“على كل حال، يا دكتورة… لقد أسديتِ يد العون لكثيرين. حتى قائد الحرس (يانغ) قال إنه حين يُشفى ويخرج من المستشفى، سيأتي بنفسه ليشكركِ.”
“رجاءً، بلّغه أن لا يفعل. أنا لم أفعل سوى ما كان بوسعي فعله وحسب.”
تململت دان-آ ه من قول الحارس ولوّحت بيديها مرتبكة، غير أنّه هزّ رأسه بجدية نافياً كلامها:
“لقد أنقذتِ حياة إنسان. لا، بل أنقذتِ عائلةً كاملة!”
فاشتعل وجهها بحمرةٍ خجولة تحت وطأة ثنائه.
“أنا… أدخل الآن إذن.”
“آه! لقد شغلتُ وقتكِ طويلًا يا دكتورة. تفضّلي، تفضّلي!”
عندها فقط عاد الحارس إلى عمله ورفع الحاجز عند البوابة، فانحنت دان-آه له شاكرةً ثم قادت سيارتها إلى داخل المرأب.
صحيح أنّ تدخّلي ذاك سهّل عليّ دخول المكان كل مرة… لكني لن أعتاد يومًا على مثل هذه الثناءات.
تمتمت وهي توقف السيارة:
‘لم يكن ما فعلتُ عظيمًا إلى هذا الحد…‘
لقد بدأت علاقتها بالحارس منذ زيارتها الأولى لهذا المجمع، يوم قصدت الشقة التي يقطنها “كوون مين-جون”.
✦ ✦ ✦
“أي شقة تنوين زيارتها؟”
“آه؟ أ… في الواقع….”
لم يخطر ببالها أن يوقفها الحارس عند المدخل، فقد كانت تفكر فقط بمراقبة ذلك الرجل من بعيد ثم الانصراف. ارتبكت ولم تعرف ما تجيب، وبينما حاولت أن تستجمع رقم شقته لتذكره، وقع ما لم يكن في الحسبان.
كُوونغ!
“ماذا؟! يا إلهي! القائد (يانغ)! أفق، القائد، انهض!”
سُمع دوي سقوط ثقيل، تبعته صيحات جزعة من حارسٍ آخر هرع نحو زميله المغمى عليه.
وبلا وعي، تحرّكت دان-آ.ه تمامًا كما اعتادت في غرفة الطوارئ حين يصل مريض في حالة حرجة. لم يخطر لها في تلك اللحظة شيء سوى إنقاذ الرجل… حتى مين-جون نفسه غاب عن خاطرها.
وبفضل تدخلها السريع، استعادت حالة الحارس وعيه قبل وصول المسعفين، ثم نُقل على الفور إلى المستشفى ونجا من موت محقق.
منذ ذلك اليوم، ترسّخت أوهام الحارس. فقد ظنّ أنّ دان-آه طبيبة تزور بانتظام أحد سكّان المجمع لمتابعة حالته الصحية، وشكرها باعتبارها “الطبيبة المقيمة” هنا.
‘هل عليّ أن أبوح له بالحقيقة يومًا وأعتذر؟‘
ربما حين تُنهي مراقبة “كوون مين-جون” بالكامل. فكّرت بذلك وهي تعبس قليلًا لشعورها بالذنب، لكن سرعان ما انتبهت لسيارةٍ تقترب…
“…آه، ليست هي.”
أحبطها ظنّها أنّها سيارة مين-جون، فارتخت آمالها. غير أنّها سرعان ما أحدّت بصرها مجددًا حين بدأت سيارات أخرى تتقاطر، خشية أن تفوتها لحظة وصوله.
✦ ✦ ✦
ـ “سيدي، هل أنت بخير؟ لقد عملت حتى ساعة متأخرة، حتمًا أنت منهك.”
ـ “لا تقلق، يا سكرتير جونغ. أردتُ فقط أن أقود بنفسي الليلة.”
ما دفعه لإيقاف السيارة في منتصف الطريق وإعفاء سكرتيره من الخدمة كان محض نزوةٍ خاطفة. أو لعلها فكرة داهمته فجأة: ربما تلك المرأة بانتظاري هناك.
‘وإن كانت بانتظاري… فماذا سأفعل؟‘
تساءل مع نفسه وهو ينظر في المرآة الداخلية إلى السيارة المتوقفة خلفه. لوحة أرقام مألوفة. نفس الرقم الذي طلب من سكرتيره أن يتحقق منه.
إنها سيارة “تشاى دان-آه”.
أعاد كمامته إلى وجهه ونزل من السيارة. ورغم أنّه توقّع الأمر، إلّا أنّ رؤيتها تسبقه لتنتظره هناك أيقظ في داخله اضطرابًا لم يكن مستعدًا له.
لم يحسم بعد كيف سيتعامل معها. كان يعلم نواياها على نحو عام، لكنه تردّد بين تركها ومراقبة تصرفاتها أكثر… أو مواجهتها الآن مباشرة.
توقف في منتصف الطريق نحو المدخل، ثم حسم أمره واستدار عائدًا إلى موقف السيارات، قاصدًا سيارة المرأة.
وبما أنّ زجاج سيارتها لم يكن داكنًا، رأى بوضوح هيئتها المرتبكة وهي تحاول الانحناء للاختباء بعد أن لمحته.
لكنّه وصل إلى نافذتها في ثوانٍ، وانحنى قليلًا وطرق الزجاج. رأى كيف قفز جسدها من المفاجأة، ثم تظاهرت وكأنها ليست بداخل السيارة، تنتظر ربما أن ينخدع.
ضحك بسخرية وأشار بإصبعه إليها أن تنزل الزجاج. فإن لم تفعل، فلن يتردد في استخدام وسائل أخرى.
ولعلها أدركت عزيمته، إذ ترددت لحظة قبل أن تفتح الباب وتخرج. تظاهرت بالتماسك، لكنها لم تجرؤ على رفع بصرها نحوه وهي تقول:
“هل من أمر…؟”
“قسم الطوارئ ـ مستشفى جامعة كوريا.”
قاطعها ببرود قبل أن تُكمل جملتها. لم يجد سببًا واحدًا ليُظهر لها أيّ مجاملة وهو يعلم أنّها اقتربت منه بخططٍ مدبّرة.
“…!”
شهقت وقد شحب وجهها، ثم رفعت عينيها نحوه مذهولة بما سمعته من فمه.
كانت عيناه السوداوان صافيتين كنظرةِ وحشٍ صغيرٍ بريء. غير أنّ صفاءهما ذاك قد جعل عواطف المرأة تنعكس فيهما بوضوحٍ لا لبس فيه.
صدمة.
خوف.
توتر.
قال ببرود:
“أأنتِ حقًّا الطبيبة تشاي دان آه؟”
كادت ضحكةٌ ساخرة تفلت منه حين أبصر عجزها عن إخفاء مشاعرها، لكنه كتمها وسأل بنبرةٍ جليدية.
اتّسعت عيناها أكثر، ووجْهها غشيه شحوب الموت. هي، “تشاي دان آه”، راحت تُحرك شفتيها المرتجفتين، ثم تلعثمت بالكلمات:
“آه، ذاك… في الحقيقة…”
وكأنها كانت تحاول نسج عذرٍ ما، لكن مين-جون لم يكن ينوي منحها تلك الرحمة. بل أطلق سؤاله القاطع كرصاصةٍ ثانية:
“نحن… لسنا غريبين عن بعضنا، أليس كذلك؟”
كان معنى ذلك واضحًا: لا تحلمي حتى بمحاولة اختراع عذرٍ واهٍ. أدركت هي قصده، فأطبقت شفتيها بعد أن تحركتا مرتين بارتباك. عندها ابتسم ابتسامةً ساخرة وسأل:
“هل أنتِ مطاردة؟”
“لـ… لا! ليس الأمر كذلك أبدًا! بل إنني…”
هزّت رأسها مسرعة وهي تنفي بعجلة، بينما صوتها يرتجف. غير أنّ برودة ملامحه لم تتزحزح قيد أنملة.
“إذن، فسّري. ما سبب تجوالكِ المستمر قرب منزلي وشركتي؟”
“……”
لم يكن هناك مبررٌ مقبول. نظر إليها، شاحبة صامتةً، ثم ضحك بفتورٍ قصير. لكن سرعان ما انطفأ ضحكه، وتجمدت ملامحه ببرودةٍ جارحة:
“قولي لي، يا طبيبة تشاي دان آ’ه. ما الذي جاء بك إلى هنا؟ كيف عرفتِ عنوان بيتي؟ هل تجرأتِ على التسلل إلى ملفاتي الطبية؟! أنا لم أُراجع قسم الطوارئ في حياتي.”
“ذ… ذلك…”
خفضت رأسها، يداها متشابكتان ترتجفان، عاجزة عن متابعة كلامها. وبرغم ارتجافها، لم يلن بصره القاسي.
مضت لحظاتٌ ثقيلة. ثم رفعت رأسها فجأة بعد نفسٍ عميق، وعيناها مبللتان بالدموع المتلألئة، حمراوان من شدة القهر.
“أنا… حقًّا آسفة.”
أغمضت عينيها بقوة وانحنت أمامه معتذرة. لم تضف عذرًا، بل كان اعترافًا صريحًا بأنها طافت حوله حقًّا.
“لِمَ فعلتِ هذا؟”
“… أعتذر.”
كررت اعتذارها مرة أخرى، دون أن تجيب عن السؤال. ظلّ يضغط عليها مرارًا وتكرارًا، وهي تصمت كل مرة.
“… هه.”
ابتسامة ساخرة انبعثت من بين شفتيه. يا لها من امرأة عنيدة. لكن، هل لِـمبررات مطاردةٍ تافهة قيمة أصلاً؟ لم يكن ذلك مهمًّا، خاصةً وأنه قد خمّن السبب.
إنها تخجل من قوله بصريح العبارة.
من أن تعترف بأنها اقتربت منه لا من أجله هو، بل لتتواصل مع تاي-يونغ. يبدو أن بداخلها بقايا من ضميرٍ يمنعها من النطق به.
وهكذا أيقن مين-جون أنه لن يلتقيها ثانية.
غير أنه لم يكن يدري أنه بعد أسبوعٍ واحد فقط، سيضطر للاعتراف بخطأ حكمه ذاك.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 13"