[هل هي شخصية يجب أن أعرفها؟]
‘إن كان يجهلها، فربما تكون إذن من طاقم المستشفى….‘
تمتمت دان آه وهي تحدّق في رسالة “مين-جون” النصية، تتحدث إلى نفسها. وما إن فعلت، حتى اندسّ رأس أشعث الشعر، يكاد أن يُظنّ عشًّا للغربان، داخل مجال رؤيتها.
“شخص من المستشفى؟ من تقصدين؟ وما الحديث؟”
“آه! أفزعتني! يا أيها الدب الحجري ما الذي جاء بك إلى هنا؟”
كان الداخل فجأة هو “سوك وونغ”. ارتبكت دان آه لحضوره المفاجئ وسألته باندهاش:
“تلقيت استدعاءً من قسم الطوارئ.”
“استدعاء؟ لأي مريض؟”
اتسعت عينا دان آه بصدمة، وقد خشيت أن تكون قد أغفلت مريضًا خطيرًا استدعى تدخل جراحة الصدر. لكن “سوك وونغ” لوّح بيديه مسرعًا نافياً.
“آه، ليس كما تتخيلين.”
“فما الأمر إذن؟”
“تعرفين أستاذنا يون ميونغ-هو؟ لقد حضر حموه إلى المستشفى.”
“……ماذا؟”
“هاهاها، لقد أسرف في الطعام. ورغم أنني أخبرته أن الأمر ليس من اختصاص قسمنا، أصرّ أن يراه صهره الطبيب، فأرهقنا قليلًا.”
“ومع ذلك، يبدو أنك نجحت في إقناعه.”
“نعم، الأستاذ يون أقنعه بنفسه، وحوّلناه إلى قسم الجهاز الهضمي. وللحق، نتائج الفحوص لم تُشر إلى أي حالة طارئة. بدا لي أن الرجل جاء ليتباهى بصهره الأستاذ بعد أن تناول العشاء مع أصدقائه.”
ارتسمت بسمة خفيفة على وجه دان آه وتراخت أعصابها بعدما كانت مشدودة تحسب أن هناك حالة حرجة.
لكن فجأة، خطف “سوك وونغ” هاتفها من يدها.
“هيه! ما هذا؟ أعده إليّ!”
“مع من تتبادلين الرسائل هكذا……؟ ها؟ المريض “كوون مين-جون”؟! يا فتاة! تشي دان آه! ما هذا بحق السماء؟!”
تأمل الشاشة مازحًا، ثم فغر فاه مذعورًا.
“لماذا… لماذا تراسلين هذا المريض؟”
انكسر صوته بالسعال وهو يواصل كلماته. حاولت دان آه أن تنتزع الهاتف منه، لكنها سرعان ما استسلمت وقلّبت عينيها.
“……ماذا يجري هنا يا آنسة تشي؟ أيمكن أن تشرحي؟”
“أممم، لقد انكشف أمري.”
“ماذا؟”
نظر إليها مذهولًا، غير قادر على الفهم، ثم ما لبث أن اتسعت عيناه إدراكًا لما تعنيه.
“لا تقولي لي…!”
“آسفة يا دبّ حجري. بل وأخشى أنك انكشفت معي أيضًا. تلك المرة… حين تظاهرتُ أنني متدرّبة.”
“آاااخ! سأجنّ! أتعلمين أنني الطبيب المسؤول عن هذا المريض!”
أمسك “سوك وونغ” رأسه بكلتا يديه، يوشك أن يقتلعه من شدة الضيق. شعره المشعث أصلاً صار أكثر فوضى.
“ماذا سأفعل حين يحضر المريض “كوون مين-جون” للفحص الدوري؟ كيف أواجهه؟”
التفتت الأنظار نحوه في قسم الطوارئ، إذ لم يكن هناك مرضى كُثر في تلك اللحظة، فاستغل الجميع الفرصة للاستراحة، ليزداد الموقف حرجًا. مدّت دان آه يدها محاولة تهدئته، لكنه رفع رأسه فجأة وحدّق بها بعينين محمرّتين، جعلتها تتراجع مترددة.
“لكن قولي لي، لِمَ تراسليه؟ هل سامحك؟ لا بل… هل تجاوز المسامحة حتى إلى بناء صلة ود؟ كيف؟!”
سألها كالغريق المتشبث بخشبة نجاة. رمشت دان آه وهي تجمع أفكارها، ثم اختصرت القول:
“طلبت منه أن يسمح لي بمتابعة حالته ثلاثة أشهر فقط.”
“ووافق؟! لا يبدو لي شخصًا يسهل خداعه.”
ذلك الرجل كان من النوع المهيب، البارد، الذي يصعب حتى بدء حديث عرضي معه.
أمال “سوك وونغ” رأسه حائرًا، بينما هزّت دان آه كتفيها وقالت:
“أقسمت له أنه بعد مرور ثلاثة أشهر لن يراني مجددًا.”
“ومع ذلك… يصدّق هذا الكلام؟”
لم يكن ذلك من طباع “كوون مين-جون”. ظلّ “سوك وونغ” يعبس، متقاطع الذراعين، حتى دوّى ضجيج من مدخل الطوارئ.
“مريض بتسمم جلدي سام (Toxic Epidermal Necrolysis)! يُشتبه في إصابته بتعفّن الدم (Sepsis)!”
ارتفع صوت الممرضة المكلفة بالفرز وهي تصرخ في ذعر. لمحت دان آه ذلك، فأومأت لـ”سوك وونغ”، ثم انطلقت مسرعة نحو المريض.
“ضغط الدم ستّون على أربعين! ونسبة الأكسجين في الدم انخفضت إلى خمسة وسبعين بالمئة!”
“سأجري عملية التنبيب (Intubation) فورًا!”
