وجدت نفسي في مواجهة مباشرة مع وحشٍ سحري، على انفراد،
وذلك بينما أنظار الجميع مسلّطة عليّ.
‘لماذا أنا بالذات؟!’
صرخت في داخلي بصوتٍ مكتوم يغلي بالغيظ والحنق.
ولكي أوضح، فالأمر جرى على هذا النحو:
“أنا بنجامين،المدرّس المسؤول عن الصف F، والمسؤول عن مادة علم الوحوش.”
*محسسينك أنه مدرس أحياء*
في أول لقاء لنا، أخذنا هذا الرجل مباشرة إلى ساحة التدريب، ثم واصل حديثه بسرعة وحزم:
“لكن لا بد أن تحفظوا عني شيئًا واحدًا فقط.”
سادت لحظة صمت.
“أنا لا أُبقي بجانبي الضعفاء. فقط من يستحق، من يملك القوة والكفاءة، هو من سيتمكن من متابعة دروسي.”
كان يتفحّصنا بعينين حادتين نافذتين، ومع تلك النظرة الجارحة، انكمش معظم طلاب فصل F قبل أن تبدأ المعركة أصلاً.
‘آه، تذكرت الآن.’
هذا البنجامين… لم يكن سوى متعصّب متطرف لمبدأ “القوة وحدها هي المعيار”.
صحيح أنه يحمل لقب أستاذ في الأكاديمية، لكنه لم يكن يلقي بالًا لأي طالب ضعيف.
كان يلتفت فقط إلى أولئك الذين يرضون غروره بقوتهم، فيغدق عليهم بالرعاية والتوجيه، ويتجاهل الآخرين تمامًا.
ولهذا، كان ثيودور – أضعف طلاب فصلنا – مجرد مهمل في عينه، لا يستطيع حتى أن يواكب دروسه.
ولم يبدأ البنجامين بالاهتمام به إلا بعد أن نما وتطور كثيرًا فيما بعد.
بكلمة أخرى: لا ينال أحد اعترافه إلا إذا أظهر تطورًا استثنائيًا.
ولعلّ المثال الأوضح هو الطالبة المتفوقة إلينور ساتين، الأولى على دفعتها، التي كانت تحظى بكل اهتمامه قبل ظهور ثيودور.
‘آه، كم كرهت هذه الشخصية في القصة الأصلية….’
لكن، بوصفي مطالبة أن أكون الأولى على الدفعة، لا يمكنني تجاهل تقييمات الأساتذة.
شئتُ أم أبيت، كان لا بد لي من السعي لكسب اهتمامه.
إلا أن عزيمتي تلك تفتّتت بلحظة، بكلماته التالية:
“ولأقف على مستوى قوتكم الحقيقي، سأختبركم بنفسي، حالًا.”
يا إلهي… هذا نوع آخر من “الاهتمام”!
فجأة تذكرت مهارتي المشؤومة: أسهمي التي تفشل دائمًا في إصابة الهدف… لكنها تملك موهبة عجيبة في تفادي أي شيء. ربما أجذب انتباهه بقدرتي الغريبة على إضاعة الهدف!
“جميعكم سبق أن خضع لاختبار الدعم القتالي. بنفس مبدأ دوائر الوهم السحرية تلك، سأستدعي وحوشًا مزيفة. أنتم، ضمن مجموعات، ستتولون القضاء عليها.”
……مهلًا.
هل يقصد أنّه سيتعامل معنا وكأننا في امتحان نهائي من أول يوم دراسي؟!
‘ألا يمكنه على الأقل أن يمنحنا إنذارًا مسبقًا لمثل هذا…؟’
حتى لو كان إنذارًا شكليًا!
على الأقل لتهيئة نفسي…!
لكن البنجامين لم يعبأ، وبدأ يقسّمنا كيفما شاء إلى مجموعات من أربعة أو خمسة طلاب، ليصبح مجموعها ثماني فرق.
ثم جاء دور مجموعتنا، “المجموعة السادسة”.
“أنا… أنا ليام. وقد استيقظت على وظيفة المحارب!”
“أه… مرحبًا، أنا جاك. لقد استيقظت بصفتي لصًا.”
قدّم زميلاي نفسيهما بتردد، متجنبين النظر في عينيّ.
ولسوء الحظ، كانا من نفس المجموعه التي كانت تتحدث عني وعن شائعاتي من قبل.
‘حقًا… هل مصيري أن أظل عالقة مع أمثالهم؟’
مع ذلك، لم أشعر بانزعاج كبير. اكتفيت بهز رأسي بخفة، ففهما أنني لست غاضبة. عندها، استعادا شيئًا من حماستهما وارتفعت أصواتهما:
“اتركي الوحوش لي! سأصدها كلها!”
“سأقضي عليها بنفسي، فقط تحمّلي قليلًا يا ليام!”
“هاهاها!”
“أ… أما أنا، فقد استيقظت بصفتي معالجة…”
حاولت الفتاة الأخيرة في مجموعتنا أن تعرّف بنفسها بخجل، لكن صوتيْهما العاليين طغى على كلماتها.
وفي تلك الأثناء، أعلن البنجامين بداية الاختبار المفاجئ:
“إن اعتُبر أحدكم غير قادر على القتال، فسيتم طرده من الدائرة السحرية. فلنبدأ مع المجموعة الأولى.”
تقدمت المجموعة الأولى، بخطى واثقة، إلى داخل الدائرة السحرية. كانوا يظنون أن التجربة ستكون شبيهة باختبار الدعم القتالي.
لكن ما إن ظهر الوحش، تبددت ثقتهم على الفور.
“ط… طائر الفولاذ…!”
لقد كان الغراب الفولاذي – وحش من الرتبة الثالثة.
للتوضيح: في اختبار القبول، لم نتواجه إلا مع وحوش من الرتبتين الرابعة أو الخامسة، وهي كائنات يمكن حتى للفرسان العاديين القضاء عليها جماعيًا.
أما الرتبة الثالثة فقصتها مختلفة. لا يمكن لأي مستيقظ غير متمرّس أن يواجهها منفردًا. وبالطبع، لم يكن بيننا أحد يملك تلك القوة.
فلو وُجد مثل هذا الطالب، لكان قد وُضع منذ البداية في فصل النخبة!
“كــآآآخ!!”
صرخ الوحش بصرخة هائلة تشقّ الآذان، مرفرفًا بجناحيه المغطيين بالحديد.
ارتجف الطلاب داخل الدائرة وخارجها، وهم يحاولون تجنّب النظر إليه مباشرة.
وكانت النتيجة حتمية:
أول اثنين طُرحا أرضًا بمخالبه الحادة وطرحهما خارج الدائرة.
ثم ثالثٌ فضُرب بجناحه الثقيل فطار خارجها بدوره.
وأخيرًا التقط من تبقى بمِخلَبه ومنقاره ورماهما كدمى، لتسقط المجموعة كاملة.
أنهى الوحش مهمته في لحظات.
هزّ البنجامين رأسه بامتعاض:
“تس، مثيرون للشفقة.”
ومع ذلك، لم يُوقف الاختبار.
فتوالت الهزائم: المجموعة الثانية، الثالثة، الرابعة، ثم الخامسة… جميعها سقطت.
حتى جاء دورنا.
“المجموعة السادسة!”
دخلنا الدائرة السحرية بوجوه متجهمة، بلا خطة ولا تنسيق.
كيف لنا أن نضع خطة أصلًا؟
فالوحوش التي تستدعى كانت تتغير عشوائيًا كل مرة.
‘لا بأس… يوجد معي مقاتل آخر غيري. قد نتمكن من فعل شيء.’
أخرجت سلاحي. إنه قوس لوسي الأبيض الناصع، الذي كشف عن نفسه في أول يوم لي بالأكاديمية.
وبدأ الاختبار.
“غرررر…”
ظهر الوحش: مخلوق هجين، نصفه كلب ونصفه الآخر وحيد القرن.
“كلب متوحش ذو قرن واحد!”
لقد تذكرت فورًا، فقد ظهر هذا المشهد في الرواية الأصلية حين واجهه البطل.
بالفعل، هذا الوحش مصنَّف من الدرجة الثالثة. تبًّا.
قبضت على سلاحي بإحكام أكبر.
ذلك الوحش الهائل بدا وكأنه سينقض عليّ في أي لحظة.
“أ-أنا سأوقفه!”
تقدّم ليام رافعًا درعه وهو يصرخ بجملة لا يمكن أن تليق إلا بشخصية ثانوية.
ويبدو أن صوته استفز الوحش، إذ أخذ يزمجر ويخفض جسده متهيئًا للهجوم.
“سينقض الآن!”
تفاديتُ الكلب ذا القرن الواحد وهو يندفع نحونا مطأطئًا رأسه. وكذلك فعل باقي الطلاب.
لكن ليام الذي قرر أن يتطوع كدرع بشري كان الاستثناء.
“تعال أيها الحقير!”
بوووم!
مجرد اصطدام واحد… لكن ذلك الاصطدام وحده جعل ليام يطير خارج الدائرة السحرية.
“مستحيل…”
نحن الذين شهدنا المشهد مباشرة تجمّدنا لحظة وكأننا صورة متوقفة.
خسرنا التانكر (المُدافع الرئيسي) في لحظة واحدة، ولم يبقَ في فريقنا سوى مهاجمَين ومعالجة.
“غروووف!”
لم يكن هناك وقت للذهول.
فالوحش بدأ يبحث عن فريسته التالية، فعضضت شفتيّ بقوة وحركت جسدي سريعًا كي لا يلحق بي.
وربما لأن عددنا لم يتناقص كليًا بعد، لم يعد يهاجم شخصًا واحدًا فقط، بل بدا وكأنه يختبرنا.
“علينا إسقاطه بينما ما زلنا متماسكين!”
أطلقتُ السهام بلا توقف. دقّتي ضعيفة، لذا قررت الاعتماد على الكمّ بدل الكيف.
لكن رغم ذلك، أخذ الوحش يقترب مني أكثر فأكثر.
“لا، لا تقترب مني!”
ولا سهْم واحد أصابه.
بدأت أشكك في جدوى إطلاق السهام أصلًا.
وفي تلك اللحظة، اقترب جاك الذي استيقظ بقوة اللص من جانب الوحش.
“فرصة!”
هوى خنجر جاك نحو رأس الوحش.
وبما أن الوحش كان في طريقي، تأخر جزءًا من الثانية عن الرد—
“ماذا؟! مستحيل!”
بلمح البصر، أدار الكلب ذو القرن رأسه والتقط خنجر جاك بين أنيابه، ثم طرحه أرضًا بعنف.
ولسوء الحظ، كانت طالبة المعالجة بجانبه، فطارا معًا خارج الدائرة السحرية.
ما هذا بحق…؟
***
“غرووو…”
هكذا وجدت نفسي وحيدة .
الوحش ينظر إليّ الآن، ولعابه يتساقط، وكأنه يقول: “حان دورك.”
“له نقطة ضعف… نعم، أذكر أن له نقطة ضعف!”
لكن البطل في الرواية الأصلية كان قد أصبح قويًا بالفعل، فهزمه بسهولة، ولم يوضَّح سوى لمحة عن نقطة ضعفه.
“تذكّري… أي شيء!”
كان الوحش قد صار أمامي بالفعل.
هل هذه نهايتي؟ رغم أنني كنت أعلم أنه مجرد وهم، إلا أن الخوف اجتاحني.
فتح الوحش فمه الضخم ليطبق عليّ—
عندها ومضة من السطور الأصلية خطرت ببالي:
[…… صرخ قائلاً:
“اخفض جسدك واستهدف فمه! الكلب ذو القرن، نقطة ضعفه عند جذر اللس—”
لكن قبل أن ينهي كلامه، كان ثيودور قد شطر الوحش نصفين.
“هاه؟”
“ل-لا شيء، انسَ الأمر. افعل كما ترى.”
نظر ثيودور بارتباك….]
جذر اللسان!
بغريزة صافية، فعّلت مهارة “الرماية الدقيقة”، وخلقت سهمًا بيدي اليمنى، ثم أمسكت فك الوحش السفلي بيدي الأخرى وغرست السهم بقوة نحو عمق فمه.
“كواااااااا!”
صرخة وحشية مزّقت أذني.
ضربة حرجة أصابته بفضل المهارة، فراح يصرخ ملتويًا من الألم.
“أه!”
إن أفلتّه الآن، انتهى أمري.
والوحش في رمقه الأخير يتخبط بعنف، بينما جسدي يهتز بعشوائية، لكنني تمسكت بالسهم بكل قوتي.
حتى… هوى أخيرًا، ساقطًا بلا حراك.
تم إبطال دائرة الوهم.
بموت الوحش انحلت الدائرة السحرية تلقائيًا.
تحققت من رسالة النظام، ثم انهرت جالسة على الأرض، ساقاي لا تقويان على حملي.
“هاه… هاه…”
خيّم صمت تام على ساحة التدريب.
لم يبقَ سوى صوت أنفاسي المتقطعة.
وفي ذلك السكون الغريب، نطق المعلّم:
“… رائع.”
كانت كلمة مدح.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 11"