016

ازداد تعب كاسيان، لكنه ظلّ يُصرّ بعزيمة على هدفه.

لم يكن يستطيع الانتظار لرؤية أستل.

فجأة، راودته ذكريات طفولته حين كان مجرد نبتة صغيرة في عائلة نبيلة تعمل في صيانة أراضي الصيد الخاصة بالنبلاء.

عندما اختفت أستل فجأة من أراضي صيد النبلاء…

في ذلك اليوم، اختفت أستل بشكل مفاجئ، وبعد شهر عادت وهي تبكي، ووجهها مغطّى بالتراب.

«أخي، أخي…!»

«من خطفك؟ سأقتله…»

«لا لا! أنا بخير! حقًا.»

كانت أستل، ذات العشرة أعوام، تذرف الدموع وهي بين ذراعيه.

مسح كاسيان دموعها، واحتضن جسدها النحيل حيث يمكنه أن يشعر بعظامها بارزة، وكتم دموعه في صمت.

ومنذ اليوم التالي، بدأت أستل تتصرف كما لو أن نصف ذاكرتها قد اختفى.

«أخي، ماذا لو كنا مقدّرين للموت؟»

في ذلك اليوم، ضمّ كاسيان أستل بقوة وربّت على ظهرها. مسح دموعها أيضًا.

ثم ظلّ يفكر لوقت طويل.

لقد دُمّرت عائلتي على يد الأشرار، لم أكن أملك القوة، وكادت أختي أن تختفي، وكنت خائفًا من أن تموت بعد أن عادت بسلام…

«النهاية ليست ثابتة. يمكنك تغييرها.»

وهكذا قرر كاسيان أن ينجو.

سآخذ بثأري من أولئك الذين ألقوا باللوم على عائلتنا، وسأجد منزلًا صغيرًا جميلًا أعيش فيه مع أستل.

لكن يبدو أن هناك عقبة في طريق ذلك المستقبل السعيد.

صرّ كاسيان على أسنانه وهو يتذكّر المعلومات عن دوق أنايس، الذي أصبح حجر عثرة غير متوقّع أمام مستقبلهم السعيد.

سأكتشف كل شيء حين أصل إلى قلعة الشمال.

كيف سيكون هذا الدوق عائقًا بالتحديد.

في صباح اليوم التالي، سمعت خبرين رائعين.

أولًا، رسالة من أخي.

[سأصل إلى قلعة الدوق قريبًا. فقط انتظريني.]

محتوى الرسالة القصيرة جعلني أشعر بالحماسة.

والخبر الآخر جاء من الخادم المرافق للدوق.

“سمعت أنكِ ستبدئين العمل اليوم في مركز العلاج بقلعة الدوق.”

“نعم، صحيح!”

بشكل أدق، كنت سأذهب للقبض على “سام”، المعالج الذي يعمل في مركز العلاج بقلعة الدوق!

لكنني تظاهرت بالحماس وأومضت عينيّ ببريق مصطنع.

“يصيبني الشوك في فمي إن لم أعمل كمعالجة ولو ليوم واحد!”

(ملاحظة: أستل تشعر بالضيق والانزعاج إن لم تمارس عملها كمعالجة.)

“كما هو متوقّع من الآنسة أستل!”

الخادم تجاهل كلمات “سالي” بخفة وأكمل كلامه:

“قال سموّ الدوق إنه يجب أن تلتزمي بساعة واحدة فقط في اليوم. لا حاجة للإرهاق الزائد، وأكّد أنه يجب أن تعبّري عن أي أمر يحدث… نعم، هذا ما قاله سمو الدوق…”

أنا والخادم أومأنا برؤوسنا بتوتر ونحن نتبادل النظرات.

لم يكن من المعتاد أن يقول الدوق مثل هذه الكلمات في كل مرة.

الخادم بدا وكأنه يشكك في ما سمعه بنفسه من الدوق أثناء نقل الرسالة.

(أيّ شخص لا يعلم أننا أنا والدوق مرتبطان بعلاقة الطبع، سيكون من الصعب عليه تصديق أنه يعتني بي ويحاول حمايتي.)

نظرت إليه سريعًا.

“ما التالي؟”

“حسناً، حتى الدوق بنفسه جهّز زيّ المعالجة وبعض أدوات التشخيص.”

قلتُ وأنا أحكّ عنقي بلطف:

“أرجو أن تنقل له امتناني!”

عندما يكون الدوق بجانبي، يخفق قلبي بشدة.

لأن ذلك من تأثير الطبع.

لأن طبع المُتغيّرو الشكل هو سحر يلمس ويبعثر جميع المشاعر.

لكن الآن، لم يكن الدوق حتى بجانبي. فما خطبي؟

“آه، نعم. المركز أيضًا أعدّ قائمة بالمرضى الذين يجب علاجهم اليوم. يمكنكِ مراجعتها، واختيار مريض واحد، ثم المتابعة بالتشخيص والعلاج.”

بعد أن أنهى الخادم حديثه بوضوح، سلّمني سجلّ العلاج.

تصفّحت سجلّ العلاج بهدوء.

تمّ تصنيف أسماء المرضى حسب أسماء المعالجين المسؤولين عنهم.

تجاوزت المجلّد المكتوب عليه “سام”.

[اسم المريض: ريكاردو أنريش فاسيو

النوع: جاكوار

اللقب: قائد الفرسان السابق، ومؤسس عائلة فاسيو.

الأعراض: كل ليلة، بعينين محمرّتين، يجري في حديقة العائلة حاملاً سيفًا. وقد نزف بعد أن ارتطم بساقه على شجرة في الحديقة. كاد أن يتسبّب بحادث خطير.

السبب: يُعتقد أنه شارك في حرب الوحوش وتعرّض لعنة من ساحر الظلام، تجعله غير قادر على النوم إلى الأبد.

يُمنع تمامًا ملامسة هذه اللعنة مباشرة. خطر الموت إذا حدث تلامس أكثر من 10 مرات.

الوصفة: شمعة مهدّئة للنوم. لا خيار آخر سوى تخديره بالنوم. ومع ذلك، يُظهر مقاومة في بداية العلاج بالشموع.

ملاحظة خاصة: عنيد وعدواني]

سالي، التي كانت تجلس بجانبي وتتصفّح سجل العلاج بوجه مليء بالحماس، تجمّدت فجأة.

“أوه، آنسة أستل. ه-هذا الشخص، يجب ألّا تختاريه أبدًا.”

بدت سالي وكأنها على وشك البكاء.

“السيد ريكاردو… لا أعرف إن كان مسموحًا لي قول هذا، لكن لقبه كان (جد؟ بل أشبه بوحش).”

“رغم وجود شائعات بأنه ملعون وليس مريضًا، إلا أنه كان مزعجًا لأنه دائم الذهاب إلى مركز العلاج…”

أومأتُ برأسي.

يبدو أنه ظهر في القصة الأصلية.

ريكاردو، زعيم العشيرة، المقيم في قلعة الدوق، كان قد لُعن من قبل ساحر ظلام.

“إنه مخيف جدًا.”

كنت أود أن أرفع له مئة بطاقة صفراء في ذهني، لكن يبدو أن خوفه بلغ حدًا جعل الخادمة، التي تنتمي إلى فصيلة المسترد الذهبي، تحذرني منه بهذا الشكل.

لكنني لم أستطع أن أزيح نظري عن الجزء الأخير من سجل العلاج.

[المعالج المسؤول الأخير: سام]

كان سام هو الجاسوس الوحيد الذي كنت أعلم به من القصة الأصلية.

“قيل إن سام دخل قلعة الدوق لأنه ساعد أحد أفراد الأسرة من ذوي الدم الملكي في العلاج بعد تدهور حالته.”

بالطبع، لم يكن على مستوى إنقاذ حياة الدوق كما فعلتُ أنا، لذا بدا وكأنه أُهمِل تمامًا بعد دخوله القلعة.

لكن سام كان ماهرًا في التلاعب بالناس.

لقد فعل الشيء نفسه مع عائلتنا.

سام لوى الحقائق وأربك أفراد عائلة فييتري بحيله.

تظاهر بأنه مجرد خادم عادي، ثم بدأ بإشاعة الشائعات المسيئة داخل العائلة.

قال إن والديّ مشبوهان، وإن هناك سحرة خطرين يدخلون العائلة.

وتسلّلت الشائعات التي أطلقها إلى أرجاء القصر، ووصلت أخيرًا إلى القصر الإمبراطوري.

لم يكتفِ بإثارة الفوضى فحسب، بل كان يملك أيضًا معرفة جيّدة في الطب والعلاج.

العديد من خدم القصر كانت لديهم أمهات أو بنات مريضات.

استغل سام ذلك كوسيلة ضغط، فعالج أمراضهن وهدّد الخدم ليشهدوا زورًا قائلاً: “كان هناك مؤامرة ضد عائلة فييتري.”

أغلقت سجلّ العلاج.

“هيه، أريد حقًا أن أعالج السيد ريكاردو!”

عند هذا القرار، بدت الصدمة على وجوه الخدم والخادمات.

لكنني شعرت فجأة بأن كون سام هو المسؤول عن ريكاردو، وأن لعنة ريكاردو مرتبطة بالسحر الأسود، أمرٌ لا يمكن تجاهله.

سام ذكر “ساحر الظلام” عندما افترى على عائلتنا.

(ربما… هذا الجد المدعو ريكاردو قد يكون الضحية الجديدة لسام.)

بما أن الأمر كذلك، فإن أول شيء يجب أن أفعله هو القضاء على سام، وسرقة الأداة السحرية، ومعرفة ما يقف خلف كل هذا.

(في القصة الأصلية، فشل أخي في إيجاد الأداة السحرية، وفي النهاية، لم يستطع كشف الجانب الأكثر ظلمة. لكنني سأفعل ذلك هذه المرة.)

بعد أن اتخذت قراري الجاد، أرسلت خادمي لإبلاغهم برغبتي في تولي علاج ريكاردو.

وبعد بضع دقائق.

وبعد تناولنا وجبة خفيفة، وصلنا إلى مركز العلاج المنفصل بجوار حديقة قلعة الدوق.

وأخيرًا، فُتح باب مركز العلاج.

صحيح أننا لسنا في زمن حرب، لكن المركز كان هادئًا نسبيًا، وكان المعالجون يمزحون ويضحكون.

“… من أنتم؟”

عشر عيون مليئة بالعداء والفضول حدّقت بي مباشرة.

***

تـــرجــمــــــة: ســـاتوريــــا… ♡

التلي: https://t.me/gu_novel