شركة القروض متوسطة الفائدة «توما آند موني».
كانت معظم المباني القريبة من الساحة المركزية مملوكة لشركة توما هولدينغز كوربوريشن، ومن بينها أكبر مبنى في المنطقة، مبنى هولدينغز، حيث كانت «توما آند موني» تشغل الطوابق من الأول حتى الثالث.
نوافذ زجاجية ضخمة تلمع دون ذرة غبار، لوحات فنية باهظة الثمن معلقة في كل مكان، موظفون أنيقون بزي موحّد وخدمة راقية. أجواء فخمة لا تقل عن البنك المركزي للإمبراطورية.
صوت صب الشاي
سكب لوك الشاي ذي الرائحة العطرة وقدّمه لكليشا.
قال بابتسامة:
“لا داعي لأن تتوتري، سيدتي. نحن شركة رسمية مسجَّلة ومرخّصة من حكومة ميوتا. صحيح أن هناك من يقول في السوق إننا رباويون أو جشعون، لكن هذا غير صحيح أبداً، مطلقاً!”
*طريقة كلامك تشكك الطرف الاخر اكثر*
ثم ألقى نظرة جانبية على صاحب «توما بييف آند بايكون» الذي كان ما يزال يهمهم بقلق ويمسح عرقه البارد، قبل أن يتابع:
“بصراحة، من يقترض المال ولا يسدده هم المشكلة الحقيقية، أليس كذلك؟ فنحن لا نقطف المال من الأشجار! كلما سمعت تلك الشائعات، أشعر برغبة في خياطة فمي حتى لا أجادل!”
كليشا، التي كانت مشغولة بالنظر حول المكان، لم تلتقط سياق الحديث وقالت بذهول:
“هاه؟”
أدرك لوك أن الحديث لا يسير بسلاسة، فغيّر استراتيجيته:
“على كل حال، المبلغ الذي يتعين عليكِ دفعه تعويضاً عن الحادث الأخير يشمل: تكاليف إصلاح الواجهة الخارجية لمبنى «توما هورس»، وإصلاح أضرار مبنى «توما بييف آند بايكون»، وخسائر التشغيل، ورسوم الامتياز، وغير ذلك… المجموع حوالي 50,000 لوييل.”
ثم أضاف:
“بما أن «توما هورس» ستتحمل 10% من المبلغ، فهذا يخفضه إلى حوالي 45,000 لوييل، وبعد خصم ما لديكِ حالياً وهو 500 لوييل، يصبح المبلغ المطلوب 44,500 لوييل.”
لكن كليشا لم تُبدِ أي دهشة أو غضب من الرقم، بل جلست تحدّق بصمت، مما أربك لوك قليلاً.
ما الأمر؟ هل فهمت؟ أم أنها تملك ثروة تجعل هذا المبلغ تافهاً بالنسبة لها؟
تابع لوك:
“بالمناسبة، فوائدنا تختلف حسب وجود ضمان أو لا. مع الضمان تكون الفائدة 24% سنوياً، وبدون ضمان 42%. وإذا تأخرتِ عن السداد، يضاف غرامة بنسبة 12% سنوياً…”
لكن كليشا كانت ما تزال تنظر من النافذة، غارقة في أفكارها، مما جعل لوك يشعر بالقلق.
في الحقيقة، كليشا لم تكن تفقه شيئاً في الاقتصاد. لم تتعلم حتى أبجدياته، ولم تكن تستوعب ما يقوله لوك عن 24% و42%… إذ كان كل ما يدور في رأسها هو عشرون طريقة لقتل مهر صغير.
كما أنها لم تكن تكترث لكل تلك التفاصيل، لأنها كانت تعرف أنه بمجرد أن تصل إلى العاصمة وتسحب أموالها من صندوق الأمانة، سيتصلون بوالدها على أي حال. وعندها، وهو غاضب جداً بعد أن يكون قد اكتشف مكانها، سيأتي بنفسه ليتولى الأمر.
صحيح أنها ستتعرض للتوبيخ، لكنها ستعتبره جزءاً من الصفقة.
فبالنسبة لابنة أحد النبلاء المتوسطين وسيدة صغيرة في منطقة شومارين، كان المال مجرد وسيلة تبادل، لا أكثر.
قالت بلامبالاة:
“حسناً، فهمت الفكرة. أعطني الأوراق لأوقّع.”
لم تكن تدرك آنذاك أن تلك التوقيعة ستتضخم بفوائد مركبة فلكية، وستجرّ وراءها عواقب هائلة.
لهذا السبب يجب تعليم الاقتصاد والتمويل للجميع، مهما كان عمرهم.
سألها لوك:
“وماذا عن الضمان الذي ستقدّمينه؟”
“ضمان؟ ليس لدي ما أضعه كضمان.”
ألقى لوك نظرة إلى الخارج وقال بهدوء:
“تلك… الحصان الهجين من الخيل السحرية، أليس كذلك؟”
“؟!”
“نحن لا نهتم بمصدر الضمانات. بغض النظر عن كيفية حصولك عليه، إذا وضعتِ الحصان كضمان، يمكننا تخفيض الفائدة إلى 24%… بل حتى 20%! ما رأيكِ؟”
تفاجأت كليشا قليلاً، فلم يسبق لأحد أن اكتشف أن «شو كريم» هو حصان هجين من الخيل السحرية. يبدو أن القرب من العاصمة يعني وجود أشخاص أكثر فطنة.
فكّرت قليلاً، ثم نظرت إلى «شو كريم» الذي كان ممدداً خارج المبنى يتظاهر بالكسل.
لو أخذته معي إلى العاصمة وانكشف أمره، ستكون مصيبة. تذكّرت الآن لماذا قال أبي ألا أغادر الإقطاعية ممتطية «شو كريم».
