أزاح الرئيس ابتسامته المتصنّعة، وإذا بصوته يعلو حادًا، وعيناه اللتان شبّهتها دان آه بعيون الأفاعي تتلألآن بوميض مجنون يبعث القشعريرة:
“ولكن فكّري جيدًا، لو تفجّرت هذه المشكلة، فماذا تظنين سيحدث؟ ستتكبّد الشركة خسائر فادحة، ولن يكون أمامنا خيار سوى الاستغناء عن موظفينا. وماذا سيكون مصير أولئك الذين يصيرون عاطلين بين ليلة وضحاها؟ وماذا عن أسرهم؟ هاه؟ ألا يبدو لكِ أنّ كلمة طائشة منكِ قد تجرّ وراءها كارثة إنسانية مروّعة؟”
صمتت دان آه، شفتيها بين أسنانها ترتعشان وهي تشدّ يديها الواحدة بالأخرى. جفافٌ خنق حلقها حتى كادت الكلمات تأبى أن تتساقط. ثِقَل رهيب انقضّ على كتفيها، كأنّها تحمل وزر جبل بأكمله.
كانت تريد أن تصرخ: ليس ذنبي!. نعم، لم يكن ذنبها قط. إن سقطت غوسانغ في دوّامة الفوضى أو اضطربت مواردها، فذلك لأنهم هم أهملوا الرقابة على الدواء، لا لأن طبيبة صغيرة رفعت صوتها بالحق.
ومع ذلك، وبينما عقلها يقذف الحجج واحدةً تلو الأخرى، ظل قلبها مقيدًا بصخرة ثقيلة تكتم أنفاسه.
أغمضت عينيها بإحكام، عضّت على شفتيها، وكادت تنهار. عندها، تغيّر نبر الرئيس، فإذا به يلين صوته متظاهرًا بالشفقة:
“لقد فهمتِ ما أردتِ قوله يا آنسة، فلا داعي لمزيد من العناد. فليتولَّ المرضى معالجة تلك الطفوح الجلدية بأنفسهم، أليس هذا عمل الأطباء في النهاية؟ وأنتِ طبيبة، تعرفين ذلك جيدًا.”
طبيبة.
‘أنا طبيبة. دوري أن أتمسّك بواجبي كطبيبة، ولا أساوم على حياة المريض.’
عادت عينا دان آه لتتفتّحا، وقد انعقدت عزيمتها مثل فولاذ مصقول. ارتسم على ملامحها ثبات جديد، وصوتها خرج رزينًا وقاطعًا:
“أطالبك بسحب هذا الدواء فورًا من السوق. وأبلغ هيئة الغذاء والدواء بالأمر، وافتح تحقيقًا يكشف بوضوح في أي مرحلة وقع الخلل وأين تكمن علّة التصنيع.”
“هذه الجرأة!”
“لستُ آنسة، بل طبيبة.”
أعلنت دان آه ذلك بقوة، لترتجف يداها وهي تواجه وجهًا يزداد حمرة من الغضب. تذكّرت في لحظة أبوها العجوز الذي طالما علا صوته بالشتائم واليد التي لطالما لوّحت بالضرب. تذكّرت جروح طفولتها المخبّأة، والخوف الذي تشبّع في جسدها.
لكنها هذه المرة لم تركع لذلك الخوف.
تذكّرت مريضها الملقى على السرير الأبيض، وتلك الابنة الباكية التي تمسكت بثوبه رافضة أن تغادره. بالنسبة لهم، الطبيب هو كل شيء. كلمة الطبيب هي ملجأ الأمل الأخير.
ارتجف قلبها وهي تتذكر:
‘أنا أحب إنقاذ المرضى. المرضى الذين أنقذتهم سيظلون خيطًا يصلني بالعالم، مهما انقطعت كل الخيوط.’
أدركت أخيرًا ما عنته كلمات را-كيونغ، حين قال إن قلبه لا يزال ينبض في جسد آخر بعد رحيله. لقد فهمت: الطبيب لا يملك ترف الانصراف.
اندفع الرئيس، غاضبًا يهدر: “أيتها الوقحة! كيف تجرؤ طبيبة حقيرة على مخاطبتي بهذا الأسلوب؟!”
ضرب بيده على ذراع الكرسي حتى دوّى الصوت، ثم هبّ واقفًا لينهال عليها بيده الضخمة. دان آه أغمضت عينيها استعدادًا للصفعة القادمة، جسدها متجمّد، أنفاسها متقطعة.
لكن قبل أن تهوي يده، دوّى صوت صارم من خلف الباب الذي فُتح بعنف:
“توقف حالًا! ما الذي تفعله هنا؟!”
فتحت دان آه عينيها مرتجفة، وإذا بيد قوية تمسك بمعصم الرئيس قبل أن ينزل ضربته. قلبها شهق دهشة وهي تحدّق:
“سيد م-مين جون؟! كيف جئت إلى هنا؟ ألم تعد إلى منزلك؟!”
وقف أمامها، حائلًا بينها وبين العاصفة، وهو يزيح قناعه قليلًا ليكشف وجهه لرئيس الشركة:
“لقد مرّ وقت طويل، أليس كذلك، السيد هان إيك-سو.”
ارتجفت عينا الرئيس، كأنّ صاعقة نزلت على رأسه:
“مستحيل… أنت… وريث تاييونغ؟!”
ابتسم مينجون ببرود، صوته كالنصل: “أنا كوون مين جون، من مجموعة تاييونغ.”
انسحب قليلًا بعد أن أفلت يد الرئيس، ثم التفت نحو دان آه: “هل أنتِ بخير، دكتورة تشاي؟”
تلعثمت، وهي لا تزال مذهولة: “أ-أنا بخير… لكن! لماذا نزعت القناع؟ أعده بسرعة، لا يصحّ أن يروك هكذا!”
كادت تبكي من التوتر وهي تسارع نحوه، متناسية أنّها قبل لحظة كادت تُضرَب. أما هو، فابتسم نصف ابتسامة متعجبة من انشغالها بالقناع في خضم هذه اللحظة، ومع ذلك شعر بالاطمئنان: لحق بها في الوقت المناسب.
وقف الرئيس مذهولًا، ثم عاد يصيح غاضبًا، مزيج من الذعر والخوف في صوته:
“ما معنى هذا، كوون! أهذا كله مخطط لإذلال غوسانغ؟! سمعت أن تاييونغ تنوي التمدد في هذا القطاع، لكن أن تلعبوا هذه اللعبة القذرة؟!”
ابتسم مين جون باستخفاف، وعيناه تحملان قسوة حدّ السيف:
“لِمَ أضيع وقتي بالألاعيب؟ إن أردتُ مواجهتك، فسأفعلها وجهًا لوجه. لكن صدقني… لا أجد لشركتك حتى قيمة تستحقّ المواجهة.”
تجمّد وجه الرئيس، الدماء تفارقه: تباً…. منذ البداية كان تاييونغ وراءها!’
“كان من الغريب أن تلك المقيمة الغرّة، الغارقة في حداثة سنّها، لم تكتفِ بالبحث عن الدواء والتقصّي حوله، بل تجرّأت بجرأةٍ فادحة أن تقصدني بنفسها. غير أنّ الأمر ما عاد يثير عجبًا حين أيقنت أنّ كل ذلك لم يكن سوى حبكة مدبَّرة من قِبَل شركة تاي يونغ للتجارة، فآنذاك انجلت الحيرة وانكشف المعنى.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 27"