“هع، في النهاية كان مجرد اختبار قتال قريب، أليس كذلك؟ إن كانت رامية فعليها أن تكون بارعة في إطلاق السهام. من المؤكد أن تصويبها من بعيد سيء و غير دقيق.”
نعم، تذكرتك الآن.
أنت حقاً قلت مثل هذا الكلام في ذلك الوقت.
حين رمقتها بنظري ــ تلك الفتاة ذات الشعر البرتقالي ــ ارتبكت فجأة وأدارت وجههل بعيداً، تماماً كما فعلت من قبل. يبدو أنها هي الاخرى تتذكرني. لكنها لم تصب بالفواق هذه المرة على الأقل.
اكتفيت بهز كتفي بلا مبالاة. لم يكن في نيتي فعل أي شيء معها، خصوصاً وأن شرح الدرس قد بدأ.
قال الأستاذ:
“ستشكلون ثنائيات، ثم تخوضون قتالاً ضد فريق آخر، أي معركة 2 ضد 2. لقد قسمت الفرق مسبقاً بشكل عشوائي، دون النظر إلى تخصصكم أو فصولكم.”
ثم بدأ ينادي الأسماء: فلان من الفصل E مع فلان من الفصل F، ساحر مع مستدعي أرواح… وهكذا.
وبالفعل، كما قال، كانت الفرق موزعة بشكل عشوائي وغريب تماماً.
وبعد أن انتهى من توزيع الفرق، نظر الأستاذ إلينا جميعاً، واقفين في أماكننا بارتباك، ثم ابتسم ابتسامة عريضة وقال:
“لا تنسوا أن هذه المادة اسمها (نظريات القيادة الاستراتيجية).”
أي بمعنى آخر: مهما كان تشكيل فريقكم، المطلوب أن تواجهوا الخصم بأفضل استراتيجية ممكنة.
كانت فكرته واضحة: حتى لو كانت الظروف ضدكم تماماً، بإمكان الخطط الجيدة والقيادة الذكية قلب النتيجة.
ويريد أن يختبر إن كان بوسعنا فعل الشيء نفسه.
الفكرة ممتازة… لكن…
بينما كنت أفكر في ذلك، التفت فرأيت زميلتي في الفريق تحدق بي بوجه يفيض بالحماسة. قبضت يدها الصغيرة وهتفت بصوت واهن لكنه مليء بالعزم:
“هيا… لنعمل بجد معاً!”
وقفت شاردة للحظة، ثم استعدت توازني وأومأت برأسي.
كنت قد شكلت فريقاً معها من قبل… أتذكرون؟ في اختبار المفاجأة الذي أجراه الأستاذ في أول يوم من الدراسة.
“أنا… استيقظت كمعالجة.”
هذا ما قالته في ذلك الوقت. فيما بعد عرفت أن اسمها هانا.
مواجهة ثنائية، فريقنا يتكون من رامي بعيد المدى ومعالجة…
يا له من وضع مثير للاهتمام!
التفت إلى الفريق الخصم. هناك كان يقف فتى ذو ملامح واثقة إلى جوار الفتاة صاحبة الشعر البرتقالي التي بدت متوترة.
فريقهم: محارب + رامٍ.
محارب يبدو أقرب لمهاجم قريب المدى منه إلى مدافع ثقيل، ومعه رامٍ قادر على تغطيته من الخلف. تشكيلة قوية إلى حد ما.
والمصيبة أنهم خصومنا.
تباً.
وفوق ذلك، المعالجة في فريقي ضعيفة البنية للغاية…!
جسدها النحيل الضعيف، وسجلها السابق حين خرجت من القتال لمجرد أن هجمة وحش طالتها بشكل جانبي… حتى مع كونها معالجة، إلا أن ضعفها في التحمل كان واضحاً جداً.
ولماذا هذا مقلق؟ بسبب قوانين القتال الثنائي.
الأستاذ شرح لنا ذلك مسبقاً وهو يعرض علينا دروعاً سحرية تشبه الدروع الخفيفة:
“هذه الدروع عبارة عن أدوات سحرية، ستتحطم تلقائياً إذا تعرضتم لضربة تجعل من المستحيل عليكم مواصلة القتال. وبمجرد أن يتحطم درع أحد أفراد الفريق، تعتبر المباراة منتهية.”
بمعنى آخر، إن خرج أحد أعضاء فريق من القتال، يخسر الفريق كله.
والآن تخيل أن يكون أحد أفراد الفريق هو معالجة هشة مثل هانا…؟
كل القتال سيتحول إلى محاولة يائسة لحمايتها حتى النهاية.
آه…
كلما قارنت بين قدراتنا وقدرات الخصم، لم أجد سوى مزيد من أسباب الإحباط.
حينها ارتفع صوت الأستاذ في ساحة التدريب:
“أمامكم خمس عشرة دقيقة لعقد اجتماع استراتيجي!”
حسناً… لا بد أن نضع خطة على الاقل .
مسحت وجهي بيدي والتفت نحو هانا. كانت لا تزال تنظر إليّ بعينين ممتلئتين بالأمل.
سألتها متردداً:
“هل لديكِ أي تجربة سابقة في وضع استراتيجيات أو قيادة فريق…؟”
هزت رأسها بالنفي فوراً.
كما توقعت. هي مجرد مستيقظة مبتدئة، من الطبيعي ألا يكون لها أي خبرة.
لكن… حتى أنا لا أملك خبرة حقيقية!
كل ما أعرفه عن الخطط الاستراتيجية جاء من بعض الروايات التي قرأتها… وغالباً ما كانت روايات قوة خارقة، لا مكان فيها للتكتيكات المعقدة. وحتى إن ظهرت بعض الخطط، كانت تنتهي بتدخل قوة البطل الخارقة لحسم الموقف.
بصراحة، لا أعرف إن كانت تلك الاستراتيجيات قابلة للتطبيق في الواقع أصلاً.
وفجأة، تذكرت هانا شيئاً وقالت بحماس:
“آه! سمعت شيئاً عن ذلك المحارب في الفريق الخصم!”
“ماذا سمعتِ؟”
“يقولون إنه نجم الفصل E، لقبه (قبضة النار)!”
……وحقاً؟
أصبتُ بخيبة أمل. كنت آمل أن تزودني بمعلومة مفيدة، لكن كل ما حصلت عليه لقب غريب. على الأقل الاسم مضحك بعض الشيء.
لكن لا وقت للضحك الآن.
التفت مجدداً وسألتها عن مهاراتها:
“ما هي قدراتكِ بالتحديد؟”
“لدي مهارة حماية النور، وهي تعويذة دفاعية، وأيضاً تعويذة شفاء…”
أصغيت لكلامها بانتباه، بينما كان عقلي يعمل بأقصى سرعة، أجمع كل المعلومات: حالتي، مهاراتي، مهاراتها، والمعلومات عن الخصوم.
ثم بدأت أطرح عليها سيناريوهات:
“ماذا لو بدأتُ أنا بالتحرك بهذا الشكل…؟”
وبينما كنا نتناقش، تبلورت في ذهني عدة خطط يمكن أن تكون قابلة للتنفيذ.
لم أكن واثقه مما إن كانت هذه الخطة قابلة للتنفيذ أصلًا.
“إذن… فلنجرّب هذا أولاً؟”
“نعم! سأثق بك يا لوسي!”
رفعت هانا رأسها إليّ بعينين متألقتين.
على الأغلب، ما زالت متأثرة بما أريتها في اختبار المفاجأة الذي أجراه المعلم في أول يوم.
‘آسفة يا هانا… لكن لا تثقي بي كثيرًا.’
حتى أنا نفسي لا أثق بقدراتي في هذه اللحظة.
لكني، محرجه ، اكتفيت بالرد:
“أ.. أجل. لنبذل قصارى جهدنا.”
فلا يمكنني أن أقول لها مباشرة: لا تثقي بي.
هزّت رأسها بحماسة، وكأنها تقول “مفهوم!”
… لا مفرّ، عليّ أن أبذل كل ما عندي.
***
انتهى الاجتماع القصير، وبدأت جولة القتال الحقيقية.
ترتيب المواجهات تحدد بسرعة، اعتمادًا على أماكن وقوفنا. وبما أن فريقنا كان في الصفوف الأمامية، جاء دورنا باكرًا.
المعركة الأولى بين الفريقين كانت متكافئة بشدة. تبادلوا الضربات بعنف، حتى انتهى الأمر حين حطم أحد المبارزين الدرع الواقي لخصمه بسيفه.
ثم استمرت الجولة الثانية، والثالثة…
لكنني لم أكن راضية عما أراه.
“كنت أريد أن أتعلم بعض الاستراتيجيات من الفرق الأخرى… لكن لا فائدة.”
لم يكن هناك أي خطط أو قيادة حقيقية. معظمهم بدا وكأنهم قرروا فقط من سيقاتل من، ثم اندفعوا بتهور.