أدخلت دان آه المنظار الحنجري (Laryngoscope) الذي ناولتها الممرضة إياه، تتفحص مجرى التنفس. وبمجرد أن ظهر لها لسان المزمار وبرزت القصبة الهوائية متصلة بالرئتين، مدت يدها.
“أعطني أنبوب التنبيب (E-tube).”
ناولتها الممرضة الأنبوب بسرعة.
“سأثبّته عند 21 سنتيمترًا.”
وما إن أدخلت دان آه الأنبوب حتى ثبّتهت الممرضة، وبدأت بالضغط على كيس “أمبو” لتزويد المريض بالهواء الصناعي.
ارتفعت نسبة الأكسجين تدريجيًا حتى بلغت تسعين بالمئة. غير أن الاطمئنان لم يكن خيارًا بعد؛ فالمريض يُشتبه إصابته بتعفّن دموي خطير.
بادرت دان آه إدخال قسطرة وريدية مركزية، وبدأت ضخ السوائل بكميات كبيرة، وأعطت أوامر ببدء أدوية رافعة للضغط ومضادات حيوية، حتى تنفست أخيرًا الصعداء.
“أمي! أمي!”
دوّى صوت باكٍ، ودخلت مسرعة شابة في منتصف العشرينات، تبدو في مثل عمر دان آه”.
“هل أنتِ ابنتها؟”
“ن- نعم… نعم، أنا ابنتها. أمي… ماذا جرى لأمي؟!”
كانت الشابة شاحبة الوجه كالموتى، ترتجف دموعها في مقلتيها وهي تخاطب دان آه بصوت متقطّع. بدت أطراف أصابعها بيضاء من شدّة الارتجاف.
التفتت دان آه نحو المريضة، ثم أعادت بصرها إلى الشابة وأجابت بهدوء عياني:
“إنها مصابة بما يُسمّى تنخّر البشرة السام، وهو نوع من الأمراض الجلدية المستعصية. ويبدو أن حالتها تفاقمت حتى وصلت إلى مرحلة تعفّن الدم (Sepsis). بطبيعة الحال، التشخيص القطعي يتوقف على نتائج الفحوص، لكننا أجرينا كل التدابير الأولية اللازمة في الوقت الحاضر…”
قالت الشابة بصوت يختنق بين الخوف والرجاء:
“إذن… هل ستنجو أمي؟ حياتها ليست في خطر… أليس كذلك؟”
كانت كلماتها ترتجف كما لو تخرج من أعماق بئر. تطلعت إليها دان آه مطولًا؛ شعرها مبعثر، وملابسها مرتجلة وكأنها هرعت من بيتها دون تفكير. لا عجب، فمن يلقى والدته طريحة الفراش هكذا، لا بد أن يكون داخله أشدّ فوضى من مظهره.
“لا أستطيع أن أجزم الآن. لكن… سأبذل قصارى جهدي.”
كانت ترغب لو استطاعت أن تمنحها يقينًا مطمئنًا، لكنها لم تستطع أن تعد بما هو خارج سلطانها. لم تجد سوى أن تَعِد بأن تبذل غاية وسعها، ثم أطرقت رأسها.
تدفقت دموع الشابة فجأة، وسالت على وجنتيها غزيرة، ثم اقتربت من السرير.
“أمي… أمي…”
كان صوتها أشبه ببكاء طفلة تنادي أمها في الظلام. ظل النداء يتردّد طويلًا في أرجاء الغرفة. عندها، ألقت دان آه نظرة عابرة إلى السرير، ثم التفتت إلى الممرضة بجوارها وقالت:
“حين تهدأ الابنة قليلًا، تحقّقي من الأمراض المزمنة التي كانت المريضة تعانيها، والأدوية التي كانت تتناولها. ولا تنسي التأكد من أي حساسية دوائية.”
“سأفعل.”
أومأت الممرضة، ثم مضت بخطى هادئة نحو السرير. في تلك اللحظة، شبكت دان آه يديها معًا، وغادرت بخطوات مثقلة.
شعرت وكأنها خرجت للتوّ من قلب عاصفة هوجاء. أخذت تفرك كتفيها اللذين تيبّسا من شدّة التوتر. عندها، اقترب “إن هو” منها وسأل:
“قلتِ إنها حالة TEN؟”
“نعم، لكن مع الاشتباه القوي في تعفّن الدم. أظن علينا استدعاء فريق الأمراض المعدية.”
“صحيح، افعلي ذلك… همم.”
أومأ “إن هو”، لكنه سرعان ما قطّب جبينه. التقطت دان آه تلك العلامة وسألته باستغراب:
“ما الأمر، أيها الرئيس؟”
“آه… لا شيء مهم. لكن… ألاحظ في الآونة الأخيرة دخول أكثر من حالة TEN. وهذا المرض ليس شائعًا إلى هذا الحد، أليس كذلك؟”
أجاب بخفة، ثم ربت على كتفها ومضى في سبيله. بالفعل، كان المرض نادرًا، لكن في قسم الطوارئ ترى من الحالات الغريبة ما يفوق ذلك غرابة.
مع ذلك، بقي في قلب دان آه شيء من الغصّة، وقفت واجمة لبرهة، وكأن فكرة ما تنغرز في ذهنها.
بعد أسبوعين
“……آه، لقد توفي نتيجة DIC (تخثر الدم داخل الأوعية المنتشر).”
كان ذلك مريضًا جاء إلى الطوارئ منذ أسبوعين. ظهرت على كامل جسده بقع حمـراء واسعة مع انفصال الجلد، ولم تكد تمرّ ساعات معدودة حتى امتدّت الإصابة إلى الفم والطرق التنفسية وجفون العينين، فأحدثت بها تلفًا خطيرًا.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات