وما أن سمعت الإذن من الداخل حتى فتحت الباب ببطء ودخلت.
صاحب هذا المختبر كان ينظر إليّ بعينين فيها بعض الاستغراب. فبادرتُ بالانحناء وتحية سريعة:
“مرحبًا، أنا لوسي سانت.”
فجاءني سؤاله:
“ما الأمر؟”
ثم وضع الأوراق التي كان يتفحّصها جانبًا.
ابتلعت ريقي وقلت بتردّد:
“أردت أن أطلب من الأستاذ معروفًا.”
الخيار الذي وقع عليه اختياري ليكون هدف إقناعي… كان أستاذنا نفسه.
لأنه الأقرب لتحقيق الشروط التي كنت أبحث عنها.
شروطي كانت بسيطة:
أن يكون أستاذًا مشرفًا على النادي، لكن دون أن يهتم كثيرًا بأنشطته.
ومن هذه الناحية، فقد استبعدتُ أستاذ مادة التدريب الأساسي صاحب القبعة الحمراء.
فذلك الأستاذ… متحمّس أكثر من اللازم.
يبدو من النوع الذي يحضر كل يوم، رغم أنّ النشاط لا يتطلب سوى حضور جزئي.
بعده فكرت في الأستاذة كلارا.
لكن لديها عيب قاتل: ضعيفة جدًا!
لم تفارقني صورة سقوطها وهي تحمل كتابًا خفيفًا.
وكنت متأكدة أنها ستنهار فور استخدام أي دائرة انتقال سحرية.
إذن… كلارا خارج الحساب.
“لم يبقَ إلا أستاذنا إذًا…”
الأستاذ بنجامين، المتخصص في علم الوحوش السحرية.
صعب جدًا إقناعه.
لكن إن وافق، فالاحتمال الأكبر هو أنه لن يلقي بالًا لأنشطة النادي.
قررت أن أجرب حظي، فلدي ما أعتمد عليه.
“نودّ أن تكون أستاذًا مشرفًا على نادينا!”
“ولماذا أنا بالذات؟”
أجبتُه بتفصيل طويل، محاولًة أن أخفي ارتباكي:
“ناديُنا سيقوم بدراسة بيئة الوحوش وعلاقتها بمحيطها، وسنقوم برحلات خارجية لدراسة ذلك عمليًا، كما أنّ هذا النوع من النشاط…”
رأيته يحرّك معصميه.
خلال أسبوعين من مراقبتي له، عرفتُ أنّه يفعل ذلك كلما شعر بالملل.
فاغتنمت الفرصة وألقيت كلمة عابرة:
“… كما أنّ هذه الأنشطة تسجَّل في رصيد الأساتذة كإنجازات.”
كنت أعلم أن هذه الكلمة بالذات ستعلَق في أذنه.
فكلما زادت إنجازات الأستاذ، زادت حظوظه في فتح المواد التي يرغب في تدريسها.
بنجامين، المتشدد في مبدأ “الجدارة فقط”، ما كان أبدًا ليقبل أن يكون مشرفًا على فصل مثل فصلنا (الفصل F).
ومن المؤكد أنه يتمنى أن يتخلص من ذلك في أسرع وقت.
ولهذا… من مصلحته أن تزيد إنجازاته.
ومن هنا توقفت حركة معصميه، وكأنّه يفكر مليًا.
ابتلعت ريقي من جديد وأنا أترقب.
وأخيرًا قال:
” وما اسم ناديكم؟”
‘نجحت!’ فكرتُ بحماس. ثم قلت بثقة:
“نادي السياحة.”
فتغيّر وجهه بوضوح.
نادي السياحة: اسمه الرسمي النادي السياحي البحثي.
فكرته: القيام برحلات “سياحية” مرتبطة بالدراسات الأكاديمية.
الأعضاء:
لوسي سانت (أنا).
ثيودور ويذر.
إلينور سوتين.
هايدن (وافق بشرط أن يكون اسمه فقط مسجَّلًا).
وبالطبع أنا رئيسة النادي.
أما المشرف الرسمي فهو:
“إياكم أن تتصرفوا بتهور.”
قالها الأستاذ بوجه صارم.
الأستاذ بنجامين نولان… أصبح رسميًا المشرف على نادينا.
أجبنا جميعًا بجدية تامة كطلاب مثاليين.
‘حسنًا… هايدن أجاب بطريقة مرتخية بعض الشيء، ما جعل الأستاذ يلقي عليه نظرة، ثم تجاهله بعدها مباشرة.’
فكرت في داخلي:” هل يعرف أستاذنا أصلًا أن هايدن طالب في فصله؟”
فهو لم يحضر حصصه أبدًا، إلا في ذلك اليوم الذي أمسكتُه فيه.
لكن على الأقل، حضوره معنا في النشاط الأول شيء يُحسب له.
وبينما كنت أتأمل في هذا، التقت عيناي بعينيه.
ابتسم لي كعادته بتلك الابتسامة العابثة.
‘لا تبتسم… أخاف أن أتعلّق بك.’
على كل حال… بدأنا جولتنا الأولى في نشاط النادي.
وكانت الوجهة التي اخترتها منطقة قريبة من موقع ظهور وحش من الدرجة الخامسة.
كنت أخطط أن نظهر اليوم بصورة هادئة أمام أستاذنا المشرف حتى لا نثير الشكوك، ولهذا لم تكن هناك حاجة إلى الاقتراب من منطقة وحوش الدرجة الرابعة.
“لوسي.”
نادَتني إلينور، فأجبتها بهزّة خفيفة من رأسي. كنا قد اتفقنا مسبقًا نحن أعضاء النادي على ما سنقوله ونفعله.
حان وقت التمثيل.
“واو! انظري! هنا حجر أخضر!”
“هـ.. هذا له علاقة كبيرة بكون المنطقة قريبة من منطقة ظهور وحوش من الدرجة الخامسة، أليس كذلك؟”
” إن بريقه يشبه بريق عينيك يا لوسي.”
بدأت العبث بحجر صغير وأنا أقول ذلك، فأسرع ثيودور وهايدن بمجاراة كلامي. صحيح أن تعليقاتهما غريبة قليلًا، لكن على الأقل ساعداني.
ثم جاء دور إلينور:
“إنه. حجر. متلألئ. أظن. أن له. قيمة. علمية.”
تجمدت للحظة. من شدة الدهشة ارتخت يدي، فسقط الحجر الأخضر من قبضتي على الأرض.
“إلينور؟!”
“نعم؟ ما الأمر؟”
أعدت السؤال بتوجس:
“أتعنين أن هذا الحجر الأخضر…”
“نعم. أراه. ذا قيمة. علمية. كافية.”
ثبت الأمر. إلينور لا تجيد التمثيل. بل تفشل فيه تمامًا.
إنها لا تمثل… بل تبدو و كأنها تقرأ نصًا من كتاب!
التفتُّ إلى ثيودور وهايدن، فإذا بهما يحاولان بصعوبة كتم ضحكاتهما. هايدن كان مكتومًا حتى كاد يختنق.
لم أكن أعلم أن إلينور هكذا… في القصة الأصلية لم يُذكر أبدًا أنها اضطرت للتمثيل. فهي دائمًا صادقة وصريحة وتعيش وفق مبادئها، فلم تكن لتكذب أبدًا.
“سامحيني إلينور… ما كان علي أن أجعلك تمثلين.”
وضعت يدي على كتفها وأشرت إليها أن تكفّ. ففهمت، وأغلقت الكتاب الذي كانت “تقرأ” منه كلماتها.
بعدها بدأنا نتفرّق ببطء، كل واحد يلهو بشيء من حوله.
أما أستاذنا، فكان جالسًا في الظل يطالع بعض الأوراق، يرفع رأسه بين الحين والآخر ليلقِي علينا نظرة. ثم فجأة نهض وقال:
“سأذهب لاستطلاع المنطقة.”
وغادر من غير مقدمات.
“إلى أين ذهب؟” تساءلت وأنا أحدّق. ثم التقطت ورقة شجر وبدأت أتظاهر بالاهتمام بها. فقد يكون يراقبنا من بعيد ليتأكد أننا نعمل بجد.
والآخرون بدَوا وكأنهم يفكرون بالشيء نفسه.
لكن مرّت دقائق… ثم ساعة كاملة من العبث بالتفاهات!
بدأ جسدي يتعب وظهري يؤلمني.
“إلى أين اختفى بالضبط؟”
تمددت قليلًا وأنا أتأفف، وسرت بلا انتباه. حتى وجدت نفسي قريبة جدًا من حدود منطقة وحوش الدرجة الخامسة.
“عليّ أن أعود.”
لكن قبل أن أتحرك…
خشخشة!
صوت حركة صدر من بين الأشجار. استدرت بسرعة، وإذا بي أسمع:
“بيييي!”
قفز كائن صغير أمامي.
لقد ظهر لي… وحش من الدرجة الخامسة: الأرنب ذو القواطع الكبيرة.
سرعان ما فتحت موسوعة الوحوش، فظهر اسمه فيها لأول مرة.
تأكدت أن الأستاذ غير موجود بالجوار، فكوّنت سهمًا بين يدي وأنا أبتسم.
بدأت في صيد تلك الأرانب واحدًا تلو الآخر. لم أحتج حتى لاستخدام مهارة الرمي، مجرد القوس والسهام كان كافيًا. كنت ألهو وأستمتع وكأنني أجمع النقاط والخبرة.
“هممم…”
لكن… كان هناك من يراقبني.
رجل ذو عينين زمرديتين، يقف غير بعيد، مكتوف اليدين، يراقبني بصمت.
ابتسم قليلًا وهو يتمتم:
“تبدو طالبة عادية في الأكاديمية… لكن مهارتها في قتال الوحوش ليست سيئة أبدًا.”
لاحظ أيضًا أن أسلوبي يختلف عن المعتاد، فلم أستخدم سلاحًا مميزًا كغيري من المستيقظين، بل كنت أعتمد على أسلوب فريد.
“أوستن.”
“نعم.”
اقترب الفارس المرافق له بخطوات حذرة.
فأعطى الرجل أمره وهو ما يزال يتابعني بعينيه:
“أريدك أن تجمع معلومات عن تلك الفتاة.”
“أمرك.”
انحنى الفارس احترامًا وانصرف.
أما الرجل ذو العينين الزمرديتين فقد بقي في مكانه يراقبني، حتى انتهيت من صيدي وعدتُ إلى الموقع الذي كنا فيه أولًا.
عندها فقط… غادر هو أيضًا.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 25"