“أن نذهب معًا؟”
حدّقتُ في إلينور بذهولٍ طفيف، فملامحها كانت جادة للغاية.
“أنا أعرف غابة كراغ أكثر من أي شخص آخر. أن يسير مبتدئون وحدهم هناك… أمر خطير.”
“بالنسبة لي لا بأس… لكن، هل ستكونين بخير؟”
“أنا من سمحت لك بالذهاب، لذا المسؤولية تقع على عاتقي.”
آه، تجسيد حقيقي لمبدأ النبل يلزم أصحابه.
لم يأتِ لقبها “المحاربة ذات الدم الأزرق” من فراغ. فهي، من بين رفاق البطل، كانت الأشد نبلاً.
“شكرًا لكِ يا إلينور.”
“فـ… كما قلت، نحن… أصدقاء.”
قالت ذلك بوجه جامد، لكن طرف أذنها كان قد احمرّ. جعلني هذا أشعر بالحرج من غير سبب.
كنت قد قصدت بكلمة “أصدقاء” مجرد زمالة في الأكاديمية، لا أكثر…
‘يبدو أن تأثير أداة من الدرجة C فعّال فعلًا…’
أن تعتبر من هددها صديقًا… لا يحدث إلا بسبب هذه الأداة .
لو كان الأمر لعبة مواعدة، لاعتُبر هذا كسبًا لنقاط المودة عند إلينور للتو.
‘أعدك أنني سأرد لكِ هذا الدين يومًا ما، ثقي بي!’
على كل حال، اتفقنا أن نذهب إلى غابة كراغ غدًا فجرًا. كان عليّ أن أستعد، فهناك أيضًا شخص آخر يجب أن ألتقي به.
“أوووف…”
ما أن دخلت سكنَ الطلاب حتى ارتميتُ أرضًا. أشعر أنني دائمًا ما أعود بهذه الحالة.
‘هل أرهقت نفسي كثيرًا منذ الصباح؟’
قبل أن أجد نفسي في هذا العالم، كنت نادرًا ما أغادر البيت إلا عند الذهاب للمدرسة. أما هنا… فقد صرت أعيش حياة مزدحمة لا تشبهني.
اليوم وحده أنجزت “استهداف” شخصين، ثم ذهبت إلى المكتبة و إلى قاعة التدريب الخاصة. كان عليّ التحقق من أمر ما.
‘ وكان أفضل مما توقعت.’
مهارة إطلاق النيران الكابِتة.
مهارة لا تؤَثرُ كثيرًا على نسبة الإصابة، لذا فاقت توقعاتي. وفوق ذلك، هي من الدرجة C، فلا تستهلك الكثير من المانا مثل مهارة “القناص” من الدرجة S. ربما ساعدني أيضًا أن مستوى مانا جسدي قد ارتفع.
“عيبها الوحيد أنني لم أختبرها ضد وحوش حقيقية.”
كما قالت معلمتي، التدرب على وحوش مستدعاة ممكن، لكن قاعات التدريب المزودة بدوائر الوهم يجب حجزها مسبقًا. ليتني سجّلت طلبي مبكرًا.
تنهدت بضيق وفتحت نافذة المهام:
[المهمة الفرعية]
اقتل وحشًا واحدًا بنفسك! (من الدرجة الرابعة أو أعلى)
المكافأة: تفعيل نظام المستويات
الفشل: فناء العالم
‘ليست مهمة طارئة بل مهمة فرعية إذن…’
على الأرجح أنها مهمة أُعدت لتكون خطوة نحو المهمة الرئيسية. ولهذا تشترك معها في عقوبة الفشل نفسها.
لكن السبب الحقيقي الذي جعلني أفتح النافذة لم يكن ذلك.
“نظام المستويات…”
في القصة الأصلية، لم يتفعّل هذا النظام إلا حين بلغت جميع إحصاءات البطل درجة A فما فوق.
‘إنه ما يسمونه: التفتّح.’
فالمستيقظ، مهما اجتهد، يبقى محدودًا بقدراته الفطرية. بالكاد يستطيع رفع إحصاءاته درجة أو اثنتين فوق ما وُلد به.
