سرعة انتشار الشائعات في أكاديمية كرانڨيير كانت مذهلة بحق.
إلى درجة أنني كدت أشعر وكأني استيقظت من نومي لأجد نفسي قد أصبحت “نجمًا شهيرًا” بين ليلة وضحاها.
“يقولون أن لبنجامين الأستاذ طالبا مفضلا.”
في البداية، كانت الأحاديث تدور حول كلمة “المفضّل”.
“أأنتِ؟ أنتِ نجمة فصل الـ F المنتظرة؟”
حتى هذه العبارة التي تشبه مزاح “أأنتِ؟” كان بالإمكان تحمّلها.
أما ذلك الذي اقتحم باب الصف بعنف مفتعل وهو يسأل:
“من الزعيم هنا؟”
فقد كان الأمر مبالغًا فيه! كلمة “زعيم” بدت مبتذلة ومضحكة إلى حد لا يُطاق.
رغم ذلك، كان قائلها في منتهى الثقة والفخر، بينما لم يكن سواي من يعاني من الإحراج والضيق.
‘يا للجنون!’
كنت أتساءل: كيف قرأتُ في الماضي روايات تحوي مثل هذه العبارات دون أن أستشعر ثقلها؟ بل ربما وجدتُها ممتعة آنذاك…
لكنني لم أكن الوحيدة التي تُستهدف بمثل هذه المواقف، فقد توافد عليّ العديد من الطلبة، ومعظمهم من الصفوف العليا.
وبالطبع، أولئك جربوا دروس أستاذنا بنجامين من قبل، وذاقوا من تحيزه المفرط، لذا لا عجب أن يُثار فضولهم نحوي بعدما سمعوا أنه امتدحني بكلمة “رائعة”.
غير أنّ المشكلة أنّ الشائعة قد انتفخت أكثر مما يجب:
“الطالبة الجديدة من فصل F أطاحت بوحش من الدرجة الثالثة بمفردها، ومن أول يوم لها!”
“حتى أصحاب العيون السريعة بين المستيقظين لم يتمكنوا من مجاراة سرعتها!”
“الأستاذ بنجامين وقف يصفّق لها بحرارة بعد أن أنهت القتال!”
استمعتُ لتلك المبالغات، ولم أملك سوى أن أبتسم بمرارة.
منذ متى كانت السرعة بدرجة D- تعتبر أسرع من أن تُلحَق بالعين المجرّدة؟ ومتى وقف أستاذنا مصفقًا لي؟!
حاولت أن أوضح الحقيقة لكل من واجهني، لكن محاولاتي باءت بالفشل؛ إذ سرعان ما ظهرت شهادات جديدة تدعم الإشاعة وتزيدها توهجًا:
“أليست هي من تحدّت المتفوقة الأولى يوم الامتحان وأعلنت أنها ستسلبها مركزها؟”
“لقد اشتهرت منذ اختبار القبول! أوقعت خصمها في غيبوبة حتى اضطر لترك الامتحان!”
وهكذا أخذت سمعة لوسي سانت في الارتفاع… أو بالأحرى: سوء السمعة.
“لوسي.”
وبينما كنت أشيح وجهي متبرمة من شعري المتطاير، ظهر ثيودور.
كان يحمل في يده شطيرتين، وقدّم لي إحداهما مبتسمًا:
“لنأكل معًا.”
“آه…”
“ألم تقولي بنفسك إن الإنسان لا يقوى إلا بالغذاء؟”
أيعقل أنني قلتُ مثل تلك الجملة الكلاسيكية؟!
ارتبكت قليلًا، لكنني تناولت الشطيرة وجلست بجانبه، وهو بدوره جلس قربي بهدوء.
كنت أنوي تناول الغداء في قاعة الطعام، لكن منذ الصباح وحتى الحصة الأولى، كانت الأنظار كلها مركزة عليّ، فقررت الفرار إلى هذا الركن الهادئ في الحديقة الخلفية.
“همم… المكان هنا هادئ فعلًا.”
“صحيح؟”
“كيف عثرتَ على هذا المكان أصلًا؟”
سألته بفضول، إذ إن الرواية الأصلية لم تسهب في وصف تفاصيل جغرافية الأكاديمية.
ارتبك قليلًا ثم أجاب متلعثمًا:
“مجرد صدفة… لم أستطع الاكتفاء بالتدريب طوال الوقت، فبدأت أتجول، ووجدته.”
فهمت قصده: لقد كان يتنزه بين أرجاء الأكاديمية في فترات راحته، فعثر على هذا المكان.
اكتفيتُ بهزّ رأسي موافقة، ثم هممت بالعودة لتناول الشطيرة.
غير أن ثيودور ناداني فجأة:
“انتظري لحظة.”
ثم أشار بيده إلى وجنته.
‘ما هذا؟ دلع طفولي؟’
رمقته بفضول، ليقول وهو يضغط على خده بإصبعه:
“هنا… لقد علق فتات خبز على وجهك.”
آه، فهمت.
بادرت إلى مسح خدي بسرعة، لكنه هز رأسه نافيًا:
“ليس هناك… بل هنا.”
ثم مدّ يده ليزيل الفتات بنفسه، حتى كاد أن تلامس أصابعه وجهي…
لكن فجأة—
“مرحبًا!”
“آخ!”
صرختُ بفزع عندما ظهر شخص فجأة، فتراجعت إلى الخلف لا شعوريًا. حتى ثيودور ارتجف قليلًا من المفاجأة.
ومن بيننا، اندفع وجهٌ مألوف لي.
وكان صاحبه شخصًا أعرفه جيدًا.
“مرّ وقت طويل يا لوسي.”
إنه الساحر هايدن.
كان يلوّح بيده مبتسمًا ابتسامته المراوغة المعتادة.
‘ما هذا بحق…؟’
ارتبكتُ للحظة.
صحيح أنني كنت أعلم مسبقًا أن هايدن سينجح في دخول أكاديمية كرانڨيير. ففي امتحان الدعم القتالي لفت انتباه الممتحنين، فتم وضعه في الفصل F مثل ثيودور.
لكن المفترض أن أول لقاء بينه وبين ثيودور يحدث بعد بداية الفصل الدراسي الثاني. والسبب بسيط:
‘ألم يكن من المفروض أن تهمل الدراسة طيلة الفصل الأول وتتهرب من الحضور؟! فماذا تفعل هنا الآن؟’
“أ… هايدن.”
“هم؟”
“أأنت أيضًا تدرس في الأكاديمية؟”
ابتسم ابتسامته الكسولة وأجاب:
“إلى حدٍ ما.”
“لكنني لم أرك البارحة في حفل الافتتاح.”
“الأماكن المزدحمة كهذه تُشعرني… بعدم الراحة.”
كانت كلمة “عدم الراحة” تُترجم في ذهني تلقائيًا إلى “الكسل”!
لكن، سواء كان جادًا أم لا، تابع هايدن كلامه قائلًا:
“على كل حال، لقد وصلتني شائعة مثيرة للاهتمام بالفعل.”
“دعني أخمّن… بطلتها أنا، أليس كذلك؟”
“بالضبط. يقولون إن لوسي في يومها الأول–”
وقبل أن يكمل، سارعتُ إلى تغطية فمه بيدي. ثم حذرته بنبرة حازمة:
“أعرف تمامًا ما ستقوله، فلا تذكره.”
ضحك بخفة وأومأ موافقًا، لكن ابتسامته لم تبعث على الاطمئنان. ومع ذلك، تركته.
وفي تلك اللحظة، جاء صوت خافت من جانبي:
“ذلك هو…”
كان المتحدث ثيودور.
‘آه، صحيح. الاثنان لم يلتقيا بعد.’
كادت ذاكرتي أن تخونني، لكن في خط سير القصة الأصلي، هذا بالفعل أول لقاء بينهما.
فبادرتُ بالتعريف:
“هذا هايدن. وهذا ثيودور ويذر.”
وأضفتُ لكل منهما وظيفته المستيقظة كنوع من التوضيح. أما التفاصيل الأخرى التي لم يُذكر أنهما يعرفانها الآن، فقد تجاهلتها.
عندها، سأل ثيودور وهو ينظر مباشرة إلى هايدن:
“وكيف تعرّفتما على بعضكما؟”
كانت نظرته حادة أكثر مما ينبغي تجاه زميل مستقبلي، لكنني أعذره؛ ففي هذه المرحلة كان لا يزال شديد الحذر والانطواء.
فأسرعتُ لتخفيف الجو بتفسير عابر:
“مجرد صدفة. أثناء امتحان القبول، كان امتحان الدعم القتالي الخاص به في الغرفة المجاورة لي.”
ابتسم هايدن وأضاف بمزاجه المعتاد:
“ربما هو القدر.”
ثم مد يده ومسح شيئًا عن خدي.
‘ماذا؟! لا تقل لي أن فتات الخبز ما زال عالقًا؟’
ارتبكتُ قليلًا ومسحت خدي مرارًا بنفسي، رغم يقيني أن الفتات اختفى منذ زمن.
“لكن، لماذا–”
دنـغ!
رنّ الجرس في تلك اللحظة، معلنًا نهاية الاستراحة.
“علينا الذهاب إلى الحصة الآن.”
قالها ثيودور، متجاهلًا تمامًا ما كان على وشك قوله.
‘ماذا كنت ستقول؟’
شعرتُ بالفضول، لكنني لم ألحّ عليه. واكتفيتُ بالإيماء.
ثم التفتُ إلى هايدن لأدعوه للذهاب معنا… لكن:
“هاه؟”
لم يكن موجودًا.
بحثت بعينيّ، فرأيت في البعيد رأسًا بنيًا يلوّح لي.
“أراك لاحقًا يا لوسي!”
غمز بعينه بخفة، ثم اختفى في لحظة. تذكرت حينها أن من بين مهاراته المستيقظة مهارةً خاصة بالانتقال.
تنهدتُ ساخطًة على التزامه الغريب بدوره الأصلي.
لقد أقلقني ظهوره المبكر في الأكاديمية، لكن يبدو أنه ما يزال يسير في خط القصة الأصلي، حيث سيحصد إنذارًا أكاديميًا كامل الفصل الأول.
‘كما توقعت، لا يحتمل أي نوع من القيود.’
وكنت على وشك العودة إلى الصف مع ثيودور، حين فجأة—
‣ مهمة طارئة!
❑ احضر الدروس مع هايدن داخل الأكاديمية!
❑ مكافأة النجاح: جهاز تعقّب لمكان هايدن + تلميح عن المهمة القادمة.
❑ في حال الفشل: -10 نقاط من تقدير ثيودور لك.
‘أيعقل أن هذا النظام لا يملك أي ضمير؟!’
أيُعقل أن يظهر إشعار كهذا بعد أن رحل هايدن بالفعل؟!
“لوسي؟”
نظر إليّ ثيودور باستفهام.
‘أيها البطل، أيمكنك أنت أن تمسك بهايدن بدلًا مني؟’
لكنني ابتلعت رجائي سرًّا، ولم أُظهر سوى ابتسامة يائسة.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 13"