فالخيول السحرية الهجينة كانت خيولاً عسكرية تخضع لرقابة صارمة من الدولة، وتربيتها الخاصة ممنوعة، وإذا اكتشفوا أمره في العاصمة فسيصادرونه.
لذلك اتخذت قرارها:
“الأفضل أن أتركه هنا حتى أعود من العاصمة، فالرحلة لن تستغرق وقتاً طويلاً.”
سألت:
“إذا تركتُ شو كريم عندكم، هل ستطعمونه جيداً؟ إنه صعب الإرضاء في طعامه.”
ابتسم لوك ابتسامة ودودة:
“لا تقلقي. سنوفر له خدمة من الدرجة الأولى. آه… وبالمناسبة، رسوم العناية بالضمان تُحسب بشكل منفصل.”
قال الجملة الأخيرة بسرعة وبصوت منخفض لدرجة أن لا كليشا ولا أي أحد في القاعة سمعها بوضوح.
***
عاد الشاب توما رويكن إلى المكتبة المخفية في الطابق الثاني من مبنى “هولدينغز”، وبعد أن بدّل ملابسه، أغمض عينيه قليلًا.
لقد أمضى الليالي الماضية يراجع دفاتر الحسابات، ويحلل المعلومات الواردة من كل أنحاء البلاد، حتى إنه لم يذق طعم النوم الجيد منذ أيام. وفوق ذلك، منذ الصباح الباكر كان يواجه تلك “الأفاعي” الماكرة، حتى تراكم عليه الإرهاق.
تنفّس بعمق.
ثم أسند جسده على أريكة كبيرة مكسوة بجلد ثور، ومد ساقيه الطويلتين باسترخاء، وهو يغطي وجهه بدفتر صغير.
كانت خصلات شعره الناعمة تتلألأ تحت أشعة شمس الظهيرة.
عندها—وكعادتها في انعدام الحس بالجو—اندفعت ماريان تفتح باب المكتبة بلا استئذان.
“…”
“سيدي الرئيس، الفتى مالك الخيل بانتظارك في قاعة الاجتماعات بالطابق الأول. هل تود مقابلته؟”
أنزل الشاب الدفتر قليلًا، وبدا أن عينيه اليوم أكثر احمرارًا من المعتاد، كأنهما تعكسان لون غروب شمس سهل كاريون.
“أنتم حقًا…”
تنهد بعمق، ثم أعاد تغطية عينيه بالدفتر وقال:
“سأهتم بالأمر بنفسي، اخرجي.”
عادت ماريان إلى قاعة الاجتماعات، وهمست في أذن لوك:
“قال إنه لن يقابله.”
“لماذا؟”
“لا أدري… يقول إنه متعب ويريد أخذ قيلولة.”
“…”
صمت لوك، عاجزًا عن الكلام. كل هذه الفوضى التي حدثت اليوم، من أجل من كانت؟
لقد قال بنفسه: نحتاج إلى لقاء طبيعي!
وأمرهم: اصنعوا فرصة مناسبة!
يا له من سيد يصعب إرضاؤه إلى حد لا يُطاق.
***
داخل عربة فاخرة وضخمة متجهة إلى العاصمة…
كانت كليشا قد رَهَنت وسيلة نقلها الوحيدة “الشو كريم” خاصتها، فحصلت بدلًا منها على مساعدة من توما رويكن.
التقت به “صدفة” عند خروجه من مبنى هولدينغز، وعرض عليها مرافقته في الطريق إلى العاصمة، لأنه – حسب قوله – كان ذاهبًا إلى هناك أيضًا.
لكن منذ لحظة انطلاق العربة وحتى الآن، كان الشاب يتساءل كم مرة ندم على هذا القرار.
“أنا أعرف بعض الأمور عن دوق الشمال. أنا من المعجبين به. إنه قوي وجميل…. .”
معجبة بدوق الشمال؟
رفع الشاب يده إلى جبهته.
— “يا سيدتي، من أين تحصلين على هذه المعلومات بالضبط؟”
فالواقع أن “توما رويكن” لم يكن سوى الاسم المستعار لدوق الشمال الحقيقي، يوجين هفينير، حاكم “سيرفان”.
وكانت كلماتها تجعل حلقه جافًا حتى شعر بوخز في عنقه.
“هل تعلمين أن دوق الشمال، حاكم منطقتي بارتيا وسيريا في شمال شرق الإمبراطورية، أشقر الشعر وأزرق العينين؟”
أمالت كليشا رأسها باستغراب:
“تقصد صاحب السمو دوق بارتيا؟ لم أره من قبل، لكن… ما علاقته بالموضوع؟”
*اللي قاعدين يتكلمون عنه هو ريان اخ البطل، الفارس الاشقر اللي جاب لها خبر الطلاق*
“…”
تجمد يوجين، عاجزًا عن الرد، وهو يحدق فيها بدهشة.
أما هي، فاستمرت في مديح “دوق الشمال” الأسطوري الذي تتحدث عنه، بلا توقف: رائع… بارد… مثير…
كانت ثرثرتها الجادة – والمجنونة في آن – تصيب يوجين بالصداع.
“يا سيدتي، كيف يمكن لشخص لم تلتقِ به قط أن تحكم عليه بأنه… مثير؟”
رفعت كليشا بصرها للحظة نحو عينيه الحمراوين، ثم أطرقت بعينيها اللوزيتين الداكنتين، وقالت بلا اكتراث:
“مجرد شرح السبب يجعل الأمر أقل إثارة.”
“…”
عض يوجين شفته السفلى بلا وعي.
لقد أصبح الوصول إلى الحقيقة… أبعد من أي وقت مضى.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات