لكنني لم أبالِ، فقد انطلقت يدي بخفة معتادة، وأطلقت السهم.
السهم الأبيض الحاد اخترق الهواء مستهدفًا الدرع الواقي لتلك البرتقالية.
سويييش—
“…هاه؟”
لقد أصبت الهواء فقط.
تلك البرتقالية قد تفادت هجمتي بمهارة.
‘لا شك أنها مهارة تفادي!’
لم تكن مجرد حركة سريعة بفضل خفة جسدها .
لقد انتقلت خطوتين أو ثلاث خطوات إلى الجانب في لحظة.
تمامًا مثل مهارات التفادي الخاصة بالرامين… لكن كم تبلغ فترة استعادة هذه المهارة يا ترى؟
*فترة الاستعادة معناها الفترة اللي تحتاجها عشان تقدر تفعل المهارة من جديد*
لم يكن في جعبتي وقت للتفكير أكثر.
فشل هجومي الأول يعني أن الدور انتقل بالكامل إلى خصمي.
‘خلفي!’
استدرت بسرعة، وأمسكت بقبضة “القبضة النارية” بيدي. ثم أفلتها فورًا.
“آآخ، ساخن!”
هل هذا معقول؟
قبضته كانت مشتعلة حقًا!
لماذا لم يُخرج سلاحه؟ أوه، اتضح أن السلاح هو ذاك القفاز نفسه.
تركت يده بسرعة وأنا مندهشة، بينما انفجر ضاحكًا بصوت عالٍ:
“كيف طعم ناري؟!”
‘يا إلهي… إنه قبضة نارية فعلا، اسم على مسمى!’
لم أصدق، لكن أول ما فعلته هو النفخ على كفي المحترق.
[لمسة الشفاء استعادت نقاط حياتك.]
إنها مهارة “هانا”.
شعرت براحة حين عاد كفي كما كان، وشكرت هانا في داخلي.
وبينما كنت ألتقط أنفاسي، شدّد القبضة النارية يده المشتعلة مرة أخرى وهتف بحماس:
“سمعت أنك هزمتِ وحشًا بالقتال القريب!”
“وماذا في ذلك؟”
“فلنقاتل إذن، قتالًا قريبًا، كما يليق بالمستيقظين أمثالنا!”
كلماته لم تكن اقتراحًا، بل كانت قرارًا نهائيًا.
فهو اندفع تجاهي مباشرة بعد أن قالها.
‘مع أنني رامية، إلا أنه يريد مواجهة جسدية؟ هذا جنون!’
عضضت على أسناني وأنا أتفادى قبضاته المشتعلة.
شعلاته العدوانية كادت تلمس أذني مع كل حركة.
لكن هجماته لم تتوقف.
هُووك! فُويييش!
كانت ضرباته متلاحقة لدرجة أنني بالكاد وجدت وقتًا لأتنفس.
ثم فجأة خمدت النار قليلًا، ربما انتهى وقت مهارته.
‘ الآن فرصتي!’
أسرعت بسحب القوس واستخدمته لصد قبضته.
كاااانغ!
“غغغ!”
ارتد للخلف وهو يتأوه.
عندها تأكدت.
قوته الجسدية أضعف من قوتي بقليل، لكن…
‘إنه أسرع مني.’
بهذه السرعة يصعب علي أن أجد فرصة مناسبة للهجوم.
وحتى لو حاولت الرد، فالنيران نفسها مشكلة، مجرد لمسها يسبب ضررًا.
عليّ أن أغتنم اللحظة قبل أن تعود شعلته.
لكن فجأة، جاءني صوت تحطم من الخلف.
“آآااه!”
‘هانا!’
درع الحماية الخاص بهانا تحطم.
بينما كنت مشغولة في قتال القبضة النارية، استهدفتها تلك البرتقالية بكل تركيز وأمطَترها بالسهام.
تركت خصمي واندفعت نحو الرامية البرتقالية.
ارتبكت فورًا، فأخطأ سهمها التالي هدفه ونجت هانا بأعجوبة.
عندها تخلت عن فكرة مهاجمة هانا، ووجّهت كل تركيزها نحوي، مستعدة لاستخدام مهارة التفادي مجددًا.
“إلى أين تظنين أنك ذاهبة؟!”
في تلك اللحظة، تبعني القبضة النارية بسرعة.
رفعت سرعتي أكثر، حتى صرت على بعد خطوة واحدة من الرامية البرتقالية.
وفعلًا، استخدمت مهارة التفادي مرة أخرى.
“…؟!”
لكنني تجاوزتها ببساطة!
نظرت إليّ مذهولة، غير مصدقة أنها قد أضاعت مهارتها سُدى.
وقفت خلفها، على مسافة قصيرة فقط.
‘جيد، الآن أعرف تقريبًا وقت استعادة مهارتها.’
توقفت قليلًا لالتقاط أنفاسي، لكن القبضة النارية اندفع نحوي مجددًا.
عندها بدأت أستغل الرامية كحاجز، وأجعل خصمي يطاردني من الجهة الأخرى.
سوييش! سويييش!
الضربة الأولى، الثانية، والثالثة… كلّها لم تصبني.
كنت ألتف دائمًا خلف الرامية وأتفادى، بينما هو يحاول التخلص مني بلا جدوى.
“توقفي أيتها الـ…!”
أما القبضة النارية، فصار يعاني أكثر بسبب حركات رفيقته المرتبكة.
وبينما ازدادت سرعة هجماته من الغضب، ضاق مجاله البصري أكثر.
‘درع الحماية عند هانا تحطم، لكنها ما زالت بخير. هذا أفضل سيناريو!’
الرامية أصبحت عالقة وسط قتال قريب لا تجيد فيه شيئًا، بينما خصمي الآخر انشغل بي وحدي ونسي تمامًا زميلتي.
استمر هذا الكرّ والفرّ للحظات متوترة.
ثم صرخ القبضة النارية بصوت مدوٍ:
“الآن أنهي الأمر!”
عاد وقود مهارته، وتحول من جديد إلى “قبضة نارية”.
رفع قبضته المشتعلة بفخر، وبدأ يوجه هجمات عشوائية عمياء، غير آبه حتى بأن رفيقته البرتقالية تقف بيننا.
“يا أنت—!”
هوووب—
تفادت معي الرامية ذات الشعر البرتقالي إحدى ضربات القبضة النارية، وبدت مذهولة لدرجة أنها أرادت الاعتراض ثم تراجعت بصمت.
عندها، شعرت به.
اللحظة قريبة. قريبًا جدًا.
تفاديت ضربة أخرى، وفي رأسي ترددت كلمات حديثي مع “هانا” قبل قليل:
“إن غفلوا للحظة، فخطة الضربة القاضية من البداية هي أفضل سيناريو لنا.”
“وإن لم يغفلوا؟”
“همم… إذن فلنتعاهد على شيء.”
“تعاهد؟”
“إذا فشلنا في الخطة الأولى، إذن…”
وقبل أن تكتمل الذكرى، كان القبضة النارية يوجه ضربة جديدة، بينما ظل الرامية البرتقالية ثابتة هذه المرة، لا تحاول أن تتفادى ضرباته.
حينها صرخت بأعلى صوتي:
“الإشــــارة!”
وفي اللحظة ذاتها، أضاءت الأرض تحت قدمي الرامية بلونٍ أصفر.
“حين أعطيك الإشارة، عندها…”
“أجل أجل!”
استخدمي مهارة التقييد!
“م—ماذا؟!”
حاولت الرامية استخدام مهارة التفادي، لكنها فوجئت وقد شُلّت قدماها.
ولم يكن القبضة النارية أفضل حالًا، إذ أن قبضته المشتعلة أصابت كتف رفيقته بدلًا مني.
بوووم!
كراااااااك!
تحطم الدرع الواقي لذات الشعر البرتقالي.
“آه!”
وكادت تُقذف بعيدًا، لكنني أمسكت بها في آخر لحظة.
توووك—
تساقط الدرع من جسدها أرضًا، بينما كان القبضة النارية يحدّق فيه بذهول:
“أنا… أنا الذي فعلت هذا…؟!”
‘نعم، أنت من فعلها، شكرًا لك.’
فكرت ممتنّة، وأنا أنظر إلى البرتقالية التي بقيت في حضني لوهلة. كانت تنظر إليّ بذهول، على نحو مختلف عن رفيقها.
“أ، أنت بخير؟”
لكنها لم تجب. بدت في حالة صدمة، إذ أن خطتها قد انهارت تمامًا.
‘لا بد أنها ظنت أنني سأُضرب من قِبَل القبضة النارية عندما يراوغ فجأة. بل واختارت توقيتًا دقيقا أيضًا، لأن مهارة التفادي كانت في فترة استعادة، بينما رفيقه استعاد النيران مجددًا. لكن… خطتها كانت واضحة أكثر من اللازم.’
“لوووسي!”
بينما كنت لا أزال ممسكة بالبرتقالية بشكل غريب، اندفعت هانا نحونا بحماس. فتظاهرت أنني أرحب بها، وتحررت في الوقت نفسه من ذاك العناق المحرج.
“لقد نجحت الخطة! بالضبط كما رسمتِها!”
“طبعًا، بفضلك يا هانا—”
“أنا في اللحظة التي تحطم فيها درعي، قلت: انتهى أمري. لكن فجأة شعرت بإشارة كهربائية منك!”
“…إشارة كهربائية؟”
كانت هانا تتحدث بحماس مبالغ فيه، نصف كلامها غير مفهوم. ومع ذلك، تبادلنا حديثًا غريبًا، فهمت نصفه بالكاد.
وفي تلك اللحظة، دوّى ضحك عالٍ من بعيد:
“بُف—بُوهاها!”
استدار الجميع نحو الصوت.
وكان مصدره أستاذ مادة “استراتيجيات القيادة”.
“ههه… سمعت الكثير من الشائعات، ولكني لم أكن أصدق أيا منها… لكنني الآن…”
‘آه، هذا الجو… أعرف ما سيقوله.’
“أنت جديرة بأن تكوني تلميذة الأستاذ بنجامين المفضلة.”
بالضبط كما توقعت.
ضحكته ذكّرتني بأستاذنا السابق للحظة.
“أحسنتم جميعًا، عودوا إلى أماكنكم الآن.”
عندما نظرت إلى خصمينا، كان القبضة النارية في حالة ارتباك شديد، بينما تجاهلته البرتقالية تمامًا وعادت إلى مكانها.
انتهت المعركة بأجواء مضطربة، خاصة بعد تلك الضربة القاضية بالخطأ من رفيق لرفيقه.
لكن الفوضى لم تدم طويلًا.
عاد الطلاب للتركيز على المباراة التالية.
‘كنا محظوظين بوجود هؤلاء كخصم لنا.’
صحيح أن قرعة المواجهة كانت بائسة، لكن بشكل متناقض، خصمانا كانا أنسب لنا من غيرهما.
فلو أن القبضة النارية كان أكثر عقلانية، أو أن البرتقالية أذكى قليلًا، لفشلت خطتنا تمامًا.
‘ومهارة التقييد من هانا جاءت في التوقيت المثالي.’
كانت مهارة نافعة جدًا، إذ تُقيّد الخصم فجأة أثناء القتال، لكنها مليئة بالقيود.
لا يمكن استخدامها مع أي مهارة أخرى، وفترة استعادتها طويلة جدًا.
والأسوأ…
‘لا يمكن استخدامها إلا بعد مرور خمس دقائق من تلقي الضربة الأولى!’
هذا كان العيب الأكبر.
ألا يعتبر هذا ظلمًا؟ قد نموت قبل مرور الخمس دقائق!
هززت رأسي بابتسامة باهتة.
كان الهدف إذن هو الصمود حتى يحين وقت المهارة. ولحسن الحظ، خطتنا سارت كما أردنا.
وبينما كنت أستعيد تفاصيل المعركة في ذهني وأُدرك أهمية التجربة العملية، حان دور الفريق التالي.
‘ثيودور!’
ظهر ثيودوز في ساحة التدريب، واتخذ وضعية مألوفة لي رافعًا سيفه.
‘أتمنى أن يُحسن القتال…’
جمعت يديّ، ورجوته في داخلي أن يُعطي كل ما عنده، مهما كانت النتيجة.
لكن لم تمضِ فترة طويلة حتى عمّت الصدمة الجميع.
ثيودور، أو بالأحرى فريق ثيودور…
‘قد فاز…؟’
انتصر فعلًا.
“واااووو!”
انتصار ساحق، لا يُقارن بأي من المواجهات السابقة
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 23"