من يكون؟
ذلك الذي يطوف حولي بلا انقطاع.
كان “مين-جون” قد تنبّه لوجوده للمرة الأولى منذ نحو أسبوعين. في اليوم الذي غادر فيه المستشفى وتوجّه للمراجعة الطبية الأولى بعد العملية. هناك، شعر بنظراتٍ تلاحقه.
في البداية، ظنّ أنّه شخص أرسلته زوجة أبيه. فهي التي لم تكن تنتظر سوى موته، لكنه نجا بفضل القلب المزروع، فاعتقد أنها لم تستطع تقبّل تلك الحقيقة، فأرسلت من يتجسّس ليتحقق من حالته.
لكن مع تكرار الأمر مرتين وثلاث وثلاثاً، أدرك أن ظنونه كانت خاطئة.
فزوجة الأب، غايتها أن تعرف حالته الصحيّة، وأبسط وسيلة لذلك هي الاطلاع على ملفاته الطبية داخل المستشفى، لا أن تُرسل أحدًا يتربص به قرب منزله أو مكتبه.
وفوق ذلك، حين واجهها في منزل والده، لم يلحظ منها ما يوحي بذلك البتة.
“همم…”
تمتم “مين-جون” وهو يمرر أصابعه على أسفل كمامته في اللحظة التي وصل فيها المصعد. دخل المصعد وأخرج هاتفه.
ــ “نعم، سيّدي.”
“آسف إن كنت أقاطعك وأنت تقود. لكن ثمة أمر أحتاج أن تتحقق منه.”
قالها وهو يستعيد في ذهنه صورة السيارة التي انعكست على باب المدخل منذ قليل.
“سأرسل لك حالاً رسالة فيها جزء من رقم السيارة ونوعها. أريد معرفة من المالك. نلتقي غداً.”
أنهى المكالمة بعد سماع جواب مساعده، ورفع رأسه إلى لوحة الأرقام التي كانت تصعد طابقًا بعد طابق.
في عينيه الباردتين ارتسم ظلّ تعبٍ عميق.
* * *
في المستشفى
“مستوى تاكروليموس في الدم مستقر، وفحص الـCMV سلبي… همم، الأسبوع القادم موعد فحص أنسجة القلب وتصوير الشرايين التاجيّة. إذًا يوم الدخول سيكون… أوه!” (الشرح في أخر الفصل)
“ما الذي تتمعنين فيه هكذا؟”
فزعت “دان-آه” فجأة إلى الوراء حين أطلّ رأس من جانبها وهي تحدّق بالشاشة. كان صاحب الصوت “سوك-وونغ”. أسرعت تغلق النافذة وتدير جسدها.
“ما الأمر؟ ما الذي كنتِ تنظرين إليه وأخفيتِه فجأة؟”
سألها بوجه متجهّم ونبرة خشنة. لحسن حظها، يبدو أنه لم يرَ ما كان معروضًا على الشاشة. تنفست الصعداء داخليًا وأجابت وهي تهز رأسها:
“لا شيء مهم… آه، تذكرت! مريض الـAortic dissection الذي أدخلناه فجرًا، كيف صار؟” (الشرح في أخر الفصل)
“ذاك المريض؟ انتهت الجراحة وأُدخل وحدة العناية المركزة.”
انتقل اهتمام “سوك-وونغ” إلى المريض، فارتاحت هي أكثر وزفرت زفرة خفيفة. نجت من انكشاف سرّها، وكذلك اطمأنت على المريض الطارئ.
لكن ما إن هدأت ملامحها حتى عاجلها بسؤال آخر:
“بالمناسبة… لماذا كنتِ تطالعين سجلّ مريض من قسم جراحة القلب والصدر؟”
“ماذا؟! أنا؟ أي سجل تتحدث عنه؟”
ارتبكت بشدّة وكأنها ضُبطت متلبسة. بقي فمها يفتح ويغلق بلا كلمات.
راقبها “سوك-وونغ” برهة ثم أطلق تنهيدة وهو يتفحّص المكان حولهما. وحين تأكد أن لا أحد يراقبهما، اقترب وخفض صوته:
“مريض القلب… الذي تلقّى قلب را-كيونغ.”
“…!”
تراجع جسد “دان-آه” خطوة وكادت تسقط، لولا أنها تماسكت بصعوبة. قلبها يخفق بجنون. لم يخطر ببالها أن أحدًا سيكشفها بهذه السرعة. صحيح أنها كانت تتوقع أن يُفتضح أمرها يومًا وتُعاقب، لكن ليس الآن.
ضغطت على ركبتيها لتستعيد أنفاسها، ثم رفعت رأسها بإصرار، شفتاها مطبقتان بقوة.
“هل أنتِ بخير؟” سألها “سوك-وونغ” بقلق.
“أجل… أنا بخير.”
“دان-آه… أنتِ…”
قاطعته بصوت يشبه الاعتراف:
“صحيح… عرفت. عرفت من هو الذي نال قلب را-كيونغ. حتى نتائج فحوصاته الأخيرة… سرقت نظرة إليها.”
تنهد “سوك-وونغ”، واضعًا يده على خاصرته والأخرى تدعك وجهه، وقال بتوبيخ:
“هل جننتِ؟! لو علم أحد، ماذا ستفعلين؟”
“كنتُ فقط… أريد أن أراه. أردت أن أعرف بعيني من هو الذي يعيش بقلب را-كيونغ.”
“لكني أعطيتك ملف الـUSB! ألم يكن ذلك كافيًا؟”
قال وهو يضرب جبهته بيده، صوته منخفض إلى أقصى حد خشية أن يسمعه أحد.
“لو كنت أعلم أنكِ ستتمادين هكذا، ما كنت أعطيتك حتى التسجيل الصوتي!”
سحب أنفاسًا مضطربة ولوّح بسترته الطبية وكأنه يهوّي على نفسه، رغم برودة الجو واحمرار وجهه من الانفعال.
“وماذا بعد؟ هل ستواصلين التطفّل هكذا خلسة؟”
“….”
“أتدركين ماذا سيحدث إن اكتشف المريض أن أحدهم عبث بسجلاته الطبية؟ لن يسكت!”
انفجر في وجهها غاضبًا، بينما هي التزمت الصمت، تستمع فقط. لكن الصمت كان أثقل من أن يُحتمل، فبدت عليه الدهشة، كأن خاطرًا صدمه فجأة:
“لحظة… لا تقولي إنكِ…”
“….”
“صحيح… سمعت أنكِ في كل يوم إجازة، تختفين إلى الخارج.”
الطبيب المقيم في سنته الأولى بالكاد يجد وقتًا للنوم، حتى ساعات الإجازة يفضّل معظمهم قضاؤها في مساكن الأطباء من شدة الإنهاك. فما بالك بها؟ إلى أين تذهب إذًا في كل مرة؟
“……أتصلَ الأمر بكِ إلى ملاحقة المريض أيضًا؟ هيه، هذا فعل لا يُغتفر!”
كان الأمر جللًا، فإن كانت قد استخرجت معلوماته الشخصية لتتبّعه خفية، فالمصيبة أعظم. كاد سوك-وونغ أن يرفع صوته من شدة الانفعال، لكنه بالكاد كبح نفسه.
“ليس كذلك، صحيح؟ ها؟!”
“……أبق الأمر طيّ الكتمان مؤقتًا. سأتلقى العقوبة لاحقًا.”
“العقوبة الآن هي همّكِ الأكبر؟! لا أنكر أنّها مهمّة، لكن… آه! أيًا يكن!”
ضغط سوك-وونغ بيديه على وجهه، كمن يغتسل جافًّا، ليكتم رغبته في الانفجار. ارتبك إلى حدٍّ لم يعد كلامه يخرج متماسكًا. لكن شيئًا واحدًا كان يقينيًا: صدق قلقه على زميلته. كان الخوف عليها، إن زلّت قدمها، ينهش صدره.
ودان آه، وقد أدركت تمامًا عمق قلقه عليها، لم تستطع أن تجادله.
“هاه… هذا لا يُحتمل. لو كان را-كيونغ هنا لرماكِ بنظرة حادة وقال لكِ: توقفي عن هذه الحماقات.”
“……بفتتت.”
انفلتت ضحكة خافتة من بين شفتي دان آه عند سماع كلمة “حماقات”. فقد ارتسم في ذهنها وجه را-كيونغ، وهو يلوّح بيده غاضبًا قائلًا لها تلك الجملة بعينها.
“أتضحكين الآن؟! أفي مثل هذا الموقف تخرج منكِ الضحكات؟”
أطرق سوك-وونغ صدرها بخفة وقد امتلأ وجهه بالغيظ، بينما راحت ابتسامة دان آه تذبل شيئًا فشيئًا عن شفتيها. ثم ما لبثت أن فتحت فمها لتقول بحزم:
“ثلاثة أشهر فقط… إن رأيتُ خلالها أن حاله يتحسن، عندها—كما وعدتُ—سأتوقف عن هذا الجنون. لذا، تحمّلني إلى ذلك الحين فحسب.”
“…….”
“سوك-وونغ… يا صديقي العزيز، أيها ‘الدب الحجري’.”
“تبًّا! كم مرة قلتُ لكِ لا تناديني بذلك! اسمي لا يُكتب بتلك الحروف أصلًا!”
(سوك / Seok): معناها “حجر” أو “صخر”.
웅 (وونغ / Ung): معناها “دب”.
أخذ يقفز غيظًا وهو يبيّن الفرق بين حروف اسمه واللقب الذي تلصقه به، لكن هيهات؛ فالسخرية بهذا اللقب لم تكن جديدة عليه. كان احتجاجه أشبه بمحاولة لتهوية الجو الكئيب لا أكثر، محاولة لم تُجدِ نفعًا كبيرًا.
“آه… يا لي من بائس.”
رمقها بنظرة محمّلة بالأسى، ثم أطلق تنهيدة طويلة وحكّ رأسه بخشونة قبل أن يهزّ رأسه استسلامًا.
“وماذا عساني أفعل؟ مذ ناولتُك ذلك الـUSB وأنا شريككِ في الجريمة على كل حال.”
“شكرًا لك.”
أجابته دان آه بابتسامة امتنان وهي تدفعه بخفة في خاصرته. نظر إليها سوك-وونغ مطوّلًا، ثم أطلق صوتًا متأففًا وهو يرفع كتفيه بتذمّر.
“إذن… أنتِ تكتفين بالمراقبة من بعيد؟”
“نعم.”
“والمريض… بخير؟”
“إلى حدٍّ ما. لم يمضِ شهر على عمليته الجراحية، غير أنّه—كعادته—لا يكف عن العمل.”
شرح : “مستوى تاكروليموس في الدم مستقر، وفحص الـCMV سلبي… همم، الأسبوع القادم موعد فحص أنسجة القلب وتصوير الشرايين التاجيّة. إذًا يوم الدخول سيكون… أوه!”
تاكروليموس (Tacrolimus): دواء مهم جدًا لمرضى زراعة القلب أو الكِلى.
ليه؟ لأنه بيمنع جهاز المناعة من الهجوم على العضو المزروع
فلما الدكتور يقول إن المستوى مستقر → ده معناه إن الدواء شغال تمام والمريض آمن.
وفحص الـCMV سلبي”
CMV = Cytomegalovirus
ده فيروس شائع جدًا وخطير على مرضى الزرع، لأنه ممكن يهاجم الجسم لما المناعة تبقى ضعيفة.
فلما التحليل يطلع “سلبي” → يعني مفيش فيروس ناشط
الأسبوع القادم موعد فحص أنسجة القلب وتصوير الشرايين التاجية”
فحص أنسجة القلب (Endomyocardial Biopsy): بياخدوا عينة صغيرة جدًا من عضلة القلب عشان يتأكدوا إن الجسم ما بيرفضش القلب المزروع.
تصوير الشرايين التاجية (Coronary Angiography): تصوير بالأشعة عشان يشوفوا الشرايين اللي بتغذي القلب → هل فيها انسداد ولا تمام؟ 🖤
“لا شيء مهم… آه، تذكرت! مريض الـAortic dissection الذي أدخلناه فجرًا، كيف صار؟”
Aortic dissection (تَشَرُّخ الأبهر / تَفَتُّق الأبهر):
ده مرض خطييير بيصيب الشريان الأبهر (أكبر شريان بيطلع من القلب وبيوزّع الدم لكل الجسم).
اللي بيحصل هو إن الطبقة الداخلية لجدار الشريان بتتشقّق → الدم يدخل بين الطبقات ويعمل قناة كاذبة.
ده ممكن يسبب:
نزيف داخلي قاتل.
انقطاع وصول الدم لأعضاء حيوية (مخ، كِلى، أطراف…).
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"