كانت دان آه تردّ على سؤال سوك وونغ، ثم سرعان ما قطّبت حاجبيها، إذ تذكّرت أن الرجل الذي حصل على قلب را كيونغ لم يكن سوى مدمن عمل مهووس.
كان من المفترض أن يمتنع عن أي مجهود شاق لمدّة لا تقلّ عن ثلاثة أشهر.
تمتمت بنبرة حائرة:
“…ألا توجد طريقة نمنعه بها من العمل؟”
فبادرها سوك وونغ بصوت متوتر:
“يا، ياا! لا أعلم ما الذي تخطّطين له، لكن توقّفي فورًا.”
“هاه؟”
أمالت دان آه رأسها في دهشة وهي تحدّق فيه، فإذا به يرسم بيديه إشارة × كبيرة مضيفًا:
“لا مزيد من الجرائم، مفهوم؟! لا تفكّري بحوادث تُدخله المستشفى أو شيء من هذا القبيل.”
“يا! كو سوك وونغ! هل تتّهمني الآن أنني سايكوباث؟!”
اشتعل وجهها غضبًا، فصفعته بيدها على ذراعه. تظاهر سوك وونغ بالألم، ثم انفجر ضاحكًا.
منذ رحيل را كيونغ، كانت دان آه أشبه بإنسانة فقدت كل رغبة في الحياة. لكن الآن… بدا وكأن الحياة عادت تتسرّب إلى عينيها من جديد.
‘إيه… وهكذا كيف لي أن أمنعها؟’
حتى وإن كان ما تفكّر فيه ضربًا من التهور، فإن كان ذلك كفيلًا بأن يبعث في صديقته المنهكة رغبة جديدة في العيش… فلِمَ لا؟ كان سوك وونغ مستعدًا أن يشاركها مهما كان الثمن.
…رغم أن الخوف ما زال يعصف بقلبه، والارتباك ينهشه بلا رحمة.
‘آه يا رجل! لا بأس… دع المستقبل لمستقبله، وسنرى حين يحين أوانه.’
* * *
ـ “مع ذلك… كان عليّ أن أبقى إلى جانبك لمساعدتك.”
“لا بأس، سكرتير جونغ. خذ هذه الفرصة واسترح قليلًا. بسببي كنت تلهث وراء أمور جانبية كثيرة، غير عملك الأصلي.”
ـ “مستحيل يا سيدي! خدمتك هي عملي وشرفي.”
ابتسم مين جون ساخرًا من ولاء سكرتيره، ثم حثّه مجددًا على الراحة قبل أن يُنهي المكالمة. بعدها دفع الباب أمامه ودخل الغرفة: غرفة الـVIP التي أقام فيها أثناء جراحة الزرع.
لقد مضى شهر منذ الجراحة، وها هو يعود إليها مجددًا لإجراء الفحوص الدورية.
وكما في المرة الأولى، أصرّ السكرتير على مرافقته ليهتم بكل صغيرة وكبيرة، غير أن مين جون رفض. فمهما يكن، سكرتيره ليس “مُربية” ترعاه.
ثم إنه لم يعُد طفلًا يحتاج إلى رعاية أحد.
ولذلك منحه ثلاثة أيام إجازة، مساوية لأيام إقامته في المستشفى. لكن ولأن السكرتير لم يطمئن قلبه، بادر بالاتصال قبل قليل يسأله إن كان يودّ حضوره فورًا.
“…”
ابتسم مين جون بصمت، ثم بدأ يفتح حقيبته الصغيرة ليُرتّب أغراضه. لكن فجأة فُتح الباب، ودخل طبيب شاب ذو بنية جسدية قوية.
“…أنت المريض كوون مين جون، صحيح؟”
رفع الطبيب نظره إلى الأوراق التي يحملها، ثم سأل. فأومأ مين جون برأسه موافقًا.
“أنا طبيبك المسؤول من الآن، اسمي كو سوك وونغ.”
“تشرفت بلقائك.”
أجاب مين جون بلباقة وانحناءة خفيفة، بينما بدا الحرج على ملامح الطبيب الشاب قبل أن يتابع:
“لقد أنهيتَ الفحوص الأساسية: تحليل الدم، تخطيط القلب، وصورة الصدر بالأشعة، أليس كذلك؟”
“نعم، صحيح.”
ردّ مين جون بهدوء، فهزّ سوك وونغ رأسه مُسجّلًا ملاحظة في ملفه، ثم قدّم ورقة وقلمًا لمريضه:
“غدًا سنُجري فحص أنسجة القلب وتصوير الشرايين التاجيّة. في فحص الأنسجة، سنُحدِث شقًا صغيرًا في جدار الصدر لندخل إبرة خاصة ونأخذ عينة. سنُجري ذلك تحت تخدير موضعي. الإجراء آمن غالبًا، لكن لا بدّ أن أخبرك أنّ هناك نسبة قليلة من المضاعفات المحتملة: نزيف، إصابة وعائية، أو عدوى.”
كان هذا النوع من الشرح إجراءً روتينيًا قبل أي فحص. أصغى مين جون بصبر، ثم أومأ برأسه.
تابع سوك وونغ:
“أما بالنسبة لتصوير الشرايين التاجيّة، فسنُدخل قسطرة عبر شريان الرسغ (الشريان الكعبري). هل سبق أن عانيت من تحسس تجاه مواد التباين؟”
“لا، لم يحدث.”
وقّع مين جون على استمارة الموافقة بعد أن ألقى عليها نظرة خاطفة، فأخذها سوك وونغ وأكمل:
“آه… وتذكّر أن تبدأ الصيام من مساء اليوم. ستُخبرك الممرضة بالوقت الدقيق تبعًا لموعد الفحص غدًا.”
“حسنًا، مفهوم. …هل لديك ما تضيفه بعد؟”
كان كل شيء واضحًا: الشرح تم، والتوقيع أُنجز. لكن الطبيب بدا متردّدًا في المغادرة.
تقطّبت ملامح مين جون قليلًا وهو يسأله. عندها فقط انتبه سوك وونغ لنفسه، فأسرع يهزّ رأسه مستحييًا وغادر الغرفة على عجل.
تمتم مين جون وهو يراقبه يغادر:
“…غالبًا ما يتولّى الأطباء المقيمون في سنتهم الأولى مسؤولية كهذه.”
ربما لهذا بدا قليل الخبرة. لكنه لم يفكّر يومًا بطلب طبيب آخر؛ فهؤلاء الشباب لا بد أن يتعلموا بهذه الطريقة. ثم إنه لن يُقيم في المستشفى سوى يومين أو ثلاثة، فلماذا يبالغ في التدقيق؟
بالطبع… لو كان موظفًا عنده لكان الأمر مختلفًا.
مدّ يده ليستكمل ترتيب أغراضه.
توتوتوتو…
دوّى هدير مروحية في الأجواء. لا شك أن مريضًا في حالة حرجة قد أُسعف للتو. لقد اعتاد على سماع هذا الصوت أكثر من مرة في اليوم خلال إقامته السابقة.
وما إن تسلّل ذلك الصوت إلى أذنيه، حتى شعر تمامًا أنه عاد بالفعل إلى عالم المستشفى. جلس على حافة السرير، ثم رفع كمامته قليلًا لتستقر بإحكام فوق أنفه.
دان آه حملت العُدّة اللازمة لتأمين الوَريد المركزي، ثم اتجهت نحو سرير المريض. هناك رأت رجلاً موصولًا بأنبوب متصل بجهاز التنفّس الاصطناعي (Ventilator).
“ضغط المريض منخفض… تسعون على ستين.”
الممرضة التي أبصرتها أسرعت إليها بالقول. التفتت دان آه تُحيط المكان بنظرة سريعة قبل أن تسأل:
“أين ذويه؟”
“المريض حضر بلا مرافقة. سقط في الطريق وأحد المارة هو من بلّغ الإسعاف.”
