فصل001
رائحة الدم، لا تزال عالقة في أنفي، طلاء أحمر يُشبه الدم الذي لوّث ملاءة السرير البيضاء.
رجلٌ بجسدٍ ضخم لا يتّسع لسريري الصغير.
بشفاهٍ ممزّقة، وذراعين تكسوهما ندوبٌ عميقةٌ مجهولةُ السبب.
لوّحتُ بالسكين التي في يدي نحو الرجل الممدّد على السرير.
“لقد انتهى الأمر.”
استغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى أنهيته.
وضعت السكين على الطاولة بجانب السرير، ومسحت بسرعة العرق البارد المتصبب من جبيني.
ثم راقبته بعناية. كنت أرتجف من القلق، وقلبي ينبض بعنف لا يمكن تهدئته.
لو رآنا أحد الآن، لرأى هذا المشهد المريب وظنّها جريمة اختطاف وقتل.
كان الأمر واضحًا.
…بالطبع، أنا لا يمكنني أبدًا أن أختطف أحدًا.
أنا فقط، معالجة ماهرة أردت إنقاذ “دوق أنييه” الذي سقط مصابًا أمام منزلي.
نقلت الدوق إلى السرير، وأتممت علاجه، فأصبحت الآن “منقذته”.
السكين التي كنتُ أمسكها استخدمتها فقط في العلاج، لتمزيق الضمادات، لا أكثر!
همستُ بلطف وأنا أمسح جبينه الغائب عن الوعي بظاهر يدي:
“قد لا تسمعني، لكن… العلاج قد انتهى.”
لحسن الحظ، انخفضت الحرارة، وتمّت معالجة الجروح.
أما السبب وراء إصابة هذا الرجل، الذي كان يتمتع بقوة ساحقة في الرواية، فلا يزال مجهولًا.
لكن يبدو أن فقدانه للوعي كان نتيجة لانفجار المانا داخله، لذا وصفت له دواءً خاصًا وأعطيته إياه.
والآن، أشعر بارتياحٍ تام لنجاح العلاج.
تنهدتُ بارتياح، ونظرتُ في وجهه بعناية.
حقًا، كان يُلقب بـ”إله الليل”، وقد بدا بالفعل جديرًا بالثقة.
شعره الأسود مثل السماء الليلية بدا الأكثر نعومة من بين ملامحه.
رموشه الطويلة، أنفه المستقيم، وظلال خفيفة تحت عظام وجنتيه أضفت جوًا أكثر حدة.
حتى وإن كانت عيناه مغلقتين، شعرتُ أنه يستطيع أن يرى كل شيء دفعة واحدة.
غير أن تلك العيون كانت مخفية خلف رموشٍ كثيفة.
“عليك أن تتحسن. حسنًا؟”
لا بد أن أُنهي العلاج تمامًا.
وضعتُ الدواء المنوّم بأمانٍ بين شفتيه، ثم فكرت داخلي: “يا إلهي!!”
“لقد كنتُ أنتظر هذه اللحظة منذ أكثر من ثلاث سنوات فقط لأُنقذك!”
بالطبع، حتى وإن حاولتُ التفكير بإيجابية، لم أستطع التغلب على الإرهاق الجسدي.
ربما بسبب عملي طوال اليوم، أو بسبب المعاناة في سحب هذا الرجل الثقيل إلى المنزل.
“…تبقّى لي فقط خمس دقائق من النوم.”
فكرت بذلك، وبدأت أغفو.
أمام السرير، بينما هو يتعافى.
❅
كنتُ قد قررت النوم لخمس دقائق فقط، لكن الإرهاق المتراكم لم يمهلني.
غرقت في نومٍ عميق، وبدأتُ أحلم.
في حلمي، انكشفت ماضيّ كأنما بمشهد بانورامي.
لم يكن من قبيل المصادفة أن أنقذ دوق أنييه اليوم.
كنتُ أعلم مسبقًا أنه سيسقط في العشب، على بُعد 10 أمتار من مركز العلاج الأول خارج قلعة الدوق الشمالية.
الدوق، الذي كان يصطاد الوحوش بمفرده، سقط أمام كوخ خشبي صغير في الغابة بسبب اضطراب المانا الناتج عن تبعات الحرب الأخيرة ضد الوحوش.
ولهذا السبب، ينتهي الأمر بمدير أحد الفروع القريبة بإنقاذه.
ثم يأخذ دوق أنييه ذلك المدير إلى القلعة ويمنحه ما يشاء.
سبب معرفتي بهذه التفاصيل بسيط وواضح.
فهذا كان عالم رواية خيالية، بعنوان “الانتقام الدموي”.
وقد وُلدتُ من جديد بشخصية “أستيل”، الأخت الصغرى لـ”كاسيان”، بطل الرواية الذكوري.
ولسوء الحظ، كانت الرواية — التي تناولت مصير أستيل وكاسيان — تنتهي نهايةً مأساويةً قاتمة.
ولدنا في عائلة “الكونت فيتري”، وهي أعرق عائلة سحرية في الإمبراطورية، لكن تم تلفيق التهم ضد عائلتنا وتم القضاء عليها.
ضحّى والدانا بحياتيهما من أجلنا، باستخدام سحر التسلل المحظور الذي لا يمكن تتبعه.
وبفضله، نجونا بالكاد من المذبحة.
لكن، ماذا يمكن لطفلين صغيرين، لا يعرفان شيئًا، أن يفعلا؟
طفولتنا كانت مليئة بالصعوبات، حزينة، وعاجزة.
كنا معتادين على الجوع، وكان هناك أيامٌ نتوسّل فيها الطعام ونتلقى الضرب بدلًا منه.
لحسن الحظ، عندما حصل أخي على وظيفة كراعٍ في الإسطبل، استطعنا أن نأكل ولو جزرًا متعفنًا كوجبة في اليوم.
ومع ذلك، كنا نستمتع بالعيش رغم كل شيء. فالمحن جزء من الحياة.
لكن، عندما بلغتُ العاشرة، بدأت المشكلة الحقيقية.
حين أدركتُ أنني قد وُلدتُ من جديد داخل هذه الرواية.
“النوع كان انتقام، وحتى النهاية كانت حزينة؟!”
بحسب ما تذكرتُ من الرواية الأصلية، فإن كاسيان، الذي نشأ مع شقيقته، سعى للانتقام لوالدينا.
ونجح في كشف هوية بعض الجواسيس الذين دمّروا عائلتنا، وتمت تبرئته.
ولكن، بعد أن ظن أنه حقق نهاية سعيدة…
قُتل كاسيان على يد “الشرير الأخير”، الذي لم يكن يعلم بوجوده أصلاً.
أما “أستيل”، فكانت تُقتل أيضًا وهي تُربي ابن أخيها الذي تركه خلفه.
وانتهت الرواية نهايةً مريرة، دون أن تُكشف هوية الشرير الأخير.
هذا هو المصير.
عندما أدركتُ أنني وُلدتُ من جديد، ارتعبت من المستقبل، وكنت أبكي أثناء التجوّل والتسوّل.
“أستيل! نحن متسوّلون، علينا أن نعمل. لا تبكي طوال الوقت.”
“أخي… ماذا لو كان قدرُنا هو الموت؟”
رد كاسيان بهدوء على سؤالي العاجز.
“كاسيان، أيها الغبي. أنت لا تعرف شيئًا! فقط ارحل!”
ضحك دون أن يعرف أنه مصيره هو الموت، وأنني سأعيش حياةً بائسة مع ابن أخي!
لكن من كلماته، أدركتُ شيئًا عظيمًا.
“ومع ذلك… أحببتُ القول: ‘إذا كانت النهاية سيئة، فغيّرها.'”
إذا أمسكتُ وقتلتُ الشرير الأخير الذي فشل كاسيان في القضاء عليه…
سأجعله يأكل حساء الجزر المسموم حتى تنفجر بطنه ويموت بألمٍ شديد!
ثم، سأُعدّ نفسي للانتقام. وبالطبع، سأفعل ذلك من أجل أخي أيضًا.
“أريد التقدّم لاختبار دخول فرسان الهيكل.”
“…”
“فقط انتظر عشر سنوات. سأُبرّئ عائلتنا من التهم، وأعيش في بيتٍ جميلٍ وأنا أرتدي ملابس أنيقة.”
لم يكن أخي يُشارك الكثير عن خطّته في الانتقام.
لكنه أصبح بطلًا للإمبراطورية.
نال كاسيان لقب النبالة، واكتسب علاقات قوية مع مصادر معلومات عليا. كنتُ أعلم مسبقًا أنه سيسعى للوصول إلى الحقيقة من خلال مقابلته لأشخاص من نقابة الظل.
وقد تركني في قرية نائية، ليسير نحو طريقه الشائك.
“ما هذا التعبير على وجهك!”
“إنه فقط…”
“لأنني لستُ كفؤة بما فيه الكفاية؟”
“نعم. أنتِ لستِ كفؤة…”
بدا أخي مصدومًا، لكنني لم أستطع قول غير ذلك.
في النهاية، إن فشل… سنموت جميعًا.
إذاً، لم يكن أمامي سوى طريق واحد لتغيير هذه النهاية المأساوية.
بدون علم أخي، عليّ مساعدته في كشف هوية الشرير الأخير!
فقط حينها… يمكننا النجاة حقًا.
تذكّرت بعض التلميحات التي وردت في الرواية، حيث لم يُكشف عن الشرير الأخير حتى النهاية.
أولًا، لم يكن من المستحيل معرفة من كان الجاسوس الذي تسرّب إلى عائلتنا.
فقد ذُكرت بعض التلميحات المهمة.
واحدٌ من الجواسيس الثلاثة الذين لفّقوا الأدلة ضد كونت فيتري كان بشريًا، والاثنان الآخران من المُتغيّري الشكل.
وبعد أن دمّروا عائلتنا، فرّوا إلى دوقية أنييه.
إذا أمسكتُ بهم فورًا، واكتشفتُ من هو الشرير الأخير وتعاملتُ معه…
عندها فقط يمكننا الوصول إلى نهاية سعيدة.
لكن المشكلة هي أنه ليس من السهل دخول قلعة دوق أنييه.
لأسباب سياسية معقّدة، فشمال الإمبراطورية بأكمله — أي دوقية أنييه — كان أرضًا يقطنها المُتغيّرو الشكل.
وكان المُتغيّرو الشكل يكرهون البشر الذين استعبدوهم في الماضي، لذا كانوا يهددون أي بشري يدخل أرضهم.
وقد مات عدد من البشر بالفعل.
بالطبع، كان هناك بعض البشر الذين تمكنوا من دخول قلعة الدوق الشمالية.
أولًا، كان عليّ الحصول على وظيفة في مركز العلاج التابع للدوق بعد معاناة طويلة.
لكن، الظروف كانت مختلفة داخل القلعة، حيث تقيم عائلة الدوق وخدمه من المُتغيّري الشكل.
كانت قلعةً خطيرة، لا يُسمح لأحد بالدخول أو الخروج منها دون إذن، حتى لو كان من الحراس.
فالقلعة الشمالية محاطة بسحر يجعل أي بشري يتسلل إليها يُقطع رأسه فورًا.
فكيف لي، كبشرية، أن أدخل القلعة دون أن أموت، وأتجسّس من الداخل دون أن أُثير الشك؟
بعد سنوات من العمل في مركز العلاج، وجدتُ أخيرًا طريقة فعالة.
وهي أن أُصبح “منقذة دوق أنييه”!
فمن خلال ذلك، يمكنني دخول دوقية المُتغيّري الشكل دون أن يُراق دمٌ واحد.
❅
في لحظةٍ، بينما كنتُ ما زلتُ في الحلم، فتحتُ عيني فجأة وكأنني في لعبة.
نظرتُ بسرعةٍ حولي، لكن الدوق الذي كنتُ قد وضعتُه بعناية على السرير قد اختفى.
ربما لم يكن كل شيء في حلمي صحيحًا.
أو، ربما دوق أنييه لم يُقدّر معروف من أنقذ حياته… على خلاف ما ورد في الرواية!
مددتُ كتفيّ وضغطتُ على عينيّ، ثم سمعتُ صوتًا خافتًا خلف ظهري.
“هل أنتِ من أنقذني؟”
كانت نبرة الصوت قاسية تصف عبارة “من أنقذني”، لكن انخفاضها كان عذبًا لدرجةٍ جعلتني أرتبك.
استدرتُ ببطء، كأنما كنتُ مسحورة.
وأخيرًا، التقت نظراتنا في المنتصف.
شعرٌ أسود، وعيونٌ تميل إلى الزرقة.
كان هو — دوق أنييه، الذي أنقذتُه.
حاكم جميع المُتغيّري الشكل في الشمال.
غير أنه، باستثناء لقب “دوق أنييه”، لم تُعرف حقيقته ككائنٍ بعد، فكان شخصًا غامضًا يُعرف بالوحش الخطر في الشمال.
والآن، أصبح هو طريقي الوحيد لدخول قلعة الدوق!
***
تـــرجــمــــــة: ســـاتوريــــا… ♡
التلي: https://t.me/gu_novel
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 1"