بفضل مساعدة السير آرثر استطعنا تنظيم أنفسنا بسرعة والتوجه إلى الأكاديمية.

 

طريق العودة كان أهدأ مما توقعت.

 

صحيح أن إلينور وهايدن تشاجرا قليلًا، لكن بالمقارنة مع الرحلة نحو غابة كراغ كان الأمر شبه مسالم. على الأرجح، حتى هذان الاثنان استنزفت قواهما.

 

لكن ما لفت نظري أكثر كان…

 

“ثيودور.”

 

“……”

 

“ثيودور؟”

 

“آه، هاه؟!”

 

كان ثيودور على غير عادته صامتًا جدًا.

أو بالأحرى، بدا وكأنه غارق في شرود.

 

‘ما باله الآن؟’

هل مشهد اندفاعي قبل قليل صدمه إلى هذا الحد؟

 

على عكس إلينور التي استعادت هدوءها سريعًا، ظل ثيودور على هذه الحال طوال رحلة الانتقال السحري.

 

أردت أن أسأله، لكنني كنت واثقه من أنني لن أحصل على جواب واضح في الوقت الراهن، لذلك قررت أن أؤجل الأمر. لكن لاحقًا، لا بد لي أن أعرف.

 

“أخيرًا…!”

 

وهكذا، وصلنا إلى الأكاديمية سالمين قبل بدء حظر التجوال.

 

أطلق هايدن تنهيدة ارتياح قصيرة، ثم مال بجسده نصف مغمى عليه فوقي. 

لكن إلينور أسرعت ترفعه بالقوة.

 

‘كان ثقيلًا أصلًا، أحسنتِ يا إلينور.’

 

*يا اعداء الفرحة و الرومانسية *

 

“شكرًا لكم جميعًا على مساعدتكم اليوم!”

 

بفضلكم نجحتُ في رفع مستواي بشكل هائل!

 

لم أستطع منع نفسي من الابتسام، فابتسمت شاكرة أصدقائي الثلاثة.

 

إلينور أشارت بيدها أن لا داعي للشكر، أما ثيودور فاكتفى بالقول إن كل شيء انتهى بخير وهذا يكفي، أما هايدن فحاول المطالبة بمكافأة على شكل موعد غرامي… لينال في المقابل نظرات حادة من الاثنين.

 

‘هايدن… لا يعرف الاستسلام أبدًا.’

 

وبهذا عدت إلى السكن الداخلي.

 

وبالمناسبة، حصلت على مكسب صغير: عرفت رقم غرفة إلينور، اتضح أنها في طابق الذي فوقي.

 

“أوووف…”

 

كدت أرتمي على السرير مباشرة، لكنني توقفت قبل أن يلامس جسدي الأغطية.

 

صحيح أنني اغتسلت بشكل سريع قبل الانطلاق، لكني لم أستحم بشكل صحيح. 

 

لم أشعر بذلك حين كنا معًا، لكني أشعر الآن برائحة الدم الملتصق بجسدي بوضوح.

 

“مستحيل أن أنام هكذا، لا بد أن لي أن أستحم.”

 

ركضت نحو الحمام. ما أعجبني في هذه الأكاديمية الثرية أن كل غرفة فيها حمام خاص مع حوض استحمام. رفاهية حقيقية.

 

بعد أن لعبت قليلًا بالماء وفركت جسدي حتى صار يلمع، خرجت منتعشة وعدت إلى السرير.

 

كل شيء أصبح جاهزًا، فشعرت براحة تامة.

 

الآن حان وقت التحقق من حصيلة اليوم.

 

【نافذة الحالة】

 

الاسم: لوسي سانت – المستوى 8

 

المهنة: رامية سهام

 

الخاصية: دقة إصابة من بعيد +1% (ثابتة)

 

المانا: D

 

الصحة: D

 

القوة البدنية: A

 

الرشاقة: D-

 

الحواس: E ← E+

 

المهارات: قناص S / اصطدام C / اختفاء عن الأنظار D / قصف مانع C

 

أنا لوسي سانت، ومع ذلك حالتي هكذا!

 

رؤية هذه الأرقام وحدها كافية لإشباع روحي بالرضا. خصوصًا أن حاسة الإدراك ارتفعت درجتين كاملتين. لم أعد أخجل من القول إنني “مستيقظة القدرات”.

 

【مهمة جانبية ناجحة!】

 

لقد أنهيتَ أول مهمة جانبية بامتياز!

 

تمت تهيئة مكافأة خاصة لك.

 

هل تريد استلامها الآن؟ (اضغط هنا!)

 

وفوق كل ذلك، لا تزال هناك مكافأة!

 

ضغطت زر التأكيد بلهفة.

 

【المكافأة الخاصة】

 

نشجعك على الاستمرار في مسيرتك!

 

موسوعة الوحوش + بطاقة سحب مهارة + نقطتا إحصاء + 30 نقطة مودة مع فريق الصيد

 

‘ما هذا الكرم؟!’

 

*هذا الكرم اللي بيوكلك اصابع الندم بعدين×

 

كل المكافآت رائعة، لكن أكثر ما شدّ انتباهي كان موسوعة الوحوش.

 

• موسوعة الوحوش: كتاب يحوي جميع الوحوش. بعد القضاء على وحش واحد على الأقل، تضاف نقاط ضعفه وخصائصه.

 

بمعنى آخر، بمجرد القضاء على أي وحش، لن أحتاج إلى حفظ نقاط ضعفه بعد الآن!

 

يا لها من راحة. خصوصًا بعد أن سهرت الليلة الماضية أقلب موسوعات الوحوش بلا نوم.

 

“ماذا عن بطاقة المهارة… هل أستخدمها الآن؟”

 

الأجواء رائعة، ولو خرجت مهارة متواضعة فلن أنزعج كثيرًا. هي في النهاية بطاقة من الدرجة D، فلا مجال لتوقع شيء خارق.

 

ضغطت زر السحب، فانطلقت بطاقات زرقاء تدور في الهواء. ثم اختفت جميعها عدا واحدة.

 

【اختفاء عن الأنظار D】

 

‘طبعًا… كنت أتساءل متى سيظهر تكرار.’

 

لحسن الحظ، ظهرت نافذة تسألني: هل ترغب بالدمج؟

 

لم أتردد، وضغطت على “تأكيد”.

 

【اختفاء عن الأنظار C (ترقية!)】

 

تأثير: مراوغة. يختفي المستخدم عن مجال رؤية العدو القريب لثانية واحدة. بعد استخدام المهارة، تزداد سرعة الهجوم الأول بنسبة 20%. (وقت إعادة الاستخدام: 15 ثانية)

 

مع إشعار نجاح الدمج، ارتقت المهارة إلى رتبة أعلى.

 

فأصبح زمن الاختفاء أطول (من نصف ثانية إلى ثانية كاملة)، بل وأضيف تأثير جديد يرفع سرعة أول هجوم.

 

‘لحظة… هذا ممتاز!’

 

أصلاً مهارة “اختفاء عن الأنظار” كانت قد أثبتت قيمتها في امتحان القبول، وها هي الآن صارت أقوى مع تأثير إضافي! لا شك أنها ستغدو ورقة رابحة في المستقبل.

 

‘وبما أنها من رتبة C، فالاستهلاك السحري ليس مقلقًا.’

 

من خلال تجربة صيد الوحوش الأخيرة، أدركت أن استهلاك المانا في المهارات من رتبة C فما دون ما زال في حدود احتمالي.

 

لكن ما بال هذه الزيادة في سرعة الهجوم 20%؟ إلى أي مدى ستؤثر؟ حاليًا مستوى رشاقي هو D-.

 

‘ربما لن أشعر بفارق كبير على الفور…’ 

 

“لا بأس، سأجربها قريبًا.”

 

وإذا كانت النتيجة أفضل من المتوقع، فقد أستثمر نقاطي الجديدة في الرشاقة. صحيح أنني أنوي الاحتفاظ بنقاط الإحصاء مؤقتًا، لكن وجود خيار إضافي دائمًا مطمئن.

 

“هااام…”

 

بمجرد أن زال التوتر، اجتاحتني رغبة شديدة في النوم. كانت عيناي تحرقانني بعد كل هذا التركيز على نوافذ النظام. أغلقت النافذة وقررت الاكتفاء بما رأيته.

 

‘هذا النظام… لديه ذرة ضمير على ما يبدو.’

 

كنت أظنه بلا رحمة منذ أول يوم، لكنه أحيانًا يجازي.