لم يكن وعي المريض كافيًا، ولا يوجد وصيّ يمكن أخذ موافقته على الإجراء، فبدت المسألة مستحيلة. غير أنّ دان آه بعد أن استمعت إلى الممرضة، حسمت الأمر بقولها:
“سأُدخل خطًّا مركزيًا (C-Line) فورًا.”
وقبل أن تكمل كلماتها كانت الممرضة قد أسدلت الستائر حول السرير. أعادت دان آه فحص حالة المريض سريعًا، ثم نزعت سترته. لحسن الحظ كان قميصه بأزرار، فلم يتطلّب الأمر جهدًا كبيرًا.
بينما كانت تتمعّن في عظام الترقوة متحرّية وجود أي كسور، فتحت الممرضة غطاء التعقيم، ومدّت إليها قفازات معقمة. شكرتها دان آه بوقار، ارتدت القفازات، ثم أخذت كرة مبللة بالبيتادين ومرّرتها على أعلى صدره الأيمن. انتظرت حتى يجفّ أثر المطهّر، ثم غطّت جسده بقطعة القماش الجراحي.
حين سلّمتها الممرضة الحقنة، غرستها دان آه عند الموضع أسفل الترقوة، حتى إذا ما اندفعت دماء الوريد راجعةً إلى المحقنة، أدخلت بمهارة السلك المرشِد (Guide-wire) داخل الإبرة.
لكن الحذر كان واجبًا؛ إذ إن إدخاله بعمق زائد قد يثير اضطرابًا في النظم القلبي.
“رجاءً… قوموا بالـ Flushing.”
واصلت دان آه إدخال القسطرة الوريدية على مسار السلك، ثم سحبته لتثبّت الأنبوب، وقالت وهي تلتفت إلى الممرضة.
الممرضة سارعت لتوصيل المحاليل إلى كل لومِن (Lumen) في القسطرة، فيما أخذت دان آه تتحقّق من أن كل شيء يعمل كما ينبغي.
“تم الأمر.”
ابتعدت قليلًا بعدما ثبّتت الخط المركزي، لتعود الممرضة فتعقم الموضع مجددًا. وما إن تدفّق السائل الوريدي بكميات كبيرة حتى أخذ ضغط الدم يعود تدريجيًا إلى وضعه المستقر.
بعد أن أنهت فحصها الأخير، فتحت دان آه الستارة واتجهت بخطوات رصينة نحو مكتب التمريض. لكنها توقفت فجأة في منتصف الطريق، فقد لمحَت سوك وونغ يطلّ بحذر من عند مدخل الطوارئ.
“ما الذي يفعله هنا…؟ آه!”
اتسعت عيناها، وتذكّرت فجأة أمرًا كادت تنساه وهي منشغلة بالمريض.
“الدب الحجري، لا، أقصد، دكتور غو!”
أسرعت نحوه بخطوات متلهّفة، ولم تنتظر حتى ينبس بكلمة، بل انهمرت بأسئلتها دفعة واحدة:
“هل أُدخِل؟ هل قابلت المريض؟ كيف تبدو حالته؟”
ابتسم سوك وونغ قليلًا ثم قال بصوت هادئ:
“اسألي بترتيب، واحدة تلو الأخرى… كنت أستغرب سكوتك المفاجئ وانغماسك في العمل.”
التفت حوله بحذر، ثم اقترب منها وخفض صوته وهو يجيب:
“المريض، كوان مين-جون، أُدخِل قبل قليل. أنهى جميع الفحوصات الأساسية في مختبر الطابق الأول. غدًا سيخضع للخزعة وفحص الشرايين التاجية (CAG)، وبعد غدٍ تُجرى له موجات فوق صوتية للقلب. إن سارت الأمور كما يُرتجى… سيُسمح له بالخروج بعد ذلك.”
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 9"