14.
كما يُقال: بعد المشقة تأتي السعادة.
وأخيرًا انتهت الرحلة إلى العاصمة، التي بدت وكأنها لن تنتهي أبدًا.
لكن يوجين كان على وشك الانهيار التام، ربما بسبب المعركة النفسية المستمرة مع كليشا طوال اليوم.
كان يشك أن هذه الفتاة ليست مجرد فضولية، بل ربما جاسوسة مدربة تدريبًا عاليًا من طرف الإمبراطور فيرز الرابع، فحاول اختبارها ببعض الأسئلة… لكن الضحية الوحيدة التي خرجت من هذا الاختبار كانت أعصابه هو.
على سبيل المثال، دار بينهما هذا الحوار:
“ما الذي يأخذكِ إلى العاصمة يا آنستي؟ هل هي مسقط رأسكِ؟”
“هذا ليس مهمًا الآن.”
… يوجين وجد نفسه عاجزًا عن الرد.
كليشا: “حسنًا، دعنا نتحدث عن أمر أهم. تخيّل أن الفتاة التي تحبها سقطت في الممر :
1.تقتل المهندس الذي صمّم الممر.
2.تقتل الخادم المسؤول عن تنظيفه.
3.تقتل مصمّم الحذاء.
أي رقم هو الإجابة الصحيحة؟”
يوجين: “ولماذا كل الخيارات تنتهي بالقتل؟ هل شخصيتكِ… معتلة؟”
رفعت كليشا ذقنها الصغير المستدير، وحدّقت في وجهه بعينيها اللوزيتين، شفتاها الحمراوان متجهّمتان. ولدهشته، وجد وريث إمبراطورية سيرفان العظمى نفسه يرمش بتوتر.
عندما أسدلت جفنيها الطويلين وكأنها ستائر، فكّر يوجين:
‘يا إلهي… كم هي طويلة هذه الرموش.’
لكنها قطعت خيط أفكاره بقولها الحازم:
“خسرت.”
لم يعرف ما هو معيار النجاح أو الرسوب، لكنه أحس بغضب غريب من حكمها عليه.
ثم تابعت:
“حسنًا، سؤال آخر. لديك امرأة تحبها، لكنها لا تستطيع النوم ليلًا.
1.تقتل صانع السرير.
2.تقتل كبيرة وصيفاتها لأنها لم تبلّغ عن الأرق…”
لم يدعها تكمل، فقط فرك عنقه بملل وقال:
“إذًا الفكرة أن نقتل كل من له علاقة بالأمر؟ نمسحهم من الوجود تمامًا؟”
عندها أشرقت عيناها مثل سماء الفجر الذهبية:
“عمل رائع!”
ثم بدأ “الاختبار” التالي… وهكذا ، حتى نفد صبر يوجين تمامًا.
أخيرًا قال، بنبرة حاول أن يجعلها مهيبة مستخدمًا قليلًا من طاقته الداخلية:
“ليدي، ألا يمكنكِ التوقف عن هذا؟”
لكنها ردت بهدوء وهي تحدق في عينيه الحمراء:
“وإن رفضت… هل ستحتجزني؟”
*متت 😂 😂 *
أربكته تمامًا. نادرون هم من يقدرون على جعل يوجين فينير، الشاب العبقري وصاحب النفوذ، عاجزًا عن الرد.
وفي عينيها اللوزيتين الآن بريق توقع غريب، وتوردت وجنتاها كزهرة خوخ نضرة.
“ما الذي يدور في رأس هذه المجنونة؟” فكّر وهو يمرر أصابعه في شعره الأسود كالحرير.
“لماذا… لماذا عليّ أنا بالذات أن…”
لكنها قاطعته بهز رأسها بأسى:
“خسرت.”
لأول مرة في حياته، شعر يوجين بالهزيمة.
وعند مدخل حيّ في قلب العاصمة زيكريت، قالت كليشا:
“آه، سأنزل هنا.”
“ووجهتكِ؟ يمكنني أن أوصلكِ…”
“لا داعي، لدي موعد مع شخص هنا.”
لمعت عيناه للحظة، ثم أمر السائق بالتوقف، وترجل لمساعدتها.
