بنجامين نولان، أستاذ مادة “علم الوحوش” في أكاديمية كرانڨيير.
لقد كان يومًا ما صبيًّا مليئًا بالأحلام والآمال.
“سأقضي على كل الوحوش! لن أترك واحدًا منها.”
في سن الخامسة عشرة، حين استيقظت قواه بصفته ساحرًا، أقسم الفتى بنجامين بشجاعة.
ومع موهبة بارزة جعلته دائمًا في المراتب العليا داخل الأكاديمية، كان الجميع يثني على براعته. أما هو، فكان يؤمن بلا شك أنه سيصبح بطل هذا العصر.
لكن ذلك الإيمان تحطم تمامًا عندما واجه أول وحش حقيقي في حياته.
“آآآاه!”
“ما، ما هذا الجنون!”
“لماذا يوجد هنا…!”
كان ذلك خلال التدريب العملي الأول.
منطقة لا يُفترض أن يظهر فيها سوى وحوش من الدرجة الرابعة.
لكن هناك… رأى بنجامين تنينًا.
“الجميع، اهربوا!”
ما الذي يحدث بحق السماء…؟
عجز عن استيعاب الأمر. حتى صرخة المدرّب الذي أمرهم بالهرب لم تصل إلى أذنه.
وقف في مكانه كالأبله، مشلولًا.
“آآآاااه!”
التهم الوحش عنق “هارفي”.
“أنقذ…!”
سُحقت خاصرة “كاساندرا” تحت قدم التنين.
“ل-لاااا!”
احترق جسد “لويس” كله حتى لم يبقَ منه أثر.
“لِماذا…؟”
كانوا قبل لحظات فقط يضحكون معًا ويتبادلون المزاح.
كانوا متحمسين، واثقين أن اجتياز هذا التدريب يعني أنهم صاروا فرسانًا حقيقيين.
لكن أمام وحش واحد من الدرجة الأولى، ماتوا جميعًا.
“بنجامين!”
دُفع جسده فجأة بعيدًا، وكان ذلك بفضل المدرّب المسؤول عن التدريب، الناجي الوحيد غيره.
وفي اللحظة نفسها، خدش مخلب التنين جبينه. انساب الدم بجوار عينه.
لقد نجا… بالكاد.
“أسرع واطلب الدعم!” صاح المدرّب، رافعًا سيفه في وجه التنين.
كان واضحًا أنه لن يصمد حتى وصول الفرسان صائدي الوحوش.
فتنين من هذه المرتبة لا يمكن لواحد فقط أن يهزمه.
ومع ذلك، اختار أن يبقى. كان عليه أن يمنح الطالب الوحيد الباقي فرصة للهرب.
لم يستطع أن يتخلى عن واجبه كمعلّم، أو مسؤوليته كمحارب مستيقظ قبله.
“اذهب!”
كان بنجامين يعلم جيدًا… أنه لا يذهب لطلب المساعدة، بل للنجاة.
“آه…”
هرب. لأنه لم يرد أن يموت مثل أصدقائه.
وبعد وقت قصير، حين وصلت كتيبة صائدي الوحوش، كان الأستاذ قد فارق الحياة.
بجسد ممزق لا مكان فيه سليم، نظر بنجامين إلى جثته وتفكيره يصرخ:
“من يكون ضعيفًا… يموت.”
منذ ذلك اليوم، انكبّ على دراسة علم الوحوش بجنون. أقسم أن يجد أي وسيلة لكشف نقاط ضعفها والقضاء عليها.
ومع مرور السنوات، صار دكتورًا في علم الوحوش، ثم أستاذًا في الأكاديمية.
لكن بحلول ذلك الوقت، كان قد فقد عددًا من تلاميذه. غالبًا أولئك الذين لم تسعفهم قدراتهم رغم اجتهادهم.
“في النهاية، وحدهم الأقوياء من يبقون.”
تقبل بنجامين الحقيقة. لا جدوى من معرفة نقاط ضعف الوحوش إن لم تكن قويًا كفاية لتستغلها.
ومنذ ذلك الحين، بدأ يميّز بصرامة بين الطلاب ذوي الإمكانيات ومن لا أمل فيهم. لم يهتم إن سُمّيت تمييزا. لم يرغب بعد الآن أن يمنح الضعفاء أوهام الأمل… أو أن يخسر طلابًا آخرين.
أخفى ذلك ببراعة تحت قناع الأستاذ الجاد. وكانت كفاءته في التدريس كافية ليبقى بلا مشاكل.
حتى جاء يوم قال له مدير الأكاديمية:
“أريدك أن تتولى فصل F.”
لم يُسرّه ذلك، لكنه قبل. في النهاية، فلسفته التعليمية لن تتغير.
“مجموعة بائسة.”
لم يكن يتوقع شيئًا منهم.
حين رأى تلاميذ الفصل لأول مرة، لم يرَ فيهم سوى أشخاص محكوم عليهم بالموت. حتى فصل ضعيف كهذا كان يُفترض أن يضم واحدًا على الأقل ذا قيمة، لكن لم يكن بينهم أي شخص كهذا.
حتى حين دفعهم للاختبار، أثبتوا جميعًا أنهم الأسوأ.
لم يبدُ على أحدهم حتى الإصرار على النجاة. لو كان ذلك قتالًا حقيقيًا، لماتوا جميعًا بلا شك.
ومع تكرار التجارب المملة، انطفأت كل آماله فيهم.
إلى أن جاءت تلك اللحظة—
“لاا! لا تقترب مني!”
صرخت إحدى الطلاب وهي تطلق السهام عشوائيًا، دون أن تصيب الوحش ولو بسهم واحد.
هزّ بنجامين رأسه متنهّدًا. كان مقتنعًا أن هذا سيكون مصيرها أيضًا.
لكن فجأة، حين بقيت الطالبة وحدها، حدّقت بثبات في الوحش الذي اندفع نحوها.
تلك الفتاة التي كانت تهرب مذعورة قبل لحظات، لم ترمش حتى وهي تواجه فم الوحش المفتوح أمامها مباشرة.
ثم…
“كرااااه!”
غرست السهم داخل فم الوحش، مستهدفة جذر لسان الكلب أحادي القرن، وهو موضع ضعفه القاتل.
“مستحيل…! هل كانت تخطط لهذا منذ البداية؟”
ذلك الوحش اعتاد أن يهاجم خصومه مستخدمًا قرنه الفولاذي الصلب، لكن كانت له أيضًا نزعة منحرفة؛
فقد كان يستمتع بافتراس من يبدو أضعف منه، ليمضغهم بأسنانه ويعبث بهم قبل قتلهم.
“إذن… إطلاقها للسهام واحدا تلو الآخر بلا إصابة كان متعمدًا؟”
لكي تبدو أضعف مما هي عليه!
ارتجف جسد بنجامين، وشعر بالقشعريرة تتسلل في كامل أوصاله. حتى ندبة جبينه القديمة عادت لتلسعه.
من أجل تلك اللحظة الوحيدة… صمدت تلك الفتاة حتى النهاية، ونجحت بالفعل في تنفيذ خطتها الجنونية.
“هاه… هاه…”
عقل لامع، إحساس قتالي فطري،
قدرة على إخفاء قوتها الحقيقية،
وما فوق ذلك، عزيمة حديدية للبقاء حيّة.
“…رائع.”
لم يجد بُدًّا من الاعتراف.
تلك الفتاة كانت عبقرية بالفطرة.
“يا للروعة… كنت على وشك أن أموت بحق!”
لولا أنني تذكرت سطور الرواية في تلك اللحظة، لكنت الآن فريسة ممزقة.
صحيح أن الوحش كان مجرد “وهم” من الدائرة السحرية، لكن الخروج بحكم “غير قادر على القتال” أمر بغيض. ولو كان الأمر واقعًا، لكان يعني نصف موت على الأقل.
“لكن… رد فعل الأستاذ كان غريبًا.”
كان مبتهجًا أكثر مما توقعت.
بصراحة، أربكني ذلك. صحيح أنني أول من نجح في القضاء على الوحش من بين كل المجموعات، لكن المسألة لم تكن سوى ضربة حظ.
بل حتى تلك اللحظة الأخيرة، كنتُ أضيّع السهام لا أكثر.
“ولِماذا يحدق بي بتلك الحرارة…؟”
يا إلهي.
هكذا إذًا يكون معنى النظرات الحارقة.
لو كان معيار الأستاذ لا يقل عن مستوى المتصدر في القبول والتخرج، فاهتمامه المبالغ فيه بي بدا غريبًا حقًا.
وبفضلي، انتهت بقية الامتحانات بشكل باهت.
حتى ثيودور من المجموعة الأخيرة، رغم صموده لفترة أطول، لم ينل أي انتباه. فقد انصبت عينا الأستاذ عليّ وحدي.
“آسفة يا بطل الرواية… لقد سرقتُ الأضواء منك.”
***
“بما أن اليوم هو الأول، سنكتفي إلى هنا.”
ارتخت أجساد التلاميذ مع سماع إعلان الأستاذ. لكن كلماته لم تنتهِ عند هذا الحد.
“بصراحة، مستواكم جميعًا كان مزريًا. يثير العجب كيف اجتزتم اختبار القبول أساسًا.”
ساد الصمت.
“باستثناء واحدة فقط.”
تجمدت لحظة.
رفعت رأسي المنحني بتعب، لأجده ينظر إليّ مباشرة. وعندما التقت أعيننا صدفة، أشار نحوي.
“اسمك.”
“آه… لوسي سانت.”
ردد الاسم مرتين أو ثلاثًا، ثم ابتسم بخفة على غير عادته:
“سأعلّق آمالي عليك.”
ترك خلفه عبارة لا تقل عن جملة أستاذ أسطوري في رواية خيالية، ثم اختفى وحده بهدوء. بلا شك كان سحرًا. أجل… السحرة يعرفون كيف يظهرون بمظهر مبهر.
وبمجرد أن غاب، عمّت الهمهمة بين الطلاب.
فالجميع لديه ما يقوله عن هذا اليوم؛ إذ اضطررنا منذ اليوم الأول لمواجهة وحش من الدرجة الثالثة في اختبار أشبه بالانتحار.
“لكن… لماذا يحدقون بي هكذا؟”
كانت النظرات تلتفت إليّ من كل صوب. أما الثلاثة الذين شاركوني في المجموعة، فقد ازدادت عيونهم بريقًا تجاهي.
يبدو أنني أصبحتُ، دون قصد، أمل الفصل F بأسره.
وفيما كنت أبحث عن طريقة للتخلص من هذا الحمل الثقيل، تقدّم ثيودور نحوي:
“لوسي، اليوم—”
“كنت متعبة جدًا، صحيح؟ تريدين أن ترتاحي بسرعة، أليس كذلك؟”
“هاه؟ لا، في الواقع كنتُ أريد أن أقول أنكِ كنتِ—”
“وأنا كذلك! لنذهب ونرتح حالًا، ماذا تقول؟”
يا لها من ورطة… لم أتوقع أن يُعاملوني فجأة كنجمة متألقة.
صحيح أنني في النهاية من المفترض أن أتخرج في المرتبة الأولى، لكن ليس الآن! وفوق ذلك، ما حدث اليوم لم يكن سوى ضربة حظ.
على أي حال، غادرنا ساحة التدريب مسرعين. وبالصدفة، وجدت نفسي أرافق ثيودور حتى باب سكنه.
“لقد كنتِ مذهلة اليوم، لوسي.”
لا يتردد هذا الفتى في قول جمل محرجة. ومع ذلك… أن أكسب ودّ بطل الرواية جعلني أشعر بنشوة غامرة.
“هاه…”
عدت إلى غرفتي أخيرًا، وألقيت بجسدي المنهك على السرير. ولحسن الحظ، كان السكن فرديًا لكل طالب، ما سمح لي بالاستسلام بلا حرج.
مهارة القنّاص الأسطوري استنزفت قدراي من المانا أكثر مما ظننت. مجرد استخدامها مرة واحدة جعلني أُنهك تمامًا.
الحمد لله أنني رفعتُ طاقتي السحرية من E+ إلى D- قبل الالتحاق؛ وإلا لكنت انهرتُ كما حدث المرة السابقة. وتلك تجربة تكفي مرة واحدة.
“آه… عليّ أن أبدل ثيابي…”
بدأت جفوني تثقل شيئًا فشيئًا.
غدًا لديّ حصة جديدة… وهناك أيضًا مكافأة المهمة بانتظاري… ويجب أن أقرر كيف أنفق نقاطي…
لكن قبل أن أفكّر أكثر، غلبني النعاس.
ولم أكن أعلم حينها… أن “لوسي سانت” ستأخذ اعتبارًا مختلفًا تمامًا ابتداءً من الغد.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 12"