“سأمسكه.”
كنت أرتدي الزي المدرسي بشكل مرتب وأنا أنظر إلى نافذة المهمات وأتخذ قراري. الهدف من كلمة “أمسكه” لم يكن سوى هايدن طبعًا.
كنت قد عقدت العزم على أن أنجز هذه المهمة بهدوء هذه المرة، لكن بعد أن عايشتُ ذلك الدرس بالأمس، تغيّرت أفكاري قليلًا.
لا يمكن أن أكون الوحيدة التي تحضر درسًا ثمينًا كهذا.
لقد أردت أن أجعل هايدن يذوق بنفسه طعم “التدريب الأساسي 1”.
وللعلم، هذا الدرس موجود أيضًا اليوم.
“آه، اللعنة على هذا الألم العضلي!”
حرّكت كتفيَّ المتصلبين بحذر. فمنذ أن استيقظت ككائن “متفوق” (مستيقظ)، هذه أول مرة أعاني من آلام عضلية بهذا الشكل.
مستيقظ ويصاب بألم عضلي!؟
لكن الكمية التي تدربناها بالأمس كانت كافية لتفسير ذلك.
لقد ركضنا 100 دورة في ساحة التدريب، وأدينا 1000 تمرين ضغط، و1000 تمرين بطن، و1300 تمرين قفز.
آه… ولماذا 1300 قفزة بالضبط؟
لأن الأستاذ ذو القبعة الحمراء قال:
“النداء الأخير لن يُنفّذ! مفهوم؟”
لكن كما هو الحال دائمًا، لا بد أن هناك أحمق يهتف في النهاية.
“ألا تملكون عقلًا أيها المجانين!؟”
ومع كل هتاف “أخير”، كان عدد القفزات يزداد 100 مرة إضافية.
وهكذا، لم نفق من تلك الحلقة المفرغة إلا بعد 1300 قفزة كاملة.
“هل سيكون ثيودور بخير…؟”
تذكرت صورة ثيودور وهو يجر نفسه زحفًا إلى السكن الجامعي أمس، وارتعاش ذراعيه النحيلتين وساقيه.
في الحقيقة، أضعف فرد في صفنا “الفئة F” كان بلا منازع ثيودور ويذر.
وكما نعلم جميعًا، بطل الرواية في أي قصة فانتازية لا بد أن يمتلك قدرات بائسة حتى يحين موعد لقائه بــ”الفرصة الكبرى”. عندها فقط يشعر القراء بمتعة تحوّله.
لكن بعدما عشتُ هذا التدريب الجحيمي، شعرتُ بالشفقة نحوه.
أيعقل أنك عانيتَ هذا كله، ومع ذلك لم يرتفع مستوى قدراتك قيد أنملة طيلة نصف عام…؟
منذ أن استيقظ ثيودور، لم تتحسن قدراته ولو لمرة واحدة. حتى ظهرت نافذة الحالة لاحقًا.
نعم، هذه مجرد “ضرورة درامية” لخلق قصة بطل يتعرض للاحتقار ثم يسطع نجمه… لكن وسط زملاء ينمون بسرعة بعد كل تدريب، يبقى هو وحيدًا بلا تقدم…
اصبر فصلًا دراسيًا واحدًا فقط، أيها البطل.
أرسلت له دعاءً صامتًا عبر التخاطر، ثم غادرت السكن مبكرًا قليلًا.
“عليَّ أن أمسكه قبل بدء الدرس…”
كانت خطتي أن أقبض عليه ثم أدخله معي مباشرة إلى التدريب.
وأنا شبه متأكد أنه ما زال بالقرب من الأكاديمية، فبمجرد أن سمع الشائعات البارحة ظهر أمامي فورًا.
• جهاز تتبع هايدن (نسخة تجريبية): يتيح لك معرفة موقع هايدن الحالي.
فتحت قائمة الأدوات، فظهر الشرح مع خيار التفعيل. ضغطت فورًا. وفجأة ظهرت خريطة زرقاء أمامي يتوهج عليها نقطة حمراء.
هل هذا… هايدن؟
كانت خريطة أكاديمية كرانقيير واضحة المعالم. ومن خلال النقطة الحمراء استطعت تخمين موقعه، وكان مكانًا مألوفًا بالنسبة لي… شارع كنت أرتاده مع ثيودور كثيرًا قبل دخول الأكاديمية.
“قال أنه لا يحب الأماكن المزدحمة…”
تمتمت وأنا أرى النقطة الحمراء ثابتة في مكانها بالشارع.
لكن كما يقولون:
امتحان الكتاب المفتوح لا يعني أن الأسئلة سهلة، بل يعني أن حتى مع الكتاب أمامك لن تستطيع الإجابة.
ألم يكن من المفترض ألا ينطبق هذا المنطق على المهمات أيضًا…؟
قبضت يدي بقوة وأنا أراقب النقطة الحمراء تتحرك من جديد.
استخدام جهاز التتبع لمعرفة مكانه بشكل عام كان مفيدًا، لكنني كنت أظن أنني سأقبض عليه فورًا. للأسف… هذا النظام اللعين حين يعطيك نسخة تجريبية، لا بد أن يضيف شرطًا يغيظك.
تحرّك بهدوء يا ابن الـ…!
قفزت النقطة فجأة إلى الجهة الأخرى من السوق. أسرعت بتغيير اتجاهي وركضت مجددًا.
“سأقبض عليك، أقسم على ذلك يا هايدن.”
رميت جملة درامية وكأنني محقق شرطة في مسلسل. ففي الدراما، كلما قال البطل عبارة كهذه… يظهر المجرم أمامه.
وبالفعل، حصل ذلك.
“هل تمنحينني شرف مرافقة آنستك الجميلة؟”
“يا إلهي!”
لقد كان هايدن أمامي، يقف مع امرأة شقراء.
ومن كلامهما، كان واضحًا أنه يمارس عادته المعتادة: مغازلة النساء الجميلات بكلام أجوف.
هززت رأسي بأسى، وتقدمت بخطوات سريعة وخافتة نحو الاثنين.
“سترافقني إذًا؟”
“نعم، وأقسم على جمالي أنني سأرافقكِ بأمان ومتعة أكثر من أي أحد آخر.”
“هوه… ما أظرفك!”
أقسم على جماله…!؟ ما الفائدة من ذلك؟
لكنه كان وسيما بما يكفي ليجعل المرأة تضحك بلا توقف.
صحيح، كلامه تافه، لكن وجهه مسلٍّ على الأقل.
“إذن…”
ابتسم هايدن ابتسامة رقيقة وهو يمد يده للمرأة الشقراء.
لكن قبل أن تضع يدها فوق يده بلحظة، أمسكتُ أنا بيده أولًا.
“عزيزي، انتظرتَ طويلًا، أليس كذلك؟”
تدخلت فجأة مثل دخيلة غير مرغوبة، فتجمدت عينا الاثنين عليّ بدهشة.
“لـ… لوسي؟”
تمتم هايدن بصوت مرتبك، وكأنه عاشق خائن ضُبط متلبسًا وهو يغازل إمرأة أخرى أمام حبيبته.
فأديتُ دوري بإتقان تام:
“وماذا كنتَ تفعل للتو، هايدن؟”
“أه؟ أ-أنا فقط…”
“لم تنسَ موعدنا المسبق، صحيح؟”
هاه… صدقًا، أبدو وكأني الفتاة الغيورة التي تمسك بخليلها العاشق للنساء!
ابتسمت ابتسامة واسعة لدرجة شدّ وجنتي، وأنا أحدّق به بعاطفة مصطنعة.
فتحوّل وجه المرأة الشقراء من ابتسامة رقيقة إلى عبوس مكفهر، وحدّقت بنا – بل به تحديدًا – بنظرات مشتعلة.
“أيّ نوع من الرجال هذا!؟”
صرخت بغضب ثم استدارت بعنف ورحلت بخطوات غاضبة.
أما هايدن، فبقي مترددًا بين النظر إليها وبيني، ثم استسلم ورفع كتفيه كمن لا حول له ولا قوة. وبعد لحظة قصيرة، مسح ذلك الحرج عن وجهه وعاد إلى ابتسامته المشرقة المعتادة.
“ها نحن نلتقي مجددًا، لوسي.”
يا لهذا الرجل… يستعيد هدوءه أسرع من أي أحد.
أخفيت إعجابي بتلك السرعة في داخلي، واكتفيت بهزة رأس باردة.
“هكذا يبدو.”
“وما الذي جاء بكِ إلى هنا؟”
“أمر شخصي. وأنت؟”
“أنا كذلك… ولكن…”
توقف قليلًا، ثم ضيّق عينيه وهو يبتسم ابتسامة ماكرة:
“ألن تناديني بحبيبك بعد الآن؟”
يا للمجنون!
قطّبت جبيني بحدة بلا إرادة، فانفجر هو ضاحكًا فجأة. تركته يضحك، متوقعة أنه سيتوقف سريعًا، لكن الضحكة امتدت حتى صارت شهقات متقطعة.
“ستتوقف أم لا؟”
“كخ… الأمر أنكِ مختلفة تمامًا عن انطباعي الأول، ففف…”
كان يحاول الحديث لكن الضحك يقطعه كل مرة. ومع ذلك فهمت مقصده.
صحيح… لقد تظاهرتُ في البداية بصورة مثالية. وما المشكلة؟
قررت أن أكون وقحة قليلًا:
“أنا متقلبة المزاج، هذا كل ما في الأمر.”
ضحك مرة أخرى، لكن هذه المرة تمالك نفسه أخيرًا. ثم تمتم بصوت لا يخلو من الدعابة:
“آه… حقًا لا يمكن التنبؤ بك. شخصية غريبة.”
*إنها مووووختلفهههه*
الشخصية الغريبة هي أنت، يا هذا.
قلت في داخلي ساخرة، ثم شددت قبضتي أكثر على يده التي لم أتركها منذ البداية.
ارتجف قليلًا، ثم رفع يدينا المتشابكتين ملوّحًا بها.
“وهذا… هل هو اعتراف حب؟”
“لا، بل أصفاد.”
لم أكن لأمسك بيده هكذا عبثًا.
فهايدن قد يحبّ النساء، لكنه ضعيف أمامهن، لا يجرؤ على دفع يد امرأة.
وهذه إحدى خصائص شخصيته.
وفوق ذلك… لوسي تملك قوة جسدية لا يستهان بها.
أيّ أصفاد أمتن من هذا إذن؟ ابتسمت برضا وأنا أنزل أيدينا المتشابكة مجددًا.
أما هو، فظن كلامي مزاحًا فضحك بمرح، وهذا جعل طريق العودة إلى الأكاديمية سلسًا جدًا.
تمام… سنصل في الوقت المناسب تمامًا.
وحين بدأت بوابة الأكاديمية تلوح في الأفق، بدا أن القلق دبّ في قلبه أخيرًا، فسألني بلهجة متوترة:
“لوسي… إلى أين نحن ذاهبون بالضبط؟”
“ألم أقل لك؟ لدينا موعد مسبق.”
موعدنا هو… التدريب الأساسي 1.
ابتسمت ابتسامة مفعمة بالرضا وأنا أتخيل ما ينتظره من عذاب.
فالجندي الحقيقي لا يُسمى جنديًا إلا إذا شارك رفاقه الآلام والمشقة معًا.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"