وبينما كانت تضع يدها في يده لينزلها، استوقف الجميع مشهد الشاب الأسمر ذي العينين الحمراوين والمظهر النبيل، وهو يحييها بأناقة مذهلة.
يوجين: “تفضلي يا ليدي.”
كليشا (بابتسامة خجولة على غير عادتها): “سأكون مشغولة لبضعة أيام، لكن بعد ذلك… لا بأس بالخطف. فقط، عليك أن تجتاز بعض المهام الإضافية أولًا.”
*الاخت مدمنة روايات حجز و اختطاف و ام تدري ان اللي قدامها ألطف انسان بالكون 😂😂*
كاد يقول “توقفي أيتها المجنونة”، لكنه ابتسم مجاملة.
قبل أن تمشي، التفتت إليه وقالت:
“عليك أن تبذل جهدًا أكبر. تقييمك الآن… 60 من 100 فقط.”
يوجين: “تقييم لأي شيء؟”
كليشا: “للنجاح في اختبار دوق الشمال. نحن لا نعتبر النجاح إلا من التسعين فما فوق.”
ثم وضعت يدها على صدرها وانحنت مبالغةً:
“دوقي، اعتنِ بنفسك.”
ظل يوجين يراقبها وهي تبتعد، ثم قال بصوت بارد لحارسه الخفي:
“اتبعها. اعرف من ستقابل.”
أما الحارس ففكر بدهشة:
“هل كشف سيدنا عن هويته لها؟ هل هي امرأة مميزة لديه؟”
ومن حيث لا يدري، بدأت في تلك اللحظة بالذات أول بذور سوء الفهم تنمو… بينه وبين أقرب أتباعه.
***
أمام معبد زيكريت في العاصمة.
أخذت كليشا نفساً عميقاً، وشبكت يديها محاولة شحذ عزيمتها.
“إذا شرحت الأمر جيداً، سيفهمونني. نعم… أولاً، سأقابل الكاهن الأكبر، ثم أتحرى الوضع.”
طرق. طرق. طرق.
“هل يوجد أحد؟ أنا كليشا ميغيرين من شومارين، أطلب مقابلة الكاهن الأكبر.”
……
مرّت عشرون دقيقة من الصمت المطبق.
كان الأمر غريباً… فعادةً، حتى في وقت متأخر من الليل، تكون أبواب المعبد مفتوحة.
“ما هذا؟ هل نحن في فترة الطقوس الكبرى التي لا يستقبلون فيها الزوار؟ لا أظن ذلك…”
طرق. طرق.
“ألو؟”
“يا أهل المعبد؟”
مضت ساعة كاملة وكليشا تطرق وتنتظر، حتى انفتح فجأة الباب الجانبي بجوار المدخل الرئيسي للمعبد.
خرج فتى صغير من الكهنة، وألقى عليها نظرة فاحصة من رأسها حتى قدميها، ثم قال:
“أمّمم… المطبخ الخيري ليس هنا، بل في الساحة أمام القصر الإمبراطوري.”
“……”
نظرت كليشا إلى هيئتها.
شعرها كان منكوشاً لم تغسله منذ خمسة أيام.
ثيابها، بعد سفرها في الطرق الوعرة، أصبحت متسخة كأنها تدحرجت في الطين.
أما وجهها… فلا داعي لوصفه؛ فقد كانت تكتفي بغسل سريع بالماء طوال رحلتها.
شعرت كليشا بالحرج من مظهرها، فحكّت خدها بإصبعها وقالت:
“أنا… لست متشردة… أنا من آل ميغرين، عائلة نبيلة”
لكن الفتى أشار بيده بحزم إلى جهة أخرى:
“ليس من هنا… من هناك.”
“……”
قررت كليشا أن تعود بعد أن تبدّل ملابسها.
أومأت برأسها للفتى، ثم انسحبت بخطوات بطيئة إلى الاتجاه الذي أشار إليه.
دخل الفتى من الباب الجانبي، فوجد شيخاً وقوراً يبتسم له بمودة ويمسح على رأسه.
“أحسنت.”