لكن دائمًا ما كان هناك استثناءات… أشخاص وُهبوا الموهبة المطلقة.
أولئك، الذين حين بلغت جميع إحصاءاتهم المستوى A أو أكثر، خاضوا ما يسمى بالتفتّح.
‘ومنذ تلك اللحظة، يستطيعون إظهار قوة تتجاوز إحصاءاتهم الأصلية.’
حتى إن تساوت القيم، فالفرق بين من خاض التفتّح ومن لم يخضه كان كالفرق بين السماء والأرض. وفي الرواية، لم يُذكر سوى قلة نادرة—منهم البطل نفسه—الذين قد بلغوا تلك المرحلة.
أما “نظام المستويات” فلم يكن سوى الطريقة التي يُظهر بها “لوحة الحالة” هذا التفتّح.
ببساطة: كلما ارتفع المستوى، زادت القوة.
“لكن، لماذا يريد النظام أن يُفعِّله لي بهذه السرعة؟”
أنا لم أتمكن من رفع جميع إحصاءاتي من الدرجة D بعد!
فتحت المكافأة بحذر، لكن لم يظهر شيء جديد. بطبيعة الحال، لا يمكن أن يوضح النظام كل شيء بهذه البساطة.
الواضح أن النظام لا يحاول العبث معي فقط، بل يريد دفعي بالقوة إلى أن أصبح أقوى.
المفارقة أنه يهدد بـ”فناء العالم” إن فشلت، لكنه في الحقيقة يبدو مصممًا ليمنع فناء العالم.
“لكن هل يُعقل أن يعطي مهمة جنونية كهذه، بينما هدفه حماية العالم؟”
هاه… ظننت أنني استعَدت هدوئي، لكن يبدو أن الصدمة ما زالت تثقل قلبي. اللعنة على ذلك العد التنازلي…
كلما فكرت فيه، غلَت الدماء في عروقي أكثر. فانتقلت إلى أمر آخر لتهدئة نفسي: الكتاب الذي استعرتُه من المكتبة.
«أبسط موسوعة للوحوش في هذا العالم»
نعم، اخترته فقط لأنه “الأبسط”.
أعرف معظم الوحوش الشهيرة، لكن بالنسبة لتلك التي لم تظهر في القصة الأصلية، فالمعلومات عنها غامضة، وربما ملأها النظام ببيانات من عنده.
وكما حذرتني إلينور، لا مجال للاستهانة بالوحوش، حتى من الدرجة الرابعة. صحيح أن جسدي بعد الاستيقاظ صار يتحرك بمرونة فطرية، لكنني ما زلت مبتدئة لم توَاجه وحشًا حقيقيًا من قبل.
والمهمة تنصّ بوضوح على: “اقتله وحدك”. أي أنني لا أستطيع الاتكال على مساعدة إلينور.
‘إذن يكفيني الآن أن أقرأ عن الوحوش من الدرجة الرابعة.’
فتحت الكتاب بحماسة.
ولم يمض وقت طويل حتى أدركت أن وحوش الدرجة الرابعة… أكثر عددًا وتعقيدًا مما تخيلت.
***
كنت أقف قرب البوابة الخلفية، وعيناي نصف مغمضتين.
فقد نمتُ في النهاية ثلاث ساعات فقط، بعدما سهرتُ البارحة أتصفح «أبسط موسوعة للوحوش في هذا العالم».
‘سهل… و غزير جداً…’.
حاولتُ عبثاً أن أسترجع نصف ما قرأت عن وحوش الرتبة الرابعة، ثم سرعان ما تخلّيت عن الأمر.
الأفضل أن أضع ثقتي في الأولى على الدفعة، إلينور.
وبينما كنتُ أنتظرها، أحسستُ بحركة قريبة. هل هي إلينور؟ التفتّ وأنا شبه نائمه، لكن سرعان ما فتحتُ عيني على اتساعهما.
“ثيودور؟”
لم تكن إلينور هي من ظهرت، بل كان ثيودور.
“لوسي، ألا ترينني أنا أيضاً؟”
آه، وكان هايدن معه كذلك.
… لكن ليس هذا ما يهم الآن!
“لماذا أتيتما معاً؟”
مع العلم أنني لم أستدعِ إلا هايدن وحده.
“إنه سوء فهم يا لوسي. لم نأتِ معاً، هو فقط لحق بي من تلقاء نفسه.”
“ثيودور فعل هذا؟”
نظرتُ إليه بلا شعور، فحوّل بصره بعيداً وهمس بخجل:
“آسف… وجدت نفسي أتنصَّت صدفة…”
“ماذا سمعت؟”
“ذاك الحديث الذي دار بيننا البارحة. عن… موعدنا الخاص.”
الإجابة جاءت من هايدن، لا منه.
فقد مدّ ذراعه على كتفي بعفوية وأغمز بعينه:
‘يا له من إنسان ثابت الطبع على كل حال…’.
‘إذن فقد سمع أننا ذاهبون إلى غابة كراغ…’
كنت قد أشركتُ هايدن في الخطة بسبب بُعد المسافة، إذ يملك مهارة “الانتقال الفوري”.
مع بعض فترات الاستراحة، سنتمكنُ من بلوغ الغابة في أقل من ساعة.
أتذكّر ما قاله وهو يفاوضني:
‘ إن ساعدتكِ، فعلى ماذا سأحصل منكِ؟’
‘وماذا تريد؟’
‘همم…’
ثم ابتسم ابتسامة ماكرة وقال:
‘بطاقة موعد مع لوسي؟’
كان شرطاً سخيفاً، لكنه ليس صعب التنفيذ، فوافقتُ بسهولة.
على أي حال، هكذا ضممتُ هايدن أيضاً، والآن تبيّن أن ثيودور قد التقط الخبر صدفة.
قال ثيودور بصوت مملوء قلقاً:
“أعلم أنني اقتحمتُ الأمر من تلقاء نفسي، لكنني قلق عليكِ…”
هل اقتربتُ منه أكثر مما ينبغي؟
ها هو بطل القصة رقيق القلب، يريد أن يتبعني حتى إلى منطقة تكثر فيها الوحوش. ماذا أفعل الآن؟
وبينما أنا مترددة، وصل الصوت المنتظر من خلفنا:
“لننطلق أولاً.”
كانت إلينور، محور خطة اليوم.
اقتربت، وأزاحت بيدها ذراع هايدن عن كتفي قبل أن تكمل ببرود:
“على أي حال، لن ندخل اليوم إلا إلى مدخل الغابة. وذلك في حدود قدرتي على السيطرة.”
“أحقاً؟”
“على الأقل، كل واحد منكم قادر على حماية نفسه. خاصة ذاك الرجل.”
نظرة ذهبية حادة صوبت نحو هايدن مباشرة، لكنه لم يأبه، واكتفى بهز كتفيه بابتسامة.
‘أليس هذا المشهد ظهر في أواخرِ الرواية؟’
كان من المفترض ألا يجتمع هذا الثلاثي إلا في السنة الثانية.
هايدن الماكر، وإلينور المتحفّزة ضده، وثيودور الحائر بينهما.
‘لكن… لا أنكر أن الأمر ممتع فعلاً.’
كنت أحب هذا النوع من الكيمياء بين الشخصيات.
“خلال صيد الوحوش اليوم، أي تلامس جسدي غير ضروري ممنوع.”
“وماذا عن التلامس الضروري؟ مثلاً إن كانت لوسي في خطر-“
“لن يحصل ذلك. لقد تعهّدتُ أنا بحماية لوسي.”
“أو ربما، إن فزعت لوسي وارتمت في أحضاني-“
“هذا افتراض لا يستحق النقاش.”
‘قرقعة… قرقعة…’
تخيلتُ نفسي أمضغ فشاراً وأنا أتابع سجالهما الممتع. حتى ثيودور بدا مستمتعاً بالمشهد.
وفي النهاية، لم نتحرك فعلياً إلا بعد مضي عشرات الدقائق.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 18"