لوسي سانت.
الابنة الكبرى لعائلة سانت العريقة.
جمالها من النوع الذي لا يُنسى بمجرد النظر إليه.
“آه…”
وسط الزحام، تعرّفَت عليها إلينور فورًا وهي تراها في حيرة.
فهي كانت على دراية كاملة بأنساب العائلات النبيلة، وفوق ذلك، كانت قد سمعت عن صورة لوسي سانت التي شكّك الكثيرون في حقيقتها لما تحمله من جمال مبالغ فيه.
“هل أنتِ بخير؟”
ولكن هذا كل شيء.
حين مدت لها يد العون، لم تفكر إلينور بأكثر من ذلك.
لكن—
“انتظري…!”
قبل أن تمسكها لوسي بكلتا يديها.
ثم تنادي إلينور بصوت مفعم بالحزم والجدية، كمن اتخذ قرارًا حاسمًا.
“سأتغلب عليكِ… وسأكون الأولى على الدفعة!”
هكذا أعلنت طموحها.
ساد الصمت حولهما للحظة، قبل أن يتعالى همس الحاضرين.
لكن إلينور لم تسمع شيئًا من ذلك الصخب.
كل ما وصل إلى أذنيها كان صوت تلك الفتاة فقط.
“أنا لوسي سانت! تذكري هذا جيدًا.”
الفتاة التي تريد أن تصبح الأولى: لوسي سانت.
في تلك اللحظة، تغيّر انطباع إلينور عنها.
بعد ذلك، لم تكن هناك لقاءات كثيرة بينهما.
فقد كانتا من فصلين مختلفين، ولم تكن هناك لقاءات تُذكر.
ومع ذلك، وجدت إلينور نفسها تتعرف أكثر على لوسي سانت، دون أن تسعى لذلك.
“هل سمعتِ؟ طالبة جديدة من الصف F قتلت وحشًا من الدرجة الثالثة بضربة واحدة في أول يوم دراسي !”
“إنها مشهورة منذ امتحان القبول! لقد جعلت منافسها يغمى عليه ويستسلم!”
منذ يوم الاحتفال بالدخول، كانت لوسي سانت محور كل الأحاديث.
لم يكن على إلينور أن تبحث عن أخبارها؛ فقد كانت تتدفق إليها من كل اتجاه.
ثم، في أحد الأيام، جاءت لوسي سانت بنفسها لتطلب لقاءها.
‘لماذا؟’
لسبب ما، شعرت إلينور بألفة غريبة تجاهها.
ربما لكثرة ما سمعته عنها؟
ففي العادة لم تكن لتمنح وقتها بسهولة، لكنها لم تستطع أن ترفض كلمات لوسي.
“أريد أن أدخل إلى تلكَ الغابة…”
“هذا مستحيل.”
بالطبع، فالحديث كان عن غابة كراغ!
اعتقدت إلينور أنها مجرد متهورة لا تعرف خطورة المكان.
“أنت تذكرينني بنفسي… حينها.”
حتى أنها شاركتها بعضًا من ماضيها المخجل محاولةً إقناعها بالعدول عن الفكرة. فقد أحست، لسبب ما، أنها مضطرة لإقناع لوسي.
“أتفهم قصدك، يا إلينور.”
“إذن—”
“لكنني ما زلت مضطرة للذهاب.”
عينا لوسي الخضراء اللامعة كانت تفيض بالعزم.
“أرجوكِ، إلينور.”
إرادة راسخة لا يمكن كسرها.
لم تجد إلينور بدًا من السماح لها، بشرط أن ترافقها بنفسها.
فإن تركتها، كانت لتذهب بمفردها فعلًا، وذلك خطر شديد.
‘ماذا لو ماتت هناك بلا حظ؟’
“قالت أنني صديقتها…”
بينما كانت إلينور ترسل خبرًا إلى قائد الحرس في الغابة، آرثر، أخذت تفكر.
‘لكن… لماذا؟’
هل مجرد كلمة “صديقة” تستحق كل هذا الاضطراب؟
صحيح أنها شعرت بانجذاب إنساني تجاه لوسي، لكن هذه المرة كان الأمر مبالغًا فيه.
مجرد لقائين، ومع ذلك تشعر أنها أقرب مما ينبغي.
‘يجب أن أكون حذرة.’
شدّت إلينور نفسها، محاولة ألا تنجر وراء تلك المشاعر التي تجعلها لينة أمام لوسي سانت.
في صباح اليوم التالي، انطلقوا فورًا.
لكن حين وصلت إلينور إلى المكان، لم تجد لوسي وحدها.
“تذكرين ما قلته البارحة؟ موعدنا الخاص.”
“آسف لتطفلي… لكنني قلقت عليكِ.”
كان هناك شخصان دخيلان.
وأكثرهما استفزازًا كان ذاك الذي يُدعى هايدن.
ابتداءً من وضع يده على كتف لوسي الرقيق دون إذن، وصولًا إلى كلامه الفارغ عنها.
أما الآخر الهادئ فلم يُثر حنقها كثيرًا، لكنها كانت تود أن تُسقط هايدن أرضًا وتتركه خلفها.
ومع ذلك، قبلت وجوده لأن لوسي أكدت أنها بحاجة إليه.
“آه… يبدو أننا نقلنا لمسافة طويلة دفعة واحدة، لوسي…”
“قلتُ لك إن أي ملامسة غير ضرورية ممنوعة.”
حتى أثناء الإنتقال عن بعد، لم يتوقف عن محاولاته المزعجة، فاضطرت إلينور لردعه مرارًا.
وما لبث أن ظهر المنظر المألوف أمامها.
“لقد وصلنا تقريبًا.”
كانت تلك غابة كراغ.
اقترب آرثر، قائد الحرس، سريعًا حين لمح إلينور، لكن قلقه اشتد حين رأى لوسي والدخيلين معها.
كان رجلًا كثير القلق أساسا، فطمأنته إلينور بأنها ستتحمل المسؤولية.
‘يمكنني العناية بشخصين…’
أما المستثنى فهو هايدن بطبيعة الحال.
فإتقانه لسحر النقل المكاني المتقدم يثبت أنه ليس مجرد هاوٍ، بل يملك قوة لا بأس بها.
‘إنه قادر على حماية نفسه على أقل تقدير.’
*أشم ريحة كوبل ثانوي*
وما أن توغلوا قليلًا داخل الغابة، حتى واجهوا أول وحوشها.
ثلاثة غوبلن، يلوحون أمامهم.
توقفت إلينور لحظة تفكر.
‘هل ستتمكن لوسي من التعامل معهم بسرعة؟’
كان من المزعج لو تدفقت مجموعة من الغوبلن دفعة واحدة. فالتعامل معهم لم يكن مستعصيا، لكن كان هناك أصدقاء يجب أن تتحمّل مسؤوليتهم.
قالت لها:
“أرجوك، فقط عندما يصبح الوضع خطيرًا حقًا يا إلينور.”
إلينور قررت أن تثق بــ لوسي سانت لمرة واحدة فقط. وكما قالت، إذا أصبح الوضع خطرًا فهي قادرة على التدخل.
“كيااا!”
ثلاثة غوبلن أصابهم الجنون عندما لمحوا القوس المتوهج بضياء لطيف بين يدي لوسي، فانقضوا عليها. بينما أمسكت لوسي سانت الوتر بهدوء وسحبته.
طنغ—
مع صوت رنان، اخترق وابل من الأسهم البيضاء الناصعة الهواء العكر. وفي الوقت نفسه اندفعت بسرعة نحو أحد الغوبلن.
‘ماذا…؟’
لماذا تخوض قتالًا قريب المدى؟
تركت إطلاق الأسهم، وأخذت تلوّح بالقوس وكأنه سلاح يدوي.
إنها قَنّاصة.
وظيفة القنّاص معروفة بأنها تعتمد على الهجمات بعيدة المدى باستخدام القوس لقتل الوحوش.
لكنها الآن…
“كخخ…!”
ضربة!
طَق!
كانت “تضرب” الغوبلن حتى الموت.
‘ما الذي يحدث هنا….’
شعرت إلينور أن كل ما تعرفه من أساسيات يتفتت أمام عينيها.
كان أسلوب قتال لم تره في حياتها.
وبعد أن انتهت المعركة ونظرت لوسي سانت نحوها، لم تعرف إلينور أي وجه يجب أن تظهر. ما تبقى من عقلها بالكاد أمرها بالانتقال إلى مكان آخر فورًا.
“سيأتي المزيد من هذه المخلوقات قريبًا.”
لكن لوسي سانت لم تتبعها.
بل على العكس، ابتسمت ببراءة ودماء الغوبلن تلطخ خدها، ثم أخرجت قوسها من جديد.
‘لا يمكن…؟’
كان صوت عواء الغوبلن يقترب أكثر فأكثر.
لقد كان إعلان بداية الصيد الحقيقي.
“نعم… هذا هو المطلوب!”
وابل من الأسهم البيضاء يتساقط كالمطر.
خصلات شعرها الذهبي الفاخر تتطاير مع حركاتها.
ومع كل مرة تتحرك، تتحطم الوحوش مثل أوراق جافة.
كان مشهدًا جميلاً ومروعًا في آن واحد.
‘هل حدوث شيء كهذا واقعي أساسا؟’
حتى المحاربون أو الفرسان المحترفون لم يكونوا ليظهروا معركة أقرب إلى المذبحة مثل هذه.
ولذلك لم تكن بحاجة لأي مساعدة. فقد جذبت وحدها انتباه جميع الغوبلن، فيما لم يكن على رفاقها الثلاثة سوى التخلص من القلة التي شقت طريقها إليهم.
إلينور قطعت رأس أحد الغوبلن الذي هجم عليها بلا وعي، وظلت تراقب لوسي سانت بهدوء.
كانت الآن تتحرك بشكل أكثر براعة من بدايتها، خطواتها صارت مألوفة لجسدها، وحكمها في المعركة صار أسرع فأسرع.
عندها فكرت إلينور:
‘أنتِ حقًا… كنتِ تحتاجين فقط إلى الخبرة.’
عندها ندمت قليلًا لأنها كانت تظن أن اندفاعها مجرد حماقة مراهقة.
[نظام اللعبة:]
لقد قضيت على الغوبلن!
لقد قضيت على ثعلب الأنياب السامة!
مستواك قد ارتفع!
“رائع! ارتفع شريط الخبرة!”
بعد أن أنهيت آخر ضربة بسهم مغروز، قبضت على يدي بقوة وحدي، مفعمة بالحماس. خلال قتال الغوبلن بدأت أكتسب الإحساس بالمعركة، وبعدها جررت إلينور لنتخلص من المزيد من الوحوش.
وفي غضون ساعات قليلة فقط، تمكنت من بلوغ المستوى 8!
‘هل سبق لي أن حصلت على هذه المتعة وأنا متجسدة ؟’
كنت على وشك البكاء من شدة التأثر.
لقد قررت طي صفحة الماضي، حيث كنت ألعن النظام طوال الأيام الماضية، وكأنني الآن قد وُلدت من جديد.
“هاه… هاه…”
بالطبع كان الأمر مرهقًا.
المذهل أن جسد لوسي صمد حتى الآن بفضل مستوى قوتها. فكل مرة يرتفع مستواي، تتجدد طاقتي وسحري بالكامل!
التفت للخلف وأنا أتنفس بعمق.
إلينور وثيودور كانا ينظران إلي كما لو أنهما شاهدا مخلوقًا فضائيًا.
أما هايدن فقد بدا طبيعيًا كعادته.
“واو… أظن أنني سأقع في حبك فعلًا، يا عزيزتي.”
“ألم ننفصل من قبل؟”
“حسنًا، فليكن حبًا من طرف واحد إذن.”
صرت أتجاهل هذيانه شيئًا فشيئًا.
مسحت وجهي بكمّي، وقد التصق دمي ودماء الوحوش على كل جسدي بسبب القتال القريب.
‘لكن كان هذا هو الخيار الأفضل.’
فنسبة إصابتي من بعيد كانت 1% فقط.
لو اعتمدت على السهام لاحتجت عشرات المحاولات لأصيب وحشًا واحدًا، وربما ينهال علي بالضرب في المقابل.
لذلك قررت أن أجرب القتال القريب، خاصة وأنه أنقذني من قبل في اختبار المدرّس المفاجئ.
‘لكن لم أتوقع أن ينجح بهذا الشكل!’
كنت أكاد أطير من الفرح كلما ظهر إشعار “ارتفاع المستوى”.
ثم فجأة تساءلت: لماذا آخذ الأمر بجدية إلى هذا الحد، مع أن حياتي كلها على المحك وكأنها لعبة؟
أصابتني لحظة فراغ وجودي قصيرة.
“بالمناسبة، ألا يجب أن نعود الآن؟”
هايدن ربت برفق على ظهر إلينور وقالها. فأفاقت من شرودها وأومأت موافقة.
‘ياللخيبة.’
لكن، وبغض النظر عن شعوري، فقد بدأت الشمس تميل نحو الغروب.
كان لا بد من العودة إلى الأكاديمية.
وبينما بدوت مترددة، أضافت إلينور:
“كما أننا بحاجة لرسم دائرة السحر من جديد عند الخروج.”
عندها ظهر أثر الانزعاج على وجه هايدن.
‘ربما نسي أننا في رحلة ليوم واحد فقط.’
هايدن، تشجّع!
أرسلت له رسالة دعم صغيرة… في قلبي فقط.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
باقي الفصول لغاية الفصل 40 موجودين على قناتي بتلغرام، الرابط بتعليقات الرواية
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 20"