 

وهكذا، غفوت لأول مرة وأنا أُثني على النظام.

 

***

“ارفعوا السرعة أكثر! هل ستبقون هكذا حتى لو هاجمتكم الوحوش من الخلف؟!”

 

تبا…!

 

كدت أنسى أن أول حصة اليوم هي “التدريب الأساسي 1”.

 

كيف لهذا النظام أن يعطيني سببًا للشتم بعد أن مدحته؟!

 

‘اللعنة عليك يا هايدن…’

 

وكعادته، تهرب هايدن.

 

أما أنا، فقد نسيت الحصة بدوري فلم أتمكن من جره معي.

 

“آااه—!”

 

تحت صرخات المدرب ذي القبعة الحمراء، واصلنا الركض بجنون.

 

ومع ذلك، بفضل ارتفاع مستواي، لم يكن الوضع سيئًا مثل المرة السابقة. 

 

شعرت فقط برغبة في الاستسلام والصراخ “ارحمونا”، لا أكثر.

 

“بعض المتدربين تأقلموا بعد أسبوع واحد فقط! هذا إنجاز يثلج صدر هذا المدرب!”

 

‘لا يا عزيزي… المسألة أن مستواي ارتفع لا غير.’

 

حتى وأنا شبه غائبة عن الوعي في نهاية الحصة، وصلني صوته بوضوح، وأثار سخطي أكثر.

 

“أووخ…”

 

وبعد أن انتهى تدريب “الأساسي 1″، كنا كجثث متحركة نتأوه من آلام العضلات ونسير في الممر. وما زالت أمامنا حصة أخرى.

 

‘على أي حال…’ 

 

التفتُ إلى جانبي، حيث كان ثيودور يسير مترنحًا. كان واضحًا أنه يعاني، كما في المرة الماضية. لكن هذه المرة كان هناك اختلاف.

 

‘كيف صمد؟’

 

ثيودور لم يتخلف عن الركب!

 

كان يقاوم الغثيان بصعوبة، لكنه أصر على الاستمرار حتى النهاية.

 

“هع… أُغ…!”

 

“المتدرب ثيودور، هل أنت بخير؟”

 

حتى حين سأله المدرب، لم يرد. لم يكن قادرًا أصلًا. كان قد تجاوز حدوده بالقوة.

 

حين تذكرتُ تلك الصورة، نطقت بصوت خافت:

 

“هل أنت بخير، ثيودور؟”

 

“نعم.”

 

ابتسم ثيودور ابتسامة باهتة، كما اعتاد دومًا.

 

كان حوارًا متكررًا بعد نهاية حصة “التدريب الأساسي 1″، لكن شعرت أنني يجب ألا أسترسل أكثر. فسكت.

 

ومضت الحصة دون أن أحصل على شيء جديد.

 

***

 

الحصة التالية كانت “نظريات القيادة الاستراتيجية”، مزيجًا من الجانب النظري والعملي.

 

“اليوم سيكون هناك تدريب عملي مشترك بين الصف E والصف F.”

 

فجأة، صار عندنا حصة مشتركة.

 

“ماذا؟”

 

“بهذا الشكل المفاجئ؟”

 

“ولِمَ لم يُخبرونا إلا اليوم؟”

 

نحن طلاب الصف F أصابنا الارتباك، يبدو أن أحدًا لم يعلم مسبقًا.

 

أما الصف E، فكانوا يتصرفون وكأن الأمر متوقع. على العكس، بدوا واثقين ومتيقنين.

 

‘ما بال هذه الأكاديمية تتصرف بهذا الارتجال؟’

 

ثم تذكرت: أستاذ هذه المادة هو أيضًا الأستاذ المسؤول عن الصف E. طبعًا… +ن الطبيعي أن يخبر تلاميذه ويتركنا جاهلين.

 

تنهّدت وقبلت الواقع، وبدأت أتفحص وجوه طلاب الصف E. لم أتوقع أن أعرف أحدًا منهم.

 

‘انتظر لحظة…’

 

بين الوجوه الغريبة، رأيت وجهًا مألوفًا.

 

تلك التي التقيتها في امتحان القبول.

 

‘ذات الشعر البرتقالي؟’

 

نعم… تلك التي اغتابتني من الخلف، وكانت تشبه شخصيتي القديمة إلى حد ما. 

 

᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