.
أعضاء النادي لا يتجاوزون أربعة في المقام الاول، فإذا غاب اثنان فلا يمكن للنشاط أن يجري كما ينبغي.
أما أحدهم ‘هايدن’ فلم يكن إلا عضوًا شبحًا.
وفوق ذلك، كان معلمنا يراقبنا بدقة، لذا بدا من الصعب أن نفعل شيئًا خفية خلال وقت النادي، فقررنا أن نلغي نشاط هذا الأسبوع.
مع أنني قلت لإلينور أن الأمر لا بأس به إذ لديّ أشغالي في عطلة نهاية الأسبوع، إلا أنها ظلّت قلقة.
لكن لم يكن هناك ما يدعو للقلق. فثيودور أيضًا كان ينوي التركيز على تدريبه.
بعد أن تذكرت إلينور قليلًا، تابعت طريقي.
كانت الأكاديمية هادئة بعض الشيء بسبب العطلة.
“صباح الخير يا آنسة لوسي.”
وبينما أنا أمشي في الممر، خرج فجأة يوجين أغريس من مكان ما. فرددت التحية ببرود.
“لقد خرجت مبكرًا يا صاحب السمو.”
“أليس هذا أول وعد بيننا؟”
قال ذلك مبتسمًا بابتسامة واثقة.
بدا وكأننا قد عقدنا وعدًا ذا معنى كبير، لكن في الحقيقة لم يكن الأمر يستحق.
“صاحب السمو.”
“همم؟ أنتِ اليوم لا تتجنبينني. وهذا يعني-“
“لا، ليس كذلك.”
“مؤسف.”
وكان يبدو صادقًا في شعوره بالأسف.
حقًا، هل كان يظن أنني سأقبل ذلك العرض الجنوني بالانضمام إليه؟
أثارت جديته شيئًا من الدهشة في نفسي، لكنني ألقيت الطُعم حسب الخطة.
“بدلًا من ذلك، لديّ اقتراح.”
اقتراح شخصي جدًا.
فما كان من يوجين أغريس إلا أن التقط الطُعم على الفور. وكنت أتوقع ذلك.
“لنساعد بعضنا البعض!”
هذا هو الاقتراح الذي قدمته له.
صغته بأسلوب منمق طبعًا، لكن خلاصة الأمر كانت هذه: كلما احتاج أحدنا، يساعده الآخر.
“لكن أولًا، سأبدأ أنا.”
في استكشاف هذه المتاهة، سأحتاج إليك. أو بالأحرى إلى مهارتك.
في القصة الأصلية، كان ثيودور يحلّ الأمر باستخدام أداة أثرية ما.
أما أنا فلا أملكها الآن، لذا كنت أنوي الاستعانة بقوة بشرية بديلة.
“هل تذكر ما قلته لك البارحة؟”
“بالطبع. أنتِ أول شخص يضع أمامي ثلاثة شروط دفعة واحدة.”
آه، صحيح.
قال ذلك بلهجة مليئة بالدهشة وكأنه يكتشف شيئًا جديدًا في حياته.
قد يبدو ساخرًا في ظاهره، لكنه كان صادق النية فعلًا، وهذه مهارة بحد ذاتها.
وعلى كل حال، كانت شروطي الثلاثة كما يلي:
أن يبقى ما يساعدني فيه سرًّا.
ألا يسألني عن دوافع أفعالي.
أن يأتيني بمفرده عندما يزورني.
“واو، أبدو مثيرة للريبة فعلًا…….”
لو سمع أحد هذه الشروط لظن أنني أخطط لجريمة.
لكن يوجين أغريس وافق عليها دون تردد.
كان ساذجًا بعض الشيء، لكنه لم يكن أحمق.
فهو يملك من القوة ما يكفي ليحمي نفسه، وهذا ما جعله يوافق.
“قدراته متوازنة بالفعل.”
استعدت في ذهني أدواره البطولية في القصة الأصلية، ثم قلت:
“فلننطلق إذن.”
فأومأ يوجين أغريس برأسه، ولمعت عيناه بحماس.
كانت نظراته مفعمة بالتوقع.
لكن لماذا……؟ تجنبت عينيه بشيء من الحرج.
***
المكان الذي قصدناه كان مكتبة الأكاديمية. بدا على يوجين أغريس شيء من الحيرة، لكنه تبعني بصمت دون أن يسأل.
كانت المكتبة هادئة كالممرات. ألقيت نظرة سريعة على أرجائها ثم تقدمت نحو أمينة المكتبة.
شعرت بقدومي، فرفعت رأسها عن الكتب التي كانت ترتبها. حييتها بلطف وسألت:
“من فضلك، أين أجد الكتب القديمة؟”
ترددت لحظة، ثم أشارت إلى عمق المكتبة.
شكرتها ومضيت في الاتجاه الذي دلّتني عليه، بينما اقترب مني يوجين أغريس وهمس بجانبي:
“يبدو أنك تحبين الكتب.”
“يمكنك القول بأنني أحبها.”
لم أضف: “الروايات تحديدًا”.
كنت دائمًا الطالبة التي تفتح كتاب اللغة وتقرأ النصوص الأدبية أولًا حين تتسلم كتب المدرسة.
لكن اليوم لم آتِ لأقرأ بهدوء.
“إنها أكبر مما توقعت. لا تقل عن مكتبة القصر الإمبراطوري.”
وكما قال الأمير الثاني، فإن مكتبة أكاديمية كرانڨيير كانت واسعة فعلًا، حتى أن المرء قد يتيه بين رفوفها لو بالغنا قليلًا.
لكن بفضل إرشاد أمينة المكتبة، وصلت إلى المكان المقصود، حيث تصطف مؤلفات قديمة متآكلة بفعل الزمن.
“لابد أنه هنا…….”
مررت بنظري بسرعة بين الرفوف، إلى أن…
“آه!”
وجدته!!
انتزعت كتابًا سميكًا على الفور.
“ما هو الاستيقاظ؟”
تمتم يوجين أغريس من خلفي وهو يقرأ العنوان.
“كان في الماضي أحد المقررات الإلزامية للصف الأول. لكن المناهج تغيرت، ولم يعد يستخدم بعد الآن.”
شرحت له بإيجاز ما أعرف، فأومأ متفهمًا.
فتحت الكتاب على آخر صفحة. كانت هناك كتابات رديئة يكاد يصعب تمييزها، إلى جانب رسم مستطيل بخطوط ذهبية، أشبه بخربشة.
“يا للأسف، أحدهم خربش على الكتاب.”
“الأرجح أن صاحبه هو من ترك ذلك.”
هذا الكتاب تحديدًا كان يخص يورغيوس العظيم حين كان طالبًا بالأكاديمية.
لم يعد يدرّس منذ زمن، لكن لمكانته ظل محفوظًا في المكتبة.
وهذا الكتاب لم يكن سوى……
“المفتاح الذهبي.”
لا أحد التفت إليه منذ تغيير المناهج، وحتى لو فعلوا، لاعتبروه مجرد خربشة.
لكنني – بما أملكه من نافذة الحالة – استطعت التعرف إليه.
بعد التأكد من الدليل، حملت الكتاب ودخلت أعمق.
في الداخل وُجدت رفوف صغيرة ملونة، فتوقفت أمام الرف المذهب.
فتحت الكتاب من جديد، نظرت إلى الرسم الذهبي الذي يضم مستطيلات فارغة متناثرة.
“الأول من اليسار، الخامس. الثاني من اليمين، الثاني…….”
بدأت بسحب الكتب من الأماكن المطابقة، فيما تولى يوجين أغريس ترتيبها على جانب بتلقائية.
تراكمت الكتب حتى بلغت ركبتي، وحين وصلت إلى الخانة الوحيدة المظللة بالذهب…
أعدت كتاب «ما هو الاستيقاظ؟» إلى مكانه.
وفجأة—
كوووجوووم!
اهتز الرف، ثم انشق إلى الجانبين كاشفًا عن ممر خفي.
“قاعدة سرية……!”
هتف يوجين أغريس بانبهار، وعيناه تلمعان كالأطفال.
أما أنا فامتنعت عن التصحيح. لم يكن الأمر قاعدة سرية كما يظن، لكن لا داعي للتفسير الإضافي.
“قد يكون الداخل مظلمًا قليلًا، هل ستتحمل ذلك؟”
“ومن يخشى الظلام، كيف له أن يقاتل الوحوش؟”
أجل، أعرف. أنت لا تعرف الخوف أصلًا.
طرحت السؤال فقط من باب المجاملة، ثم تقدمت أولًا داخل الممر المعتم.
وما أن دخل الأمير الثاني خلفي حتى أُغلق المدخل تلقائيًا.
كان داخل المتاهة أبهى مما توقعت.
ليس مشرقًا كالعالم الخارجي، لكنه مضاء هنا وهناك بأحجار مضيئة تكفي للرؤية.
“يبدو كأي ممر سري عادي.”
“لكن… الممر السري في حد ذاته ليس عاديًا.”
“آه.”
أدرك شيئًا من كلامي، فالتزم الصمت وهو يتفحص المكان. تركني ذلك أركز تمامًا على الأمام.
ومرت دقائق قبل أن يسأل مجددًا:
“لكن إلى متى سنظل- “
فوووش!
شيء ما انطلق نحوي فجأة. أمسكت به تلقائيًا.
“!!”
إنه سهم، ذو رأس حاد مصقول بإتقان.
“يا إلهي، نقاط الرشاقة تؤتي ثمارها!”
لقد استثمرت جميع نقاطي الفائضة في الرشاقة قبل المجيء، ورفعتها من D- إلى D+. الفرق كان واضحًا.
“هل أنتِ بخير؟!”
تفحصني يوجين أغريس بقلق، فألقيت السهم جانبًا لأؤكد أنني بخير، ثم التفت إليه بنظرة حادة:
“الآن عليك أن تنتبه جيدًا يا صاحب السمو.”
فمن هنا تبدأ المتاهة الحقيقية ليُورغيوس العظيم.
ابتسمت ابتسامة جانبية واثقة.
♤♧♤♧♤♧♤
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 28"