“محظوظون أن تشكيلهم يسمح بذلك… آه، كم أغبطهم.”
أخذت هانا تراود ذهني من جديد، لكنني طردت تلك الأفكار سريعًا وعدت أركز على خطتنا. في النهاية، مهاراتها ليست سيئة لو احسنت استغلالها.
“التالي!”
حان دورنا.
سرتُ أنا وهانا إلى منتصف الساحة. في الجهة المقابلة، خرج خصمانا من طرفهم الآخر.
وقفنا متقابلين على مسافة مناسبة، وكل طرف استدعى سلاحه الخاص.
لكن قبل أن يعلن الأستاذ بدء القتال، بادر المحارب من الفريق الآخر بالكلام:
“سمعت أنك الأقوى في الفصل F، صحيح؟”
يا للمصيبة…
كدت أشتم بصوت عالٍ، لكنني تماسكت بصعوبة.
فأجبت ببرود:
“وأنت… ألستَ الملقب بـ (قبضة النار) في الفصل E؟”
ظننت أني أصبته، لكن الرجل لم يعبس، بل انفجر ضاحكًا:
“هاها! يبدو أن سمعتي وصلت حتى إليكم في الفصل F!”
إنتهت اللعبة… لقد خسرت هذه الجولة الكلامية.
يا له من رجل بلا ذرة خجل! حتى الفتاة ذات الشعر البرتقالي بجانبه أشاحت وجهها محرجه.
وفجأة، صاحت هانا من خلفي:
“مـ-مع ذلك! لوسي هي الأشهر!”
…هانا، أرجوك كفّي.
ارتفع صوتها هذه المرة أكثر من أي وقت مضى، حتى أني أمسكت جبيني من الحرج. منذ متى كان صوتك قويا هكذا؟
“ماذا؟!”
أخيرًا تجعد حاجبا خصمي.
والأدهى أن الطلاب الذين كانوا يراقبون القتال، هزّوا رؤوسهم بتأييد لكلامها.
حتى طلاب الفصل E؟!
“توقفوا جميعًا…!”
لم أتوقع أن تتحول سمعتي، أو بالأحرى “سوء سمعتي”، إلى موضوع متداول أمام الجميع.
شعرت بالهزيمة قبل أن يبدأ القتال أصلاً.
لحسن الحظ، قطع الأستاذ هذه الفوضى بصوته الحازم:
“استعدوا للمعركة!”
أخذت نفسًا عميقًا، قبضت على قوسي بقوة، ومن خلفي سمعت أنفاس هانا المرتبكة وهي تكمل استعداداتها.
“ابدأوا!”
بمجرد أن انتهى صوته، انطلقت مسرعة إلى الأمام، محدقة مباشرة في خصمي “قبضة النار”.
“هااا!”
انطلقت الأسهم سريعًا من خلفه، أطلقتها الفتاة ذات الشعر البرتقالي بمهارة عالية.
“رائع… دقة لا بأس بها.”
تمنيت لو أملك نصف مهارتها بالرمي، بينما كنت أصد بعض السهام باستخدام جسد القوس.
لكن مع سرعتي الحالية (D-) لم أتمكن من صدّها كلها.
عندها دوى صوت مألوف من خلفي:
“إشارة!”
درع النور.
إنها مهارة الحماية التي تملكها هانا. كنت قد طلبت منها مسبقًا أن تنبهني عندما تفعلها… ففعلت حرفيًا وقالت كلمة “إشارة”.
لكن ذلك أنقذني.
استغللت الحاجز الضوئي واندفعت خارج مدى سهام البرتقالية.
لاحظت هانا ذلك سريعًا، فسحبت الدرع عني وأعادت تفعيله حول نفسها.
“أحسنتِ، يا فتاة!”
في هذه الأثناء، كان خصمي “قبضة النار” ينتظرني، رافعًا قبضته الضخمة وصائحًا:
“سأنهي الأمر بضربة واحدة!”
لكني لم أتوقف. وها أنا الآن على بعد خطوتين فقط منه.
“…هـه؟ إلى أين تظنين نفسك ذاهبة؟!”
خدعة يا غبي!
فعّلت مهارة الاختفاء عن الأنظار التي طورتها بالأمس، وتجاوزته في لحظة.
لأن هدفي لم يكن هو…
بل:
“آااه!”
تلك الفتى البرتقالية في الخلف.
وهناك، انطلق أول سهم من سهام لوسي الحقيقية.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 22"