2
الفصل 2
حسنًا، لنتوقّف قليلًا هنا. ولنُلْقِ نظرةً على ماهيّة لعبة <مرحبًا أيُّها الفندق السعيد> بالضبط قبل أن نتابع الحديث.
كانت <مرحبًا أيُّها الفندق السعيد> لعبةَ مُحاكاةِ إدارةٍ نموذجيةً أُطلِقتْ في فترةِ ازدهارِ الألعابِ المحمولة.
تتولّى فيها دورَ المديرِ العامّ لفندقٍ يُدعى ‘مرحبًا أيُّها الفندق السعيد’، فتُزيّن الفندقَ وتُديره بنفسك. لعبةٌ هادئةٌ رتيبةٌ تُقدّم تجربةَ استرخاءٍ بحتة.
نعم. في البداية، كان الجميعُ يظنّ ذلك. إلى أن ظهرت منشورات شكوى أحدِ المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعيّ.
[ظهرت لي شخصيّة NPC جديدة لم أرَها من قبل، وفجأةً لم يعُد التطبيقُ يفتح. هل هذا خطأ برمجيّ؟]
**كلمة NPC هي اختصار لـ Non-Player Character،
ومعناها “شخصية غير لاعبة”.
ومنذ تلك اللحظة بدأتْ الشهاداتُ عن الأعطالِ تظهرُ من كلّ حدبٍ وصوب.
شخصيّاتٌ غامضةٌ بلا أسماءٍ، تشوّهاتٌ غريبةٌ في الرسوم، حواراتٌ غير مفهومةٍ من الشخصيّات… تعدّدتِ البلاغاتُ وتنوّعت.
بصراحة، كانت الظواهرُ فريدةً إلى حدٍّ يصعبُ تصديقُ أنّها مجرّدُ أخطاءٍ تقنيّةٍ عابرة.
ولهذا بدأ بعضُهم يظنّ أنّها “محتوياتٌ خفيّة” أُضيفت عمدًا لزيادة متعة اللعب، أي ما يُعرف بـ “الإيستر إيغ”.
**كلمة Easter Egg (إيستر إيغ) معناها “بيضة عيد الفصح” حرفيًا، لكن في عالم التقنية تعني ميزة خفية أو سرّ صغير مخفي داخل لعبة أو برنامج أو فيلم، يضعه المطوّرون عمدًا ليكتشفه المستخدمون الفضوليون. و باختصار هي مفاجأة مخفية أو سر ممتع داخل محتوى رقمي.
لكنّ الأمورَ لم تكن بتلك البساطة. فكثيرٌ من اللاعبين أفادوا بأنّ اللعبةَ تُغلقُ فجأةً بعد ظهورِ تلك الأخطاء، بل إنّ التطبيقَ لا يعاودُ التشغيلَ أبدًا بعدها.
وفي أسوأِ الحالاتِ، تعطّلَت الهواتفُ تمامًا.
ولمّا تكرّر الأمر، اشتكى اللاعبون إلى فريق التطوير.
[أتُديرون اللعبةَ بأقدامكم؟ كيف نلعب لعبةً تفسد الهاتف؟]
لكنّ الردّ الذي وصلهم كان بهذه الصورة:
[بعدَ الفحص، لم نتمكّن من العثور على الخطأ المذكور. في حالِ مواجهتِكم هذا الخللَ مجدّدًا، نرجو منكم إغلاقَ اللعبةِ فورًا.]
كان الردُّ باردًا وسخيفًا إلى درجةٍ أذهلتِ الجميع. وبينما كان الغضبُ يتصاعد، ظهر “ذلك” الخللُ الجديد.
رمزُ أرنبٍ أسودَ صغيرٍ في زاويةِ شاشةِ اللعبة.
[ضغطتُ على الرمز، فظهرَت شاشةٌ غريبة. هل تبيّن أنّ اللعبةَ كانت لعبةَ رعب؟]
وبالفعل، عند الضغطِ على الرمزِ الأسود، ظهرتْ شاشةٌ تشبهُ ألعابَ الرعبِ القديمةِ بأسلوب البِكسلات.
صحيحٌ أنّ <مرحبًا أيُّها الفندق السعيد> كانت في الأصلِ لعبةً برسوماتٍ بكسليّة، لكنّ الأجواءَ هنا كانت مختلفةً تمامًا، كأنّها لعبةٌ أخرى بالكامل.
والأغربُ أنّ الفندقَ بدا مُكتملَ البناءِ منذ البداية، بخلاف النسخةِ الأصليةِ التي كان على اللاعبِ فيها تطويرُ المرافقِ تدريجيًّا.
ظهرت خرائطُ جديدةٌ أيضًا، لكنّ معظمَها كان مُغلقًا كما لو أنّ إدارةَ الفندق لم تكن الهدفَ بعد الآن.
ثمّ تكاثرت الأخطاءُ بشكلٍ غير مسبوق. حتى إنّ اللعبةَ كانت تُغلقُ تقريبًا بعد كلّ لمسةٍ على الشاشة. والأسوأُ من ذلك أنّ تلك الأخطاءَ بدتْ مرعبةً بحقّ.
الرسومُ تتشوّهُ بطريقةٍ مزعجة، الشخصيّاتُ تقتلُ بعضها بعضًا، ثمّ تهاجمُ اللاعبَ نفسه، والدماءُ تسيلُ في أرجاءِ الفندق. لقد تحوّلت اللعبةُ فعليًّا إلى لعبةِ رعب.
عندئذٍ تواصلَ الناسُ جماعيًّا مع فريق التطوير وسألوهم.
[ما هذا بحقّ السماء؟ أهو حدثٌ خاصّ؟ أم مستوى صعوبةٍ جديد؟ أم إيستر إيغ؟]
وجاءهم الردّ طويلًا ومهذّبًا، لكنّ خلاصته كانت كالتالي.
[ <مرحبًا أيُّها الفندق السعيد> لا تُقيمُ حاليًّا أيّ فعاليّاتٍ خاصة، كما أنّه لا يوجدُ لدينا وضعُ صعوبةٍ مرتفع.
إنْ صادفتم رمزَ الأرنبِ الأسود، فلا تضغطوا عليه، وأغلقوا اللعبةَ فورًا. إن تصرّفتم بسرعةٍ كافيةٍ فلن يحدثَ شيء.
لكن إن فشلتم في ذلك، فعليكم حذفُ الحسابِ نهائيًّا وإزالةُ التطبيقِ من الهاتف، ومن الأفضلِ استبدالُ الجهازِ بآخرَ جديد.
رجاءً، لا تأسفوا على بياناتِ اللعب. الأهمّ دائمًا هو سلامةُ اللاعب.
نَعِدُكم نحنُ فريقَ «استوديو وندرلاند» بأن نبذلَ دائمًا قصارى جهدِنا من أجل إدارةٍ فندقيّةٍ ممتعةٍ لِلاعِبينا الكرام.]
بعدَ صدورِ هذا الردّ، هل غادرَ الناسُ قائلينَ ‘تفو، لعبةٌ مجنونة. وفريقُ تطويرٍ أكثرُ جنونًا’؟
أبدًا!
بل على العكس تمامًا. فمنذ ذلك اليوم، بدأت <مرحبًا أيُّها الفندق السعيد> تكتسبُ شهرةً هائلةً تحتَ لقبِ “لعبةُ الرعبِ العلاجيّةِ النابوليتانيّة.”
بل إنّ بعضَهم قرّرَ من تلقاءِ نفسه أنّ رمزَ الأرنبِ الأسود هو ما يُسمّى الوضعَ الصعب، وراحوا يتجمّعونَ في منتدياتِ الألعابِ ليناقشوا استراتيجياتِ هذا الوضع.
يا للجنون، هؤلاء الأوتاكو جميعُهم لم يكونوا على ما يرام.
…بصراحةٍ، لستُ في موقِعٍ يؤهّلني لانتقادِهم. فقد كنتُ أنا أيضًا مهووسةً باستراتيجياتِ الوضعِ الصعب في وقتٍ من الأوقات.
ما باليدِ حيلة. كنّا آنذاك نظنّ أنّ “الأسطورةَ النابوليتانيّة” هي المفهومُ الحقيقيّ للعبة <هيلو هابي هوتيل>….
**مصطلح “الأسطورة النابوليتانية” يُستخدم لوصف شخصية أو كائن أسطوري مستوحى من التراث النابوليتاني أو القصص الشعبية لنابولي، ويتميز بقدرات خارقة أو صفات فريدة نادرة.
على أيّ حال، بهذه الطريقةِ هزّت <مرحبًا أيُّها الفندق السعيد> سنواتَ مراهقتي، بل وشبابَ مئاتِ آلافِ الأوتاكو الآخرين.
ومع أنّ أحدًا لم يتمكّن من اكتشافِ طريقةٍ كاملةٍ لاجتيازِ الوضعِ الصعب رغمَ المحاولاتِ المتكرّرة، فإنّ اللاعبينَ أنهكَهم التحدّي وغادروا الواحدَ تلوَ الآخر، حتى غدتِ اللعبةُ اليومَ مجرّدَ ذكرى من الماضي.
‘لستُ متأكّدةً حتى إن كانت اللعبةُ لا تزالُ قائمةً حتى.’
تنفّستُ بعمقٍ وألقيتُ نظرةً حولي.
لم يكن بالإمكانِ العثورُ على مرفقٍ سليمٍ في الردهةِ المظلمة.
كان الصمتُ يُخيّمُ مكانَ الموسيقى الكلاسيكيّةِ الخفيفةِ وضحكاتِ الزوّار، ناشرًا توتّرًا يوحي بأنّ شيئًا فظيعًا على وشكِ الحدوث.
كان المشهدُ مطابقًا تمامًا لنقطةِ البدايةِ في الوضعِ الصعبِ من <مرحبًا أيُّها الفندق السعيد>.
في النسخةِ الأصليةِ المفعمةِ بالحيويةِ والظرفِ، لم يكن بالإمكانِ تزيينُ الردهةِ بتصميمٍ قاتمٍ يشبهُ غابةً كئيبةً كهذه.
وفوقَ ذلك، فإنّ الرجلَ المقنّعَ بقناعِ الأرنبِ المنحرف —حسنًا، لنسمّه اختصارًا “الأرنب المنحرف”— كان في الأصل شخصية NPC تظهر فقط في بداية الوضع الصعب لشرح العالم.
أمّا الاسمُ الذي ناداني به، و هو أليس، فهو الاسمُ الافتراضيّ الممنوحُ لشخصيّةِ اللاعب.
‘إذًا أنا عالقةٌ بالفعل داخلَ الوضعِ الصعبِ من <مرحبًا أيُّها الفندق السعيد>.’
ارتفعتِ الشتائمُ إلى حلقي وأنا أضعُ يدي على رأسي.
اللعنة. من بين كلّ شيءٍ في العالم… هذا بالذات؟
كما قلتُ من قبل، الوضعُ الصعبُ كان أقربَ إلى لعبةِ رعبٍ مليئةٍ بالظواهرِ الشاذّة. مجرّدُ التفكيرِ في أنّني قد أُواجهُها حقًّا جعلَ معدتي تنقبض….
‘همم؟ انتظر لحظةً.’
أليسَ من الأفضلِ أن أكونَ قد تجسّدتُ في لعبةٍ، لا في رواية؟
ففي النهاية، إن كانت لعبةً، فكلّ ما عليّ فعلهُ هو إنهاءُ اللعبة، أليس كذلك؟ بسيط!
‘دعني أرى…’
إذًا عليّ أولًا إيجادُ نافذةِ النظام. لا بدّ من وجودِها لأتمكّنَ من الضغطِ على زرّ الخروج.
جلستُ جلسةَ استعدادٍ وبدأتُ أُحرّكُ نظريَ في كلّ الاتجاهات.
عادةً ما تُظهِرُ الروايات التي تدورُ حولَ التجسّدِ داخلَ الألعاب رمزًا للنظام في زاويةِ الرؤية.
لكنّني…
‘لا شيء. لا شيء إطلاقًا.’
هل فهمتُ الأمرَ خطأً؟ كيف كانت تجري الأمورُ عادةً في تلك الروايات؟
‘…أيمكن أن يكونَ عليّ نُطقهُ بصوتٍ عالٍ؟’
مثلَ نافذةِ الحالة التي تظهرُ في الروايات عن الصيّادين؟
‘يا إلهي، يبدو هذا تصرّفَ أوتاكو من الدرجةِ الأولى!’
آه، كرامتي كابنةٍ كُبرى تتبخّرُ الآن وتطفو في نهرِ الهان… آه آه….
لكن مهلاً، لا داعي لأقولَ “يبدو” فمجردُ معرفتي بماهيةِ نافذةِ الحالة يعني أنّني أوتاكو بالفعل…
“…….”
فجأةً خبا شيءٌ في داخلي. سعَلتُ بخجلٍ وأنا أشيحُ بنظري.
“كُــ….كُــح، كُحم. نظام…؟ نافذةُ النظام؟”
عمَّ صمتٌ قصير.
ولم يظهر شيءٌ.
غطّيتُ وجهي المحمرَّ بحرارةٍ خجلًا.
‘اللعنة… لحسنِ الحظِّ أنّه لا أحدَ يراني الآن.’
لو شاهدني أحدٌ في هذه الحالة، لكنتُ ثقبتُ عشراتِ الأغطيةِ بخجلي… هه؟
“ما هذا؟”
كان هناك شيءٌ يلمعُ تحتَ طيّاتِ تنورتي المفروشةِ على الأرض.
أخرجتُه، فإذا به بوصلةٌ غريبةُ الشكل، محاطةٌ بإطارٍ أحمرَ لامعٍ كأنّه من حجرٍ كريمٍ مصقول.
‘ما الذي تفعلُه هذه هنا…؟ هاه!’
حين لمستُها، شعرتُ بأنّها تنقسمُ نصفين على طولِ خطٍّ جانبيّ.
يا للجنون، لم أضغطْ عليها بقوّةٍ حتى!
“آه، إنّها تُفتَح.”
اتّضحَ أنّها كانت أشبهَ بالقلادةِ القابلةِ للفتح.
تماسكتُ وأخذتُ أتفحّصُها بدقّة. فاكتشفتُ أنّها ليستْ بوصلةً أصلًا، بل ساعةُ جيبٍ صغيرة.
أمّا البوصلةُ الظاهرةُ على السطحِ فكانت مجرّدَ غطاءٍ زخرفيّ.
…هل يُعقلُ أنّها الساعةُ العاديةُ التي أعطاها لي ذلك الأرنب المنحرف، وقد تغيّرتْ إلى هذه الصورة؟
“عجيب.”
قلتُها بإعجابٍ صادقٍ وأنا أفتحُ غطاءَ الساعة. وفي تلك اللحظة-
《مرحبًا بكِ، الآنسة أليس!》
ارتفعَ فوقَ الساعةِ مجسّمٌ ضوئيٌّ صغيرٌ بحجمِ شاشةِ هاتفٍ ذكيّ.
“!”
في وسطِه رسومُ الردهةِ الداكنةِ، تُحيطُ بها رموزٌ بأشكالٍ مألوفة.
لقد رأيتُ هذا المشهدَ من قبل، بالطبع.
إنّه الواجهةُ الرئيسيّةُ للعبةِ <مرحبًا أيُّها الفندق السعيد>!
“النّظام!”
صرختُ وأنا أضغطُ على رمزِ الترسِ الصغيرِ في الزاويةِ العلويةِ اليمنى. حسبَ ذاكرتي، كان هناك….
“ها هو!”
تحتَ شريطِ إعداداتِ الصوتِ في نافذةِ النظام، ظهرَ خيارٌ بعنوانِ ‘الخروج’.
هذا هو زرُّ الخروجِ الذي كنتُ أبحثُ عنه!
“أرجوك….”
وضعتُ إصبعي المرتجفَ على ‘الخروج’، فظهرتْ حركةُ الضغطِ على الشاشة وبدأتْ الصورةُ تتلاشى تدريجيًّا.
《جارٍ التحميل…….》
وجهُ أرنبٍ أبيضَ صغيرٍ بدأ يدورُ في منتصفِ الشاشة.
قبضتُ يدي بقوّةٍ وأنا أترقّبُ نهايةَ التحميل.
ثمّ اختفى الأرنب، وظهرت نافذةٌ منبثقة.
《هذه الوظيفةُ غيرُ مفعّلة!》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 2"