“لكن يا سيدي الكاهن الأكبر، لماذا لا يُسمح لتلك السيدة بدخول المعبد؟”
أجاب الكاهن الأكبر نوربا وهو يراقب ظهر كليشا وهي تبتعد:
“لأن هناك شخصاً آخر ينبغي أن تلتقيه قبل أن تراني. لذا… إذا جاءت غداً أيضاً…”
“نعم! سأمنعها من الدخول، وإذا حاولت الدخول بالقوة، سأخبرها أنكم دخلتم في عزلة روحية لمدة ستة أشهر!”
“أحسنت، هذا بالضبط ما عليك فعله.”
عيني نوربا أظلمتا قليلاً. لم يكن تهرّبه لأنه لا يريد التوضيح… أو هكذا بدا.
***
العاصمة زيكريت، إمبراطورية بيرزا العظمى.
سُمّيت المدينة باسم الإمبراطور الأول، وهي أرض مباركة يلتقي فيها نهران عظيمان يغذيان جميع أراضي الإمبراطورية.
بحيراتها الجميلة، أراضيها الخصبة، مبانيها الكلاسيكية، وتراثها الثقافي الغني جعلوا منها “الأرض المقدسة” في قارة آشا.
تحيط بها طبيعة حصينة شكلت حاجزاً وقائياً طبيعياً، مما جعلها المدينة الوحيدة في تاريخ القارة التي لم تُغزَ أبداً.
في قلب العاصمة، يقع “القصر الإمبراطوري” المهيب الذي تعاقب على حكمه أباطرة بيرزا.
أمام القصر، تمتد الساحة الكبرى. وعلى يساره توجد “الكنيسة”، وعلى يمينه تقع مؤسسات التشريع والتنفيذ والقضاء.
وخلفه مقر القيادة العسكرية المركزية، وفي أسواره الخارجية الحرس الإمبراطوري، وداخلية الحرس الخاص السري، وكلٌّ منهم يوفّر حماية منقطعة النظير.
شاب ذو شعر ذهبي لامع كان يسير عبر الساحة، فتوقف ونظر إلى أبراج المعبد الشاهقة.
“ستة أبراج ترمز إلى الحقيقة، هاه…”
ابتسم بخفة، ثم قال:
“ماذا لو دمّرتها فحسب؟”
ارتجف الكونت ميرهي، مسؤول الشؤون الخارجية، الذي كان يمشي خلفه.
“جلالة الإمبراطور؟”
“ماذا؟”
“أعلم أنكم لا تقولون ذلك بجدية، لكن تحسّباً… إن أردتم حقاً فعل ذلك، فعليكم، بحسب لوائح التعاون الخارجي، إرسال إعلان مكتوب قبل ثلاثة أيام على الأقل.”
“حتى هذا له قواعد؟ ومن الذي يضع هذه القوانين السخيفة؟”
“المؤسسات الثلاث المشتركة… وضعوها مؤخراً.”
“لا فائدة منها.”
تأمل الشاب المعبد للحظة ثم أشاح بنظره.
أما ميرهي، الذي كان وجهه شاحباً، فأخذ يزيل الشعر الأبيض المتساقط عن كتفيه وهو يفكر:
“الحمد لله أن شعري فضي أصلاً… وإلا…”
فالكونت ميرهي، منذ أن أثار الإمبراطور ضجة في المعبد بسبب شؤون الزواج، بدأ يعاني من تساقط الشعر وظهور الشيب بكثرة نتيجة الضغط النفسي.
حتى جمال شعره الفضي المشرق لم يعد ينقذه من الصلع والشيب.
“أوه؟ لماذا عيني تدمعان…؟”
في الحقيقة، ومنذ تلك الحادثة، بادر ميرهي للتواصل مع المؤسسات الثلاث لوضع قوانين تمنع الإمبراطور من مهاجمة المعبد. لكنه لم يكن متأكداً إن كانت هذه القوانين ستنجح في ردعه…
“جلالة الإمبراطور!”
أفاق ميرهي من شروده وأسرع للحاق بالشاب أمامه، خشية أن يغيّر فجأة وجهته ويتجه نحو المعبد.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات